أين تنتهي المعارضة و أين تبدأ معاونة العدو؟

خليل قانصوه
khalilkansou@hotmail.fr

2020 / 11 / 28

يقع المتابع لمجريات الأحداث التي تشهدها بعض بلدان العرب تحت مسميات متنوعة ، في حيرة كبيرة نظرا إلى التضاد الكامل بين هذه المسميات من جهة ودلالاتها الملموسة على أرض الواقع من جهة ثانية . فلا مبالغة في القول أن القيادات التي تمثل الأطراف المتصارعة في البلاد المعنية تسلك نهجا يعكس تنافرا حادا فيما بينها إلى حد يصعب استنادا إليه ترقب احتمالية توصلها إلى توافق على صيغة عيش مشترك في إطار دولة وطنية .
خذ إليك مفهوم المعارضة التي نهضت في السنوات العشر الأخيرة في هذه البلدان تحت عناوين مثل الثورة و الربيع العربي ، حيث ما لبثت أن ظهرت في كل بلد ، أنها مكونة في الواقع من تيارات مختلفة لكل منها علاقة تربطها بجهة خارجية أو أكثر ، ناهيك من أنها تتصارع فيما بينها إلى جانب تشاركها في حرب هادفة ليس إلى الإصلاح او التغيير السياسيين وإنما إلى إسقاط الدولة كما تدل على ذلك المعطيات المثبتة عن استهداف المرافق العامة و إحراق الغابات و إتلاف المزروعات توازيا من انتشار الفساد و السرقة !
بكلام آخر لا يندرج نشاط المعارضة في سياق مقاومة أو عصيان او رفض لسياسة نظام الحكم في الدولة الوطنية بهدف استبداله و فرض سياسة وطنية جديدة . و قد يصل طموحها إلى درجة إعادة تأسيس الدولة و اقتراح صياغة وثيقة دستورية للاستفتاء الشعبي . علما أنه من المفروض أن يجري هذا كله ضمن حدود " البيت الوطني " .
الإشكال في هذه المسألة هو في الإمكانيات المادية الهائلة التي تبين أن المعارضات تمتلكها ، بالإضافة إلى ظهور أعداد كبيرة في صفوفها من المتطوعين و المرتزقة الأجانب من البلدان العربية الأخرى و من دول آسيا الوسطى ( دول القوقاز ) ، إلى جانب انخراط الدول الغربية الرئيسية (اميركا ، بريطانيا ، فرنسا ) وإسرائيل في الحرب التي تخوضها هذه المعارضات في بلدانها ضد الدولة ، الأمر الذي يبرر الظن بأن هذه الحرب متساوقة مع الخطة الأميركية التي كشف عنها بعد احتلال العراق ، من أجل إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط .
ما يهم هنا من هذا كله ، هو التوقف قليلا ، عند مفهومية أو دلالة المفردات التي تلقنها غالبا الدول الاستعمارية للجماعات التي تتعاون معها في البلدان المستهدفة . فما هو مفهوم " المعارضة " على سبيل المثال ، عندما يقاتل المعارضون بالتنسيق مع دولة أجنبية عدوة ، ضد دولتهم حيث يخوضون معارك عسكرية ضد جيش بلادهم و يهاجمون المنشآت العسكرية الدفاعية و يقومون بأعمال تخريبية ضد البنى التحتية ضمنا المدارس و المعاهد و الجامعات و صولا إلى ملاحقة النخب واغتيال العاملين في الحقول البحثية العلمية و الفكرية . أين تنتهي المعارضة و أين تبدأ الخيانة !
مجمل القول في هذا السياق أنه يحق التساؤل عن التوصيف الملائم لقيام الدول الاستعمارية و نجاحها في تجنيد جماعات من أبناء المستعمرات القديمة لخدمة مصالحها . هذا من ناحية أما ناحية ثانية فلا مفر من التساؤل أيضا عما إذا كان تعاون الأصليين مع الدولة الاستعمارية خيانة ذات حصانة تمنع محاسبتها !



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن