ليلة سقوط النجم المطبّع!

زياد النجار
mizozezo43@gmail.com

2020 / 11 / 22

أولاً، وقبل كل شئ، دعني أذكرك بهذه الكلمات الخالدة للمبدع دائماً وأبداً "أمل دنقل":

(1)
لا تصالحْ!
..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ ..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!
(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!
(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك “اليمامة”
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!
(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف
(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
“.. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام..”
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!
(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن “الجليلة”
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!
(7)
لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
أو أحوم وراء التخوم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: “انتبه”!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضلعين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
(8)
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة
يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
(9)
لا تصالح
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ
والرجال التي ملأتها الشروخ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد وامتطاء العبيد
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ
لا تصالح
فليس سوى أن تريد
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد
وسواك.. المسوخ!
(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ
تذكر هذه الكلمات جيداً، واعذرني للإطالة، وهيا بنا ندخل في صلب الموضوع: نشر الكاتب الإماراتي "حمد المزروعي"، والذي يُعد من أشد المؤيدين للتطبيع مع الكيان المحتل صورةً عبر حسابه علي "تويتر" تجمع بين الفنان محمد رمضان وأحد المطربين الصهاينة، والذي له سبق تعامل مع الجيش الإسرائيلي.
وبعدما رأتها جماهير السوشيال ميديا من العرب ثارت ثورتهم، وبدأت الفضيحة في الانتشار والتداول، وما أن أدرك "المزروعي" الأزمة حتي بادر بمسح التغريدة، ولكن للألة والأسف كانت جميع الصحف، والمنصات الإخبارية تُعد التقارير عنها، وأوشكت علي الانتهاء، وسُربت صور أُخري تجمعه بلاعب كرة قدم صهيوني مشهور، ومواطن آخر قيل أنه رجل أعمال، ليسجل التاريخ بهذه الصورة موقفاً خسيساً، لا يخلو من الدناءة للنجم المصري(علي حسب ما هو متداول)!.
ثم طلّ علينا بأول رد له: ((لا أعلم ولا أسأل جنسية كل واحد بيتصور معه، أي إنسان بيتصور معايا ما دام بشر بتصور معاه، عمري في حياتي لا بسأله لا على لونه ولا دينه ولا جنسيته، كلنا بشر))، ثم تلاه: مافيش مجال أسأل كل واحد عن هويته ولونه وجنسيته ودينه ❤️☝🏽 قال تعالى لكم دينكم ولي دين».، ثم نشر بعدها فيديو مع مواطن فلسطيني:
-«مابسألش عن بلد اللي بيتصور إلا لو هو لوحده قال وده ڤيديو في نفس الوقت ونفس المكان مع شاب فلسطيني!! وبوجه فيه تحية للشعب الفلسطيني الشقيق!! تجاهل البعض لهذا الڤيديو يأكد ان القصد ليس القضية الفلسطينية ولكن قضيتهم الحقيقية هي المحاولة ال١٠٠٠ لإيقاف نجاحي وشعبيتي وتوجيه الجمهور لمقاطعتي ومفيش فايدة 😄🙏🏽 ثقة في الله نجاح دائماً أبداً«.
من ردوده تلك يوحي لك أن الصراع العربي الصهيوني صراعً عقائدياً، وليس وجودياً، كأنها قضية أديان ومقدسات، وليس احتلال واغتصاب وتشريد شعب بالكامل!.
والآن لنفند المسألة، ونتناول إدعائه، ونضعها في ميزان العقل، ونري النتيجة:
موجز ردوده الثلاثة أنه لم يكن يعلم هوية من يطلب التصوير معه، وكأننا نتحدث هنا عن مجرد مواطنين، لا يعرفهم أحد سوي أنفسهم، إننا هنا نتحدث عن شخصيات شهيرة، لا يُكاد أن يوجد أحد بين جموع الصهاينة لا يعرفهم، وبما أنه الواقع في أي حفل إذا كان سيحضره شخصياتٌ شهيرة سيتم الإعلان قبلها؛ ليزداد الإقبال عليه، وبعد إتفاقية التطبيع الإماراتي الصهيوني، بالتأكيد سيُعلن عن حضور شخصياتٍ إسرائيلية شهيرة بشكلٍ عادي، كما أنه سيزداد عدد الحضور من الجمهور الإسرائيلي إذا تم الإعلان، فهل من المعقول أن النجم الكبير كان لا يعلم من سيحضر حفله العظيم؟!.
ثانياً: الإماراتي "حمد المرزوعي" يظهر علي يمينه في الصورة المشئومة، ورمضان يتأبط المطرب الصهيوني علي يساره، فهل عندما جاءا ليطلبا التقاط صورةٍ معه لم يحدثه الإسرائيلي بلهجته أو لهجة عربية ركيكة بحيث يشك في جنسيته، حسناً إن كانت هذه لا تُقنعك:
لما طلبا الاثنين من رمضان التقاط الصورة لما لم يضع مثلاً يده الأُخري علي الإماراتي، لما يحتضن المطرب الإسرائيلي بهذه الطريقة التي تدل علي درايته بالشخصية الواقفة بجانبه؟!.
والآن أنا لقد حللت المسألة بطريقتي، والله أعلم بنيتي، دعك من التطبيع والمطبعين، والسياسة والساسة، ودعك مني ومن مقالي، وتذكر كلمات دنقل التي طلبت منك أن تحفظها مؤقتاً، وقرر موقفك، هل ستقف مع الحق، هل ستقف ضد احتلال جائر، وتُساند شعبً تم التنكيل به، وتشريده، فيذكرك التاريخ بالعزة، ويترحم عليك البشر بعد تآكل جسدك في الثري، أم ستتقاعس عن نصرة الحق، فتُرمي في مزبلة الأزمنة، وتسبك الأمجاد، ويلعنك الناس بعد زهوق روحك!، ولا عزاء لمن يراني أردد شعراتٍ رنانة لن تثمر عن شئ.
وأسمح لي أن أختم بـ:
شُلّت اليد التي تُصافح أو تتأبط صهيوني غاصب!.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن