معالم الحياة المعاصرة / 18

رياض عبد الحميد الطائي
riyad.taii@yahoo.com

2020 / 11 / 20

ـ ليس هناك اي تعارض او تناقض بين مفهوم الحب أو المودة أو الألفة وبين مفهوم المصالح الحيوية المشتركة في الحياة الزوجية الا ان مفهوم المصالح اوسع واعمق وارسخ ، فمشاعر الحب والمودة وبالرغم من اهميتها وضرورتها في الحياة الزوجية الا انها ستذبل حتما وتموت من غير وجود مصالح حيوية مشتركة تدعم تلك المشاعر وتعززها ، اذ ليس بالحب وحده يحيا الانسان ، ولا بالخبز وحده يحيا الانسان ، الخبز من غير حب خبز بلا طعم ولا نكهة .. تنفر منه النفوس ، المصالح الحيوية الموحدة والمشتركة بين الزوجين ضرورية جدا لديمومة الزواج وبغير ذلك فان مشاعر الحب بينهما ستبدأ في البرود ثم تنتهي بالخمود وقد تتحول الى النقيض أي الكراهية ، وعندما تنعدم المصالح وتموت المشاعر يكون العيش المشترك قد فقد مبرراته ، ولذلك نعتقد ان مفهوم المصالح المشتركة الموحدة هو اكثر عمقا ورسوخا وديمومة من المفاهيم العاطفية المثالية المجردة ، عصرنا الحالي اختلف عن العصور السابقة ويجب ان نتعامل مع هذه القضية بواقعية بعيدا عن المثاليات والرومانسيات، من النادر في عصرنا الحالي ان نجد شخص يضحي بمصالحه في سبيل حبه ، قد يكون هناك وجود لحالات التضحية ولكنها تبقى في نطاق محدود جدا ، اما خيار المصالح الحيوية فسيبقى له الاسبقية في توجهات البشر وهذا هو الخيار الواقعي والمنطقي ، ونعتقد ان افضل صورة تعبر عن المصالح الحيوية المشتركة بين الزوجين هو ان يكونا كلاهما يعملان وكلاهما يشتركان في الانفاق على الاسرة وفي حمل مسؤولياتها واعبائها ، أي ان يتصرفان كشريكين متساويين في الحقوق والواجبات ، حينئذ يدوم التواصل والتآلف والحب بينهما.
ـ عقود الزواج تتضمن شروط يتوجب الالتزام بها ، الشروط المثبتة في العقود تتباين حسب
نوع العقد وتكون ملزمة للطرفين ، اي حالة انتهاك لشرط من الشروط يترتب عليها عقوبات جزائية ضد الطرف المخالف وقد يترتب عليها حقوق اضافية للطرف الاخر المتضرر ، هذه الشروط نوعين .. عامة وخاصة ، الشروط العامة هي شروط اساسية صادرة من السلطة القضائية العليا وتثبت في جميع انواع عقود الزواج ، وهي غير قابلة للتعديل او التغيير الا بقرار من السلطة القضائية العليا ، اما الشروط الخاصة فهي شروط يضعها الزوجين في عقد الزواج بناءا على رغبتهما معا بما لا يتعارض مع الشروط العامة ولا مع قوانين شؤون الاسرة ، هذه الشروط ( اي الخاصة ) قابلة للتعديل او التغيير في اي وقت بناءا على رغبات كلا الزوجين واتفاقهما معا ، ويجوز للزوجين شطب او تعديل كل او بعض الشروط الخاصة او اضافة شروط خاصة جديدة في اي وقت لاحق ولكن يجب ان يكون بموافقتهما معا وبحضورهما شخصيا الى دائرة شؤون الاسرة
ـ الشروط العامة فيها الجانب المادي وفيها الجانب المعنوي ، الشروط المادية العامة الرئيسية في جميع انواع عقود الزواج هي ثلاثية ( العمر ، العقل ، العمل ) اي ان يكون طالبي الزواج في سن البلوغ والاهلية ( العمر لا يقل عن 21 عام ) وان يتمتع طالبي الزواج بقوى عقلية سليمة بموجب تقارير من مراكز طبية معتمدة ، وان يكون كل متقدم للزواج ذو عمل موصوف قانونا ويدرعليه دخلا لكي يكون مؤهلا للانفاق على الاسرة ، اذ لا يجوز للانسان ان يبدأ حياته الزوجية وهو عاطل عن العمل ، واما الشروط المعنوية العامة فهي التزام الزوجين بقواعد الاحترام المتبادل بينهما ( احترام الكرامة واحترام الشخصية ) وان تسود بينهما اجواء المحبة والثقة المتبادلة ، والتعاون والتضامن ، والحفاظ على سمعة الاسرة ، وعدم اللجوء الى العنف في المنازعات ، هذا مع العلم بان دائرة شؤون الاسرة هي التي تتولى فض المنازعات العائلية الناجمة عن الاشكاليات والاختلافات في الرؤية وفي التصرف داخل الاسرة .
ـ العلاقة بين الزوج وزوجته هي علاقة شراكة في المعيشة والحياة وفق مبدأ المساواة ، وعليهما ان يشتركا في تحمل نفقات مشروع الزواج بدءا من مراسيم الزواج وتأثيث بيت الزوجية وفي الانفاق على الاسرة وسداد تكاليف معيشتها ، وهنا يجب ان يثبت في عقد الزواج طريقة الانفاق من خلال تحديد النسبة المئوية لمساهمة كل طرف في الانفاق على الاسرة ، هناك مرجعيتين في تحديد اسلوب المساهمة : الاولى في اعتماد مقدار مصروفات الاسرة شهريا كمرجعية بغض النظر عن مقدار دخل كل طرف شهريا ، والثانية في اعتماد مقدار دخل كل طرف شهريا كمرجعية بغض النظر عن مقدار مصروفات الاسرة شهريا ، وتكون مساهمة كل طرف وفقا لنسبة مئوية ( على سبيل المثال نسبة 50 بالمئة لكل طرف ، او بنسبة 66 بالمئة للزوج و33 بالمئة للزوجة ، او بنسبة 90 بالمئة للزوج و10 بالمئة للزوجة ، .... الخ ) وهذا يتوقف على اتفاق الطرفين ، مبدأ الانفاق المشترك شرط من الشروط العامة اما اسلوب الانفاق فهو من الشروط الخاصة التي هي قابلة للتغيير حسب رغبة الزوجين
ـ عقد الزواج المؤقت العادي ( من غير اطفال ) تكون شروطه ميسرة ومدته لا تتجاوز 12 شهر ، ينتهي العقد اما بالانفصال في خلال المدة المحددة او يتم تحويله الى عقد دائمي بشروط جديدة مشددة اذا رغبا الزوجين في الاستمرار في حياتهما الزوجية ، وبالنسبة لعقد الزواج المؤقت الخاص ( برنامج الامل ) فان شروطه تكون ميسرة ايضا ومدته لا تتجاوز 18 شهر بهدف الحصول على طفل واحد ، ينتهي بالانفصال او يتم تحويله الى عقد دائمي بشروط جديدة مشددة اذا رغبا الزوجين في الاستمرار، يجب ان يقرر الزوجين في العقود المؤقتة مصير زواجهما قبل نهاية فترة العقد وان يقوما بالتبليغ لان اللجوء الى الانفصال بعد تجاوز الفترة المحددة بالعقد المؤقت يعتبر مخالفة لشروط العقد مما يترتب عليها عقوبات جزائية تطال كلا الطرفين ، العقوبات تكون غرامات مالية تتناسب مع مقدار فترة التجاوز ، تسدد الغرامات لصالح صندوق دائرة شؤون الاسرة ، ويمنع ترويج اي معاملة لاي طرف لم يسدد الغرامات التي بحقه
ـ من الشروط العامة التي يتم تثبيتها في عقد الزواج الدائمي لأسرة ذات أطفال هو شرط تحديد العدد الاقصى للاطفال في الاسرة ، العدد يخضع لتعليمات الدولة وتوجيهاتها ، وفي حقل الشروط الخاصة يحق للزوجين ان يثبتا عدد الاطفال الذي يرغبان بالحصول عليه ولكن بما لا يتجاوز العدد الاقصى المسموح به وفقا لتوجيهات الدولة ، ان الالتزام بعدد محدد من الاطفال في كل اسرة يستلزم نشر ثقافة استخدام وسائل منع الحمل او ما يمكن ان نطلق عليها ثقافة ( الجنس من غير حمل ) ، ان تدخل الدولة في تحديد عدد الاطفال في الاسرة انما هو بحكم مسؤوليتها عن كل مواطن في اطار وثيقة ( عقد المواطنة ) ، فاذا افترضنا مثلا ان متوسط عمر الانسان في بلادنا هو 60 عام فان هذا يعني ان ثلثي عمر المواطن يقع ضمن منظومة حقوق المواطن وواجباته في اطار وثيقة ( عقد المواطنة ) بين المواطن والدولة ، وبناءا على ذلك يصبح من حق الدولة ان تتدخل في تحديد عدد الاطفال في الاسرة ، ويكون تحديد العدد بناءا على دراسات وابحاث حول الحالة الاقتصادية المستقبلية في البلد في المدى البعيد ومدى قدرة الدولة مستقبلا على تلبية احتياجات مواطنيها البالغين المؤهلين من فرص عمل وسكن وخدمات اخرى ضرورية ، ويجوز تعديل قرار تحديد عدد الاطفال لكل اسرة كلما دعت الحاجة ، ويتوجب على جميع دوائر شؤون الاسرة في البلد الالتزام بتوجيهات الدولة فيما يتعلق بتثبيت العدد الاقصى المسموح به من الاطفال في عقود الزواج الجديدة ، وهذا الالتزام يجب ان يكون شاملا لجميع المواطنين من مختلف الطوائف والاطياف لكي لا يحدث تغيير في التركيبة السكانية (الخريطة الديموغرافية ) للمجتمع ، بالنسبة لمجتمعاتنا العربية في الظروف الحالية فاننا نعتقد بان العدد المناسب من الاطفال لكل اسرة هو طفلين فقط ( وبالتحديد طفل ذكر + طفلة انثى ) ويتم اختيار جنس الجنين بالاستعانة بالأساليب الطبية الحديثة ، ونشير هنا الى ان الاجهاض يجب ان يكون مسموحا به بغطاء قانوني ، ونحن نعتبر الاجهاض حق من حقوق المرأة حصريا
..... يتبع الجزء / 19



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن