لعنة نزار قباني وكاظم الساهر.

شيري باترك
sherypatric2005@yahoo.com

2020 / 11 / 2

في صغري كُنتُ أعتقد أن كل من القباني والقيصر بركات تَجعلني مُبتهجة..
أَفيض بالحُب للجميع..
أَشدو معهما بترانيم تُقدس المرأة..
تَجعلها ذات قيمة..
كُنتُ أعتقد ذلك، ولكن ما أَثار دهشتي هو أُمي. لقد كانت أُمي في صغري تَرفض اهتمامي بقصائد القباني..
لقد كُنتُ في صغري لا اهتم بشراء أدوات التجميل وغير ذلك كالفتيات الصغيرات. لقد كُنتُ أَهوى شراء دواوين القباني، وكُنتُ أَعود إلي البيت في غاية السعادة..
كُنتُ أبتهج كطفل يُحتفل له بعيد ميلاده وأتت إليه كل الهدايا التى كان يَحلم بها..
ولكن أُمي كانت تَرفض ذلك بشدة
وتُصاب بنوبة من العصبية..
حينما أَستمع وأُردد الكلمات التي يشدو بها الساهر بالأغنيات فقد كانت تُعنفني علي ذلك كثيرًا، ماذا؟!
هل كانت تخشى عليّ من الحُب الذي لا يَرحم أحدًا وبخاصة الفتيات في قريتي؟ أَم أنها كانت تخشى من تأثير تلك الكلمات علي قلبي الصغير، القلب الملائكي الذي كان ومازال يُبغضُ الكذب ولا يُجيد إلا الصدق والبراءة مع الجميع؟ أَم أنها كانت تخشى أن يَسرقُ قلبي أحد الكُتاب أو الشعراء ولا يستطيع إطعامي قوت يومي معه ولا أُشبه بنات العائلة؟
أَم أن رفضها كان نبوّة من الله لكي أبتعدُ عن ذلك الموت، عن اللعنات؟ فالكلمات ستأخذني إلي الهاوية. فالشرق بوابة الهاوية للمرأة ولا يدُرك المرأة إلا في السرير كما قال نزار . لقد كان القباني مخطئًا حينما قال ذلك القول، فالشرق لا يفهم المراة ولا يُدرك لغات جسدها فهو يتعامل معها علي أنها كنزًا ينبغي أن يُطمر بالتراب (تُطمر في البيت خلف جدران)، يتعامل معها علي أنها آلة لإشباع الرغبات.. ومع مرور الوقت يمكن استبدالها..
اليوم أتساءل وأنا أُعاني: لماذا كانت أُمي تمنعني من قراءة وحفظ قصائد نزار قباني وترفض استماعي لأغنيات القيصر رغم أنها سيدة قروية لا تُجيد القراءة والكتابة؟ لقد كانت بسيطة جدًا! كانت ومازالت تحبني كثيرًا جدًا وتَعلم أن ذلك يُسعدني.
لا اُعلم لماذا كانت تنتهرني عندما أفعل ذلك! ليس لدي إجابة لماذا فعلت هذا معي! هل كانت تُدرك أنهما لعنة لابد من الابتعاد عنها؟
أَم كانت تخشى من أن ُيأسرني عقل رجل؟ تأثرني نسبة الذكاء
ولا ُيأسرني الثراء.. ولا يُأسرني ما لديه فحولة سببها الحبة الزرقاء.. أَم أنها كانت تخاف عليّ مِن أن تُفتح عيني وأُحب رجلًا وليس شبه رجل كجميع النساء؟
أَعتقدُ أن أُمي كان في اعتقادها أن قصائد القباني وأغنيات القصير لعنات ليس إلا، أو أنها أوهام من نسج الخيال لا علاقة لها بالحاضر وما نحن عليه كنساء في هذا المجتمع. لهذا كانت تُريد أن لا أُصاب بها حتى لا يضيع عمري دون إنجاب طفل صغير.
أُشعر بعض الوقت أن أُمي كانت مُحقة في ذلك، فكلماتُ الحُب صارتُ لعنة لا بَركة..
كلمات الحُب باتت نجسة وليستُ مُقدسة..
صارت كلمات الحُب رخيصة تُباع بالطرقات كما تَبيع العاهرات والعاهرون أجسادهم.
أَشعر بعض الوقت أن الحُب والذكاء كالأنبياء دومًا ما يقتلون في أرضنا.. لهذا نموت دون موت.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن