عاشقة المسرح الفرنسية..ضحية الارهاب الاسلاموي!

طه رشيد
Taharachid427@gmail.com

2020 / 11 / 2

عندما تدخل في فضاء المسرح وتتعلق به فهذا يعني انك تحب الحياة، بمفرداتها المنوعة، الزهور والموسيقى والنساء والاطفال والشعر والادب والثقافة، وسيدفعك المسرح الى احترام الادباء والعلماء والفنانين، اما اذا وقعت في عشق المسرح فانك ستشعر ان حياتك لا تستقيم بدونه فهذا يعني انك شخص سليم الجسد والعقل، متزن ومتوازن، رقيق، عاطفي، حنون، وتبذل كل ما بوسعك من اجل سعادة الآخر حتى لو كانت سعادته على حساب سعادتك لانك تمتلك نكران ذات نادرا وحالة من التسامي لا يصل لها غيرك بسهولة، وهذا ما تجسد في شخصية ضحية " غزوة نيس " نادين ديفليه!
لقد ذكرتني الجريمة التي وقعت في مدينة "نيس" الفرنسية يوم الخميس 29 اكتوبر الماضي بجريمة اخرى حدثت في مدينة " وهران" الجزائرية ابان " العشرية السوداء " في تسعينيات القرن الماضي حين اقدم المتطرفون الاسلامويون على حز رقبة الفنان المسرحي الكبير عبد القادر علولة، الذي خلد اسمه في سماء الجزائر، نجمة تضيء مسارحها، بينما ذهب القتلة الى مزابل التاريخ!
لقد قام الارهابي ابراهيم عنساوي ( تونسي عمره احد وعشرون عاما، رحل من تونس الى ايطاليا قبل اسابيع ودخل فرنسا، وتحديدا مدينة نيس، قبل الحادث بليلة واحدة ) على قتل ثلاثة أشخاص داخل كنيسة نوتردام في مدينة نيس، وهم يؤدون الصلاة، رجل وهو حارس الكنيسة وامرأتين، احداهن برازيلية الاصل هربت من يد القاتل، بعد ان طعمها اكثر من مرة، الى مطعم مجاور وقبل ان تلفظ انفاسها الاخيرة بعد دقائق، قالت للمسعفين: " قولوا لاولادي باني احبهم"!
اما السيدة الاخرى فهي فرنسية الاصل والمولد من مدينة نيس، ترعرت ودرست وتزوجت في هذه المدينة، انها نادين دفيليه، (Nadine Devillers).

فمن هي نادين؟
نادين سيدة كانت شغوفة بالمسرح ورغم بلوغها الستين عاما الا انها كانت حريصة، ومنذ اربع سنوات، على دراسة هذا الفن في مسرح " لو فونيكس" Le Phoenix في نيس ، وكانت تسكن بقرب الكنيسة، التي تزورها غالبا للتامل! واخر نشاط فني لها على خشبة المسرح كان في السادس والعشرين من ايلول/ سبتمبر الماضي، حين قامت نادين بمسرحة بعض القصائد. وتقول عنها احدى زميلاتها:
."كانت امرأة ذات لطف لا يصدق ، لطيفة للغاية ، ونلاحظها خلال عروض نهاية العام تهتم كثيرا بالآخرين".
اما معلمتها وصديقتها البالغة من العمر ثلاثين عاما " بياتريس ساجيو" فلقد ترقرت عيونها بالدموع وتلعثمت وبالكاد عثرت على كلماتها امام كاميرا احدى القنوات التلفزيونية لتقول " كانت امرأة ذات لطف لا يُصدق ، مليئة بالود والابتسامة دائماً".
مدير مسرح " لو فونيكس" الان كليمنت Alain Clément اشار الى ان نادين كانت سيدة مخلصة بعملها شغوفة بالمسرح ولا تتردد في مد يد العون لمدرستنا في بعض المهام الادارية
لمدير المسرح وزوجته في بعض المهام الادارية.
لقد كان مقتل نادين، من قبل ارهابي لا يفقه من الدين شيئا، تراجيديا حقا، اذ هاجمها الارهابي وهي تتعبد وتؤدي صلاتها للرب داعية اياه ان يرفع عن هذه الشعوب غضب الجائحة كي تفتح المسارح ابوابها امام الجمهور. حاول الارهابي ان يحز رقبتها، ولم يفلح، ومع هذا ادى الطعن في حنجرتها الى توقف حياتها الى الابد، ولكنها ستبقى خالدة بحبها للناس وحبهم لها. قديسة المسرح ستبقى نجمة متلألئة مع بقية النجوم شهداء المسرح والثقافة، اما الارهابي ومن يقف خلفه فلن يكون لهم مكانٌ سوى حاوية النفايات العفنة!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن