القاتل و الغشاش

خليل قانصوه
khalilkansou@hotmail.fr

2020 / 10 / 30

يجري على شبكة التواصل تداول نص مغشوش تحت زعم أنه ترجمة إلى اللغة العربية ، لخطاب الرئيس الفرنسي في حفل تأبين المعلم الذي قتل طعنا بالسكين . الأمر الذي يبرر الافتراض بان أيادٍ حركت القاتل ، فاغتالت بواسطته معلما أمام المدرسة ، ثم و جهته نحو كاتدرائية ليفترس ثلاثة أشخاص آخرين صادفهم فيها .
من البديهي أن هؤلاء الضحايا لا يتحملون أية مسؤولية في السياسة و الديبلوماسية . هنا تحسن الإشارة إلى أنه إذا كانت أكثرية الناس استنكروا اقتحام مركز الصحيفة الفرنسية التي أعادت نشر الرسوم الدنماركية "المسيئة " و قتل عدد من الصحافيين العاملين فيها ، فإن الاستنكار كان أساسا ،ضد عملية القتل و ليس بالضرورة تعبيرا عن توافق على الآراء أو الرسائل التي تضمنتها تلك الرسوم ، و الغاية من تكرار التذكير بها .
لست هنا في معرض البحث في مسألة " المعاداة للمسلمين " بما هي معطى حقيقي و ملموس في بعض أوساط المجتمع الفرنسي ، كونها تحتاج إلى تفاصيل لا يتسع لها هذا الموضع، ولست أيضا في صدد مقاربة لمفاهيم تكثر الإشارة إليها في هذا الوقت في الخطاب الرسمي في فرنسا ، مثل المدرسة الرسمية ، مدرسة الجمهورية ، المساوة ، حرية التعبير و العيش المشترك ، و لا أود التوقف كذلك عند مؤثرات العوامل الداخلية و الخارجية في السياسة الفرنسية .
بكلام أكثر صراحة ووضوحا ، إذا كانت جريمة اغتيال معلم المدرسة الرسمية تطرح مسألة انتهاك " حرمة " هذه المدرسة ( و ما أدراك ما هو الدور الوطني الكبير للمدرسة الرسمية) واعتراض ممارسة حرية التعبير ، فما هو مسوّغ قتل ثلاثة أشخاص كانوا في داخل كنيسة ، لم يبدر منهم أي أذى أو مكروه ضد أحد ، على حد علمنا ؟
و ما يرجح فرضية وجود جهة خارجية وراء هذه الاعمال الإرهابية هو أن الجاني على زوار الكنيسة صباح 30.10.20 ، هو أجنبي ( من أصل تونسي ) دخل الأراضي الفرنسية قبل يوم واحد من إقدامه على فـَعلته ، و بالتالي ليس مستبعدا أن يكون هذا الشخص قد جاء أو بالأحرى أرسل ، من أجل تنفيذها .
هنا ينهض سؤال لا مفر من الإجابة عليه ، سواء كان المرء متدينا أو غير متدين : كيف تـُقرأ هذه الفَعلات الشنيعة في أجواء اجتماعية ضبابية ، صاخبة ، تنشط في توتيرها تيارات تشجع دون مواربة على " معادة المسلمين " حيث ينظر بعضها إلى هؤلاء كما لو كانوا "جماعة واحدة " أو يعملون على إقامة " كيان انفصالي لهم " في البلاد . فلا نجازف في القول أن هذه التيارات لا تميز في حملاتها الإعلامية الفرد الذي انتهك المدرسة وتطاول على الحرية و سفح دم مواطنين عاديين ، من المجموع ، ومن البديهي أن هذا خطأ خطير و إهانة لكرامة الكثيرين . لذلك يتطلب التوضيح . فلا يجوز التغافل عن أن النتيجة المباشرة لشعار " حرية مساواة أخوة " هي أنه لا يحق لأية جهة أن تعين ممثلين عن الناس دون السماح لهم بالتعبير عن رأيهم ! ناهيك من الامتناع عن التمييز بين الناس على أي أساس !



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن