هل تلوح في الافق بوادر عودة الى الحرب في الصحراء ؟

سعيد الوجاني
zehna_53@hotmail.fr

2020 / 10 / 23

ماذا يجري في الصحراء ، خاصة وان هناك خطوات متسارعة تربك النظر ، وتجعل من أي متابع ومتتبع يطرح السؤال : هل المنطقة مقبلة على الحرب ؟
كل المؤشرات تفيد شيئا واحدا ، هو ديمومة عدم الاستقرار ، ومع سيادة عدم الاستقرار ، تبقى جميع الاحتمالات واردة ، لكن أساسها الذي هو الحرب ، يبقى معلقا ما دام ان ملف القضية لا يزال بيد مجلس الامن ، يحاول معالجته بما املته التطورات التي حصلت منذ ثلاثين سنة ، فأبطلت شروط اتفاق وقف اطلاق النار ، لصالح شروط املتها الظرفية التي فرضت نفسها ، الاّ على البوليساريو التي لا تزال تعول على مجلس الامن ، كي ينوب عنها في تنفيذ بنود اتفاق تنصل منه المجلس شخصيا ، رغم انه هو من ضمن الاتفاق الذي تم توقيعه تحت اشرافه ومسؤوليته ..
اذن هل من ضغوط تمارسها جبهة البوليساريو والجزائر على مجلس الامن ، كي يكون القرار المزمع التصويت عليه في 28 أكتوبر الجاري ملبيا لأطروحة الانفصال ؟
الى الآن لازلنا فقط امام التهديد باستعمال مليشيات مدنية للمناوشة ، عوض عسكريو الجبهة والجزائر الواقفان وراء كل ما يجري بالمنطقة .. وحتى رسالة إبراهيم غالي الى مجلس الامن ، كانت تركز على السلمية بدعوى الحق المشروع للصحراويين ان يتظاهروا في معبر المهيرزات ، او الغرغرات ، او في اية مكان يعتبر متنازع عليه بين المتصارعين ... فالقرار 690 (1991) الذي انشأ " المينورسو " كلفها بالإشراف على وقف اطلاق النار، وعلى تنظيم الاستفتاء التي ستحدد نتائجه جنسية الإقليم ، لكن القرار 690 لا يخول " المينورسو " صلاحية منع " المدنيين / الشعب " من التعبير عن ارادته بالطرق السلمية .. فاي تدخل من قبل " المينورسو " في هذا المجال ، يتعارض مع الاختصاصات الموكولة لها بمقتضى اتفاق 1991 ...
اذا عدنا الى ضبط ما يختمر بالمنطقة ، سنجد ان مشروع الدستور الجزائري الذي سيعرض للاستفتاء قريبا ، يسمح للجيش الجزائري بالتدخل في النزاعات التي تحصل خارج الجزائر ، سواء ضمن الاتحاد الافريقي ، او ضمن الجامعة العربية ، او ضمن الأمم المتحدة ... الى هنا من حق النظام الجزائري ان يدبج دستوره بما يراه في مصلحته ، وبما يتماشى مع سياسته ، والتزاماته الإقليمية ، والمحيطية ، والدولية ...
لكن حين نسمع ونقرأ ان من حق الجمهورية الصحراوية ، وليس الجبهة ، ان تبرم ما شاءت من الاتفاقيات العسكرية مع ما شاءت من الدول ، وفي مقدمتها الجزائر ، وجنوب افريقيا التي دعا احد مسؤوليها مؤخرا الجبهة بالعودة لحمل السلاح ، ودول الاتحاد الافريقي الصديقة للجمهورية الصحراوية ... فهنا نطرح السؤال :
هل هناك من علاقة بين تعديل الدستور الجزائري الذي يسمح للجيش الجزائري بالتدخل خارج الجزائر ، وبين الحديث عن ابرام الجمهورية الصحراوية لاتفاقات عسكرية مع الجيش الجزائري ، وغيرها من الجيوش الصديقة ؟
فماذا اذا دعت الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها النظام المغربي ، الجيش الجزائري لإقامة قواعد عسكرية بالمناطق التي تسيطر عليها الجبهة ، وهي ارض تكون ثلث مساحة الصحراء المتنازع عليها ؟
وعندما سيعجز مجلس الامن عن حل النزاع بما ترغب فيه جبهة البوليساريو ومعها الجزائر ، ونحن نرى موقف الأمين العام للأمم المتحدة الذي رفع تقريره المميز الى مجلس الامن ، يؤنب جبهة البوليساريو على مناوراتها الصبيانية عندما دفعت ببعض ( المدنيين ) ، وهم يعدون على رؤوس الأصابع ، ولم يكونوا بالمئات كما حاول تسويقه اعلام النظام الجزائري ، بالغرغرات ، وبالمهيريز ، وهم يلوحون بأعلام الجبهة امام الجيش المغربي .. يدعو الى حرية التنقل ورافضا ابتزاز الجبهة بإغلاق الممر ... وعند خروج مجلس الامن بقرار لا يشفي غليل البوليساريو ومعه الجزائر التي تقف وراء الصراع ، لأنها تريد تطويق المغرب لخنقه وتصغيره بوصولها الى مياه الاطلسي ، وهو الذي شكل شوكة حضارية وتاريخية في حنجرتها الفرنسية التركية ... ماذا بعد ؟
-- هل تستطيع الجبهة وبدون موافقة النظام الجزائري العودة الى الحرب ؟
-- اذا عادت الجبهة الى الحرب ، وهذا يبقى مجرد افتراض ، هل تسطع الجبهة وفي ظل التغيرات التي احدثتها ثلاثين سنة من وقف الحرب ، وفي ظل افول المعسكر الاشتراكي المنحل ، ونهاية الحرب الباردة ... تجديد الزخم العسكري الذي دام ستة عشر سنة ، ووضع حدا له اتفاق وقف اطلاق النار ؟
-- واذا افترضنا ان الجمهورية الصحراوية ابرمت اتفاقيات عسكرية مع الجزائر ومع جنوب افريقيا ، ومع غيرهما من دول الاتحاد الافريقي ، وكوبا ، وفنزويلا ، وبوليفيا ، ونجيريا ، واثيوبيا .... لخ .. هل عند اندلاع الحرب ، ووجهت الجبهة دعوة دعم الى الدول التي وقعت معها معاهدات عسكرية للدفاع ، سيجعل الجزائر تهب للدفاع عن البوليساريو ؟
ان الجبهة ، وفي ظل ميزان القوى الحالي ، لا ولن تحارب ، لأنها فقدت قوة الحرب بفعل ثلاثين سنة من الانتظارية ، كي ينوب عنها مجلس الامن في تنظيم استفتاء لم يعد من اختصاص " المينورسو " التي أضحت متجاوزة ، رغم ان منظمة العفو الدولية في رسالتها الى مجلس الامن بتاريخ 22 أكتوبر الجاري حثت ودعت الى توسيع صلاحيات " المينورسو " لتشمل مادة حقوق الانسان ..
فاذا كانت المينورسو قد افرغت من كل اختصاصاتها التي حددها القرار 690 ، فكيف لها ان تنهض بمادة حقوق الانسان الأكثر تعقيدا من مهمة إزالة الألغام ، او تنظيم استفتاء لم يعد احد يؤمن بجدواه ؟
ما يجري اليوم بالغرغرات والمهيريز ، ومشروع الدستور الجزائري الذي يسمح للجيش بالانتقال خارج الجزائر ، وما يتم الترويج له بإقدام الجمهورية الصحراوية على ابرام اتفاقيات للتعاون العسكري ، مع الجزائر ، وجنوب افريقيا ، ودول الاتحاد الافريقي الصديقة .. لا يعدو ان يكون مجرد فقعات وبالونات هوائية للتأثير على القرار المقبل لمجلس الامن المنظر في 28 اكتوبر الجاري ..
اما الحرب ان حصلت فستكون بين الجيشين المغربي والجزائري ، وهي تبقى محتملة ، لكن بنسب جد ضعيفة ، لان الحرب ان حصلت ستكون كارثية بامتياز ورابحها خاسرها ...
ان الجيش الجزائري لا ولن يخيف الجيش المغربي ، ومن يعتقد ان الجزائر متفوقة على المغرب عسكريا ، وان الجيش المغربي سيتسلم للجيش الجزائري .. وان الجزائر " غادْيَ تطْحنّ " لا يفقه في الأمور العسكرية شيئا ...
وحتى اختصر ... طائرة f 16 تركية اسقطت طائرة SU 24 روسية يقودها طيار روسي ... طائرة F16 ادربدجانية اسقطت طائرة SU 25 روسية .. مضادات S300 و S400 الروسية عجزت عن تحديد الطائرات والصواريخ الإسرائيلية في سماء سورية ... وحرب الرمال في سنة 1963 التي يبحث النظام الجزائري للثأر منها ، وواقعة أمغالا 1 ، و أمغالا 2 كانت احسن جواب على من يعتقد ان الجيش المغربي سيتسلم للجيش الجزائري .. ( السلاح الأمريكي والغربي ليس هو السلاح الروسي ) ..
الحرب لن تقع ، لكن الحذر والاحتياط يبقى واردا ، ومسؤولية مجلس الامن ، والأمم المتحدة ، والمحكمة الجنائية الدولية واضحة في هذا الميدان ...
الاقتصاد الجزائري ، والاقتصاد المغربي المتهالكان لا يسمحان بأية حرب في الوقت الحالي ... وما يحصل من تهديدات هي مجرد مفرقعات ، وفقعات ، وبالونات هوائية ، تتزامن مع كل دورة لمجلس الامن لبحث النزاع المفتعل ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن