التظاهرات بين أنياب التخريب ( 2 )

شاكر كتاب
shakirkitab95@yahoo.com

2020 / 10 / 7


في الحلقة السابقة أشرنا إلى أن ، بجانب الإنجازات الوطنية الكبيرة التي حققتها التظاهرات، هناك ظواهر خطيرة وتحدثنا عن ما يسمى بالتسقيط وتبادل الاتهامات والإشاعات بين الكثير من شباب وناشطي الساحات.
اليوم نتحدث عن قضية أكثر خطورة تلك هي ظاهرة المندسين المأجورين بين صفوف المتظاهرين. وهؤلاء يمكن تقسيمهم إلى:
1- المندسين من قبل أجهزة السلطة.
ومهمتهم الكشف عن أهم الشخصيات الناشطة في الساحات والفاعلة والمؤثرة فعلا ومراقبتهم ورصد حركتهم وتواجدهم بما في ذلك أماكن سكناهم. وقد يبدو ألأمر هنا طبيعي لكن خطورته تكمن في كيفية توظيف المعلومات التي تتوفر لدى هذه الأجهزة..
2- المندسين لصالح القوى المستهدفة من قبل التظاهرات بسبب فسادها ودورها التخريبي وكذلك من قبل تنظيماتها المسلحة والغرض من حضورهم لا يختلف كثيرا عما ورد في الفقرة الأولى أعلاه سوى أن مخاطر وجودهم في الساحات أكبر بكثير من عناصر الأجهزة الأمنية. وتوجه أصابع الاتهام من قبل المتظاهرين إلى هذه العناصر في أنها كانت وراء اغتيال اكثر من 800 متظاهر وعشرات الآلاف من الجرحى..
3- المندسين من قبل شخصيات سياسية خسرت مواقعها وقوى تقف معها وتأمل في تجيير التظاهرات لصالحها. وإذا كانت الفقرتان الأولى والثانية أعلاه تكاد تكون طبيعية ومتوقعة في نظام سياسي - وشبكة أحزاب - لا يعترف بحقوق الإنسان في الحياة وفي الانتماء والتعبير عن الفكر بما في ذلك التظاهر, فإن وجود المأجورين من قبل شخصيات "سياسية" يعتبر انعكاسا لهبوط أخلاقي مريع أصيبت به هذه الشخصيات وقواها ، وعجزها عن أن تقنع المواطنين بصواب برامجها ومواقفها. بل تأتي للتغطية على تطلعاتهم وحنينهم للعودة إلى السلطة والتمتع بامتيازاتها. ومن المكشوف أن هذه الشخصيات التي تقف وراء دعم عناصر معينة داخل الساحات تستخدمهم غالبا للإساءة لمنافسيها من معسكر اللصوص والحكام أو من تختلف معهم.
4- لكن لعل أخطر أنواع الاندساس هو هذا الذي تمارسه الدول المجاورة والإقليمية بما فيها إسرائيل. هذه الدول لا تأمل من التظاهرات إلا أن تكون عامل تخريب لأمن العراق واقتصاده ومؤسساته ومجتمعه وتدمير ما تبقى من وجوده. لذلك تدفع المأجورين المرتبطين بها نحو التخريب المتعمد لمؤسسات الدولة وتدعمهم إعلاميا قبل كل شيء وماديا أيضا الأمرة الذي راح ينعكس على جانب واضح من هوية التظاهرات وتحولت هذه الممارسات إلى ثغرات تدخل من خلالها قوى الثورة المضادة.
5- وينبغي الإشارة في الختام إلى اندساس من نوع آخر. أقصد به مرض داء العظمة الذي تطور عن الغرور الذي أصيب به البعض من الناشطين بسبب تسليط الأضواء عليهم وانتشار صيتهم الإيجابي نتيجة النجاحات التي تحققت على أياديهم. الغرور مقتل الثوار. لقد وصلت الأمور ببعضهم أن يحاول حجز الساحة له وعدم السماح بشتى السبل للآخرين بالدخول للساحات أو افتعال المشاكل معهم. وراح البعض منهم يصدر التزكيات والتقييمات للآخرين ومن موقع المعلم القائد.
أخيرا يجب القول أن كل هذه الاندساسات لم تتمكن من أن تفت من عضد التظاهرات التي تعمدت بدماء الشهداء والجرحى وتصميم الشباب الشجاع والوعي الرائع الذي راح يتبلور في خضم تطور الفعاليات الوطنية داخل الساحات متمثلة بصراعهم العنيد من أجل الاستمرار والوصول إلى الغايات المرجوة من التظاهرات.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن