أزمات الأقتصاد العراقي من يعالجها في ظل المحاصصة الطائفية والفساد وسوء الادارة والتخطيط؟!

عادل عبد الزهرة شبيب
adelshibeeb@ymail.com

2020 / 10 / 6

منذ النصف الثاني من عام 2014 , واجه العراق ضغوطا اقتصادية شديدة لمواجهته أزمتين متزامنتين تتمثل الأولى باحتلال داعش للموصل ولثلث الأراضي العراقية , والثانية صدمة انخفاض اسعار النفط في الأسواق العالمية والتي تأثر بها الاقتصاد العراقي كون اقتصاده اقتصاد وحيد الجانب يعتمد كليا على تصدير النفط الخام بسبب سوء الادارة ونهج المحاصصة الطائفية حيث لم يتمكن من تنويع مصادر دخله. وكان لهاتين الأزمتين آثارا شديدة على الاقتصاد العراقي والتي استنزفت موارده المالية , وادت الى تفاقم مواطن الضعف والاختلالات الهيكلية وادت ايضا الى عدم الاستقرار السياسي وتراجع وتيرة الاستهلاك والاستثمار في القطاعين العام والخاص وتقييد الانفاق الحكومي لا سيما على المشروعات الاستثمارية , كما انكمش القطاع غير النفطي بنسبة ( 9,0 %) في عام 2015 .
لقد ادت الأزمة المزدوجة التي تعرض لها الاقتصاد العراقي في عام 2014 الى تدهور حاد لأوضاع المالية العامة وميزان المعاملات الخارجية وتفاقم اوضاع الفقر والبطالة واتساع عجز المالية العامة مع زيادة النفقات المتعلقة بالأمن والحرب مع داعش . ولجأت الحكومة الى تمويل عجز المالية العامة الكبير من خلال الاقتراض الخارجي من صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين فرضا شروطهما ووصفتهما الجاهزة على السلطة السياسية حيث بلغت القروض اكثر من 130 مليار دولار .
كما تشير الأرقام الى بلوغ معدل الفقر في عام 2014 الى 22,5 % على الصعيد الوطني, وفي المحافظات المتضررة من داعش تضاعفت معدلات الفقر الى 41,2% اضافة الى تدمير البنى التحتية لهذه المدن وبلغ عدد النازحين داخليا بحدود نصف مليون من فقراء العراق في عام 2014 .
سبق وان اشار تقرير الآفاق الاقتصادية للعراق لعام 2018 الى انه بعد هزيمة داعش في نهاية عام 2017 فإن المهمة الصعبة تتمثل في اعادة بناء البنى التحتية للمدن المحررة وتوفير الخدمات وفرص العمل للسكان واعادة المهجرين الى مناطقهم, وهذا لم يتحقق بسبب تفشي الفساد المالي ونهج المحاصصة الطائفية. كما لم يعمر الجنوب العراقي الغني بنفطه وثرواته والذي كان افقر منطقة في العراق وما يزال مما دفع بسكان المحافظات الوسطى والجنوبية الى الانتفاض السلمي ضد السلطة الفاسدة التي واجهتهم بالرصاص الحي والغاز القاتل والخطف والاغتيالات بعيدا عن القانون. ويقدر البنك الدولي تكلفة اعادة الاعمار في العراق عند 88 مليار دولار . فكيف يتم توفير هذا المبلغ في ظل تفشي الفساد؟؟؟
توقع تقرير الآفاق الاقتصادية عن العراق لعام 2019 تحسين الاقتصاد العراقي تدريجيا بعد الضغوط الاقتصادية الشديدة التي شهدتها السنوات الأربع الماضية بفضل التحسن الملحوظ في الأوضاع الأمنية وارتفاع اسعار النفط , كما شهد الاقتصاد غير النفطي ارتفاعا سريعا حيث سجل معدل نمو بلغ 4% بينما انخفض انتاج النفط قليلا عما كان عليه عام 2017 تمشيا مع اتفاق منظمة اوبك حول خفض الانتاج العالمي من النفط .
كما اشار التقرير الى ان موازنة 2019 تمثل زيادة كبيرة في الانفاق المتكرر حيث سيؤدي ارتفاع الانفاق الحكومي مع انخفاض اسعار النفط الى ارتفاع عجز الموازنة , وان انخفاض اسعار النفط وزيادة الواردات سيؤديان الى تحويل رصيد المعاملات الجارية الى عجز يتم تمويله جزئيا من الاحتياطيات الدولية .
وفي عام 2019 لم تتمكن الحكومة كما لم تتمكن الحكومات المتعاقبة قبلها من مواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة والمتمثلة بـ :-
1) تدمير البنى التحتية للبلاد .
2) الاقتصاد الريعي الوحيد الجانب الذي يعتمد كليا على تصدير النفط الخام دون تصنيعه مع اهمال القطاعات الاقتصادية الاخرى .
3) عدم توجيه العائدات المالية النفطية الكبيرة الى بناء المشاريع الاستثمارية والخدمية وانما انفقت في مجالات الاستهلاك والنفقات الحكومية البذخية , وقضم الفساد جزءا كبيرا منها دون توجيهها الى عملية التنمية الاقتصادية – الاجتماعية .
4) تفاقم مشكلة البطالة والفقر .
5) تخلف القطاع الزراعي والصناعي واعتماد البلاد على الاستيراد لسد حاجة السكان .
6) تخلف التعليم والصحة والنقص الحاد في الماء الصالح للشرب والكهرباء وغيرها .
7) تهريب النفط للخارج حيث بلغت خسائر العراق من تهريب النفط منذ 2003 قرابة 120 مليار دولار .
8) تفشي الفساد المالي والاداري في مفاصل الدولة المدنية والعسكرية وفي المنافذ الحدودية.
9) ازمات السكن والسكن العشوائي .
10) ارتفاع مديونية العراق الخارجية والتي تقدر بـ 130 مليار دولار , علما ان اموال القروض لا تذهب لبناء المشاريع الاستثمارية والخدمية وانما تذهب الى جيوب الفاسدين ولم يستفد الشعب والبلد منها .
واستمرت هذه التحديات في عام 2020 وتعمقت اكثر بسبب تفشي جائحة كورونا الفتاك وتداعياتها والتي سببت الانخفاض الكبير في اسعار النفط الخام مما قلل من ايرادات العراق المالية ذو الاقتصاد الوحيد الجانب , اضافة الى دور الفساد الكبير الذي يقضم جزءا كبيرا من اموال العراق واموال الشعب العراقي .
ويلاحظ ان كل الحكومات المتعاقبة منذ 2003 والى اليوم لم تقدم سياسات اقتصادية ومعالجة البطالة والفقر والفساد والأزمات الاقتصادية التي تواجه البلاد حيث تميز نهجها في ادارة شؤون البلاد بالفشل الذريع , وبناء على ذلك افلا يحق لأبناء الشعب الانتفاض على الفساد والفشل الحكومي والظلم ؟ فالعراق ينتفض ...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن