القلم لسان العقل

ردوان كريم
forward.kbl@gmail.com

2020 / 8 / 17

يقول ميغال دو سيرفنتس.
نحن لا تكتب في كل مرة نود القيام بذلك. إنما الكتابة وليدة أفكار تتناطح فيما بينها، حتى تتغلب بعضها على أخرى لتنتهي رغبة في الإفشاء و الإفصاح عن نفسها. يخبرالكاتب القاريء بما يجول في خاطره أو ما يعتقده من أفكار، و قرار صحتها من خطأها يعود للقاريء الأكثر فطنة و ذكاء. و القراء كل حسب فهمه، معتقداته، مستواه الفكري، و توجهه الإيديولوجي. فالبعض يقرأ الكلمات المترابطة، الأخر يقرأ ما في حدود النص، و هنالك من يقرأ ما وراء النص... كما هنالك من يذهب بعيدا عن مضمون النص و هدفه، مثلما يبحث البعض عن ما يخدم إيديولوجيته في النص فيقوم بإستغلاله بالتبني أو الرفض، مادحا أو نقدا.
النص مثل الثوب فيه مخارج للأطراف و العنق، و موضع الرأس لا يصح وضع الرجل فيه، و إلا النص لا يكون نسيجا. فليس كل جمل مترابطة نص. فلا تقاس القيمة العلمية و الجمالية بالطول و العرض و عدد الأسطر بل بما يحتويه من معاني، أراء، و حجج مدعمة للفكرة الأساسية.
يتحجج البعض بضيق الوقت، و يعتذر البعض الأخر بحجة الإنشغال فلا يجد وقت للكتابة و لكن من يملك الأفكار يكتبها مرغما فعليه أن يجد الوقت بين الأصبع و الظفر للتعبير عن أراءه و ما يؤمن به من الأفكار فلا يتركها حبيست عقله، و إلا ذلك يعتبر إحتكار.
الكتابة هي الواجب الأول للمفكر إتجاه مجتمعه. هو ليس مجبرا على الدفاع عنها بل هو مجبر على الإفصاح عنها، أما الدفاع عنها فهو دور المناضلين في مجاله من المؤمنين بها.
نجد بين النقاد من ينقد النص عن علم و دراية، فيكتب نص رد أو إقتراح أخر لما هو قد قيل و كتب، فيثمن، يستحسن أو يعوض تلك الأراء بأخرى، أو يقترح مقترحات أخرى، يصحح أو يدعم، بطريقة منظمة، مهذبة، بلغة راقية نتعلم منه فإن لم يصب إكتشفنا رأي آخر وجب علينا احترامه، فالمفكر يؤمن لتعددية الأفكار و إختلافها. و هنالك نقاد من النوع الرديء و هم الكثر؛ لا يفكرون و لا ينتجون، و بل يكتفون بالتهجم، و بالنقد الغير البناء الذي هو نقد من أجل النقد أو تسجيل الحضور، و قلة ما يعرف توجههم أو رأيهم، فهم لا يتركون شيء لم يهجوه هجاء غير بليغ، أحكام بلا بصيرة ولا وعي لا ترقى إلى مستوى الأفكار.

النقد مهم للكتابة فبدونه لا تتطور و لا يتطور معها تفكير الإنسانية و العالم. فالكتاب كائن من كان يحب و ينتظر النقد الإيجابي و النقد المصحح لكي لا نقول عنه سلبي... و أفضل النقاد أكثرهم وعيا، حكمة، و أبلغهم قولا... ذكرهم يحتاج إلى صفحات. و من أبرز النقاد و أشرسهم نحد جون بول سارتر الذي يقول في كتابه "ما هو الأدب" : " الهدف الجوهري للنثر هو نقل المعنى" بمعنى إيصال المعلومة هو هدف النثر و الكتابة أصلا. كما يعتقد سارتر أن الإنسان يعرف بإختياراته، و أبرز إختياراته هي أفكاره. و عليه على المرء أن يحسن إختيار أفكاره و معتقداته فهي أكثر ما يمثله و يعبر عنه.. و ننتهي بالقول أن إختيار طريقة التعبير عن أفكاره، طريقة الدفاع عنها، و طريقة نقد أفكار الأخر هو إختيار طبيعة من نكون.
أكتب لنرى و نسمع عقلك، نتعلم منه و يتعلم منا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن