في الحاجة إلى البديل

جلال الصباغ
a.marzouq@yahoo.com

2020 / 7 / 24

في ظل ما يعيشه العراق والمنطقة من أزمات متلاحقة ومستمرة، وسيطرة قوى إسلامية او قومية او ليبرالية على السلطة في هذا البلد أو ذاك، ومع غياب او ضعف للأحزاب والمنظمات الثورية التي تتبنى الفكر الاشتراكي، المبني على اساس نظري واضح وغير ملتبس، يقرأ الواقع موضوعيا ويمثل تطلعات الجماهير في العيش الرغيد والحرية والعدالة والمساواة ويعمل على الخلاص من الأنظمة الجاثمة على صدور الناس وما خلفته من حروب على أساسات طائفية ودينية وقومية، مدعومة ومتغذية من قوى عالمية امبريالية وقوى إقليمية لها مصالحها التوسعية على حساب مصالح الجماهير.
في ظل هذا الواقع، هنالك العديد من الأحزاب والجهات التي تقول بأنها اشتراكية وشيوعية في العراق، لكنها في حقيقتها اما أحزاب إصلاحية منهجها يعتمد الحفاظ على النظام القائم والعمل من داخل هذا النظام ( الطائفي القومي المليشياوي الفاسد والتبعي ) من أجل إجراء الإصلاحات من داخل المنظومة.
أن الجماهير أدركت جيدا انتهازية مثل هكذا جهات وميزت بشكل واضح من يتحالف مع القتلة واللصوص من أجل مصالح معينة، ومن يمثل هدف الجماهير بالتغيير الشامل المبني على إرادة الناس وتطلعاتها.
كما أن هنالك تيارات أخرى تعمل داخل العراق تتبنى هي الأخرى الخط الاشتراكي الشيوعي، لكنها تعاني العزلة اما بسبب سياستها المتخبطة وغير الواقعية وقرأتها المنقوصة للحركة الاجتماعية السياسية في العراق، كما حدث من مواقف تجاه انتفاضة أكتوبر في بدايتها عندما رفضت هذه الجهات الوقوف بصف الجماهير كونها لا تعرف من يحركها وما هي دوافعها كما تعتقد هذه الجهات في حينها، وهو مثال عن عزلة هذه الأطراف وابتعادها عن الجماهير.
انبثقت منظمة البديل الشيوعي في ظرف تاريخي وصل فيه الصراع الى اعلى درجاته، بين العمال والكادحين والتحرريين المطالبين بالعدالة والمساواة والرافضين لكل أشكال التقسيمات الاثنية او الطائفية او المناطقية وبين طبقة الرأسماليين الذين يتمثلون في العراق بأحزاب الاسلام السياسي والاحزاب القومية الكردية وغيرهم من الليبراليين والقوميين العرب - هؤلاء الذين يمثلون أذرع القوى الرأسمالية العالمية والبرجوازيات الإقليمية التي تسخرهم من أجل امتصاص ثروات البلاد ونهبها- عن طريق تهديم الصناعة والزراعة وخصخصة كل القطاعات في البلاد.
في هذا الظرف تشكلت منظمة البديل الشيوعي وهي تعي جيدا حتمية تفجر الأوضاع، وبالفعل لم يمر عام على التأسيس حتى انطلقت انتفاضة أكتوبر، معلنة بداية مرحلة جديدة في تاريخ العراق، يكون الصراع الطبقي فيه جلياً وواضحاً للعيان، ورغم حداثة تشكيلها فأنها لعبت دورا طليعياً داخل الانتفاضة.
فقبل الأول من أكتوبر موعد انطلاق الانتفاضة دعت منظمة البديل إلى ضرورة تنظيم الجماهير وعملت على المستوى الميداني والإعلامي على هذا الأمر كما دعت وعملت على تشكيل المجالس الجماهيرية الثورية باعتبارها الأداة الفاعلة بيد المنتفضين، في حال تحقيقها من أجل العبور بالانتفاضة إلى الضفة الأخرى وتحقيق أهدافها في إقامة سلطة الجماهير والخلاص من النظام الطائفي القومي الفاسد.
كانت رؤى منظمة البديل الشيوعي في العراق مدركة سياسياً واجتماعياً للواقع، وكانت سياستها تجاه الانتفاضة معبرة عن آمال الجماهير المنتفضة الراغبة في التغيير، وكانت تصوراتها وتنبؤاتها حول مستقبل الانتفاضة دقيقة بشكل كبير.
رغم حجم المعارضة والتضييق من قوى الثورة المضادة والقوى الإصلاحية، الا ان المنظمة خلقت وعياً جماهيرياً بضرورة التنظيم وأهميته اذا ما أرادت قوى الانتفاضة الرئيسية الانتصار، واستطاعت أن تشخص وبشكل دقيق المعوقات التي تقف بوجه تطور الانتفاضة، كما أنها وعبر مواقفها وبياناتها عبرت بشكل دقيق عن أزمة السلطة وصراعاتها الداخلية، ورسمت خارطة طريق لخلاص الجماهير.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن