جيوش اردوغان بين النيل و الفرات

خليل قانصوه
khalilkansou@hotmail.fr

2020 / 7 / 20

عندما انطلقت الثورات " الربيعية" في بعض البلدان العربية ، في 2010 ، لم يفطن الكثيرون إلى أن ساعة الصفر دقت في الواقع قبل هذه التاريخ ، في سنوات 1980 ، و تحديدا ساعة دخول قوات الغزو الإسرائيلي إلى لبنان ، الأمر الذي مثل بكل المعايير انقلابا أطاح بالأعراف و التوازنات " الشكلية " . ( دخول القوات الإسرائيلية إلى بيروت ـ انتخاب رئيس للجمهورية تحت ضغط قوات الاحتلال ـ معاهدة 17 أيار 1983 ) . أعقب ذلك الحرب الأميركية الإسرائيلية على العراق في سنوات 1990 . ثم ثورة الإسلاميين في الجزائر خلال " العشرية السوداء " كما يسميها الجزائريون .
لا نجازف بالكلام أن السلطات التركية شاركت في جميع الثورات الربيعية دون استثناء ، ولكنها لم تكن في صدارة المشهد ولم تكن وحيدة . فما ظننا أنه ثورات وطنية ضد نظم حكم رفضت تحمل المسؤولية المترتبة عن هزيمتها الماحقة في حزيران 1967 ، فأضاعت البوصلة نهائيا وأغرقت في سياسات تميزت بالظلم و الاستهتار و الانحلال ، ما لبث أن أتضحت حقيقته بما هي حركة إسلامية شعبوية شاملة يقودها الاخوان المسلمون و التنظيمات المتفرعة عنها مثل " القاعدة " التي ولدتها كما هو معلوم ، المخابرات الأميركية في أفغانستان في سنوات 1980 ،من لدن التيار الوهابي
مجمل القول أن الحكومة التركية تحركت إلى حد ما في ظل الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا و فرنسا و الدول الخليجية ، لا سيما أن الثورات " كانت تنتصر" بعد أسابيع قليلة ، كما حدث في تونس و مصر ، فيأتي الرئيس التركي مباركا . و لكن الأمور تعقدت في ليبيا لجهة سقوط القناع " الثوري " ، عندما تطلبت " الثورة " هناك حربا أميركية مماثلة لحرب احتلال العراق في سنة 2003 ، و بشكل خاص عندما سقط نظام حكم الإخوان المسلمين في مصر في سنة 2013 .
يظهر من خلال هذه المراجعة أن السلطة التركية تحت قيادة السيد اردوغان كانت شريكا (بالأذن من فطاحل الفكر الثوري ) في سيرورة المتغيرات و المتبدلات التي تجري محاولة إحداثها في بعض بلدان العرب ( الشرق الأوسط الجديد ) ، إلى جانب الثلاثي الغربي بما هو واضع المشروع ، و إلى جانب دول خليجية بصفتها مولة الدعوة الوهابية لدعمه و الانخراط في تنفيذه .
اللافت للنظر الآن ، أن هذه السيرورة ما تزال مستمرة ، في جميع البلدان التي شملتها في السنوات الأولي ، و لكن الحملات العسكرية تبدو حاليا في ظاهر الأمر تركية ، تحت أشراف السيد اردوغان الذي أرسل عسكره إلى ليبيا و إلى الصومال و قطر بالإضافة إلى أن أنصاره يتحركون في الراهن ، في لبنان و تونس و اليمن توازيا مع وجود قطاعات عسكرية تركية تحتل أجزاء في شمال سورية والعراق .
ما يثير الدهشة ، هو أن القيادة التركية استطاعت في المدة الأخيرة ، بحسب و سائل الإعلام ارسال أعداد كبيرة ، عدة آلاف ، من السوريين و غيرهم من المرتزقة ، إلى ليبيا لينضموا إلى فرق الجيش التركي في غرب ليبيا و على الحدود مع تونس و الجزائر. الأمر الذي تعتبره الحكومات في الجزائر و تونس و الجزائر تهديدا للاستقرار و للأمن في بلدانها .
فما من شك إذن أن القيادة التركية كانت تحارب الدولة السورية بمعاونة الثلاثي الغربي و الدول الخليجية و التنظيمات الإرهابية . السؤال الذي ينهض الآن هو عما إذا كانت هذه القيادة تكمل الحرب التي بدأتها مع شركائها ، أم أنها تخوض حربها الخاصة في ارض الخراب التي خلفتها الحرب الأولى ، و هل أن الدولة التركية وحدها حقيقة ، أين يقف شركاؤها و ما هي الأهداف التي تصبو إليها يا ترى ؟؟؟؟؟ . فالحرب التي تشعلها تركيا تغطي كامل البقعة بين النيل و الفرات !



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن