الحرب على المؤسسات المقدسية مستمرة ومتواصلة

راسم عبيدات
quds.45@gmail.com

2020 / 7 / 9

الحرب على مدينة القدس من قبل الإحتلال مستعّرة ،في كافة المجالات والميادين،حتى جائحة "كورونا" توظف في العدوان على شعبنا،حيث نشهد كمائن لشرطة وجيش الإحتلال من أجل مخالفة المقدسيين وفرض غرامات ومخالفات مالية باهظة عليهم،تحت ذريعة عدم الإلتزام بوضع كمامات الوقاية من جائحة "كورونا"،في وقت لا نشهد ولا نرى مثل هذه الإجراءات والقوانين،تطبق بحق الإسرائيليين وبالذات المتدينين منهم.
نحن لا نريد ان نفصل فيما تتعرض له القدس من حرب عدوانية شاملة،ولكن لا بد من التطرق لذلك في عجالة،حيث تجاوزت الإبعادات عن الأقصى والبلدة القديمة والقدس 240 عملية ابعاد منذ بداية العام الحالي،منها 228 عملية إبعاد عن الأقصى و 6 عمليات ابعاد عن البلدة القديمة،وستة أخرى عن القدس،وكذلك عمليات هدم المنازل والمنشأت التجارية والزراعية والبركسات منذ بداية العام زادت عن 50 عملية هدم،جزء منها هدم ذاتي إمعاناً في إذلال المقدسيين وإمتهان كرامتهم، في حين عمليات الإعتقالات تجري على مدار الساعة،ولا يستثنى منها طفل،فتى/اة،شاب/ة رجل او امرأة،احكام وابعادات وغرامات باهظة وحبس ليلي إداري لعشرات الشبان،ومنع لأي فعالية او نشاط مهما كبر او صغر ومهما كان عنوانه رياضي،فني،اغاثي،تربوي وطني سياسي،والحجج والذرائع جاهزة،العلاقة بالسلطة او الأحزاب والتنظيمات الفلسطينية او التمويل منها لتلك الأنشطة،او مخالفة ما يسمى بإتفاقية الوسط للمرتبطين بعلاقة مع السلطة من شخصيات رسمية او أفراد مشكوك بعلاقتهم وعملهم بالأجهزة الأمنية الفلسطينية.
الإحتلال يسابق الزمن عبر اجراءاته وممارساته القمعية والتنكيلية بحق المقدسيين،والمترافقة بمخططات ومشاريع إستيطانية تهويدية ضخمة،يريد من خلالها الإجهاز على المدينة وحسم مصيرها،وتغيير واقعيها الديمغرافي والجغرافي لصالحه،وكذلك تغيير طابعه ومشهدها كلياً من عربي إسلامي- الى يهودي تلمودي توراتي،وبما يقصي ويشطب ويزور تاريخ المدينة وهويتها وتراثها وأثارها وروايتها،وبما يعتدي على ثقافتها وحضارتها.
الإحتلال لا يريد أي شكل من الأشكال المؤسساتية الفلسطينية،حتى لو كانت مؤسسات لها علاقة بالأطفال او الفئات المهمشة،فهو يريد ربط حياة السكان المقدسيين في المدينة بكل تفاصيلها من خلال مؤسساته واجهزته،هو يريد ان يعيد تشكيل الإنسان المقدسي وفق رؤيته،وبما يشوه وعيه و"يقزم" و"يطوع" و"يصهر هذا الوعي ويمحو ذاكرته،ويطوعه للعيش والإندماج في المجتمع الإسرائيلي،يريده ان يتخلى عن هويته وقوميته وحقوقه.
ولذلك نحن نشهد حرباً على المؤسسات المقدسية،بالإغلاق او التضييق على عملها وأنشطتها وفعاليتها،او حرمان إدارتها وعامليها وموظفيها من الحصول على تصاريح تمكنهم من الوصول الى اماكن عملهم،بهدف نقل عملها ومقراتها الى خارج حدود ما يسمى ببلدية القدس،قبل أربعة ايام داهم الإحتلال مقر الغرفة التجارية في دوار الضاحية بالقدس،وسلم بلاغاً لمديرها التنفيذي لؤي الحسيني بمراجعة مقر المخابرات الإسرائيلية - غرف اربعة - للتحقيق معه بشأن أنشطة الغرفة التجارية،ومما تجدر الإشارة اليه أنه قبل فترة جرى اعتقال رئيس الغرفة التجارية كمال عبيدات والتحقيق معه حول نشاط الغرفة التجارية،والتي جرى اغلاق مقرها الرئيسي في مدينة القدس منذ عام 2002 بحجة انها تابعة للسلطة الفلسطينية،ووجودها يخرق ما يسمى بالسيادة الإسرائيلية على المدينة وامس داهمت المخابرات الإسرائيلية مقر دائرة الخرائط التابع لبيت الشرق في دوار الضاحية بالقدس وقامت بعمليات تفتيش استفزازية في ملفات واجهزة الدائرة وكذلك قامت بمصادرة العديد من الوثائق واعتقلت مدير الدائرة الاخ خليل التفكجي،ولتطلق سراحه لاحقاً ...وقبل ذلك بأقل من اسبوع اقدمت مخابرات الإحتلال على مداهمة بيت السيدة الهام الجعبة وصادرت العديد من الوثائق والأوراق الخاصة بجمعية المرأة للتنمية والتمكين التي تتولى رئاسة هيئتها الإدارية،حيث جرى اعتقالها والتحقيق معها في مقر المسكوبية،ومن ثم جرى اطلاق سراحها لاحقاً،وقبل أقل من شهرين جرى اغلاق مقر جمعية تطوع للأمل المقدسية لمدة ستة شهور التي تتولى ادارتها السيدة سلفيا ابو لبن،والتي جرى اعتقالها والتحقيق معها .....والتهم تنصب حول أن تلك المؤسسات تخرق ما يسمى باتفاقية الوسط وتقوم بانشطة لصالح السلطة الفلسطينية وتتمول منها.....وليس هذا فقط فحتى المؤسسات الطبية لم تسلم من الملاحقة من قبل اجهزة الإحتلال الأمنية،حيث جرى الحجز على حسابات جمعية نوران التي تعمل في المجال الطبي والإسعاف،وحجج الإحتلال تراكم المخالفات على سيارات الجمعية بسبب قطع الإشارة الضوئية الحمراء وعدم الإلتزام بقوانين السير،رغم ان سيارات الجمعية،هي سيارات اسعاف ومرخصة من قبل الإحتلال ومسموح لها بتجاوز قوانين السير للضرورات الطبية والإسعاف والإنقاذ ،ونحن ندرك بأن هذا الإستهداف ليس جديد،بل يضاف للإستهداف السابق بحق المؤسسات المقدسية،حيث جرى في شهر تشرين الثاني من العام الماضي اغلاق مكتب التربية والتعليم في البلدة القديمة التابع لدائرة الأوقاف الإسلامية،وقد جرى أنذاك اعتقال مدير التربية والتعليم في القدس في القدس الاخ سمير جبريل،والذي اطلق سراحه لاحقاً بشروط،وأيضاً اعتقل رئيس اتحاد لجان اولياء الأمور في القدس الاخ زياد الشمالي،كما جرى اغلاق تلفزيون فلسطين الرسمي،والذي جرى تجديد اغلاقه في شهر آيار الماضي للمرة الثانية لمدة ستة شهور،وتمت مداهمة المركز الصحي العربي في شارع السلطان سليمان ،ومصادرة العديد من الوثائق والأجهزة منه،وجرى اعتقال مديره الإداري الأخ احمد سرور والذي جرى التحقيق معه ومن ثم اطلق سراحه......الحرب على المؤسسات المقدسية وعلى القدس والمقدسيين مستمرة ومتواصلة ..والمحتل يستعجل حسم مصيرها والسيادة عليها في عهد المتصهين ترامب وادارته اليمينية المتطرفة،والذي اعطى وعداً لدولة الإحتلال شبيهاً بوعد بلفور،وعداً يمكنهم من تهويد القدس وضم الضفة الغربية،وكأنها جزءاً من املاكه او ورثته،وعداً يشطب قضيتنا الوطنية ويصفى كافة ركائزها الأساسية،ولذلك الحرب على المؤسسات المقدسية،جزءاً مهماً من السيطرة على المدينة وتهويدها وحسم مصيرها.

فلسطين – القدس المحتلة
9/7/2020



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن