اريد ان انتحر

سامي الذيب
sami.aldeeb@yahoo.fr

2020 / 6 / 24

في صفحتي في الفيسبوك اعربت عن دهشتي أمام الحديث الذي يتذرع به المسلمون لتحريم الخمر
ما اسكر كثيره فقليله حرام
وقد اشرت بأني لو كنت مسلما لتركت الإسلام بسبب غباء هذا الحديث، مهما كان قائله
فأنا والغباء أعداء

وقد بينت غباء هذا الحديث باللجوء إلى القياس الذي يعتبر أحد مصادر الشريعة الإسلامية فكتبت ما يلي:

إذا اكلت عشر دجاجات فسوف تموت من التخمة
إذن أكل الدجاج حرام
فما قتل كثيره فقليله حرام

اعرف شخص أكل كستنة بكمية كبيرة فانتفخ بطنه فمات
لذلك أكل الكستنة حرام
فما قتل كثيره قليله حرام

اعرف شخص حب كثير بنت احلامه وفشل في حبه فانتحر
لذلك الحب حرام
فما قتل كثيره قليله حرام

وما ان انتهيت من كتابة هذا الكلام حتى اتصل بي احد متابعي على الخاص قائلا
اهلا نبينا. احتاج نصحك وتوجيهك. أشعر برغبة كبيرة في الانتحار وأشعر أن مقاومتي صارت اضعف

تفاجأت من رسالته وأحسست بالمسؤولية تجاهه. كأني أمام شخص يغرق يصرخ طالبا النجدة. وكان لا بد ان أجيبه:
اووووووف... كل شخص دون استثناء يمر في مرحلة مشابهة. لا تظن انك وحيد في هذا الوضع. ابحث عن معنى لحياتك. لا اعرف تفاصيل وضعك ولذلك يصعب علي توجيهك.... وصدقني ان هناك ما يستحق الحياة... إن عرفت ان تملأها.

وحقيقة هذا المتابع ليس الوحيد الذي عبر لي عن رغبته في الإنتحار. وكل مرة أحاول ان اتواصل مع من يلجأ إلي لكي اسانده على قدر الإمكان وإشعاره بأني كلي آذان صاغية لما يريد قوله.
ولذلك طلبت من مراسلي إن يسمح لي بأن انشر رسالته وردي عليه دون ذكر اسمه، لعل في ذلك فائدة لغيره. فوافق على ذلك. وفعلا قمت بنشر رسالته في صفحتي وعدة صفحات اخرى وأخبرته بذلك. فشكرني على ذلك.

وسالني المراسل:
هل تنصحني بطبيب نفسي؟
لاني تعرضت لصدمة و لم اقدر الي الان ان اتقبلها؟

فأقترحت عليه ان يكلمني بالصوت أو بالصوت والصورة، إلا انه اعتذر لعدم تمكنه من مكالمتي بسبب التوتر والخجل وكونه منهار وربما يبكي، حسب قوله.
كان هدفي ان اتيح له امكانية الإفصاح عما في قلبه. وتفهمت موقفه وكتبت له:
خذ راحتك. ان حاب تكتب عن الصدمة فقد يخفف عليك وربما افهم اكثر وضعك
اظن الطبيب النفسي لن يساعدك أكثر من صديق تثق به. المهم هو ان تفرغ ما في قلبك... إذا شخص معدته متعبه يحتاج أن يستفرغ حتى يرتاح

وقد عرض قصته بالمختصر. ولا اريد ان انقل لكم تلك القصة. ولكن مفادها انه شاب في مقتبل العمر وقع في حب فتاة تركته وهو في أشد الحاجة لها بسبب أوضاعه العائلية والدراسية

فرددت عليه:
شكرا على الثقة. افهم افضل وضعك. لكن صدقني كل هذه الصعوبات لن تجعلك إلا أقوى. يقولون واحدة تروح عشرة تيجي. تعرف أن 50% من المتزوجين يطلقوا... لو ربطت سعادتك بشخص فلن تكون سعيدا أبدا. اعتز بنفسك اكثر من اعتزازك بحبيبتك أو زوجتك أووووو وانا اشجعك ان تدرس وتبني مستقبلك. الحبيبة قد ترحل، أما العلم فلا طلاق فيه.

فرد قائلا:
كل الشكر لك على سماعي والتفاعل معي
ربما احتاج للوقت لتقبل ما حصل
اظن اني قد تعلمت الكثير من التجربة و فعلا ربط السعادة بشخص لا يحقق السعادة مطلقا.
كل الشكر و المودة و التقدير لك نبينا

فأجبته: عندنا في القرية كانوا يقولوا: تكبر وتخبر اولادك. ما في حد يتقدم دون مشاكل
لو كنت ارى في الأمر فائدة لكلمتك عن نفسي لكي ترتاح نفسيا... ولكن كما قلت لك كل واحد مر بمرحلة مثل مرحلتك

وأضفت:
انت ربما سمعت بكلام السيد المسيح... انا لست مبشر... ولكن ربما في بعض كلامه فائدة: احبوا حتى اعداءكم، حسب مقولته. لازم الواحد يحب الجميع... وليس فقط حبيبته أو زوجته أو امه أو اخته. وهيك ما بتحس نفسك وحيد. ما في حد يقدر يعيش بلا حب. وليس من الضروري ان يقتصر الحب على شخص معين....
كما لازم يحب كل شيء من حوله: الشجر والقطط والكلاب. قد لا تصدق، ولكن محبة الكلاب والقطط أوقات اقوى من محبة البشر
عندي تجربة مع كلبة حصلنا عليها من جمعية حماية الحيوان. أول يوم اتت عندنا وضعت رأسها في حضن زوجتي كأنها تعرفها من سنين. فبكيت
لم اكن اتصور ان الكلاب قادرة على اعطاء حب بهذه الدرجة
كنت اقول بأن غالبية البشر لازم تتبع دراسة في مدرسة كلبتي لتعلمهم الوفاء والحب والحنان واللطف
للأسف مرضت بعد 14 سنة سعيدة معنا... وتوفت فبكيت عليها بكاءا مرا
وما زلت محتفظ بصورتها في بيتي في برواز جميل. وكلما اتذكرها احسن بأنها وحشتني
وقد ارسلت لع بعضا عن صور كلبتي

وتفاعل متابعي مع قصتي فرد:
نعم صحيح الحيوانات الأليفة تدخل على الإنسان السعادة و قد تحميه من الاكتاب و تخفف عنه الحزن
لروحها السلام

وانتقلت بعد ذلك للتكلم عن النبات:
وانا من محبي النباتات

فأخبرني بأنه تابع حلقتي عن الخروب وأنه يحاول زراعة بعضا منها مضيفا: انا احب جدا النباتات و اريد ان تكون عندي معرفة جيدة في الموضوع

طال الحديث بين وبينه عن النبات... وبعدها كتبت له:
الآن سوف اتركك لكي اقوم ببعض الأعمال. آمل ان تجد سعادتك
اتصل بي في أي وقت تحتاج ان تكلمني

فرد علي: كل الشكر لك نبينا
انا ممتن لك

فأجبته:
تسلم. ارجو ان تهتم بدراستك
ليلة سعيدة

فرد:
شكرااا
ليلتك اسعد

-------------

هذه إحدى تجاربي مع متابعي الذين يبيحون لي برغبتهم في الإنتحار
وفي كل مرة أحاول أن اخرجهم من قوقعتهم وأن اصغي لكلامهم وأن اشعرهم بأني متعاطف معهم، وأشجعهم لكي يسيروا قدما في مشاريعهم الدراسية.
وأظن ان هذا أهم من اللجوء لطبيب نفسي هدفه كسب المال من مشاكل الآخرين

--------
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://sami-aldeeb.com/livres-books



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن