(الماسك) في زمن الكورونا

حنان بديع
hananbadih@yahoo.com

2020 / 4 / 2

منذ بداية انتشار فيروس كورونا تحولت الأقنعة أو القناع الى جزء أساسي من الحياة اليومية حتى بات يجازف من يخرج بدونها بحياته أوربما بالنبذ في مجتمعات!

بهذا يكون قد أعاد هذا الفيروس للقناع مجده بقدرة قادر حتى تسلل الى منصات الموضة ومواقع التسوق التي أصبحت تعرضه بتصاميم وألوان وأشكال مختلفة ..
وأعترف أنه حتى وقت قريب كان القناع الطبي يذكرني بمغني البوب الأمريكي الراحل مايكل جاكسون وهو النجم الشهير وأول من قام باتباع اجراءات غريبة ربما بشكل متعمد بنية استفزاز وسائل الإعلام ولفت أنظار الجمهور، حتى أن حارسة الشخصي كان قد صرح بأن النجم العالمي الراحل كان يرتدي أقنعة طبية ويضع أشرطة لاصقة حول أنفه وفمه لإثارة الشكوك حوله اذ كان يعتقد أن سحره سيخفت في حال توقف عن كونه (لغزا) في نظر الجمهور ..
ومن أروقة المستشفيات الى لجؤ النجوم اليه باعتباره لغزا محيرا وجاذبية خاصة يصبح لهذا القناع غايات وأهداف أخرى تتجاوز الضرورة الطبية والوقائية بل وأبعادا تزينية وفلسفية أيضا، أما كيف ؟

فإن القناع أو (الماسك) عرفه الإنسان القديم مبكرا واستخدمه لغايات تتعلق بالمعتقدات والأساطير ثم فيما بعد لغايات تنكرية تزينية بحته فالأقنعة فن شعبي موغل في القدم بدأ بسيطا خاليا من الزخرفة والتنميق ثم تطور ليصبح عملا فنيا متكاملا .. كيف لا وقد كان القناع وفق المفاهيم والدلالات الشعبية هو شكل من أشكال التمويه أو التزييف غير أنه في حقيقة الأمر هو وسيلة من وسائل إذابة الفرد في الجماعة إلا أن الأمر اختلف وتبدل في العصور اللاحقة .
تبدل حين استخدم في العصور الوسطى وما بعدها في أوروبا بهدف التمويه والتنكر والتخفي لاخفاء ملامح الإنسان الحقيقة لهدف سواء عاطفي أو انتقامي أو سياسي .. الخ
لكننا اليوم وبعد أن كان القناع حتى وقت قريب متوفر في الصيدليات والأسواق على شكل ماسكات خاصة بتجميل المرأة وبعد أن كان يغطي كامل الوجه سواء للتجميل أو للحفلات التنكرية فقد أطل علينا مؤخرا بلوك جديد مكتفيا بتغطية الأنف والفم تمشيا مع الظروف الراهنة بل وفرض نفسه بقوة سواء للضرورة أم للترفيه ولفت الأنظار على منصات الموضة ووجوه الفنانيين والمشاهير ..
فهل يصبح يوما ما أحد اكسسواراتنا تماما كالنظارة الشمسية في زمن ما بعد الكورونا ؟
زمن قد يتحول فيه الهوس بالمرض العالمي الى موضة وثقافة !
الحقيقة أن الأمر لم يعد مجرد فرضية أو تخمين بعد أن أختار الحاضرين المهتمين بالأزياء في باريس هذا الأسبوع حماية أنفسهم بأناقة مع أقنعة (شانيل) المزدوجة ! غير عابئين بدلالاته أو تاريخة ، في حين وضعت فتيات أقنعة واقية مطابقة لألبستهن من ماركات عالمية خلال أسبوع الموضة في لندن .
ترى هل كان يخطر لأحدنا أو للطبيب الفرنسي بول برجر أول من استخدمه نهايات القرن التاسع عشر ان القناع الطبي او(الماسك) سيصبح يوما ما أغلى من الذهب والألماس في بعض الدول أو أن مصممي الأزياء سيبتكرون مجموعة من الأقنعة المبهجة مستوحاة من الخوف العالمي من تفشي الوباء،غير عابئين بما يوحي به من مصائب، لا أظن . فقط لأن لنا نحن البشر قدرة غريبة على التحايل على أزماتنا ببراعة وخير دليل على ذلك ،الكم الهائل من النكت حول فيروس كورونا رغم المزاج العام الذي لا يوحي بأي مساحة للضحك.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن