المليشيات الطائفية ومخاطر الحروب الاهلية

لطفي حاتم
Lutfihatem@hotmail.com

2020 / 2 / 19

تمر الدولة العراقية ومنظومتها السياسية بأزمة وطنية تتجسد بازدواجية وظائفها الأمنية بسبب هيمنة المليشيات المسلحة على سير الحياة السياسية ومشاركتها الدولة العراقية في وظائفها الأمنية – العسكرية.
-- يتبدى التناقض بين الدولة الوطنية والمليشيات المسلحة في مفاصل كثيرة أجدها في العناوين التالية –
أولا-- تسعى الدولة الوطنية لتحقيق وظائفها الأمنية الداخلية والخارجية انطلاقا من القوانين الوطنية وسريانها في الحدود الجغرافية المعترف بها دولياً.
ثانيا – بالضد من ذلك تمارس المهام الأمنية للطائفية السياسية استناداً الى رؤيتها المذهبية واطرها الأيديولوجية ذات التعاليم الفقهية الطائفية.
ثالثاً – تقوم الدولة الوطنية بوظائفها الأمنية الأساسية طبقاً لمهامها الوطنية المتمثلة بصيانة الامن الوطني والدفاع عن سيادة البلاد الوطنية وتطور تشكيلتها الاقتصادية –الاجتماعية.
رابعاً-- بالعكس من وظائف الدولة المشار اليها تقوم المليشيات المسلحة ذات المرجعية الحزبية بممارسة نشاطها استنادا الى تعميم وصايتها الطائفية المرتكزة على تعاليمها الفقهية وتقاليدها الدينية المقدسة.
خامسا –انطلاقا من هيمنتها السياسية والقانونية على مواطنيها في حدودها الدولية تقوم الدولة الوطنية بوظائفها الادارية – الأمنية العامة بينما تمارس الفصائل الطائفية المسلحة عملياتها الارهابية - الاغتيال السياسي , استخدام العنف المنفلت , الاعتقال الكيفي - ضد المعارضين لنهجها الطائفي معتمدة بذلك على الإرهاب المنفلت المترابط مع توجهاتها السياسية .
ان تداخل الوظائف الأمنية بين الدولة الوطنية والمليشيات المسلحة ودورها بمعاقبة المواطنين المطالبين بإرساء دولة العدالة الاجتماعية وسيادة القانون تجد انعكاسها على اضطراب الدور الأمني- السياسي للدولة الوطنية.
ان الإشكالات الناتجة عن تشابك الوظائف الامنية بين مؤسسات الدولة الوطنية وبين الفصائل الطائفية المسلحة يحلينا الى تأكيد موضوعة مفادها ان تداخل الوظائف الأمنية بين مؤسسة الدولة الوطنية وبين الفصائل الطائفية المسلحة يحمل أخطاراً جسيمة على دور الدولة واستقرار تشكيلتها الاجتماعية والتي اجدها بالعنوانين التالية --
-- تهدف الدولة الى بناء مؤسساتها العسكرية وأجهزتها الأمنية انطلاقا من هيمنتها السياسية وسيطرتها على مواطني تشكيلتها الاجتماعية.
-- تسعى الطائفية السياسية الى توزيع سلطة الدولة الوطنية على أقاليم متعددة تتحكم في ادارتها معتقداتها الطائفية المتجاوبة ومصالح الطبقة الكمبورادورية والشرائح المالية المتسيدة في البناء الطائفي لتشكيلة الأقاليم السياسية.
- تهدف الوظائف الأمنية للمؤسسة العسكرية الى صيانة وتطوير الامن الوطني وتطوير المهام الدفاعية للدولة الوطنية بينما تعمل الطائفة السياسية على إشاعة الإرهاب والاعتقال السياسي الكيفي المناهض لأية رقابة قانونية.
ان الموضوعات المشار اليها تشترط تحديد نتائجها على الدولة الوطنية وتأثيراتها على بناء وتماسك تشكيلتها الاجتماعية.
الطائفية السياسية ومخاطر الحرب الاهلية
-- ان تهميش الدولة الوطنية وتشكيلتها لاجتماعية وتحويلها الى أقاليم طائفية يحمل في طياته مخاطر سياسية – اجتماعية تتمثل بالموضوعات التالية–
1-- تقسيم وحدة الدولة السياسية الى أقاليم طائفية تتحكم في مساراتها الفتاوي الفقهية وأحكام المذاهب الطائفية وما يحمله ذلك من مخاطر انهيار الدولة الوطنية واندلاع الحروب الطائفية.
2 --- تقسيم وحدة الدولة السياسية الى أقاليم مستقلة يفضي الى تحويل النزاعات الاجتماعية الطبقية الى نزاعات أهلية وما ينتجه ذلك من تفتيت الوحدة الوطنية والطبقية لتشكيلة البلاد الاجتماعية.
3-- –سيادة الطائفية السياسية في أقاليم الدولة الوطنية تقود الى اشعال الحروب الاهلية والنزاعات الاجتماعية بين الأقاليم الطائفية مفضيه الى -
أ – استبدال المؤسسة العسكرية الوطنية بفصائل طائفية مسلحة وما ينتج عن ذلك من تفتيت وحدة البلاد السياسية وانهيار تشكيلتها الاجتماعية.
ب- انهيار المؤسسة العسكرية وسيادة الفصائل المسلحة على القيادة السياسية يفضي الى اندلاع الفوضى السياسية ونشوء الصراعات الاهلية.
ج -- غياب المؤسسة العسكرية الوطنية يؤدي الى الحروب المذهبية وما ينتج عنه من تعرض البلاد ال التفتت والتقسيم العرقي والمذهبي المتواصل.
د –النزاعات الاهلية بين الأقاليم تقود الى ربط سياسة البلاد الطائفية بسياسة الدول المجاورة وما يعنيه ذلك من تدخلات خارجية في النزاعات الوطنية.
ان المخاطر المشار اليها تترافق معها اخطار كثيرة أهمها--
أولا - اشتداد الإرهاب السياسي – الفكري -الطائفي في البنية الطائفية المرتكز على سيادة اللون الواحد الفكري – المذهبي.
ثانيا – تزايد النزعات العسكرية والروح الهجومية وما تجره من حروب داخلية بين الفصائل المتناحرة في الأقاليم الطائفية.
ثالثا_- تزايد التدخلات الخارجية في الشأن الوطني وما يجره ذلك من استنزاف لمواد البلاد الوطنية وما ينتجه من فقر وبطالة وصراعات اجتماعية.
ان المخاطر المحدقة بمستقبل العراق السياسي لا يمكن الفكاك منها الا بتبني مشروع بديل وطني ديمقراطي مرتكز على مشروع الوطنية الديمقراطية.
– الدولة العراقية ومشروع الوطنية الديمقراطية.
يرتكز الفكر السياسي الناظم لمشروع الوطنية الديمقراطية على الموضوعات الفكرية – السياسية التالية--
- إقامة دولة وطنية -ديمقراطية مستقلة.
1- بناء الدولة الوطنية الديمقراطية يرتكز على تحالفات القوى الطبقية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية وضمان مصالحها الوطنية - الاجتماعية.
2-يرتكز تحالف القوى الطبقية على برامج وطنية - ديمقراطية هادفة الى صيانة الدولة الوطنية من التقسيم والتبعية والتهميش.
3-- تعمل الدولة الوطنية على ضمان نشاط الأحزاب الوطنية المرتكز على الشرعية الديمقراطية لبناء السلطة السياسية.
–مناهضة الوصاية الدولية عبر –
أ--- تعزيز السيادة الوطنية واستقلال الدولة العراقية عبر إقامة علاقات وطنية تستند على احترام المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤن الوطنية.
ب– إقامة اقتصاد وطني يعمل على تلبية المصالح الأساسية للطبقات الاجتماعية الناشطة في الدورة الإنتاجية المناهضة للتبعية والتهميش.
ج – إقرار قوانين وتشريعات وطنية عاملة على تكريس الضمانات الاجتماعية لغرض تطوير بناء الدولة الوطنية واستقرار تشكيلتها الاجتماعية.
د– بناء سوق اجتماعي يلبي الحاجات الأساسية للطبقات الاجتماعية الفاعلة في التشكيلة الاجتماعية الوطنية.
-- يعتمد برنامج الوطنية الديمقراطية على ركيزتين اساسيتين أولاهما صيانة الدولة الوطنية من التبعية والتهميش التي يحملها الراس المال المعولم, وثانيتهما تكريس التوازنات الطبقية التي تكفلها الدولة الوطنية عبر تطوير سوقها الاجتماعي.
ان الموضوعات السياسية – الاجتماعية التي يحملها مشروع الوطنية الديمقراطية كفيلة بإبعاد العراق عن كوارث الحروب الاهلية والنزاعات الدولية ووضع تشكيلته الاجتماعية على طريق السلام الاجتماعي والتنمية الوطنية واحترام انتماء المواطن المذهبي ورؤيته السياسية في مستقبل دولته الوطنية الديمقراطية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن