النزولُ من قمة التفاؤل ، قد يكون أنفع !

يحيى علوان
alwan.yahya@yahoo.com

2020 / 2 / 15

* لستُ من مريدي الحماسة اللغوية ،[ مع إحترامي للأراء والنوايا الخيرة التي قد تقف وراءها]
* ولستُ من دعاة القنوط بحجة "واقعية" كاذبة ، أساسها الإنبطاح والإستسلام لـ"أقدار"!
* أجدُ من الضروري "تنظيف" مفهوم الشهادة مما لحقَ به من إبتذال ، يحطُّ من الحق في الحياة وقيمتها ،
ويعتبر الشهادة "واجباً وطنياً"! وهكذا تتحوَّل الشهادة إلى "غَرَضٍ"! كأنَّ العراقيينَ جُبِلوا على الإستشهاد ،
فحُرِّمَ عليهم الموتُ موتاً طبيعياً بسبب الشيخوخة أو حتى بحادث غَرَقٍ أو حادثٍ مروري ..إلخ لذلك تغدو
الحاجة ماسة للكفِّ عن تقديس الشهادة ، لأنها مفهوم لاهوتي ، ميتافيزيقي . لكن يجب أن نظلَّ نتكلم بأحترام كبير
عمَّنْ وهبوا حياتهم من أجل قضية كبرى .. ونزرع بين الناس فكرة حب الحياة والإستمتاع بها قدر المستطاع،
والدفاع عن حقوقهم المُستلبَة، من أجل حياةٍ حرة كريمة ، والكف عن الشعار الساذج ، الذي يتردّد ، دون وعي ،
منذ مختلف العهود " بالروح .. بالدم .. نفديك يا...!!" على أنَّ حبَّ الحياة لا يعني الإنتهازية.. و" تبديل الجلود"! مثلما هو شائع اليوم !
* الأزمة التي تعصف بالبلاد والعباد في أرض الرافدين ، منذ شهور وسنين ، بدأت نذُرُها منذ سقوط النظام الصدامي
وإحتلال العراق من قبل الأمريكان. هذه الأزمة تحتاج إلى تروٍ لمعاينة الواقع كما هو، وليس كما نشتهي !!
حتى لا نسقط مرة أخرى في بئر الأحباط ، ونجرَّ الناس إلى هاوية اليأس . أعرف أن هذا الكلام قد لا يُعجب كثيرين..
لكن مسؤوليتي الوطنية والفكرية وحتى الأخلاقية ، تُلزمني بقولٍ ، تمنّعتُ عن البوح به منذ شهور ،
وإنْ نصحَني البعضٌ بعدم الإفصاح عنه ، فقد يسيء مُغرضون فهمي وبالتالي يلجأون إلى إتهامي بنعوتٍ وصفاتٍ ، تنم عن "وعيٍ" مسطّحٍ ، مأزوم ...
* * *
في توصيف الحال
كُتبَ وسيُكتبُ الكثير عن الهبّة / الإنتفاضة الشجاعة للجماهير العراقية ضد النظام الموبوء ومُشغّليه المحليين
والأقليميين والدوليين.. وسيختلف المؤرخون والسياسيون والمحللون في توصيف وتقييم ما يجري الآن ،
في العاصمة وكثرة من محافظات البلاد ومآلاته ، وستبقى الحقيقة عصفورة تائهة تبحث عن "عشٍّ / وطن "!
لذلك آليتُ على نفسي ألاّ نترك الأمر لـ"ظهر" الغيب والمستقبل !!
كشفت العقود المنصرمة في العراق منذ حكم البعث وحتى الآن أنَّ الأنظمة ،التي أدارت الحكم ، وتديره اليوم،
مأزومة وكذلك المجتمع العراقي بأسره يعيش أزمة مستفحلة ، إستلزمت في الماضي حلّها لكن زمرة صدام
فضلَّتْ لأسباب معروفة ، "الإنتحار" على طريقة – عليَّ وعلى أعدائي يا رب!!- مما أفضى إلى إحتلال العراق
أمريكياً ، بمساعدة النظام الإيراني وذيوله...إلخ
لقد جرى إحتلال أفغانستان في 2001 والعراق عام 2003 بتوافق أمريكي – إيراني ، وظل هذا التوافق قائماً ،
حتى الآن - كما أرى أو أزعم -، رغم الحرب الكلامية والتهديدات من قبل الطرفين. ولأغراض مختلفة سعى الطرفان ،
ومنذ البداية ، إلى إقامة نظام يخدم مصالح كل منهما وبأهداف ستراتيجية متناقضة أحياناً. ونتيجة لذلك رأينا أكثر
من مرة توافقاً بين الطرفين ، حين إستلزمت الأوضاع ، خاصة بعد إحتلال عصابات داعش لأجزاء واسعة من العراق مثلاً ،
حين أشارت إيران إلى أذرعها الحاكمة في بغداد بضرورة طلب النجدة من الأمريكان والتحالف الدولي ، بعد أنْ طبّلَتْ لخروج
القوات الأمريكية من العراق عام 2011 وإعتبرته نصراً لها ...
على أننا يجب أن نميز بين أمرين :
- إيران قوة إقليمية صاعدة ، تحاول توطيد دورها في المنطقة عبر تحالفات وأذرعٍ سياسية - عسكرية مع مَنْ ينسجم وتطلُّعاتها ،
مستفيدة من الصراعات والمصالح المتناقضة القائمة بين أنظمة المنطقة،
- الولايات المتحدة الأمريكية، قوة إقتصادية وعسكرية عظمى وغاشمة تفَّرَدت بالمجتمع الدولي والعالم إثر إختفاء القطب المنافس لها ،
الإتحاد السوفيتي ومعه حلف وارشو، مطلع تسعينات القرن الماضي. لكن هذا التفرُّد بدأ يتخلخل بفعل عوامل منوعة ، منها إقتصادية
وبداية صعود قوى إقتصادية وحتى عسكرية ، راحت تهدد القطبية الأحادية التي تربّعت عليها واشنطن لأكثر من عشرين عاماً ..
وعليه فأن نظرتها إلى منطقتنا هي جزء من ستراتيجيتها الكونية في تأمين مصالحها أولاً ومصالح المتحالفين معها... تالياً ، ووفق أسبقيات سياسية وعسكرية وإقتصادية !
أمريكا غير مستعدة ، ولا ترغب حتى الآن في أقل تقدير – حسب دراسات معاهد البحوث والإستشارات – للدخول مع إيران بمواجهة
مباشرة تُبعدها عن ستراتيجيتها "الجديدة" بنقل ثقلها العسكري إلى جنوب وجنوب شرق آسيا في مواجهة الصعود الصيني ومحاولة لجم تطورها ..!
لذلك نراها تحاول إحتواء إيران عبر ضغوط منوعة ، منها العقوبات والحصار الإقتصادي بهدف تحجيم توسعها في المنطقة وجرّها بالتالي إلى
إتفاقات لا تشكل خطراً يهدد أمن إسرائيل وحلفاء أمريكا في المنطقة ، وإبعادها ما أمكن عن محور موسكو – بكين !
إيران من جانبها، رغم النظام الثيوقراطي – الغيبي المتخلف الحاكم فيها ، تدرك مرامي الستراتيجية الأمريكية، وتحاول المراوغة
للإفلات من الطوق المضروب حولها والإستفادة ، ما أمكنها، من التناقضات الموجودة في المنطقة وتجنيد أذرعها السياسية والعسكرية والطائفية في هذا الصراع .
فضلاً عن أشكالٍ من التعاون والتنسيق البراغماتي مع موسكو وبكين وغيرهما من اللاعبين الدوليين لكسر طوق العزلة عنها ...
ضمن هذا المنظور تحوّل العراق إلى ساحة للصراع والمواجهة بين طهران وواشنطن ، بديلاً عن المجابهة المباشرة ،
رغم الدفع الحثيث من جانب إسرائيل والأنظمة الرجعية العربية بإتجاه الصدام المباشر مع طهران وتوجيه ضربة عسكرية تثنيها عن مراميها التوسعية ...
........................
........................

دون الدخول في تفصيلاتٍ ، باتت من السفور والوضوح حدَّ البذاءة والفضيحة، نجحت إيران ، وعلى مرأىً من الأمريكان،
في "إختطاف" العراق وفرض نفوذها وسيطرتها عليه عبر أذرعها السياسية والمذهبية وميليشيات مسلحة خارج سلطة "الدولة" المفترضة!
وشرَعت الأحزاب الدينية والقومية وميليشياتها ، بشتى تلاوينها ومسمياتها بنهب المال العام ، بعلم من الأمريكان أيضاً
[ قانون البنك الإتحادي في الولايات المتحدة ينص على أنه يمكنكَ التصرف بالدولار، لكنه يظل ملكاً للبنك الإتحادي،
الذي يُتابع حركة الدولار في كلِّ أصقاع العالم .. إلخ] وإنتشر الفساد في كل مفاصل الدولة والمجتمع ، حتى غَدَتْ الإستقامة
والنزاهة صفةً للتندُّر والسخرية !! وعمّت المحاصصة والمحسوبيات الطائفية والقومية وحتى العائلية ، إذ صارت "عُرفاً "
شمل النظام بكل سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية، بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنية... فنشأ – تحت أنظار الأمريكان -
نظام مشوه قلَّ نظيره .. ضباعٌ جائعة ، وجدت مرجعيات ورجال دين أمّنوا لها كل ما تشتهي! تحت" تخريجة فقهية!"
[ عَبّي وخَمُّسْ ] أي إسرق ما أمكنك وإدفع الخُمس ، يغدو المالُ حلالاً !!
على أنَّ هذا النظام كانت تنخره ، منذ البداية ، المصالح الفردية التنافسية بين مختلف مكوناته من الطُغَم الحاكمة.
لذلك لم يكن منسجما، إلاّ في النهب وتقاسم الغنائم ، والآن إلتمّوا على بعض لقمع الإنتفاضة لأنهم رأوا فيها
مصيرهم وقد صار"على كفِّ عفريت "! هُمْ أصحاب مقولة [ ما ننطيها ]!
في الإنتفاضة ومآلاتها
جاءت الإنتفاضة الشبابية المقدامة والسلمية إجتراحاً نضالياً لم يألفه الشارع العراقي سابقاً ، فأشعلت فتيل غضب الناس
من مختلف الفئات والشرائح الإجتماعية والإنتماءات السياسية – وهي نقطة قوة لصالحها - . فقد طفحَ كيلُ صبر الناس
على وعودٍ لم تتحقّق ، فيما تتدهور الأوضاع من سيءٍ إلى أسوأ، حتى طالت أساسيات العيش الآدمي من غذاء وماء صالح للشرب
وكهرباء وإستشفاء ..إلخ من قائمة طويلة من متطلبات العيش الكفيف ، ناهيكم عن الرغيد ! في بلدٍ يزخر بأمكانيات وثروات هائلة ،
بإمكانها إحداث طفرة في تطويره خدماتياً ، صناعياً ، عمرانياً وزراعياً وصحياً ..إلخ لو توفّرَ حكمٌ رشيدٌ يمتلك حدّاً معقولاً
من المسؤولية تجاه الشعب ! لكن لسوء طالعنا إبتُلينا بحفنةٍ من الجَهَلَةِ والشَرِهين ، ممَّن أتَتْ بهم قوىً خارجية ،
وهم يعرفون أنهم ليسوا أهلاً لهذه المهمة . جاءوا، برضى المحتل، محمولينَ على فكرة الإنتقام لـ " مظلومية تأريخية "،
تماماً كأبناء عمومتنا ! لذلك فإن لاوعيهم المريضٌ يدفعهم إلى التصرف على أنها فرصة قد لا تتكرر ، يُضافُ إليها شعورٌ
باطنيٌ ، لا يُفصحون عنه إلاّ نادراً ، وفي محافلَ خاصة .. مفاده [ نُمعنُ في الخراب .. كيما نُعجِّلَ بظهور المهدي المنتظر ليتولّى تصحيحَ الأمور .. كذا]
زِد على ذلك أنَّ بعضاً من قوى اليسار والديمقراطية وضعت "بيضاتها" تحت عباءة "السيد" أملاً في أَنْ تُفقِّسَ " إصلاحاً !"
في نظامٍ خَرِبٍ ، بدعوى أنَّ غالبية أتباعه من المُفقرين والمُهمشين .. الذين من المسؤولية العمل معهم ... كذا! متناسين أنَّ كثرة
منهم كانوا من "فدائيي صدام" ومن ذوي "الزيتوني" طواعية وليس أولئك المُجبَرين ، غافلينَ ، أو متغافلين ، أنْ ليس لـ"السيد"
مرجعيةً وطنية ، فمرجعيته الحائري في قُمْ – ولاية الفقيه – المخالفة حتى لمرجعية النجف والسيستاني ، التي يتمسَّح بها " الجمهور المُغيّب "!!
أتساءلُ فقط ! كيف سيبررون تقلُبات "السيد" وآخرها من مناصرٍ للأنتفاضة إلى دعوته لعصابات "القبعات الزرقاء" للهجوم على
المنتفضين السلميين في بغداد والنجف وكربلاء والناصرية والديوانية .. ، مما أسفرَ عن إستشهاد وجرح العشرات منهم ،
بعد ترشيح إيران – وتبنيه لتكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الوزارة - .. وغير ذلك من المواقف المتناقضة ،
التي لا تنمُّ عن رؤية سياسية معقولة ، ناهيك عن ثاقبة لا قِبَلَ له بها إطلاقاً ، يمكن أنْ يُركنَ لها من جانب أعرق قوة سياسية في البلاد!
لستُ في معرضِ شتيمة أحد ، إنما في توصيفِ ما جرى ويجري ، وإنْ كانَ لا يروقُ للبعض ، ممَّن يطالبنا بالتنحّي عن إعمال التفكير
والتحليل بهدف الإستنتاج ، يطالبونا أنْ نضعَ عقولنا ومعارفنا على الرف! لأننا في الخارج ولسنا في الساحات وميادين الإحتجاج!!
وينصحنا البعض ، بل يلجمنا آخرون بمقولة "أهلُ مكّةَ أدرى بشعابها"! غافلينَ أنها "مقولةٌ" غير مُطلقة ، خاصة في عصرنا الحالي!
فقد يكونُ مَنْ هو خارج "مكة" أو حتى ليس من أهلها أعرفُ من ساكنيها ، لأنَّ الأخيرين وفي كثير من الأحيان يعجزون ،
تحت ضغط ظروفٍ معينة عن رؤية عدد من الحقائق ، رغم بداهتها ، بسبب الانفعال الزائد وبسبب الغرق في التفاصيل ،
كي لا أقول بسبب قصور فكريٍ ومعرفيٍّ ، فيما يظل المراقب من بعيد متحرراً من كل ذلك وأكثر إحاطة بالصورة وشموليتها ،
وهو ما يؤهله لاتخاذ مواقف أكثر نضجا، تماما كما يستطيع الطبيب النفساني سبر أغوار نفسية فرد معين أكثر منه شخصيا.
خلاصــة
* الحراكُ / الإنتفاضة الشعبية علامة إيجابية وفارقة جداً ، بل أُسميها دون تردُّد بطولية ، في مسيرة الشعب العراقي نحو
الإنعتاق من ربقة دكتاتورية الغيب والتبعية للغير والإنحطاط والتخلف ، صوبَ حياة حرةٍ وكريمة ..
تستوجبُ الدعمَ بكل السُبلِ والإنحناء تقديراً لما قدّمته وستقدمه من تضحياتٍ جِسام ودماءٍ زكية ،
* لا أتفقُ مع فكرة " الكتلة التأريخية "،عراقياً في الظروف الحالية – لأنها فكرة منسوخة من خارج
سياقها التأريخي ! بل أن غرامشي سيرتعد ويختضُّ فَزَعاً في قبره إنْ سمع بما يُدّعى أنه "عملٌ بما نادى به "!
إنْ لم أقُلْ أنه شَطَطٌ فكري- كي لا أستخدمَ توصيفاً جارحاً أنأى بنفسي عنه - ،
* حقَّقَ الحراك / الإنتفاضة واحداً من أهدافه ، بإجبار الحاكمين على الرضوخ وإقالة حكومة عادل عبد المهدي.
لكنَّ ذلك لم يكن الهدف الوحيد من الحراك ! فلم تعدم الطغمَ الحاكمة وسيلة للمناورة ومحاولة إستعادة "دفَّة" الحكم
بوعود جديدة للإصلاح ... بغية تهدأة الشارع ، لكنها لمّا رأت إصرارَ الإنتفاضة على "التغيير" بدلاً عن "الإصلاح"الترقيعي ،
كشَّرَت عن أنيابها ، وكشفَ " السيد " عن وجهه الحقيقي ودوره الفعلي في كلِّ ما جرى وسيجري... فهل سيبقى مَنْ تحالفَ معه ،
واهماً ، على موقفه مُراهناً على ما سيكتشفه لاحقاً من سراب ؟!
مبدأياً ، لستُ ضد التجريب ! لاسيما في الفنون والعمل العلمي أو الإبداعي .. لكنني أحذَرُ ، بلْ أخافُ التجريب في العمل السياسي ،
لأنَّ الخطأَ فيه يكون ثمنه باهظاً ، قد يكونُ أرواحاً ودماً ...لا ينفعُ معه ندمٌ لاحقٌ أو "نقد ذاتيٌّ"!! في حينِ أنَّ بُلداناً أُخرى،
حباها تطورها التأريخي ..، ترغم قيادة حزبٍ أو حكومة على الإستقالة.. إن أخطأت في تقدير ما وعدت الناسَ به.
لكن يبدو أنَّ وقتاً آخر قد ينقضي ، وستسيل أنهارٌ من الدماء .. قبل أنْ نصلَ إلى عَتَبَة قريبة من ذلك ..
إنها قضيةُ رُقيٍّ ثقافي – حضاري ، ما نزال ، للأسف، بعيدين عنه !!
* مثلما أَنَّ قاعدة الطِغم الحاكمة غيرُ متناسقة ، فأنَّ مناصري الإنتفاضة – ناهيكم عن المندسين عليها - ، منوعو المشاربِ
والأهداف، مما قد يُفضي إلى خلافاتٍ في مجرى الإنتفاضة ... وهو ما يستلزم من قواها الحية بناءَ تنسيقياتٍ ميدانية ،
حيثما أمكن والإتفاق على أهدافٍ مُحدَّدة ، خارطة طريقٍ للخروج بالبلاد من عنق الزجاجة ، التي أوصلَ الحكامُ الحاليونَ البلادَ والعبادَ إليه..
فالطريق ما تزال طويلة.. وجلُّ ما أخشاه أن توأد الأنتفاضة ويتم إغراقها بأنهار من الدم..!
ذلك أنَّ تناسب القوى لم يتغير بعدُ لصالح المنتفضين السلميين ، إلاّ إذا إنسلخت قطاعات من القوات المسلحة
وأجهزة الأمن والشرطة وإنحازت إلى جانب الإنتفاضة ، وهو أمرٌ لا يلوح في الأفق المنظور حالياً !
مما يستلزم أقصى درجات الحذر. على أنَّ هذه الأنتفاضة الباسلة ستكون درساً تطبيقياً للقابل من جولات
النضال الجماهيري ، حتى تتكلّل بالنجاح وكنس الزمر الحاكمة وأدواتها وإقامة نظام علماني ديمقراطي حقاً ينعم فيه الناس بالحرية والكرامة ..
* يبدو لي أنَّ على القوى الديمقراطية والمدنية الإقلاع عن "مغازلة" قوى الغيب والخرافة ، وفك الإرتباط مع
القوى الظلامية التي إفتضح دورها المشبوه في كل ما جرى منذ 16 عاماً ، وحتى الآن . فقد أزالت قطاعات
غير قليلة من الناس الغشاوة عن عيونها بشأن الدور التخريبي لهذه القوى وميليشاتها الإجرامية .
* أخيراً لا أَستبعدُ أنْ أكونَ قد غاليتُ في التوصيفِ والإستنتاجِ في بعض المواضعِ ، مما يستحق التدقيقَ
والتصويب فيما ذهبتُ إليه ، لأنني مُتخَمٌ بالغضبِ مما يجري في بلادي، وسطَ صمتٍ عالمي نَهّازٍ،
لا يتردَّدُ في أنْ يجعرَ بحميّته المزعومة لحماية حقوق الإنسان ...إلخ
......................
......................
فما دامت نارنا لم تخمُدْ ، وما دُمنا لم نيأس .. ما دمنا نحتقر الموت ونُعلي من قيمة الحياة ...
يتعيَّنُ علينا أن نشرَعَ بخدش صخرة الغيب والخرافة لتهذيب النفوس من الإعوجاجات وأدران
الخرافة ، كي نهزم القبحَ وننعِشَ الجمال في النفوس ...
فيا عراقُ ! إنْ إعترفتَ أنّـا أهلوكَ .. تكَرّمْ علينا بماء الكبرياء ، كي نصونك ونغسلك من عَفَن
حاضرٍ كسيح ...!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن