صفقة القرن – صفعة القرن ألمهام المطروحه أمام جماهير الشعب الفلسطيني

عتريس المدح
khalidelkhalil@gmail.com

2020 / 2 / 11

آليت على نفسي أن لا أقوم بنشر هذا المقال فور إعلان البيت الأبيض لصفقة القرن، بل تركت لنفسي بعض الوقت في إنتظار ما يمكن أن تفعله السلطة، أما و أن السلطة بقيت على سلوكها في هدر الوقت في التعامل مع المستجدات والتهديدات، كان لا بد من إعلان إجتهادي فيما هو لاحق أدناه.
حقائق لا بد من التذكير بها
- حين تفجرت إنتفاضة الحجارة في العام 1987، و انطلقت بقوة كبيرة، كمنت قوتها بأنها قيادتها كانت من داخل الأرض المحتله، ولأنها الادرى والأكثر نضجا طرحت شعارها الواقعي وهو النضال بكل الطرق والوسائل الممكنه والمتاحه لخلق الوضع المستحيل لكنس الاحتلال من الأراضي المحتله في العام 1967، وكان شعارا عاقلا جند حوله أكبر و أوسع مشاركة جماهيرية، وقد لعبت هذه القيادة المحلية دورا كبيرا في إرهاق الجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية الصهيونية، ولم تتبع الشعارات الراديكالية الموردة من الخارج مثل الكلام مع الدولة الصهيونية من فوة البندقية وغيرها من الشعارات الطنانة، مما أتاح للجماهير الفلسطينية الانضمام وبشكل واسع إلى النشاطات النضالية المختلفة والمتنوعة فكل حسب إمكانياته وطاقاته، وكانت هنا القوة الكامنة للانتفاضة التي أجبرت إسرائيل على الاعتراف بالشعب الفلسطيني والدخول في مفاوضات معه في مؤتمر مدريد وواشنطن وعلى أسس قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، وكمنت قوة هذه الانتفاضة والتي سميت بانتفاضة الحجارة باستخدام الحجر وهو المتاح لمقارعة المحتل كأسلوب صدامي يضاف إلى مجموعة من الاجراءآت الإدارية والتنظيمية لادارة المجتمع وتحشيده وخلق وسائل لصموده، حيث صعب هذا النهج على الجيشالاسرائيلي والإدارة المدنية الصهيونية إستخدام وسائل العنف المفرط في مواجهة واسعة معالجماهير الفلسطينية، وهيأ هذا النهج إلى قبول واسع لدى الشعوب الأخرى بما فيها الشعوب الأوروبية، وحكومات الغرب.
- برزت القيادات المحلية في الأراضي كقيادات فاعلة و أخذت تتبأ مكتنتها الشعبية والفصائلية، و أصبحت مواقفها ذات تأثير واضح على المستويات المحلية والخارجية، ولربما هذا الوضع أثار المخاوف لدى القيادات المتنفذه في مستويات منظمة التحرير الفلسطينية، التي بدأت تتحسس هذا الامر بتصور أن القيادات المحلية في الاراضي المحتلة بدأت في منافسة القيادات الخارجيه وقد تشكل بديلا لها خصوصا و أنه قد بات واضحا بأن هنالك إلتفاف جماهيري واسع حول القيادات المحلية.
- تشكيل الجماعات الإسلامية لحركة حماس كمنافس قوي للقيادة الوطنية الموحده، وبدؤها بمزاحمة القيادة المحلية و إكتسابها للالتفاف جماهيري حولها بفعل العاطفة الدينية السائدة وبفعل الأموال التي تدفقت في أيدي كوادرالحركة ولجانها وتوزيعها للمواد التموينية لمن التف حولها، ساهم في تصلب موقف حماس في عدم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ساهم أيضا في مضاعفة الخوف لدى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية من عدم السيطرة على الكل الفلسطيني و أظهر أمام قياداتها شبح فلتان زمام الامور من يدها.
- موقف منظمة التحرير الفلسطينية المتضامن مع صدام حسين بعد غزو الكويت، والذي أثار موقفا مناهضا لمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل قيادات الخليج التي بدأت في التضييق على الوافدين والعاملين الفلسطينيين في سوق الخليج العربي و أراضي الدولة السعودية و إقصائهم، شكل عنصرا ضاغطا على منظمة التحرير الفلسطينية في كيفية حل مشكلة العائدين من الخليج إضافة أن الأثرياء وأصحاب الثروات من العائدين الذين فقدوا مواقع الخليج كأسواق إستثمار لشركاتهم ومواقع لتنمية أضافوا عبئا جديدا و مؤرقا وضاغطا على قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، فكيف يمكن لمنظمة التحرير حل مشكلتهم بإيجاد أسواق ومواقع عمل واستثمار.
فهل كان للحقائق السابق ذكرها تأثير قوي في إثارة الخوف لدى القيادات المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية من فقدانها لهيمنتها، فأسرعت إلى خطف الأدوار بعمل إلتفاف من قيادة الخارج على مفاوضات مدريد وواشنطن خصوصا و أن واشنطن حاولت الاستفراد بعملية السلام وتمريرها بشكل منحازلمصلحة الدولة الصهيوينة عبر مفاوضات واتفاقية أوسلو التي أنتجت إنقساما وصراعا فلسطينيا داخليا، حيث أن القيادات المحلية في داخل الأرض المحتلة رأت بالاتفاق تنازلات كبيرة عن الحد الأدنى للحقوق الفلسطينية المستندة إلى قرارات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الامن بتحقيق السلام بكنس الاحتلال عن الأراضي المحتلة في العام 1967 و إقامة الدولة الفلسطينية وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وتحقيق قرارات الشرعية الدولية بإعادتهم إلى قراهم ومدنهم و أراضيهم التي أجبروا على النزوح منها نتيجة إرهاب العصابات الصهيونية وارتكابهم للمجازر في العام 1948، بينما بررت القوى الفلسطينية المتنفذه والمهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية بأن إتفاقية أوسلوا هي إتفاقية مرحلية تمهد إلى تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني التي يجمع المعظم الفلسطيني عليها والتي أعلنت عبر وثيقة إعلان الاستقلال في إجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني للعام 1988.
المهم جاءت أوسلو سيئة الصيت لتفرض نفسها عبر سلطة وسيطة تنوب عن الجيش الإسرائيلي في إدارة شؤون الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتله، وحيث إستعملت هذه السلطة سلاح المال والتوظيف والتوزير والضغط الاقتصادي والقمع الأمني لاخماد صوت المعارضين، بعدما طمست الدور القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعطيل مؤساسات المنظمة وتجميدها أو إعادة تفعيل بعضها بالقدر والحجم الذي ترسمه السلطة لخدمة سياسات هذه السلطة التي حكمت الشعب الفلسطيني و أدارت مؤسساته بما يخدم الفاسدين والمهيمنين على المواقع القيادية لتأمين الامتيازات والسيطرة لهم و إغفال المصالح الحقيقية للشعب وحيث جاء ذلك بإستمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال وباستمرار نهج الفساد المالي والإداري وصم الاذن عن إنتقادات وتحذيرات بعض الكوادر ولدرجة أن أصبح الفساد والاستيلاء على أموال المنح والمساعدات والسيطرة على المراكز والوظائف والمحسوبيات هو السمة السائدة و حيث تصرف المهيمنين و كأن هذه الأرض وهذا الشعب تركة و رثها عن الآباء.
ويبدو أن هذه السلطة قد غفلت عن إدعائها بأن وجودها هو مرحلة إنتقالية، فلم تحرك ساكنا إزاء مماطلات الجانب الإسرائيلي بالتفاوض على المرحلة النهائية سوى بعض التصريحات التي عجت بالفصاحة اللغوية والاستعراضات التلفزيونية للمسؤولين والقيادات فقط، في وقت إستثمرت إسرائيل فيه كل دقيقة وثانية لتغيير الحقائق على الأرض في تعزيزالاستيطان وبناء البؤر الاستيطانية الجديدة وفي مصادرة الاراضي ورفع وتيرة العدوان والاعتقال وهدم البيوت، فأين هي هذه السلطة التي فاقت اليوم على صفعات ترامب وركلات كوشنيروممارسات الشطب الليكودية التي يمارسها نتنياهو حيث أصبحت قضية الاحتلال الاسرائيلي رهينة لخدمة المآرب الشخصية لنتانياهو وبينت وشاكيد وليبرمان ومن ورائهم ترامب الذي يحاول الدفاع عن نفسه كرئيس أمام العواصف التي يثيرها الحزب الديموقراطي من بايدن إلى بيلوسي، أين كانت هذه السلطة وعبر السنوات الماضية التي إحتدمت فيها صدامات بين الشعب الفلسطيني مع قوات الاحتلال من معركة النفق إلى الصدام المسلح في مرحلة أعوام 2001-2006 إلى مراحل الحصار إلى إنتفاضة السكاكين ...إلخ وما شابها من حروب غير متكافئه فرضتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة وحصارات التجويع والتدمير على شعبنا هناك، أقول هذه السلطة لم تمتلك لا الرؤيا ولا الاستراتيجية و لا الخطط لحماية شعبنا ولم تمتلك أية مناهج للتطوير ولم تمكن نفسها من القوة لاستكمال طريق بناء المؤسسات القادرة لان تكون نواة الدولة، أو يكون لها لها أوراق ضغط لاعادة إسرائيل و أمريكا إلى إستكمال المفاوضات، وكانت من التردد والضعف الذي رأت فيه إسرائيل الفرصة للتحلل من إلتزاماتها والخروج من أوسلو وبمزيد من الاستيلاء على الاراضي وفرض التوسع الاستيطاني وحصار المدن الفلسطينية ..إلخ
كل هذا والسلطة العاجزة من كل فعل كل شيء أو أي شيء ضد الاجراءآت الإسرائيلية إلا قمع نضالات الشعب الفلسطيني، حيث كان الإركان والاستناد فقط إلى الرباعية الدولية المشلولة والمستلبة الإرادة والمبادرة إلى القيادة الامريكية المرتهنة الى دعم المؤسسات الصهيونية في الوصول إلى البيت الأبيض، و أيضا الاستناد إلى المواقف الأوروبية المتخاذلة والمجامله والمنافقه لمؤسسات الاعلام والمال الصهيوني. أو الاستناد إلى ما يسمى الأنظمة العربية الخانعة للرغبة والاوامرالامريكية، الأنظمة العربية التي باعت وتستمرفي بيع إستقلالها مقابل حفاظها على عروشها دون أدنى خجل أوعتاب صغير لترامب الذي فضحها بتصريحاته بعد أنصورها كبقرة حلوب تدر الدولارات والنفط لجيوب الاحتكارات الامريكية.
إن هذه الأخطاء الجسيمة أبعدت الشعب الفلسطيني عن تلك السلطة العتيدة، وقد فقد الثقة فيها وخصوصا بعد ذلك الانقسام المقيت الذي سببته السلطه بخنوعها إلى الضغط العربي و الغربي والامريكي بخوفها من وقف المساعدات التي كانت تلغ فيها لمصالحها المتنفذين فيها فقط بعد أن ترش بعض الفتات إلى الشعب الفلسطيني، وكان أن رفضت هذه السلطة نتائج الانتخابات الديموقراطية والتي أفرزت إنتصار حماس، ولعلمكم بأن الشعب الفلسطيني وعلى الأقل في الضفة الغربية لم يكن من الراغبين في حكم حماس لكنه إنتخبها نكاية في الفساد المالي والإداري الذي تمتعت في السلطه.
السلطة الفلسطينية اليوم وقد لطمتها صفعة ترامب بما نسميه صفقة القرن، كان من الواجب عليها ومنذ بدء الترويج لهذه الصفعة قبل مؤتمر البحرين أن تصارح شعبها وبشكل كامل بكل ما يدور في الاروقة والدهاليز السياسية لا أن تهدر وتضيع الوقت حتى تدهمها الاجراءآت الامريكية والإسرائيلية، لا بل أن تخرج قبل ذلك بكثير منذ بدء المماطلات الإسرائيليه بالالتفاف على أوسلو والبدء بعمليات الاستيطان ومصادرة الاراضي. وكان على هذه السلطة أن تقف وبكل شجاعة لتفضح كل ذلك.
أما وقد حصل ماحصل، فعلى السلطة اليوم أن تعي تماما بأن صراخها هو عواء بالبرية، والناس وقد فقدت الثقة بها لن تستشهد ولن تؤسر أو تسجن من أجل من عيون الفاسدين والمزمرين والمطبلين و التائهين في صحارى السياسة الدولية والاممية الذين يفتقدون البرنامج النضالي. حيث لن تسير الجماهير خلفها أو في ركاب الانتهازيين و فرسان الكلام من الفاشلين، كما أن الجماهير لن تصدق الفاشلين الجاثمين على صدور التنظيمات، أولئك الذي فرغوا قوى اليسار من مضمون برامجها النضالية أولئك المرتزقه الذين داسوا على دماء الشهداء ومعانات الاسرى والصعوبات التي تواجهها عائلاتهم. وإذا ماخرج اليوم البعض للتنديد بصفقة القرن فهم لم يخرجوا بناء على مناداة السلطة أو تلك القيادات الفاشله، بل يخرجون من منطلق إيمانهم بأن الواجب هو مايستدعيهم لذلك.
فإذا ما أردتم اليوم العمل الجدي على إسقاط الصفقة وبالضربة القاضية، فعليكم اليوم العمل
- تقديم القيادات في كل التنظيمات الفلسطينة الاعتذار الصادق للشعب الفلسطيني على إنتهاك ومصادرة قراراته، وعلى خنوعهم أمام السلطة الفلسطينية التي تبتزهم بالمخصصات المالية، وإتاحة الفرصة أمام الكوادر المخلصة لاخذ زمام الأمور لاعادة تصويب الأمور داخل صفوف التنظيمات، لاعادة إنتاج برامج نضالية، تتصدى لكل التهديدات التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
- أن تقدم السلطة إعتذارها للشعب الفلسيطني بكل شفافية، و أن تصارح الشعب بكل الأخطاء و أن تضع نفسها رهن تصرف الشعب، و أن تقدم نقدا كاملا وصادقا لمسيرتها السابقة.
- أن تفضح السلطة الفلسطينية المواقف العربية المتآمرة وتعريها وبلغة غير دبلوماسية، لغة لا مواربة ولا تأتأة فيها.
- أن تحرر السلطة منظمة التحرير من هيمنتها عليها، و أن تعيد لمنظمة التحرير دورها القيادي، و أن تستقيل قيادات منظمة التحرير الفلسطينية من وظائفها في مؤسسات السلطة.
- أن تعلن السلطة إنحيازها واستنادها إلى البعد الجماهيري الفلسطيني والشعبي العربي و أن تطور وعبر مؤسسات م ت ف في الخارج خطابها مع القوى الشعبية العربية والدولية واليسارية ومع كل قوى التقدم والسلام.
- ان تقوم بالسلطة برهن نفسها إلى الجماهير الفلسطينية وتسليم أدوات حكمها للأمم المتحدة ووقف التنسيق الأمني، و إطلاق سراح المعتقلين
- أن تترك للجماهير تفعيل قواها لمواجهة الاستيطان ولمواجهة قوى الاحتلال

حينها يمكن الحديث عن تحشيد الجماهير ورص صفوفها واستعادة و حدتها وإطلاق المبادرات الشعبية لانتفاضة جماهيرية منضبطة تسعى لاسقاط الصفقة بإسقاط الاحتلال.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن