حينما نقرر اقتحام الطريق

هبة فارس
hebafares887@gmail.com

2020 / 1 / 11

رأته ممسكا بعصاه البيضاء يحاول عبور الطريق السريعة ولا أحد ينتبه لوجوده، والكل يجري لاهثا في دنياه السريعة.
أرادت الإقتراب منه كي تتشابك أيديهما ويعبران الطريق معا، لكنها تراجعت خائفة من ردة فعله حينما تمسك يده ولا تسطع الحديث، كيف ستوصل له كونها بكماء لا تقدر أن تحادثه وصماء لن تستطع حتى أن تسمعه.
طال وقوفه ووقوفها هي الأخرى.
قررت ألا تتحرك حتى تطمئن عليه.
سألت نفسها لماذا تهتمين لحاله، وأنت حتى لاتعريفنه؟
ثم راجعت ذاتها في سؤالها.
هل أنت حقا تهتمين له؟
فكانت إجابتها لا بل مشغولة به... لا مفتونة به.. بل أتمناه.
أراه كثيرا هنا.. ولا استطيع تخطيه.
وماذا بعد يا بكماء؟
سألت نفسها.. بل جلدت نفسها.. بل عذبت نفسها بكل أنواع العذاب، ليس الجلد فقط.
تنفست بعمق ثم أيقنت.
أنا حقا بكماء اللسان، صماء الأذن، لكني سليمة القلب.. بل كبيرة القلب جدا.. وهو يسكن قلبي الكبير منذ أمد.
لا تتوقفي يا بكماء الهمة وصماء الإرادة.
إيمانك بنفسك وبه سيجعلك تنطقين.
أطلقت العنان لأحاسيسها، وأمرتها أن تنطلق لتخبر وجدانه بأن عشقه يجاوره لكنه فقط لايراه، لكنه يشعر به حتما ووجب عليه اتباع شعوره وإلا أصبح كفيفا وكسيحاً معاً.
وفور انطلاق أحاسيسها محلقة في سماء الطريق العام متجاوزته لسموات المجرات المحيطة فالبعيدة فالسحيقة.
رأته وقد انتفض فجأة رافعاً يده واضعا إياها على قلبه وكأنما يمنعه من الطيران خارج حدود صدره، متنهدا تنهيدة وصل إليها سخوتها.. قائلا ألن تتحدثين أبدا؟
انطقي.. لماذا تصمتين كل مرة؟
سمعت ندائه داخلها.
إقتربت.
لمست يده التي تحمل العصا.. ربتت على يديه محاولة افهامه رسالتها بأنني بكماء.
شعر بكل ما أرادت قوله.
رفع يده الأخرى إلى فيه واضعاً سبابته على فيه بما يشير إلى انها لاتستطيع الكلام.
فربتت على يديه ففهم أن هذه هي إشارة الموافقة على الحديث.
فأبتسم لها بما يعني لا بأس عزيزتي.
فأبتسمت هي الأخرى فاهمة قصده.
لكنها أرادت ان تريه ابتسامتها.
ترددت لحظة.. ثم لم تنتظر أكثر.
فأمسكتك يده الأخرى رافعة إياها إلى فيها لتريه ابتسامتها.
عند ملامسة أنامله لفيها رقص قلبه فرحاً.
وأشار إلى قلبه الذي تسارعت دقاته.
فعادت لتربت على يديه بنفس الإشارة التي تعني بها الموافقة.
عندها تعدى الرقص قلبه إلى كل ذره بكيانه، - الحقيقة - وكيانها أيضا.
لم ينتظر كما فعلت هي سالفاً فأسرع قائلاً لها: أحبك.
فهمت مايقول لكنها أرادت أن تراها ثانية.
فرفعت يدها إلى فيه مشيرة إلى شفتيه بإشارة تعني الكلام ثم ضمت يدها بإشارة تعني الهدوء والتروي وكانت كل إشارة تقوم بها تجعله يتحسّسها بيمينه.
ففهم أنها تريده إن يتحدث ببطء.
ففعل.
فقالت هي الأخرى أحبك.
تلك الكلمة الوحيدة التي طالما دربت صوتها الغريب على إخراجها.
منتظرة الوقت الذي ستقولها فيه.
سمعها بقلبه قبل أذنيه.
وظهرت علامات تحليقه في السماء على ملامحه.
وأشار لها أن اعيدي ما قولتي.
فأعادت ولكن صاحبت كلمة أحبك هذه المرة إشارة أحبك 🤟 وجعلته يتحسس يدها وهي تشير بها.
فهم أن هذه هي إشارة أحبك 🤟 فأشار إليها بها.
علت ضحكتها بطريقتها وصوتها الغريبان لكنها اسعدته فأمسك بيديها فتشابكت الأكف و تأبطت الذراعان وتلامست الأكتاف، ولكنه شعر برغبة جامحة في احتوائها فرفع ذراعه محتويا كتفيها، وقامت هي بلف ذراعها حول خاصرته.
وسارا متجاورين وعبرا الطريق معا.

القاهرة في 10/1/2020م



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن