الانتخابات من الحل إلى الازمة

محسن ابو رمضان
muhsen20122@hotmail.com

2019 / 12 / 26

الانتخابات من الحل الي الازمة


عادت الانتخابات الي المشهد السياسي الداخلي من جديد ولكن من زاوية الازمة هذه المرة بعد ان تم تداولها قبل اشهر قليلة من الان بوصفها مدخلا للحل .
تمت هذه العودة المأساوية بعد تأخر اصدار الرئيس لمرسوم الانتخابات وإعلانه عن السبب في ذلك والذي يكمن برفض اسرائيل اجرائها بالقدس .
وكانت الفصائل جميعا قد وقعت علي الورقة التي احضرها د. حنا ناصر رئيس لجنة الانتخابات المركزية والتي تتضمن مركزية اجراء الانتخابات بالقدس وبانة لا انتخابات بدونها .
ادي موقف الرئيس الي مطالبته من حركة حماس عبر مؤتمر صحفي عقد في غزة بإصدار المرسوم فورا والتعامل مع القدس بوصفها عنصر اشتباك شعبي وميداني وعدم انتظار موافقة الاحتلال.
ردت حركة فتح علي مؤتمر حماس بان عدم اجراء الانتخابات بالقدس يشكل انزلاقا في صفقة ترامب .
وعلية فقد عادت امور المصالحة الي دائرة مغلقة وبعد ان كان يعول علي الانتخابات كرافعة للوحدة والديمقراطية والمشاركة اصبحت محط اتهامات متبادلة بين الحركتين الكبيرتين .
كشفت هذه المسالة ان موضوع الانقسام اعمق واعقد من امكانية علاجه بأدوات اجرائية وتقنية كالانتخابات .
ركز الحوار بين القوي عبر وساطة لجنة الانتخابات المركزية علي الامور الفنية مثل محكمة الانتخابات وتوفير مناخات من الحرية وخاصة تجاه الحملة الانتخابية والرقابة والشفافية واحترام النتائج .
وبالرغم من اهمية هذه الامور الا ان الحوار لم يتطرق الي السياق السياسي الذي ستجري به الانتخابات .
فهل ستتم في اطار اتفاق اوسلو لإعادة تشريع سلطة الحكم الذاتي ؟
ام ستتم للمجلس الوطني بما يساهم بتعزيز مكانة م.ت.ف واعلاء شانها بما يضمن مشاركة الجميع بها وفق اليات انتخابية بعيدة عن المحاصصة ؟
ام ستتم لبرلمان دولة فلسطين استثمارا لقرار 19/67والذي بموجبة تم الاعتراف بدولة فلسطين عضوا مراقبا بالأمم المتحدة عام 2012 .؟.
واري انه من اجل تدارك الموقف فيجب التوقف عن اللوم المتبادل والذي جرب لأكثر من 12عاما ولم يجلب سوي مزيدا من تعميق الشرخ والانقسام وذلك عبر البحث عن سبل مواجهة الاحتلال عبر اعتبار القدس مركزا للصراع خاصة بعد قرار ترامب بنقل السفارة الامريكية اليها واعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال .
من الهام ابراز الاحتلال بانة مناف للديمقراطية علي عكس ما يدعي امام العالم .
ولكن هذا يتطلب وضع الانتخابات كوسيلة في سياق الرؤية الوطنية التي تتطلب اختيار مسار سياسي جديد بعيدا عن اتفاق اوسلو .
واضح ان الانتخابات التشريعية وفق المعطيات الراهنة في حالة حدوثها بانها ستتم في اطار اتفاق اوسلو اسوة بانتخابات 1996و 2006.
وهذا ما كانت تدركه جميع الفصائل بما في ذلك حركة حماس علما بان الانتخابات السابقة تمت عبر موافقة الاحتلال وليس بالرغم منة .
واذا كان هناك قناعة بضرورة الخروج من مسار اوسلو وفق قرارات المجلسين الوطني والمركزي بما يتضمن وقف التنسيق الامني وبروتوكول باريس الاقتصادي وبان هذا الخروج تؤكد علية حركتي حماس والجهاد بمواقفهما المعلنة فلماذا لم يصار الي تناول تلك الموضوعات الهامة لتصبح الانتخابات احد اهم وسائل تغير المسار والانتقال الي مسار جديد خاصة بعد قيام الاحتلال بتمزيق الاتفاقات مع السلطة وذلك عبر ممارساته الاستيطانية والعدوانية والعنصرية والعمل علي حسم القضايا الكبرى بهدف تصفية قضية شعبنا .
وبدلا من توجيه اللوم للطرف المعرقل للانتخابات علي جانبي الانقسام كان من الأجدى الدخول بنقاش مفتوح يضم كافة المكونات السياسية والمجتمعية الفاعلة والمؤثرة للإجابة علي التحديات الخطرة المحدقة بقضية شعبنا وسبل مواجهتها بما في ذلك اعتماد الانتخابات كوسيلة نضالية وديمقراطية .
تكمن الخطورة بالاستمرار بالبحث عن الخيار الذاتي لهذا الطرف او ذاك حيث يزداد الرهان علي تفاهمات التهدئة ذات الابعاد الانسانية والاقتصادية في غزة كما ان هناك رهان بالضفة علي تغير الاوضاع في كل من اسرائيل واميركا عبر استبدال كل من نتنياهو وترامب بهدف استئناف مسار المفاوضات من جديد.
اذا اردنا الرهان علي انفسنا فعلينا مغادرة مربع الرهان علي المتغيرات الاقليمية او الدولية لمصلحة هذا ا لطرف او ذاك خاصة ان قوي الاحتلال سواء الليكود او تكتل ازرق ابيض لا يقدموا شيئا لشعبنا سوي محاولة تصفية حقوقه عبر نظام من المعازل والتجزئة والتفتيت والحلول الاقتصادية وبما يشمل فصل القطاع عن الضفة .
اننا بحاجة الي حوار استراتيجي لا يبحث بالأمور الفنية بل يتعداها الي مستقبل قضية شعبنا بما يضمن مقاومة سياسة التجزئة واستعادة الوحدة ليس فقط بين حركتي فتح وحماس ولكن بما يشمل كل مكونات شعبنا ووحدة ارضة وقضيته وذلك بالاستناد الي الرواية التاريخية له عبر م.ت.ف كجبهة وطنية عريضة وعلي ارضية ديمقراطية وتشاركية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن