الافكار الكبيرة لا تأتي عبثاً ، بل تولد من الافكار الصغيرة

ناصر شبات
nasershabbat@gmail.com

2019 / 11 / 25

اثنين سرمديين الى ما لا نهاية ، هذه ليست سذاجة ، فالاحداث لها وجهتين نظر ، وهذه ليست تهمة ، انها فهم اصل الاشياء ، المبدأ ، والمفاضلة في المواقف تاتي في وطيس الحوار والجدل الصاعد تارة والهابط تارة اخرى ، ويشكل الميدان مفصل الحسم حين تلتزم الاقلية بموقف الاكثرية ، اليس هذا هو مضمون وجوهر ونص المركزية الديمقراطية ، مع انهما سيان ، انها تخضع للممارسة الحقيقية بين سائر الثوريين الحقيقيين الذين يمتلكون الرؤية الواضحة في تفسير التناقضات وفهمها وفهم تشابكها وتنوعها عبر الخطط والبرامج التي تحولها الى ايجابية تخدم الاهداف الكبرى ، ولكن السجال التي يسري في مجرى الممارسة يعتبر شكلا انتهازيا وفوضويا يؤثر بدرجة ما وفي حدود ما على مجرى الفعل والعمل الميداني مع انه التأثير الاخطر ، فعندما تاتي بافكار فضفاضة على انها افكار حيوية ومبدعة ويتم التعاطي معها تحت اي مسمى ، فان ذلك يبرز حجم الضعف في فهم التحولات الداخلية في حياة اي حزب حين يفقد خاصية الوعي والتعبئة والتحليل الثوري للتناقضات والممارسة الانتهازية ، فالتطور والتقدم والانتصار لا يحدث مرة واحدة ، وانما هي حالة تراكمية بين القديم والجديد خطوة خطوة حتى تأتي لحظة الطفرة الحاسمة في تحقيق الانتصار الاكبر ، اي ان الفهم والوعي تراكمي كمن يقضم التفاحة قطعة قطعة ولا ياكلها دفعة واحدة ، فاصل الاشياء هو الاساس في الفهم والتحليل السليم والملموس ، فالصراع مفتوح بين المادي والمثالي والراسمالي والاشتراكي والبرجوازية والعمال والبسطاء ، فاحيانا ياخذ الصراع شكلا حادا واحيانا يتحول الى صراع ثانوي فكلها تخضع لقوانين التراكم ووحدة وصراع الاضاد ونفي النفي ، ان الفهم والوعي الفكري في الاصل يشكل حصانة الامان لوحدة الحزب ولمشروعه ولقضيته التي يدافع عنها ، فالتمييز بين الوان الفكر والمذاهب اصبح امرا غاية الاهمية ، فاللوهلة الاولى قد تعتقد ان الكل يضع انجازاته في سلة واحدة دون ان تعلم الفرق بين فهمك وفهمهم ، فلا يتساوى الليبرالي مع الثوري ولا مع اليمين واليسار ولا مع الاسلام السياسي ولا مع متطرف ولا انتهازي ، فكلا له منطقه ورؤيته مهما كانت القواسم التي تجمعنها ونعمل تحت سقفها .
فمن يتسلح بالمنهج الجدلي المادي في قراءة وتحليل التناقضات هو الاكثر قدرة على فهم ما هو رجعي وتقدمي وفهم من هو رفيق حقيقي ثوري او انتهازي وصولي يتغنى بما يحلو له ، اي التميز بين الخطير والاخطر والقوى والاضعف ، فهو من يملك شفافية الخطاب الثوري الذي يزرع ويبني عن تلك الضبابي الهادم المتخلف الانتهازي الرجعي .
ان امتلاك الاصول الفكرية في تحليل وتفكيك كل العقد سوف تلجم كثير من اصوات النشاز التي اعتقد جازما بانها ستنتهي بمفردها ، لان التسلح بالفكر كفيل وحده ان يزيح اي خزعبلات انانية انتهازية ، فالديالكتيك كما يعلمنا ان ناكل التفاحة قطعة قطعة هو نفسه من يعلمنا كيف ندك اعداؤنا جزأ بعد جزء ، فلا الاكل دفعة واحدة ولا محاربة الانتهازية تجري دفعة واحدة ، فحصانة القوة للتحدي تكمن في التسلح بالحصانة الفكرية التي تفسر وتفصل كل ذلك .
ان الشعارات المطروحة من الحرية والعدالة والكرامة والهوية والمواطنة كلها شعارات اليسار ، في حين من يفتك ويدمر ويقتل هي حركات رجعية تختفي تحت خطاب تضليلي عميل وتستخدم التغيير والحداثة ستارا لتدمير الشعوب وحركاتها الحية ، والتساؤل الاكبر امامنا واما اعيننا ، متى سوف تنهض الشعوب ومتى سيكون دورا لليسار وتاثيره في التغيير ، فما جرى ويجري في المنطقة العربية من تحولات تتحمل جزء كبير منه قوى اليسار التي تقاعست في حماية الشعوب من سفك وبطش الحركات التي تؤتمر من الادارة الامريكية وحلفائها من الصهيونية والنظم الرجعية العربية ، فالتقدم الاجتماعي له ثمن كبير ، وهذا اهم شعارات اليسار البليد التي شهد الجريمة ولم يفعل شيء ، وهنا وبعد التساؤل اعتقد اننا سنجد ااجواب الشافي حين نعلم ان اليسار بعد اكثر من ثمانون عام لم يستثمر ايقوناته الكفاحية في جلب وجذب الشعوب حوله وحول شعاراته في التقدم والحرية والعدالة ، اي ان لا شيء مقدس عن النقد والمعالجة التاريخية ، فنحن ليس امام سلع تجارية ممكن ان نبحث عن بديلاتها ، اننا امام عودة لاصل الفكر ، المنهج الجدلي المادي في نقد التجربة واعادة بلورتها المعاصر بما يجعل لنا دورا قادرا على حماية تطلعات شعوبنا العربية وحقوقها وحقوق شعبنا الفلسطيني في ضل هذه الهجمة الشرسة التي تستهدف الحقوق والانبعاث التقدمي للامة العربية التي تأخرت كثيرا عن قضية الانبعاث والتي ستأتي لا محالة طالما الشعوب متعطشة لها ، فكهان الفكر يجب ان يتحول دورهم من حراس الى مبدعين ومبادرين في بناء النموذج الطموح لشعوبنا المظلومة ، .... فاليسار هو الاكثر قدرة على فهم مصالح الشعوب والطبقات والدفاع عن حقوقها وقيادتها نحو التحرر ، وهذا يجعل اليسار ان يكون ديمقراطيا ووطنيا وتقدميا وحداثيا في رؤيته ، ان من يملك تلك يتطلب منه ان يضع نفسه في الحقيبة الثورية التي يكون لها موقفا واضحا من كل شيء في المجتمع العربي والفلسطيني ، فالشعارات الان لا بد ان تخاطب كل الفئات وكل الحقوق فاليسار مازال يمتلك عقلا منفتحا وليس عقيما ، ولا نحتاج وضوحا ولا توضيحا اكثر من ذلك ، فالفضائح الرسمية للنظام الرسمي وللحركات الدخيلة واضحة وليس بحاجة لتوضيح وعليه ،
لا يحتاج الامر لاجتهاد ولا يحتاج ان نزج انفسنا في انصاف المواقف والحقوق والتحالفات وغيره ، فنحن ليس سلعة خاضعة للبيع في المزادات العلنية او المغلقة .
اننا في فضاء كبير وكوني واسع يتطلب تشكيل اكبر ائتلاف وطني قومي ديمقراطي اممي حقيقي يستوعب كل من يلتقي معنا في التحرر والعدالة والكرامة من منظورنا الكفاحي والديمقراطي من اجل شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية أيا كان انتماؤهم الفكري أو الحزبي ، السياسي ، سواء كانوا أفرادا أو جماعات ، على أساس تشكيل اكبر تكتل عريض يحاصر و يلجم ويحجم الافراد او الجماعات التي تستخدم من الثورة مشروعا استثماريا وتأخذ شعوبنا نحو التطبيع والهزيمة الذليلة ، وبدون اي قصد اصبحت الرسالة واضحة في صفقة القرن التي ستعيدنا الى مواقع التبعية والاستعباد ، وافضل مشروع يتزعم المرحلة هو اليسار ببرامجه التنويرية ، وحتى ننجح من المهم ان تستحضر الوعي والممارسة و النصوص الوطنية والديمقراطية والنزاهة ولا تجعلوا الغرور والانا يسحق مشروعا مازلنا نتطلع له بكل تفائل .
ايها الثوريون الحقيقيون ، ساندوا نضالات شعوبكم في الميدان واجعلوا من العمل مصنع الفرز الحقيقي للمخلصين ولا تحسروا انفسكم في برامج هذا او ذاك الانتهازي حركات كانت ام افراد . ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن