يوميات الحرب والحب والخوف (1)

حسين علي الحمداني
hus_hus64@yahoo.ca

2019 / 11 / 21

تقول البطاقة الشخصية إنني من مواليد الثامن من أكتوبر 1964 في مدينة الخالص،وهو تاريخ مضبوط لميلادي لا شك في ذلك،أبي كان يعمل بناءا ويعد من المعروفين جدا في الخالص وله أثر كبير في بناء عدد كبير جدا من الدور السكنية في المدينة،مهنة أبي لم أرثها كما ورث البعض مهن آبائهم،ربما السبب في ذلك يكمن بأنني تفوقت في حياتي الدراسية سواء في الابتدائية التي كانت في مدرسة(السموأل)أو المتوسطة في(الأخطل)ومن بعدها دار المعلمين وبوقت مبكر من حياتي وبعمر أقل من 18 سنة وجدت نفسي معلما في مدرسة ابتدائية في مندلي وعندي راتب مقداره مئة دينار عراقي في خريف سنة 1982 مما جعلني بعيدا عن التفكير في احتراف مهنة البناء التي كان لعدد من أخوتي نصيب منها. وفي يومي الأول في الوظيفة فكرت بشيء واحد فقط هو أنني لن اعود لمهنة العمل في البناء مرة أخرى.
من بين ألأسطر الأولى نسيت أن اقول إنني ولدت في محلة صغيرة تسمى(كشكين)لا أعرف معنى هذه التسمية رغم إنني بحث طويلا عن ذلك ووجدت أن هذه التسمية هي بالغالب عثمانية ووجدت في بعض المعلومات ما يقول إن هذه التسمية معناها(بيتين)وهذا ما يعني إن هذه المحلة الصغيرة في الخالص بدأت ببيتين أثنين ثم توسعت طوليا حالها حال المدينة الأم الخالص آنذاك.
كشكين كما كنت أسمع في صغري يطلقون عليها(موسكو الصغيرة)رغم إنها لا تحمل من صفات موسكو سوى الشيوعية التي حملها شباب هذه المحلة وناضلوا من أجلها ومنهم من سجن ومن أعدم ومن هاجر هربا وليس اختيارا ومن بقي منهم كان يتجنب بطش السلطة وأرتضى البقاء بعيدا عن ماركس ولينين وجريدة طريق الشعب التي كنت أشاهدها بكثرة بأيدي رجال المحلة وشبابها.لهذا ظلت كشكين تحتفظ بكونها موسكو الصغرى رغم انقراض الشيوعية فيها بعد عمليات البطش الكبيرة التي وجهت لكل من هو شيوعي،لكن لقب موسكو لم يغادرها أبدا رغم التغيرات الجديدة التي حصلت في فكر شباب المحلة التي هي جزء مهم من قضاء يتقبل كل ما هو جديد من ألأفكار.
في منتصف سبعينيات القرن العشرين كانت هنالك توجهات جديدة لدى جيل آخر من شباب المحلة بشكل خاص والخالص بشكل عام،توجهات دينية تحت يافطة حزب الدعوة ألإسلامية الذي برز للساحة العراقية وكان لمحلتنا نصيب ألأسد من المعتقلين والمعدومين والمراقبين،قدر هذه المحلة كما هو قدر قضاء الخالص أن يكون محل قبول الأفكار الجديدة،لهذا كانت بيوت محلتنا عبارة عن بيت شيوعي وجاره حزب دعوة مع وجود محايدين يمشون جنب الحائط بهدوء.
القاسم المشترك بين بيوت محلتنا أننا نتساوى في محنة واحدة هي فقدان الشباب وجيل مهم جدا من أبنائنا ليس فيهم من لم يكمل دراسته الجامعية.اي انه جيل كان يمكن له أن يساهم بقوة في بناء دولة متميزة،وهذه الحالة ليست في الخالص فقط بل في عموم العراق،وهذا ما جعلني بعد سنوات طويلة أستنتج إن النظام آنذاك كان يسعى جاهدا لتطهير البلد من أية أفكار بعيدة عن أفكار السلطة.
آنذاك عمري الصغير بداية السبعينيات من القرن الماضي لم يسمح لي أن أفكر في الانخراط في أي من الحزبيين سواء الشيوعي أو الدعوة هذا جانب،أما الجانب الثاني إنني من عائلة تخاف السياسة والأحزاب فأبي سبق وأن اعتقل تحت بند التستر على شيوعي وأطلق سراحه حينها وأجد إن هذه الحادثة بحد ذاتها رغم إن ألأغلبية مروا بها إلا إنها تركت أثرا كبيرا في اتخاذ الحيطة والحذر،الجانب الثالث المهم إن بطش السلطة جعل الكثير من الآباء يحاولون جاهدين تحصين أبنائهم من الإنتماء للأحزاب عدا الحزب الحاكم ضمانا للبقاء.وانا بدوري اعذر هؤلاء الآباء الذين شاهد بعضهم كيف تصرفت السلطة مع أبناء الآخرين عندما انتموا لأحزاب عدتها السلطة مناهضة لها وكيف تم اخفائهم بشكل قسري وظل ذويهم يبحثون عن خبر لهم بين الحين والآخر والجميع أكتشف بعد زوال نظام البعث عام 2003 أي بعد أكثر من عقدين أن كل هؤلاء الشباب يتواجدون في مقابر جماعية تم التعرف على بعضهم بشق الأنفس من خلال ساعات ايديهم أو جزء من ملابسهم أو تحليلات مختبرية .
لهذا كان الآباء حذرين جدا في مراقبة أبنائهم حتى إن الكثير منهم منع دخول الصحف للبيت في مرحلة،وفي مرحلة ثانية منع الأبناء من الصلاة في الجوامع وإطلاق اللحى حتى وإن كانت خفيفة فإن هنالك محاذير كثيرة تحول دون إطلاقها.
نحن لم نكن نشعر بما يعاني هؤلاء الآباء سواء الذين فقدوا أبنائهم أو الذين يعانون في الحافظ على الأبناء من الانجراف في أحزاب وتنظيمات ضد السلطة التي لا ترحم أحدا.وأجزم إن الكثير من الآباء والأمهات الذين فقدوا أبنائهم بسبب الإنتماء لأحزاب سياسية لو قدر لهم الأمر لما تركوهم ينتمون ويخسرونهم بهذه السهولة التي جعلت في أيام معدودة يتم القبض على مئات بل آلاف الشباب المثقف الذين كانت تعول عليهم عوائلهم أن يكونوا معينا لهم.
كنت ألمس هذا بوضوح عندما أرى أبي وأمي(رحمهما الله)يحاول كل منهم مراقبتي كوني ألابن البكر لهم وكنت حينها في الصف ألأول دار المعلمين خريف عام 1979 في ذروة بطش السلطة بحزب الدعوة وقبله الشيوعي وما جرى لأعضائهم من اعتقال وإعدامات وغيرها،ربما لو لم يكن خالي وابناء عمومته من بين هؤلاء الذين تم تغييبهم ما كنت سأخضع لهذه المراقبة غير المعلنة من قبل الوالدين،كنت اشعر بذلك وفي نفس الوقت أنا بت لا أميل للانتماء لأي حزب خاصة وإن وجودي في دار المعلمين بحد ذاته يجعلني بعيدا جدا عن أي انتماء سياسي لأي حزب آخر رغم خلو الساحة من الأحزاب حينها،لكنني في نفس الوقت أعترف إن إعدام خالي وأبناء عمه لم يؤثر على بقائي في دار المعلمين الذي كان لا يقبل إلا من ينتمي لحزب السلطة أو يزكى من قبلهم،شفع لي في ذلك على ما يبدو صغر سني وتزكية المسؤولين من جهة،ومن جهة ثانية وجود أبن عمي الذي كان يعمل في مديرية التربية وهو بالتأكيد منتمي لحزب السلطة آنذاك مما جعل هذه النقطة مهمة جدا وغطت بشكل كبير على إعدام خالي ومن معه.
رغم إن السلطات لم تعترف بإعدامهم وظلت تراقب ذويهم وتستدعيهم بين الحين والآخر لمقرات الأمن للاستفسار،كنت أرى شيء من الخوف يعتلي وجه خالي الذي بات زبونا لدى الأمن بسبب إنتماء أخيه لحزب الدعوة ومن ثم هو نفسه حكم عليه بالإعدام وخفض للسجن وأطلق سراحه بالعفو العام مع مصادرة أمواله،هذه الأموال هي بستان تشكل مصدرا لرزق الفلاح.
نعود لكشكين التي عشنا فيها طفولتنا وصبانا وشبابنا وشيخوختنا إن صح التعبير.هي محلة تتوسط الخالص ما بين(عليبات والحلفة)والبعض يقول إن حدودها تمتد ما بين(العٌبارة والنهر)هكذا أنا عرفتها،هي صغيرة في حينها يمكن إحصاء بيوتها لا تتعدى الخمسين بيتا أغلب أبنائها يمتهنون مهنة البناء سواء إسطوات أو عمال،واغلب شبابها امتهنوا مهنة العمالة في العطلة الصيفية،ونادرا ما تجد مواطن من كشكين لم يشتغل في العمالة وبناء البيوت أحيانا لتلبية إحتياجاته المادية وتخفيف العبء عن أهله،وأحيانا أخرى لقضاء فترة العطلة الصيفية التي ينشط فيها العمل لدرجة لا تجد يوما ترتاح فيه.ودائما كنت أردد أن (العمالة)مهنة من لا مهنة له فهي في جوانب عديدة منها لا تحتاج لخبرة خاصة لمن يحمل الطابوق أو يحمل السمنت أو الجص،بل كل ما تحتاجه الصبر والتحمل،أما الخبرة فكان يجب توفرها لمن يكون قرب الأسطة وهم بمثابة مساعدين له،لم أكن أحبذ التواجد بقرب الأسطة كنت أفضل أن أكون بعيدا،ومع هذا وجدت نفسي أحيانا كثيرة مجبرا على ذلك.
نسبة عالية جدا من بنائي البيوت في الخالص هم من كشكين كما إن أغلب القصابين من عليبات وكأن لكل محلة اختصاصها،هذا العدد الكبير من البنائين في كشكين جعل من أبنائها غير عاطلين عن العمل،وربما ساهم هذا بشكل كبير في إرتفاع المستوى المعاشي بدرجة أعلى من باقي الشباب في المحلات الأخرى من الخالص.ومع هذا فإن محلتنا فيها عدد لا بأس به من المعلمين والمدرسين والموظفين والسبب إن أغلب الآباء في هذه المحلة التي تنقسم مهنهم بين العمال والفلاحين كانوا حريصين جدا على أن يكمل أبنائهم دراستهم ويحظون بوظائف،هذا التفكير بحد ذاته دافع مهم جعل الجيل التالي متعلما ذكورا وإناث من بيوت قادها عامل وفلاح الكثير منهم لا يقرأ ويكتب لكنه تمكن أن يرفد الجامعات العراقية بأبناء متفوقين.تخرج منهم الطبيب والمهندس والمدرس والمعلم من كلا الجنسين وقلة صغيرة جدا من الضباط بحكم الخلفية الحزبية للمحلة التي ربما حرم الكثير من أبنائها فيما بعد في الحصول على الكليات التي كانوا يتمنون دخولها بسبب الإجراءات الأمنية وتبعيات إعدام آبائهم أو أخوتهم أو أقربائهم خاصة وإن السلطة في مرحلة لاحقة فرضت قيودا شديدة على هؤلاء.
وكشكين قصة طويلة جدا ولديها مميزات ربما لا نجدها في مناطق أخرى منها،وجود الصحف والمجلات في البيوت،صحف يومية في أغلب البيوت،مضافا وجود مكتبة حتى وإن كانت صغيرة وهذا ما يعني وجود ثقافة من جهة،ومن جهة ثانية هذه الحالة تؤسس وترسخ حب القراءة للجيل التالي،وأنا من الجيل التالي الذي وجد في البيت كتب ومجلات هي مخلفات تركت من ابن عمي الذي كان معلما،كما عمي هو الآخر معلما،كنت اطالعها رغم قدمها واجد فيها ما لم أجده في كتب المدرسة.لهذا كانت القراءة هوايتي الأولى بوقت مبكر من حياتي.
لهذا حرصت على ألاشتراك في جريدة الجمهورية في العطلة الصيفية وأنا تلميذ في الثالث المتوسط الذي نجحته ووجدت نفسي في إعدادية الخالص التي لم أبقى فيها حيث انتقلت لدار المعلمين في بعقوبة التي لم أزرها من قبل إلا صحبة أمي عندما تذهب للطبيب وهي تبعد عن الخالص بحدود 14 كم.
نعود للصحف، كنت أحبذ قراءة الجمهورية أكثر من غيرها من الصحف القليلة وهي الثورة والعراق كما أذكر ومعها كانت مجلة الف باء،لم تكن التكاليف مرهقة كما يتصور البعض فكل هذا لا يكلف سوى دينار عراقي واحد شهريا حيث كان سعر الجريدة آنذاك 25 فلسا والف باء 50 فلس والدينار العراقي يساوي 1000 فلس.
القراءة مهدت الطريق لأن أكون متميزا عن أقراني في مواضيع ألإنشاء والتعبير في مرحلة المتوسطة ودار المعلمين وفي مراحل حياتي اللاحقة.
لم أكن الوحيد من محلتي في دار المعلمين بل كانت هنالك عدد من البنات قبلن قبلي ومعي في دار المعلمات،لكنني كنت الوحيد من بين الذكور الذي قبل في دار المعلمين،لم تكن هنالك خطوط نقل خاصة بنا،كل منا يذهب كما يشاء،لم تكن الشوارع مزدحمة ولم تكن هنالك أزمة مواصلات لأن الدولة آنذاك لازالت تعمل بطريقة صحيحة خالية من خلق الأزمات،كنت أتقاضى شهريا 24 دينار كوني طالب دار معلمين وهو مبلغ يسد حاجتي مع شيء من الإسراف،ومع هذا كان أبي رحمه الله يعطيني بداية كل أسبوع خمسة دنانير،هذا ما اتاح لي أن أكون صديقا للدار الوطنية في بعقوبة التي كنت أصل إليها صباح كل يوم في السابعة والربع صباحا أنزل من السيارة عند نهر خريسان وبين الحين والآخر أتناول فطوري في مطعم(كبة فاضل)بسعر 150 فلسا،هو مطعم لازال موجودا في بعقوبة بعدها أنطلق للدار الوطنية تكون الصحف قد وصلت بوقت مبكر التقط جريدتي وربما اجد مجلات عربية قد وصلت حتى بات البائع صديقا لي يحجز لي نسخ من المجلات المرغوبة وفي حالة وجود تخفيضات للكتب يرشدني لذلك مما جعلني أكون مكتبة في غرفتي الخاصة في البيت،هذه الغرفة التي منحت لي كوني الأبن البكر أولا،وثانيا لأنني سأكون معلما بعد ثلاث سنوات،لم يكن شراء الكتب مكلفا خاصة وإنها مدعومة من الدار الوطنية للنشر والتوزيع،ما ساعدني على كثرة القراءة وجود مخصصات من الدولة لطلبة دار المعلمين وسهولة مناهج دار المعلمين خاصة وإنني في السنة الثانية تخصصت في التربية الرياضية مما سهل أمور كثيرة لكون أغلب الدروس عملية.
هنا في بعقوبة ودار المعلمين بدأت مرحلة جديدة في حياتي تختلف كثيرا عن حياتي البسيطة السابقة التي كانت لا تتعدى البيت والمدرسة وأصدقاء معدودين جدا نمارس معا لعبة كرة القدم في ساحة متواضعة عبارة عن بستان مهجورة مخصصة لنا نحن أبناء كشكين ولا أعرف كيف كنا نلعب كرة القدم فيها ولا نصطدم بأية نخلة رغم وجود الكثير منها.
كنت أصغر الشلة لهذا كنت أقف حارس مرمى مرات كثيرة وأعترف أنني حارس مرمى فاشل لأنني لا أمتلك الجرأة في الطيران على الكرة ،لهذا تم اختياري في مراحل لاحقة لخط الدفاع الذي كنت أجيده أفضل من حراسة المرمى التي ظلت لفترة طويلة حكرا على(عماد)الذي برع فيها أفضل من غيره.
في ممارستنا لكرة القدم أيام الدراسة المتوسطة كان الكثير منا عندما نأتي بعد الظهر يحمل معه كتاب مدرسي محاولين إقناع الآباء والأمهات بأننا نقرأ لكن هذه الكتب أحيانا كثيرا تكون علامات لصنع الهدف في مبارياتنا، كنت من الذين يحملون الكتاب معهم لحظة الخروج بعد الظهر وذات يوم سمعت أمي تقول لي لا تأخذ معك الكتاب بعد الآن أنت تقرأ في البيت.
أكتشفت حينها إن أمهاتنا يعرفن إننا لا نقرأ بل هو مجرد ذريعة لكي نخرج رغم إنه مسموح لنا الخروج ولعب كرة القدم وآثار اللعب بادية علينا عندما نعود للبيت قبل غروب الشمس فملابسنا متربة والعرق يتصبب منا وكدمات في اقدامنا خاصة وإننا كنا نلعب حفاة ودلائل كثيرة أخرى تثبت إننا ما كنا نقرأ بقدر ما إننا كنا نلعب.
هذا لم يغضب الآباء ولا الأمهات لأننا كنا ننجح ونتفوق في دراستنا وهذا هو المطلوب منا، لهذا لم تكن ثمة قيود على ذلك إلا في أيام ألأمتحانات التي تجعلهم يتشددون بدرجة ما علينا ولهم الحق في ذلك.
نحن ابناء(البنائيين)لم نكن نعاني ماديا بحكم إن آبائنا يوفرون لنا كل مستلزمات الحياة وما نحتاجه من أمور تخص المدرسة حتى إننا كنا نحسب من الميسورين حين توزع المعونات في المدرسة على أبناء الفقراء الذين عادة ما يكونون أبناء الفلاحين ولم يشمل أبناء أسطوات البناء بذلك لكون(يوميتهم دينارين أو أكثر)ونحن لم نكن نطمع بالحصول على المعونات التي هي عبارة عن حذاء وجاكيت أو بنطلون،كان لدينا ما يكفي وزيادة وفي جيوبنا مصروف يكفي ليوم مدرسي في مدرسة مجاورة لمحلتنا هي مدرسة(عليبات)التي سميت فيما بعد بالسموأل، كان تضم ابناء كشكين وعليبات معا،كنت شاهدا على معارك كثيرة تحصل عند الخروج في نهاية الدوام لم أكن أشارك فيها لأنني من النوع الذي(يخاف)المشاجرات ولا أمتلك مقومات المعارك ومواصفات المحارب في هذه المواقف.
لست وحدي احمل هذه الصفة أغلب أبناء كشكين هكذا ما عدا حالات فردية للبعض،وهذا ما يجعل اللاعنف متأصلة بنسبة كبيرة جدا في ابناء هذه المحلة وهذا ناجم بحكم التنشئة البيتية لديهم.
هذه الصفة وغيرها جعلت أبناء كشكين يتفوقون دراسيا على ابناء عليبات في تلك الحقبة الزمنية والتي قبلها أيضا وفي مراحل لاحقة اكتشفت هذا عندما أصبحت في نهاية عام 1990 معاونا لمدرسة السموأل(عليبات سابقا)ومن ثم مديرا لها في نهاية 2001 إن نتائج امتحانات البكلوريا أكدت تفوق ابناء كشكين عن ابناء عليبات بنسبة عالية جدا،وهذه الحالة أضمحلت مع ألأجيال اللاحقة التي أفرزت نتائج جيدة جدا لكلا المحلتين بمحصلة صبت في صالح المدرسة التي يتشاركها ابناء كشكين وعليبات.
ومن خصائص محلتنا التي كان شارعها مبلط عام 1975 وتم إزالته عام 2005 دون أن يكون هنالك بديلا له،من خصائصها كما في أغلب محلات ودرابين الخالص صلة القرابة بين السكان سواء من جهة ألأب أو الأم مما ولد عدم وجود طبقات اجتماعية ولم يشعر أحدا إن هنالك تفاوت اجتماعي أو طبقي رغم فارق الدخل المادي من عائلة لأخرى فالبيوت متشابه والطبخ متشابه وحتى ألأثاث متشابه،الصغار يحق لهم دخول أي بيت وتناول الأكل فيه وإن طاب لهم ناموا وهنالك من ينقلهم لبيتهم،أغلب البيوت ملكا لساكنيها ونادرا ما تجد مؤجرا وإن وجد يأخذ لقب( نزل)حتى وإن بقي عشرين عاما.
كانت محلتنا صف واحد من البيوت تقابلها بساتين أو بستان كبيرة تسمى بستان(دوجم)يقع خلفها الشارع العام الذي يقسم الخالص إلى شرقية وغربية وكشكين في الجانب الشرقي من الخالص،في بداية السبعينات تم توزيع بستان(دوجم)إلى قطع سكنية لم يفكر أحدا من الآباء شراء قطعة رغم توفر المال ربما لأنهم يحملون قناعة كبيرة وربما تفكيرهم بإن وجود أكثر من بيت للأسرة قد يشتتها مستقبلا والجانب الآخر إن بعض القطع السكنية تقع مباشرة على الشارع الرئيسي للمدينة وهو ما قد يعرض أبنائهم للحوادث وغيرها من الأمور الأخرى.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن