وعبرنا جسر الجمهورية ... ؟

ذياب مهدي محسن
nadrthiab@yahoo.com.au

2019 / 11 / 3

أية مشاعر للفرح يحملها قلب الإنسان؟ أية غبطة حقيقية يمكن أن تنفجر في عروقه؟ أية أشياء جامحة غزيرة تهب في لحظة صغيرة؟ الحزن ريح تصفع القلب ، لكن انتفاضة الشباب تفجر في دواخلك كل هسهسات الروح بالفرح، أية مشاعر للفرح يحملها قلب الإنسان؟ أية غبطة حقيقية يمكن أن تنفجر في عروقه؟ أية أشياء جامحة غزيرة تهب في لحظة صغيرة؟ هكذا هم شباب العراق الثائر حين عبر الجسر، هكذا هي مشاعري، ففي لحظات العشق تنفجر وفي لحظات اليأس، والفشل والفرح والنشوة أيضاً وأحاسيس لا حدود لها، تتداخل تلك الأحاسيس في أية لحظة وتنطلق رؤىً عندي كفنان تشكيلي وشاعر وعاشق للعراق اولاً ... تتجسد حكماً وفلسفة تصور الإنسان بتجلياته، بأفكاره وأوهامه، وفي صراعه مع الوجود ومع ذاته ." حين عبرنا جسر الجمهورية" عنوان لأنتفاضة الشبيبة الثائرة ، أبطالها شباب فتية ضيعتهم احزاب السلطة الفاسدة، فنهضوا ليسترجعوا وطن اضاعوه بالوهم والتخدير والوعود، وفي لحظة من اللحظات يضحى هؤلاء الشباب هم التغيير" نازل أخذ حقي"، انه ومنولوج متوزع المعاني والنغمات، يدور مع ذواتهم، يستنطقهم الجسر والنهر والوطن وهناك في الجانب الآخر المنطقة الغبراء!!..انهم يريدون ان يشيدوا عالم الإنسان في كل حالاته، منذ السقوط والاحتلال 2003 الى يوم الفاتح من اوكتوبر تشرين الاول 2019 ... انتفاضتهم التي تأتى مع تواتر نغمات المنولوج الداخلي في ارواحهم المنعتقة من ظلم هؤلاء ودوامتهم والضياع، وهي تتصاعد حيناً لتعلن خيبتهم... وغضبهم، وتهدأ أحياناً معلنة سلاماً بين الإنسان وذاته مطلقة العنان لفلسفة كحلم لا تنتهي في عبور الجسر فقط بل للتغيير التام في بنيوية الحكم الفاشل والفاسد من قبل هؤلاء عباهلة الصدفة الغبية!؟. سالت احد العابرين: مما تشكو؟ اجابني بوعي وهو العشريني في العمر: ما أشكو منه هو حدة الوعي بالأشياء أتصور أن كل ما أراه شفافا زجاجيا وأقرب ما يكون إلى صفات الماء . هذه النوارس تمنحني المزيد من الحرية ، لكي اكون حراً وننعتق من هذا القدر الذي رسموه لنا رجال جائوا من ارصفة الملافي!؟ كما قلت ايها الشاب : لأنه تشرين الاول الآن وانتم تفجرون هذا العشق للعراق حين عبرتم جسر الجمهورية. ورحت اخاطب نفسي عن هذا الشاب لا بل عن كل هؤلاء الثوار شبيبة اوكتوبر المتظاهرين، وانا اراه امام عيني، يتقلب كثيرا ويسوق أمامه كل ما يصادفه، وتذكرت حكاية حينما كنت في المدرسة تلميذا شاطرا وعاشق بالحلم والغواية؟ في درس الانشاء، الطيور الصغيرة غير المجربة كثيرا ما تخطأ، فإذا جاءت موجة شمس، أيام حارة اندفعت لا تعرف أن وراء شمس تشرين أقسى أيام البرد!!، الوحدة نافذة مغلقة ،نهر بلا جسر، الوحدة قاسية، وتقود في طريق الموت... للجسور مهمة واحدة: تبنى لنعبر عليها للإتجاه الآخر وبالعكس. تختلف الجسور ولا تختلف الوظيفة! هناك جسور نبنيها مع الآخرين لتعبر عليها مشاعرنا وأفكارنا بسلام وجسور أخرى نبنيها مع أنفسنا لنتصالح معها ونتفق على أهداف وغايات. وهناك جسور يجب أن تقودنا للنصر أو كما إعتقد كلمة "يجب" لا تعني أنه بالضرورة نصر محقق على الأعداء كلهم، ولكن وأنت بخضم المعركة يجب عليك أن لا تحب الحياة بقدر حبك للموت! وبعبارة أخرى يجب أن تحب الموت من أجل الأرض، العراق، وتسمع في داخلك صدى،" نريد وطن يحترم"، بقدر حبك للأرض نفسها، وهذا هو نصرك أنت. ربما تتحول الجسور لذكريات موجعة وأليمة، ربما تتمنى لو نسفتها وحطمتها! حطم كما تشاء، ولكن أتذكر ما كتبه عبد الرحمن منيف: "الذاكرة بالنسبة للإنسان هي التجربة، وهي التي تمنع الهزيمة!" اتمنى ان يكون كلامي رمزياً.حين عبرت الشبيبة جسر الجمهورية في الفاتح من آوكتوبر تشرين الأول 2019



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن