رسالة الى مقتدى الصدر

فالح مهدي
mahdif2792@gmail.com

2019 / 10 / 22


اسمح لي يا سيدي العزيز أن أتوجه برسالتي هذه لك مباشرة . ومنذ البداية أود القول ان استخدامي لمصطلح سيدي العزيز ، لا يراد منه التمجيد ، إنما طريقتي في التعبير والتي تتضمن احترام الآخر المختلف . لم التق بك ولكن تعرّفت قبل أكثر من سنة على احد المقربين منك . وهو رجل درس في الجامعات البريطانية وحاصل على شهادة الدكتوراه التي يعتبرها العراقيون وغيرهم من أبناء هذه المنطقة من ارفع ما يحصل عليه الإنسان في درجات المعرفة! في وجبة الغداء التي دعاني اليها صديق كاتب ومثقف كبير وهو من المؤمنين ومرتبط بالحوزة . ذلك الرجل القريب منك ، كان دمث الأخلاق ، حلو المعشر تحدثنا في شتى المواضيع وعندما حان موعد الرحيل بعد الغداء ترك لي كارتا انيقاً يحتوي على اسمه ورقم تليفونه، لكنني لم اتصل به البتة .
كما هو الأمر مع عادل عبد المهدي الذي لم أفكر يوماً ان أكتب له رسالة ، اسمح لنفسي ان اكتب لك مباشرة مع أملي ان تطلع على هذه الرسالة .
واسمح لي ان ابدأ رسالتي هذه لك بلقطة وجدتها عبر الانترت .عبّرت تلك اللقطة عن بؤسك . لقد كنت في ضيافة أصدقائك الإيرانيين لقد ظهر في الصورة علي خامناي جالساً على كرسي، بينما كنت ومعك قاسم سليماني جالسين على الأرض . الصورة تعبر بما تحمله من رموز عن حالة لا تستطيع ان تعبر عنها الكلمات.
في تلك الصورة التي نشرت على نطاق واسع إشارات فهنا الكرسي يشير الى السلطة والجالس عليه هو صاحب السلطة . جلوسك في الارض وعلى ذلك النحو المذل يشير الى قبولك بتلك السلطة الجائرة والبعيدة كل البعد عن مبادئ الشرف والاخلاق .
وحتى اكون صريحاً معك فقد جرحتني تلك الصورة ، انت بعمامتك السوداء التي تشير الى ان جذورك تعود الى هذا الرجل النبيل والذي تحّول الى أسطورة وبكل جدارة كما تذهب الإيديولوجية الشيعية، وهو كما تعلم عاش ومات وكان بإمكانه ان يصبح من أغنى أغنياء المسلمين فبيت المال بين يديه ولكن لم نجد في جعبته سوى دينار واحد يا مقتدى .
لقد كنت في ضيافة أعداء العراق يا مقتدى ، خامنئي بل كل السلطة الإيرانية صفوية بطبيعتها ، الصفوية يا مقتدى ليست شتيمة بل هي من صنعت الهوية الإيرانية المعاصرة . القادة الإيرانيون يبحثون عن كل الوسائل مهما كانت دونية وسافلة من اجل حماية الهضبة الإيرانية.
أسمح لي ان أطلق عليك من الآن فصاعداً يا ولدي ذلك اني لو تزوجت في سن مبكرة لكان لي اولاد اكبر منك سناً. قبل بضعة اشهر صرحّت وبفخر ( يحتاج العراق الى حكومة أبوية)!
لم يعترض احد على تصريحك ذاك بل التزم الصمت حتى من دخل معك بتلك الجبهة المخجلة....
تصريحك ذاك يا ولدي العزيز يشكل فضيحة ويؤكد انك لم تخرج من عالم القرون الوسطى. الديمقراطية ومع كل عيوبها نظام المواطنة وليس نظام الرعية. كان الأولى بمستشاريك وبعضهم درس في الجامعات الغربية ان يرشدوك حتى لا تقع في مطبات مضحكة . في الديمقراطيات ليست هناك وصاية وأرشاد ، الحاكم محكوم بعقد لمدة اربع أو خمس سنوات. انت وبلا وعي منك أردت ان تعود الى نظام البعث البائد حيث كان يطلق على احمد حسن البكر الأب القائد وعندما استلم صدام السلطة بالقوة كعادته ، اطلق على نفسه الأب القائد ايضاً .
عندما كنت شابا وفي أيام الدراسة الجامعية في منتصف ستينيات القرن الفائت كانت هناك نكتة اسمح لي ان ارويها لك ( في منطقة الميدان حيث تنطلق من هناك مجموعة من باصات مصلحة النقل الحكومية ، كانت هناك امرأة بعيدة عن عالم القراءة والكتابة تاهت عليها الأمور امام ذلك العدد من الباصات فسألت رجل دين يضع فوق رأسه عمامة سوداء على النحو التالي " سيدنا يرحم جدك اين اجد الباص رقم 4 ؟ فكان جوابه : لا أعرف . فردت عليه وعلى نحو عفوي : وهاي عمامتك الكبيرة وما تعرف تقرأ ؟ فما كان منه إلا خلع عمامته ووضعها فوق رأس تلك المرأة المسكينة وقال لها : تفضلي اقرئي!)
طبعا انها نكتة لأنه لا يمكن ان يكون هناك رجل دين دون ان يعرف المبادئ الاساسية للقراءة .
اروي لك هذه النكتة ياولدي التي مضى عليها اكثرمن نصف قرن حتى تعلم ان الناس بحسها الفطري كانت تدرك في بعض الاحيان من هم رجال الدين .
انا على يقين بأنك ستقف حائراً لو سألتك ما الفرق بين الحكومة والدولة؟ ما الفرق بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني ؟ بل ستقف حائراً لو سألتك ان تجد لي تعريفاً للقانون الخ .
لو سألتني يا ولدي العزيز لم ابخل عليك ولا ألُقبك بسيد والسبب هو ان السيد عندي هو من يحترم نفسه ويحترم الاخرين ليس على ضوء مفاهيم الايمان البالية بل على ضوء مفاهيم المواطنة ، السيد هو من يعرف قدر نفسه ، السيد هو من لايغش ولا يخدع ، السيد هو من لا ينافق .
هذه الجموع الغوغائية التي تسير خلفك وتقوم بافعال تحط من قيمتها لايمكن ان توجد إلا في لحظة غياب الوعي.في الديمقراطيات يطلق على الأشخاص الذين يخدعون الاخرين بأرادتهم وبكامل وعيهم دجالين . ربما ستجد ان هذه الكلمة قاسية بحقك انما ارجوك اشرح كيف تسمح بأن يقوم هؤلاء الناس المستلبي الوعي بالتبرك ببصاقك ؟ كيف تسمح ان يجد هؤلاء المساكين السعادة والأطمئنان عندما يتباركون بعجلات سياراتك وهي كثيرة جداً ....
لو كنت سيداً في تقديري لتخليت عن امتيازاتك وهي كثيرة جداً فلك عدد كبير من الوزراء ووكلاء الوزراء والمدراء العامين ... لو كنت سيدا فعلاً لا قولاً لتوجهت لتثقيف نفسك فما تقوله وتصرح به يكشف عن جهل مرعب . هل سألت نفسك ا نابيك الذي اغتاله صدام حسين مع اخوتك ، كان شريفاً ولم يملك شيئاً .هل سألت نفسك هذا السرال البديهي الذي اطلقه النبيل ابا ذر الغفاري ( من اين لي كل هذا ؟ ).
وحتى لا اطيل عليك أقول لو توقفت من تلقاء نفسك في المشاركة بنهب البلد وتسيّيد الفساد ، عندها فقط سأطلق عليك سيد مقتدى . والسلام



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن