صناعة الديكتاتورية

حسن نبو
hesinnebo@hojmail.com

2019 / 9 / 27

صناعة الديكتاتورية

لو طُرح علينا السؤال التالي : ماهي الاسباب التي اوصلتنا الى الحالة الكارثية التي نحن فيها ؟ ماذا ستكون الأجوبة ؟
لاشك أن غالبية الاجوبة ستكون كالتالي : ان سيطرة الديكتاتورية على مقاليد الحكم في بلداننا هي السبب الاساسي والرئيسي للمحن والكوارث التي حلت بنا . وبالتأكيد فإن هذا الجواب يحمل في طياته الكثير من الحقيقة .
لكن المشكلة لاتتجسد في تشخيص السبب / المرض بشكل عام ، بل تكمن في قدرتنا على فهم معنى الديكتاتورية بكل تجلياتها واشكالها ومعانيها ، فالديكتاتورية لاتتجسد في سيطرة شخص مستبد على السلطة السياسية فحسب ، بل تتجلى ايضا في عقيدتنا الدينية وثقافتنا الاجتماعية وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الموروثة منذ قرون عديدة ، فكل هذه المفردات تحمل الكثير من الاخلاق والسلوكيات الديكتاتورية .
فعلى سبيل الأمثلة وليس الحصر ، عندما نؤمن ان ديننا هو الدين الصحيح وماعداه هو منحرف وباطل اومنسوخ فإننا نساهم في صناعة ديكتاتورية مقدسة ، وهذه اخطر انواع الديكتاتورية .
وعندما نؤمن أن ايديولوجيتنا الفكرية هي ايديولوجية صحيحة ونتهجم على الايديولوجيات الفكرية الاخرى ونصفها باقبح الأوصاف فإن هذا أيضا يساعد في صناعة الديكتاتورية .
وعندما نتعصب للقيم والعادات والتقاليد العشائرية والقبلية المتوارثة ونقدس رموزها واشخاصها ونطالب باستمراريتها، فإننا ايضا نساهم في صناعة الديكتاتورية بشكل غير مباشر .
وعندما نتباهي بالحزب او التنظيم السياسي الذي ننتمي اليه ونلجأ الى تخوين ماعداه من الاحزاب فإننا نساهم بشكل مباشر في صناعة الديكتارية .
وعندما نسكت عن سياسات الحاكم او السلطة الحاكمة التي تعمل على اقصاء الآخر ونبرر هذه السياسات ونعلم في الوقت نفسه انها سياسات خاطئة نكون قد ساهمنا بشكل قوي في صناعة الاستبداد .
الديكتاتورية لم تنشأ من الفراغ ولم تأت صدفة دون سابق انذار ، الديكتاتورية هي محصلة تراكمات مئات السنين من القيم والممارسات والعادات والتقاليد الخاطئة التي ذكرت بعضا منها .
لذلك ان اردنا محاربة الدكتاتورية علينا ان نحاربها على جميع الجبهات .
فهل نحن مؤهلون لمحاربتها ؟
اترك الجواب للقارئ .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن