تونس:ما العمل لاستثمار الديناميكية التي أنتجتها انتخابات 2019 الرئاسية

بشير الحامدي
bechir44n@gmail.com

2019 / 9 / 22

ما العمل لاستثمار الديناميكية التي أنتجتها انتخابات 2019 الرئاسية
ــــــــــــــــــــ
دون الغوص في الكثير من النقاش من قبيل أن طرح قيس سعيد حول الحكم المحلي طرح مجالسي أو أن هذا الطرح أساسه لاسلطوي أو أن مشروع قيس سعيد هو ثورة جديدة ستقلب الأمور جميعا وستمكن الأغلبية من حقها في السيادة على قرارها وتخريجات كثيرة أخرى نقول أن هذا المشروع أولا هو مشروع لتغيير النظام التشريعي ليس أكثر ولا يقبل أن يحمّل بأكثر من ذلك وثانيا هو مشروع يدفع في اتجاه إدخال هذا التغيير بآليات المنظومة نفسها أي أنه لا يرى إمكانية لتحقيقه من خارج الشرعية والقانون وهو ما يجعله أقرب إلى المغالطة منه إلى المبادرة السياسية الممكنة التحقيق وثالثا أن لا إمكانية في الواقع لتطبيقه باعتبار محدودية صلاحيات المؤسسة التي ستطالب بتحقيقه داخل أجهزة الدولة والضغط والمحاصرة التي ستلقاها من السلطة التشريعية حيث لا يمكن أن تحوز مبادرته إن سعى إلى تفعيلها عبر الاستفتاء مثلا موافقة وانخراط كتل برلمانية (الأغلبية البرلمانية ) لن تراها إلا موجهة لحلها هي نفسها وتغيير طريقة عمل المنظومة التشريعية التي تستمد منها نفوذها ووجودها السياسي وعليها ستعتمد في الحكم والمشاركة فيه أو معارضته في المدة النيابية من الطور القادم للانتقال الديمقراطي.
لكن ورغم كل ذلك فانتخاب أغلبية المصوتين لقيس سعيد والنقاش الذي واكب ذلك المتعلق بمشرعه الذي يريد تطبيقه قد أعاد إلى سطح اهتمامات الأغلبية تلك الآمال المجهضة وتلك المهام التي لم تقدر هذه الأغلبية على تحقيقها بعد 17 ديسمبر وهو ما يمكن أن يولد ديناميكية قد تذهب إلى العودة للنقاش حول استئناف الثورة ولكن ذلك سيتوقف على مدى وعي وقدرة من صوتوا لقيس سعيد وعموم الأغلبية المتعارضة مصالحها مع مصالح السيستام ومنظومة الحكم الفاسدة على مباشرة تنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع والحسم مع رؤية التغيير بأليات منظومة الحكم نفسها وهي إمكانية لابد من العمل على أساسها في الطور القادم من الانتقال الديمقراطي والذي سيشهد مزيد احتداد أزمة الطبقات الفقيرة ومزيد تعمق أزمة النظام التي ستبلغ أعلى درجاتها بفعل التناقضات التي سيكون عليها نظامها السياسي وما سيترتب عن ذلك من صراعات بين مختلف مؤسسات هذا النظام سوف لن تزيد جماهير الأغلبية إلا قناعة في أن لا خلاص لها إلا بالتغيير الجذري.
إن الملاحظ أيضا وهو أمر مؤكد أنه دون البدء فورا وهذا موجه لكل المجموعات السياسية ولكل الناشطين المستقلين المعنيين بمواصلة مقاومة السيستام وبالتغيير الجذري ولا يتوقفون عند مبادرة سعيد ويرون أنفسهم معنيين بتجذيرها في كل أبعادها أي بتحويلها إلى مشروع يمكّن من استئناف مسار 17 ديسمبر في تنظيم نقاش واسع في كل المحليات والجهات أولا لتوضيح طبيعة مشروع سعيد وتناقضاته وحدوده وثانيا الاتفاق على جملة مهام يقع مباشرة تنفيذها مع الأغلبية في هذه المحليات والجهات متعلقة بالسيادة على القرار والسيادة على الثروات والموارد ووسائل الإنتاج وتدبر الأشكال العملية لتحقيق ذلك.
سيبقى ذلك هو الأفق الوحيد الممكن لاستثمار الديناميكية التي انتجتها هذه الانتخابات والدفع بالحسم في منظومة حكم الانتقال الديمقراطي الذي أنتجته الصناديق سلطة ومعارضة والارتقاء به إلى مشروع ملموس للمقومة تلتقي حوله الأغلبية المتناقضة مصالحها مع مصالح العصابة المنقلبة على 17 ديسمبر لا يفصل بين السيادة على القرار عن السيادة عن الثروة.
دون ذلك ستتمكن منظومة الحكم من ترتيب أوضاعها من جديد والاستمرار في الحكم حتى وإن كلفها ذلك استبعاد مؤسسة الرئاسة عبر محاصرتها وشكل كل مبادراتها وهو ما يمكن أن يدفع إما إلى استقالة ممثلها أو إلى إذعانه لسياسات المنظومة والاندماج بها والتخلي عن مشروعه حتى في صيغته المشوهة التي هو عليها.
الأزمة في الحقيقة ليست فقط في الفوق السياسي الفاسد إنها أيضا موطنة لثماني سنوات في الأسفل وبالتحديد لدى كل الطيف السياسي الذي يقول عن نفسه أنه متمسك بالثورة وبمواصلة المسار الثوري ولكنه برهن وطيلة هذه السنوات على عجز تام على استثمار الأزمة الشاملة التي يتخبط فيها السيستام وسياسات الانتقال الديمقراطي على كل الأصعدة والتوحد على مشروع جذري للمقاومة تنخرط فيه الأغلبية للإطاحة بهذه السياسات.
إنها فرصة أخرى يتيحها الصراع وقد يتوقف على إمكانيات استثمارها الاستثمار المناسب مستقبل هذا الطيف الذي سيجد نفسه هو أيضا خارج الصراع فيتحلل ويندثر.
ــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
22 سبتمبر 2019







https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن