الوطنية ليست بقرة للحلب تسرح في معلف الاعداء

جاسم ألصفار
jassim-al-saffar@yandex.ru

2019 / 8 / 19

نشر بعض الاصدقاء على صفحات التواصل الاجتماعي بوست منقول عن قناة "الشرقية" المعروفة بمصادر تمويلها واهدافها المشبوهة، يظهر فيه السيد حسن نصر الله، الامين العام لحزب الله اللبناني، وتحت صورته كلمات نسبت له يقول فيها ان العراق سيكون جزء من الحرب ان اشتعل فتيلها بين القوات الامريكية وايران.
ومع شكي بدقة نقل الشرقية لما قاله الامين العام لحزب الله اللبناني، فاني لم اعر ذلك اهمية كبيرة لأن السيد حسن نصر الله وقيادات ايرانية وقيادات في الحشد الشعبي العراقي وقبل يومين انضم اليهم زعيم حركة انصار الله اليمنية عبد الملك الحوثي ، قد أكدوا دوما بأن أي عدوان عسكري امريكي على ايران لن يكون الا لتنفيذ المخطط الصهيوامريكي في المنطقة وانه بالتالي قد يشعل المنطقة بأكملها.
وقد فاجأتني تعليقات بعض الاصدقاء التي ان لم تكن لتردد مقولات بعثية عن عدم تضامن العالم معهم (هكذا كتبوا- معنا) عند تعرض العراق (أيام صدام حسين-التوضيح مني) للعدوان فانها اتصفت بالتخاذل والاستسلام، وكأنها نوح في جوقة تهيأ لها انها قد استمعت لطبول حرب اتية من بعيد. وكما كان قميص عثمان راية للعدوان والحرب على سيد الفقراء الامام علي بن ابي طالب، أصبح التباكي على مصلحة الوطن والدفاع عنها هي "الملاذ الاخير للانذال" كما قال صموئيل جونسن.
أذكر النائحين والمتراجفين بأن أمريكا وايران اعلنتا مرارا بانهما لا يريدان الحرب، وأن لا مصلحة لهما باندلاعها، وكل ما يدور اليوم بينهما يشير الى انهما في طور معركة الارادات او لي الاذرع، ترافقها حملات اعلامية تهدف الى حسم الموقف لصالح احد الطرفين ضمن سقف لا يصل الى حرب ساخنة.
فأمريكا تريد ان تقبل ايران بالتفاوض معها من جديد بشأن برنامجها النووي اضافة الى امور اخرى لا يمنحها الطرف الامريكي اهمية كبيرة لأنها لم تتكرر في جميع تصريحات اصحاب القرار في امريكا، أما الطرف الايراني فيهمه قبل الشروع باي مفاوضات مع امريكا الغاء العقوبات التي اصبحت ترهق كاهل اقتصادها.
أتذكر لعبة أمريكية تنطلق فيها سيارتان من طرفي طريق مخصص لسيارة واحدة ولا يحتمل عرضه مرور سيارتين في ان واحد. تنطلق السيارتان عند بدء السباق بأكبر سرعة ممكنة، كل منها باتجاه السيارة الاخرى. ويفوز في السباق من يقطع اكبر مسافة قبل وصوله الى السيارة الثانية، ان لم يصطدم بها بسبب سرعة السيارتين الهائلة، وهذا الاحتمال هو الذي يولد الرعب والخوف عند كلا المتسابقين. وغالبا ما يحصل ان تخرج احدى السيارتين عن الطريق بسبب خوف سائقها من الاصطدام فيكون قد خسر السباق.
ورغم ان السائق الايراني في هذه الحالة يمضي الى الامام دون اي مؤشر لتردد او خوف فان السائق الامريكي في حالة تردد تدل عليها تعدد المقترحات والكذب في التصريحات، فان ايران ستكون محصنة من اي هجوم امريكي عليها في حالتين، ألأولى هي صمودها الاقتصادي امام العقوبات الامريكية عليها واستقرار نظامها السياسي في ظروف تلك العقوبات، والثانية هي اتساع جبهة التحالف معها وثبات حلفائها على مواقفهم ومساعدتها على تجاوز اثار العقوبات، كما تفعل حاليا روسيا والصين ودول اخرى عديدة، بدرجات متفاوتة.
والتحالف مع ايران اليوم يختلف في اسبابه ومنطلقاته، وليس بالضرورة ان تكون من بين تلك الاسباب تأييد العقيدة الدينية او الطائفية او اسلوب ادارة البلاد من قبل النظام الايراني. فكل من يؤمن بعالم متعدد الاقطاب لا تكون فيه لامريكا او لاي نظام اخر الهيمنة المطلقة على مقدرات وارادة الدول الصغيرة في اي بقعة من بقاع العالم، لن يكون صادقا في ايمانه ان اختار لنفسه موقف الدفاع عن سياسة الغطرسة والعدوان الامريكية حتى وان لم يكن على وفاق مع النظام الحاكم في ايران.
هذا من جهة، ومن الجهة الاخرى فان المنطقة برمتها تتعرض لهجمة صهيوامريكية قاسية ومدمرة تعتمد في اساليبها على خلط الاوراق تستخدم فيه رايات "الاسلام" لهدم تاريخ وحاضر ومستقبل اوطان بكاملها ويستبدل العداء للكيان الصهيوني العنصري الغاشم بالعداء لايران التي اثبتت دعمها للقضية الفلسطينية وناصبت الكيان الصهيوني العداء، وأخيرا وليس اخرا في اجندات المخطط الصهيو امريكي، البحث عن وطن بديل للفلسطينيين وتصفية قضيتهم الى الابد.
فمن يرى بأن أمريكا في نزاعها الاخير مع ايران لا تسعى الا لكسر حلقة اهم من حلقات المقاومة للمشروع التصفوي الصهيوامريكي يتعين عليه ان يتخذ موقفه بما يمليه عليه وعيه السياسي لما جرى ويجري للمنطقة، بما فيها بلادنا العراق الذي سوف لن يكون بمناى عن مشاريع الخراب الامريكية والتي ستنال من وحدة اراضيه وخيراته الطبيعية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن