البرنامج الحكومي ومستوى التنفيذ ح 1

صبحي مبارك مال الله
subhimubarak@yahoo.com

2019 / 8 / 11

ذُكر في توطئة البرنامج بأن وثيقة البرنامج الحكومي(2018-2022) أعدت في ضوء المنهاج الوزاري الذي قدمه السيد رئيس مجلس الوزراء المكلف في 24 -10- 2018 لمجلس النواب الذي صادق عليه كما وعد رئيس مجلس الوزراء بترجمته إلى برنامج حكومي خلال (100) يوم. وبعد المصادقة قررمجلس النواب تأليف لجنة برلمانية لمتابعة ومراقبة تنفيذ البرنامج .لقد كان البرنامج يحتويه 138 صفحة ويشمل المقدمة وخمسة محاور تتضمن 195 فقرة تنفيذية . لقد كان البرنامج واسع وكثير التفرع وأكبر من الأمكانات المتاحة ومن السلطة التنفيذية، التي تمثلها الوزارة، كما كان البرنامج يتطلب وضع جهود إستثنائية في ظروف صعبة ومعقدة وأزمات متراكمة مع ضرورة توفير أجواء ومناخ جيد للتنفيذ. الظروف تشير إلى تجذر الفساد وتفكك مؤسسات الدولة وأجهزتها العملية بسبب سياسة المحاصصة الطائفية وتداعيات وخضوع المسؤولين الإداريين لسيطرة الأحزاب المتنفذة وبالتالي خلّفت الوزارات السابقة وضع مأساوي في البُنى التحتية لبناء الدولة التي تحتاج إلى معالجة. وجاء في المقدمة الخاصة بالبرنامج، بأن (البرنامج الحكومي هو خارطة الطريق للحكومة) وهو (الوثيقة الرسمية التي تعبر عن توجهاتها وسياستها العامة ومحدد أولوياتها في ضوء المحددات السياسية والإقتصادية والمالية والإجتماعية)، كما جاء ليترجم المنهاج الوزاري إلى خطط تفصيلية بتوقيتات زمنية ومؤشرات أداء واضحة. لقد شاركت الوزارات والجهات المعنية في إعداد البرنامج ليكون، عقداً وعهداً يلتزم به الوزراء أمام المواطنين في إداء مهامهم ومسؤولياتهم وأحد الأدوات الرقابية لمجلس النواب الذي يمارس من خلالها وظيفته الرقابية على أداء السلطة التنفيذية، ووظيفته التشريعية في إصدار قوانين تسهل تنفيذ هذا البرنامج بما يخدم المواطنين ويلبي إحتياجاتهم ومطاليبهم المشروعة وتحسين مسستوى معيشتهم ونوعية حياتهم.
البرنامج يشمل خمسة محاور وهي 1- إستكمال أسس الدولة الإتحادية الواحدة ونظامها الجمهوري النيابي الديمقراطي 2- سيادة القانون وتعزيز الأمن الداخلي والخارجي 3- الإستثمار الأمثل للطاقة والموارد المائية 4- تقوية الاقتصاد 5- الخدمات والتنمية المجتمعية. وفيما يخص الإستثمار فقد تمّ فرز المشاريع المقدمة من الوزارات تحت خمسة ألوان (الأخضر ، الأزرق ، الأحمر، الأصفر ، والوردي ) بين مشاريع مستمرة لها تغطية مالية ضمن الموازنة الإستثمارية 2019 ، والمشاريع المستمرة والتي يخطط لتمويلها من خلال الإستثمار أو في الموازنات التكميلية وحسب الوفرة المالية ، ومشاريع جديدة التي يخطط لتمويلها من خلال الإستثمار أو في الموازنات التكميلية وحسب الوفرة المالية ومشاريع ممولة من الموازنة الجارية ، ومشاريع ممولة من القروض. كما ثبت في البرنامج آلية متابعة وتقييم البرنامج الحكومي حيث تعتمد نموذج إستمارة مرافقة لذلك كقاعدة لجمع البيانات ، وتشكيل فريق في كل وزارة يكون مسؤول عن جمع البيانات المتعلقة بتنفيذ البرنامج الحكومي وتحليلها وارسال تقرير أو موقف تنفيذي بها وفق التوقيتات الزمنية والقيام بزيارات ميدانية ومراجعة وتقييم المنجز من البرنامج .ولهذا نلاحظ من الناحية النظرية فأن فقرة التقييم جيدة في حال أذا تمّ تطبيقها، والتي تحتاج إلى كادر كفوء ومخلص ومتمرس بعيد عن شبهات الفساد ويعمل في إطار النزاهة وأهداف البرنامج . وعندما تضعف هذه الحلقة التطبيقية بسبب التواني والإهمال والركود وعدم الشعور بالمسؤولية ، فأن تنفيذ البرنامج سوف يتضرركثيراً مما سينعكس على الأداء الحكومي وبالتالي تكون نسب الإنجاز منخفضة كما أشارت اليه اللجنة البرلمانية .
نتناول المحاور المُشار أليها حسب ما جاء في البرنامج
المحور الأول : إستكمال بناء أسس الدولة الإتحادية الواحدة ونظامها الجمهوري النيابي الديمقراطي . وحسب الفقرات التالية ا-تفعيل الدستور نصاً وروحاً الفقرة (1) العمل وفق الدستور نصاً وروحاً من خلال :-
-إستكمال القوانين التي لم تشرع لحد الآن ، وضع صندوق للإسنفتاء مع كل انتخابات تشريعية أو محلية تجري لإجراء التعديلات الدستورية التي اقرها مجلس النواب ، توحيد الفلسفة التشريعية والقوانين النافذة وفقاً للدستور. الفقرة (2) الأولية للمواطن والفقير والمظلوم والأمي والمرأة والطفل والشاب والشيخ والمُقعد والمريض والعاطل والخائف والمهدد. الفقرتين تؤكدان على تطبيق الدستور وفق مواده والتي تخص المواد الدستورية التي تحتاج إلى قوانين لتنفيذها والحكومات التي تعاقبت بعد الإستفتاء على الدستور، والدورات البرلمانية لم تستطع تمشية العديد من القوانين اللازمة للمواد الدستورية بسبب الصراع بين الكتل السياسية ومحاولة التسويف أو التجميد لهذه المادة أو تلك من الدستور .فهل تستطيع الحكومة الحالية والبرلمان من تجاوز الأسباب المعطلة للمواد الدستورية ؟
الفقرة (3)- التعاون مع مجلس القضاء الأعلى، والحكمة الإتحادية لإصلاح القضاء والمحاكم والإجراءات واحترام حقوق المواطنين وإنصافهم واعطائهم الأولوية، واحترام حقوق الإنسان شكلاً ومضموناً وتطبيق نص وروح الدستور في إصدار مذكرات القبض والإعتقال ومنع التعذيب والإهانة والإحتجاز والسجن خارج الأصول القضائية.
الفقرة أعلاه مهمة جداً وهي تخص الباب الثاني من الدستور الخاص بالحقوق والحريات ، فعند التدقيق في مسيرة السلطات التنفيذية ما بعد صدور الدستور الدائم، نجد العشرات بل المئات من المخالفات الدستورية، ولازالت الممارسات غير الديمقراطية مستمرة بالضد من حقوق الإنسان بسبب الأجهزة التي تعودت على إهانة المواطن وعدم إحترامه، كما تردت أجواء مراكز الشرطة والأجهزة الأمنية إلى حالة الرعب والإرهاب، فهل يستطيع البرنامج وفقراته أن تضمن الإلتزام بالدستور والقوانين والتعليمات ؟ وأن تعمل الأجهزة التنفيذية بتطبيق نص وروح الدستور كما ورد ؟
الفقرة (4) إعتماد مبدأ حصول الموافقة بعد مرور فترة زمنية سواء في علاقة الدوائر الحكومية بالمواطنين ومصالحهم أو العلاقة بين دوائر الدولة وبين السلطات المختلفة ....الإسراع في إنجازالمعاملات وعدم تراكم الملفات دون الحلول المطلوبة .لقد وضحت الفقرة (ا) وفقراتها الأربعة والخاصة بتفعيل الدستور نصاً وروحاً أهمية التعامل مع المواطن، ولكن وكما نرى في التطبيق يوجد روتين ثقيل في دوائر الدولة وإنتشار الرشا وتزوير الوثائق من خلال الموظفين الفاسدين كما لازالت الواسطات والمحسوبية والمنسوبية والعشائرية تعمل عملها في سلب حقوق المواطن البسيط ، فهل يستطيع البرنامج في فقرات التفعيل أن تلبي مطاليب المواطنين ؟
ب- تفعيل قوانين الوزارات وتعديلها أو سن غيرها
الفقرة (1) : إصدار قانون (الوزارات ) بالتعاون مع مجلس النواب خلال الأشهر الثلاثة الأولى ، يشمل قانون الوزارات لتعريف مهام الوزارات وواجباتها وجعلها الأساس لعمل الوزارة والوزير ومجلس الوزراء ورئيسه والسلطات التشريعية والرقابية والقضائية . والتشريعية تهدف إلى تشكيل لجنة تعمل على توحيد قوانين الوزارات بقانون واحد وفي إعادة هيكلة مجلس الوزراء من خلال الفقرة (1) ، ترشيق تشكيلة الوزراء والأمانة العامة وتبسيط آليات العمل وحذف الأعمال والمناصب غير الضرورية أو دمجها (تحتاج تشكيل لجنة من المختصين لتقدم دراسة ) الفقرة (2) وضع آليات وترتيبات لتسهيل وتسريع وإتخاذ القرارات في مجلس الوزراء في الأمور المشتركة ولحل التقاطعات بين الوزارات .
ث- تطوير أنظمة الحوكمة بشكل جذري الفقرة (1) ، يجب أن تكون الحوكمة الجيدة بديلاً عن الإدارات البيروقراطية المتخلفة السابقة وإحلال النُظم الذكية والحكومات الإلكترونية بديلاً عن النُظم الورقية والبيروقراطية، لما توفره هذه النظم من مجالات فساد في التدخل والواسطات غير المشروعة والرشاوي والعراقيل . الفقرة (2) إنهاء العمل بالوكالة .
ج- تقوية اللحمة الوطنية الفقرة (1) إعادة النظر بقانون الأحزاب والإنتخابات بما يضمن عدالة النظام الإنتخابي وإنفتاحه للكفاءات والجمهور الواسع ومسلزمات الإصلاح والتطور الحضاري. تقديم مشروعي قانوني تعديل لقانون الأحزاب والإنتخابات .
لقد لاحظنا مؤخراً كيف عملت الكتل المتنفذة في إجراء التعديل الأول على قانون انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم المرقم 12لسنة 2018 والذي كان مجحفاً حيث كان يهدف التعديل على إستبعاد الكيانات السياسية الصغيرة برفع القاسم العدد من نظام سانت ليغو الإنتخابي من 1.أو 1.4 إلى 1.9 حيث أفرغ سانت ليغو من جوهره.
الفقرة (2) حسم الملفات العالقة من موروثات الماضي قبل 2003 وبعده سواء المتعلقة بالأشخاص أو الممتلكات والحقوق العامة . وإقرار نظام ثابت معترف به من الجميع ينهي الفوضى والتجاوزات ويقر الحقوق العادلة وتشكيل لجنة عليا تتولى المهمة .
ح- التصدي بقوة لمنع سوء إستخدام الحريات والإضرار بالحق العام
الفقرة (1) التصدي بقوة لمنع سوء استخدام الحريات والشرعية ووسائل التواصل والإعلام لعودة النظم الدكتاتورية والإرهاب والكراهية والفتن والعنف والإعتداء على كرامة المواطنين وحقوقهم الأساسية ونشر الأكاذيب والتأثير عبر الوثائق المزورة ........فيما يخص الفقرة (ح) فهي سلاح ذو حدين وإستهداف للتظاهرات المطلبية من قبل المواطنين الذين يعانون من البطالة وسوء الخدمات ومن الفساد المستشري ومن سلب حقوق الموظفين والعمال والشباب والمرأة والطلبة الخريجين الذين لم يحصلوا على فرصة عمل وغيرها من المطالب. من الممكن أن يستغل ذلك المندسين وعناصر الأمن والسلطات الأمنية لغرض إستخدام أبشع الوسائل مع المتظاهرين المدنيين. (يتبع)





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن