الزواف zouaves أو الخديعة الكبرى . [ج4]

الطيب آيت حمودة
aithamoudatayeb@yahoo.fr

2019 / 7 / 28

التجنيد :

بدأ تجنيد الأهالي الجزائريين في صفوف فرقة الزواف مبكرا بعد نية كلوزيل بتكوينها ـ وقبل صدور القوانين الرسمية بالتكوين ، ودعم نيته بقرار من لدنه مؤرخ في 01 أكتوبر 1830 ، وهو ما تدعم فيما بعد بأمرية ملكية مؤرخة في 21 مارس 1831 [ 1 ]

فكان كلوزيل متوجس من الأتراك فلم يمنح لهم فرص تأطير جيش الزواف وهي المهام التي أسندت للفرنسيين والأهالي الجزائريين .
الإنطلاقة الأولى للإنخراط أفرزت نتائج جد محفزة ففي 16 أكتوبر 1830 بلغ عدد المنخرطين 404 وهم من مختلف المشارب الإجتماعية و الأجناس التي تعج بها العاصمة ( دار السلطان ) ، فقد أشارت الإحصائيات بأن عدد الجزائريين المنخرطين في الكتيبة الأولي 1 bataillon من هذا الجيش خلال ستة أشهر الأولى لم تزد عن 207 جزائري [ 2] .
أكثر العقبات التي اعترضت تأسيس هذا الجيش هي مسألتا التأطير و التجنيد ,

°°°تشكيل كتيبتين bataillons 2 ، كل كتيبة مشكلة من 8 سرايا كمبانيات ، أسندت قيادة الكتيبة الأولى للقبطان (مومي MAUMET ) ، والكتيبة الثانية لقبطان الهندسة العسكرية (دوفيفيي DUVIVIER ) الذي له قدرة عجيبة في التأقلم مع عادات الجزائريين ، فقد اجتهد في جعل جنود الكتيبة الثانية جزائرية متمشرقة في لباسها و مراسيمها و أن هي لم تكتمل في تعدادها لصعوبة التجنيد ،على عكس الكتيبة الأولى التي كانت أوربية في كل شيء واكتمل تعدادها .

°°للتغلب على إشكالية نقص عدد الأهالي الجزائريين في صفوف جيش الزواف تم إبرام اتفاقية بين قيادة هذا الجيش واثنين من ذوي النفوذ المحليين على تجنيد الأهالي الجزائريين مقابل (دورو واحد بالعملة التركية ) أو ( ما يساوي 3فرنكات و72 سنتيما بعملة المستعمر أنذاك ) عن كل مجند من الأهالي [3] ،

في جانفي 1831 كتيبتا الزواف ZOUAVES لم تكتملا من حيث العدد النظري ، وهو ما جعل القادة يفكرون في حلين سريعين ، إما تجميع الكتيبتين في كتيبة واحدة ، أو تجنيد المزيد من الفرنسيين والأوربيين لتعويض النقص العددي للأهالي الجزائريين في هذا التنظيم الزوافي .

بعد نجاح ثورة جويلية ضد ملكية شارل العاشر ، تم إبعاد جحافل المشاغبين المشاركين في الثورة من باريس وليون نحو الجزائر المستعمرة الجديدة وتجنيدهم في صفوف كتائب الزواف بنفس الطريقة التي استبعد ت بها قبائل بنو هلال وبنو سليم من قبل الدولة العبيدية وإرسالهم لشمال افريقيا انتقاما من أهاليها الذين شقوا عصا الطاعة عن دولة الفاطميين عام 1050 م ، فعزوف الجزائريين التجنيد في كتائب الزواف تم تعويضه بتسهيل انخراط المتطوعة الباريسية الذين هم في حقيقتهم من الشتات الفرنسي ومن مختلف الطبقات الإجتماعية وأصحاب حرف متنوعة ، و معهم جحافل المهاجرين الأسبان [4]

°°صعوبة تجنيد الأهالي الجزائريين في كتيبة الزواف الثانية 2é bataillon مع تراجع نشاطها الحربي تقرر إلغاؤها بموجب قرار مؤرخ في ديسمبر 1832 ، فأدمجت مع الكتيبة الأولي التي أصبحت تتشكل من 10 سرايا ، سريتان فرنسيتان والباقي من المجندين الجزائريين الذين تذكرهم المراسلات الرسمية باسم ARABES ، وهو ما يعني ( أن عدد الزواف zouaves في السرايا العشر نظريا يبلغ 1110 جندي ، منهم 888 ARABES . وأسندت قيادة الكتيبة للجنرال KLOB كلوب ، وبعد سلسلة من التعديلات أنتقلت قيادة كتيبة الزواف الوحيدة إلى الجنرال لموريسيير Lamoricière في 2 نوفمبر 1833 .
مذكرة 25 ديسمبر 1835 حولت كتيبة الزواف الوحيدة إلى جيش زوافي بكتيبتين كما كانت في المنطلق والبداية عند التأسيس ، لكن كل كتيبة ب 6سرايا ، اثنتان فرنسيتان و4 منها للعرب .
وهو ما يجعل عدد الجزائريين قارا مثلما كان سابقا .

في 1837 وبموجب مذكرة 20 مارس 1837 تم تكوين كتيبة ثالثة 3é bataillon من الزواف مقرها في تلمسان ليس فيها من الأهالي الجزائريين سوى 6 أفراد فقط ، وأصبح لموريسيير Lamoricière قائد عام لكتائب الزواف الثلاث .
قي 1838 تم إلغاء الكتيبة الثالثة ، وتم الإحتفاظ فقط بالكتيبتين الأولى والثانية ، ثم أعيد بعث الكتيبة الثالثة من جديد بموجب مذكرة 4أوت 1840 وأصبحا القيادة لكافينياك général Cavaignac, خلفا للموريسيير Lamoricière.

انخراط الجزائريين في هذا الجيش تدحرج تدريجيا وبنسب أقل من 50 بالمائة ليصل في سنة 1839 إلى أدنى مستوى هو 2 منخرطين فقط من مجموع 517 هم من الفرنسيين والأوروبيين كمرتزقة ، أي ما نسبته 0,4 % أنظر [5]

°°° بموجب أمرية الملك لويس فليب المؤرخة في 8 سبتمبر 1841 ، ونظرا لصعوبة تجنيد الأهالي الجزائريين والإضطرابات التي صادفت كتائب الزواف والتذبذب في عدد كتائبها وتقليص عدد السرايا التي فيها العرب وتسجيل هروب المجندين تم التفكير في إلغاء جيش الزواف نهائيا لكن جهود كافنياك في العاصمة واتصالاته مع المسؤولين أحيا نظام الزواف لكن بتقليص عدد الجنود الجزائريين فيها إلى سرية واحدة في كل كتيبة ، ثم أفرغ نظام الزواف نهائيا من الجزائريين بعد توجيهم نحو تنظيمات عسكرية أخرى من جيش إفريقيا خاصة فرق القناصة الجزائريين المعروفة اختصارا ب turcos وفرق الهندسة العسكرية ، وهو ما أشار إليه المؤرخ laurencin paul في كتابه nos zouaves قائلا :

(… peu a’ peu , le corps des zouaves d’abord exclusivement indigène, s’était mélangé de français , puis ceux ci dominèrent dans les rangs - enfin le bataillon devint un corps de troupe exclusivement français , quand une nouvelle ordonnance eut créé les tirailleurs indigènes , plus communément appelés TURCOS….)
(شيئا فشيئا ... جيش الزواف الذي كان يتكون في الغالب من الأهالي الجزائريين اختلط بالفرنسيين الذي تكاثروا فيه ، ليصبح هذا الجيش بكتائبه [ جيشا فرنسيا خالصا ] بعد صدور أمرية تشكيل جيش القناصة الجزائريين الذي امتص المجندين الجزائريين في صفوفه .) .

الاستخلاص الجزئي :

من خلال المعطيات التاريخية المستخلصة من الأرشيف المخطوط العسكري المحفوظ ، يمكن القول بأن [جيش الزواف ] تشكل من أطياف المجتمع الجزائري كله منطلقا وبقيادة فرنسية ، وسرعان ما بدأت تظهر الصعوبات في هيكله ... ( مشاكل التجنيد )ـ (هروب المجندين) الجزائريين بلباسهم وسلاحهم والتحاقهم بالثورات المحلية وخاصة ثورة الأمير عبد القادر ، صعوبات تأقلم الجزائريين في الجند النظامي رغم التحفيزات ، الوازع الديني ، تلك كلها عوامل ساهمت في تقلص عدد الأهالي الجزائريين في صفوف هذا الجيش الذي كاد أن يختفي تماما في عهد الحاكم العام ( فالي Valée) في 1839 ، لولا وساطات الجنرال ( كافنياك Cavaignac) التي تكللت بإحيائه ، لكن باستبعاد تدريجي وشبه كلي للجزائريين الذين وجهوا لجيوش أخرى (كالقناصة) و(الهندسة العسكرية ) و(الصبايحية ).
°°فجيش الزواف من الناحية التاريخية هو دخان بلا نار ، ورحي بلا طحين ، و غبار بلا زوابع ، وزبد بلا موج ، إنها بوباغندا استهوت الناكرين للبعد الأمازيغي فصبوا جام غضبهم على منطقة الزواوة التي استغل الاستعمار اسمها في محاولة تشويهها ، وهذا الجيش لا يحمل من الزواوة سوى الإسم ، أما الجيش فهو من كل أطياف الشعب الجزائري والفرنسيين ومختلف المرتزقة من الأسبان والطليان ومن شذاذ الآفاق والفلوات ..

سيتبع .
°°°/°°°°

الإحالات -----------------------------------------------------------------------------------------------------------------

[1] ( أمرية الملك لويس فيليب التي تنص رسميا تأسيس جيش الزواف مكون من اللفيف الأجنبي من الأهالي الجزائريين والأجانب) .

[2] أنظر كتاب quelques aspects du recrutement zouaves1830/1852 - capitaine henry dutailley page 4

[3] المصدر : H8 .D2 1 SHD .GR. مؤرشفة بتاريخ 25 جويلية 1831 [ ضمن أوراق دوفيفيي DUVIVIER ] ، الشخصان المكلفان بتجنيد الأهالي مذكوران بالإسم والتوقيع وهما [ محمد بن محمد عين الزرقا MOHAMED BEN MOHAMED AIN AZERGA ]، و[علي بن عريبا أوقسنطيني ALI BEN RAIBA OKSENTINI]

[4] [الوثيقة:SHD –GR- 1H7-D3))قائمة ب/ 62 مهاجر أسباني على متن باخرة (ماتيلد ) انضموا لجيش الزواف ].

[5] quelques aspects du recrutement zouaves1830/1852 - capitaine henry dutailley page 6




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن