العَلمانية الريمقراطية

محيي الدين محروس
marek.master@wp.pl

2019 / 7 / 25

تكثُر الكتابة ذات المفهوم المختلف عن العَلمانية مؤخراً بين مُعارضٍ ومؤيدٍ لتبنيها ولتنفيذها في المستقبل.
وكلٌ يُقدمها حسب رؤيته. فالمؤيد يُضيف عليها ويُضخم من حسناتها وفضائلها ليعتبرها الدولة الفاضلة!
أما المعارض فيُصورها بأنها الشيطان بعينه، وبأن ما ينطبق على الدول الأوروبية ذات الأغلبية السكانية المسيحية، لا ينطبق على الدول العربية ذات الأغلبية السكانية المسلمة، وبأن الإسلام دين دنيا وآخرة!

فما هي العَلمانية؟
التعريف العام والمُختصر هو: „ الفصل بين مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية „.
على اعتبار أن الدين هو إيمان خاص للإنسان، وبأن المؤسسات ليس لها دين.
فمن خلال التاريخ للدول، كانت هناك دول عَلمانية ( في هذا المفهوم - الفصل المؤسساتي ) ذات صفات عامة من الديمقراطية والليبرالية. وكانت هناك دول عَلمانية بعيدة عن الديمقراطية، فمارست التمييز بين المواطنين على أساس تدين المواطن!
وهذا ما كان في الاتحاد السوفياتي وبولندا وغيرها من الدول ذات الأنظمة الاشتراكية ( ديكتاتورية البرليتاريا ) وذات التوجه نحو الاشتراكية.
كمثال عن هذه الممارسات: نقد الحزبي الذي يقوم بتعميد طفله في الكنيسة أو في حال عقد قرانه الكنسي، وإقالته من منصبه القيادي في الحزب وفي مؤسسات الدولة!

من هنا تأتي أهمية ربط الديمقراطية بالعَلمانية للنظام القادم في سوريا.
ولدينا نماذج عديدة من الدول التي تتبنى العَلمانية في دساتيرها، أي هذا الفصل المؤسساتي. وبنفس الوقت تتبنى الديمقراطية والليبرالية عملياً على أرض الواقع. كمثال معظم دول الاتحاد الأوروبي.

العَلمانية الديمقراطية تعني من جهة الفصل بين المؤسسات الدينية ومؤسسات الدولة، كما تعني بنفس الوقت عدم التمييز بين المواطنين على أساس دينهم وتدينهم أو عدمه، فالتدين أو عدمه هي قضية خاصة بالإنسان.
وتضمن الدولة حق ممارسة العبادات الدينية.
وتجدر الإشارة إلى أن مجرد سؤال المواطن عن دينه، يُعتبر بحد ذات له خلفية للتمييز لاحقاً، على أساس دينه أو عدم تدينه.

من هنا تأتي أهمية تبني العَلمانية الديمقراطية في سوريا المستقبل، للإلغاء النهائي في التمييز بين المواطنين على أساس ديانتهم.
كما يتضمن هذا أيضاً عدم التمييز - مُصطلحاً - بين ( الأكثرية )الدينية و(الأقليات) الدينية.
كمثال عدم تحديد ديانة ومذهب رئيس الدولة! في معظم الدول العربية من المفروض دستورياً أن يكون دين رئيس الدولة: الإسلام ..وأحياناً يتم تحديد المذهب: السني!

من الضروري التوضيح بأن هذا الفصل المؤسساتي، لا يعني حرمان أي مواطن ومن أي دين كان أو غير ديني من ممارسة السياسة وتسلم مسؤوليات في أجهزة الدولة.
كمثال: ميركل التي تنتتمي للحزب الديمقراطي المسيحي منذ تسعة عشر عاماً، فهي
تولت مهام رئيسة الوزراء في المملكة البريطانية ( العَلمانية ) منذ عام 2005 ولا زالت.

يتضح لنا ضمن هذه الرؤية صحة وأهمية تبني: العَلمانية الديمقراطية
الدين لله والوطن للجميع!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن