مؤتمر المنامة : تأبيد الاحتلال، وإقرار بالرواية اليهودية المزعومة في فلسطين، وتصفية القضية الفلسطينية عبر السلام الاقتصادي

عليان عليان
elayyan_e48@yahoo.com

2019 / 6 / 27

مؤتمر المنامة : تأبيد الاحتلال، وإقرار بالرواية اليهودية المزعومة في فلسطين، وتصفية القضية الفلسطينية عبر السلام الاقتصادي
بقلم : عليان عليان
بات واضحاً بعد عقد مؤتمر المنامة الاقتصادي ، أن البنود التي جرى تسريبها عن صفقة القرن كانت مجرد بارومتر لقياس ردود الفعل العربية الرسمية على هذه التسريبات ، وأن سقف الصفقة أدنى بكثير عن ما تم تسريبه منها ، سقفها تصفية القضية الفلسطينية وحصرها بالسلام الاقتصادي وأداته الحكم الذاتي المقترح للضفة والقطاع ، بحيث يكون هذا الحكم مجرد أداة بيد الاحتلال – لا يحول دون السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، أو ضم عموم المنطقة (ج) التي تشكل 60 بالمائة من مساحة الضفة الغربية ، أو توطين ما يزيد عن مليون لاجئ فلسطيني في الأردن ومصر وغيرهما من الدول العربية ، ما يعني أن جوهر الصفقة وأداتها مؤتمر البحرين يعني في المحصلة الإقرار بالرواية اليهودية في فلسطين من قبل أطراف عربية رسمية ، وتصفية القضية الفلسطينية عبر السلام الاقتصادي.
وقد تبدت مؤشرات صفقة القرن التصفوية في صيغتها الفعلية والحقيقية بما يلي:
1-تصريح مستشار البيت الأبيض جاريد كوشنير عشية مؤتمر البحرين في مقابلة مع فضائية الجزيرة بتاريخ "بأن التوصل لاتفاق إسرائيلي- فلسطيني على غرار مبادرة السلام العربية لن يكون ممكنا، مشيرا إلى أن إبرام اتفاق سيستلزم موقفا وسطا بين المبادرة والموقف الإسرائيلي.، والحل الوسط بات واضحا وفق التصريحات الأمريكية والإسرائيلية ، ويتمثل في ما سبق أن طرحه السفير الأمريكي المستوطن ديفيد فريدمان بشأن حق ( إسرائيل) في ضم أجزاء من الضفة الغربية ( ضم المنطقة ج التي تصل مساحتها إلى 60 في المائة من مساحة الضفة الغربية ) وكذلك شطب النص الوارد في المبادرة بشأن حق العودة رغم هزالة هذا النص وسوءته " حق عادل متفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194".
2- الخطاب الافتتاحي لجاريد كوشنر في ورشة البحرين الذي كشف عن جوهر الصفقة وجوهر ورشة البحرين ، الذي أكد فيه أن خطة القرن تستهدف الأمن (لإسرائيل) والكرامة للفلسطينيين وتحسين مستوى معيشتهم ، ، وأنها ستضاعف الإنتاج المحلي الإجمالي الفلسطيني، وتوفّر مليون فرصة عمل، وتقلّل البطالة إلى أقل من 10 في المائة، وستخفّض معدل الفقر بنسبة 50 في المائة
و ذلك عبر استثمارات تقدم إليهم بقيمة 27 مليار دولار على مدار عشر سنوات ، 25 في المائة منها على شكل قروض بفوائد مما سيثقل كاهل الفلسطينيين بالديون وفوائدها لسنوات عديدة، ما يعني أن الصفقة تتجاهل كليةً حق تقرير المصير للفلسطينيين المنصوص عليه في قرارات الشرعية الدولية ، وتنكر صفة أن القضية الفلسطينية هي قضية تحرر وطني، وتنكر أن الضفة الغربية وقطاع غزة أراض محتلة ، وأن الاستيطان برمته غير شرعي يجب إزالته وفقا لقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن ، وأن هنالك حق عودة للفلسطينيين وفقاً للقرار 194 يجب تنفيذه ، وأن الحل من المنظور الصهيو أمريكي -وفق ما تسرب لقضية اللاجئين الفلسطينيين -توطينهم قسم كبير منهم في الأردن وإنجاز مؤامرة الوطن البديل وقسم آخر في مصر، وغيرها من البلدان العربية.
وهكذا فإن خطة السلام الأمريكية هي خطة اقتصادية لتصفية القضية الفلسطينية، ما يذكرنا بخطة موشيه دايان وإسحاق رابين في السبعينيات، وشمعون بيرس في الثمانينيات والتسعينيات، و ومبادرة جون كيري المتدحرجة في العام 2014، وطروحات نتنياهو بهذا الشأن منذ عام 2008 .
طبعاً هذه الخطة جاءت تكملة للبنود الأساسية من الصفقة، التي تم تنفيذها وهي نقل السفارة الأمريكية للقدس واعتبارها عاصمة موحدة للكيان الصهيوني ، وقطع المنحة الأمريكية السنوية عن وكالة الغوث ( الأونروا) (360 مليون دولار) وتوجه الإدارة الأمريكية لإلغاء وكالة الغوث وتوطين اللاجئين الفلسطينيين– كما عبر عن ذلك المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيمس غرينبلات مؤخراً في اجتماع مجلس الأمن ، وإلغاء مكتب منظمة التحرير في واشنطن..ألخ.
3- أن الخطة المرصود لها 55 مليار دولار يدفع منها تقوم على جمع 50.670 مليار دولار ، وستوزع على النحو التالي: الضفة الغربية وقطاع غزة 27.813 مليار؛ مصر 9.167 مليار؛ الأردن 7.365 مليار؛ لبنان 6.325 مليار....أما تمويل الخطة فسيكون 13.380 مليار منح؛ و25.685 مليار قروض مع فوائد، وإن وجد من سيمول القروض فإن قادمة؛ و11.6 مليار من القطاع الخاص.
هذه الخطة وفق ما تسرب سابقاً سيتم تمويلها بشكل رئيسي من السعودية وحلفاءها الخليجيين وأنها ستدفع لكل من مصر ولبنان والأردن ، ونصيب الأسد سيكون للضفة والقطاع وأن جزءاً منها يكون على شكل قروض بفوائد واجب تسديدها.
هذه الخطة تعني أن السعودية وحلفائها ، تنازلوا عن مبادرة السلام العربية على هزالتها ، وتكشف زيف من ذهبوا إلى البحرين ، في أن ذهابهم ومشاركتهم في المؤتمر جاء لتأكيد موقفهم بشأن إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية، وتكشف زيف ما طرحوه في " أنهم يوافقون على ما يوافق عليه الفلسطينيون ويرفضون ما يرفضونه"، وتكشف زيف ما أعلنوه في مؤتمري قمة الظهران وتونس بشأن الدولة والقدس ، كما أن قبولهم بالرشا الرخيصة تكشف رخصهم ، في سياق تبعيتهم للولايات المتحدة وتحالفهم الذليل مع الكيان الصهيوني ، متجاهلين أن وعود الرفاه والسمن والعسل من قبل الإدارات الأمريكية لم يتحقق منها شيء بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد ، واتفاقات أوسلو ومعاهدة وادي عربة ، ناهيك أن حصولهم على الرشا الضئيلة والرخيصة مشروط بقدرتهم على فرض الصفقة على الجانب الفلسطيني.
الأردن بطبيعة الحال متضرر جداً من الصفقة ومن مؤتمر البحرين ، والسيف على رقبته كما فلسطين ، في حال تنفيذها ، فالوطن البديل ينتظره ، وولايته على المقدسات ستكون في خبر كان ، واللاءات الثلاث التي طرحها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سيجري نسفها ، وقد أجبر الأردن على الذهاب للبحرين ، وكان على الحكومة الأردنية أن لا تذهب وأن تتسلح بالرفض الشعبي للصفقة ولمؤتمر البحرين ،بغض النظر عن التداعيات المترتبة على ذلك، حفاظاً على ذاتها، وحتى لا تضعف الموقف الفلسطيني.
هذه الصفقة ليست قدراً – وقد ولدت مشلولة بفعل الرفض الفلسطيني الموحد والشعبي العربي لمؤتمر البحرين - ومهندسو الصفقة وعلى رأسهم جاريد كوشنير يجهلون حقائق التاريخ ونضالات حركات التحرر الوطني، وفي المقدمة منها حركة التحرر الوطنية الفلسطينية .
لقد تصدى الشعب الفلسطيني لمؤامرات عديدة لتصفية القضية الفلسطينية وحق العودة منذ نكبة 1948 وأفشلها ، وسبق أن أفشل مشاريع التوطين التي طرحت في حقبة الخمسينات من القرن الماضي ا مثل: مشاريع الاونروا 1952-1954، مشاريع دالاس 1953،1956.. مشاريع جونستون 1955،1961،.. مشاريع أيزينهاور 1957، 1958..مشروع ايدن 1955.. مشروع همرشولد 1959.
وسبق لحركة التحرر الوطني الفلسطينية أن أفشلت الشق الفلسطيني في اتفاقات كامب ديفيد التي أبرمها السادات مع الكيان الصهيوني عام 1978 ، وأن أفشلت مشروع روابط القرى وغيرها من المشاريع الرجعية والصهيو أمريكية.
لكن ما يجب الإشارة إليه أن تصليب الموقف الفلسطيني في رفض الصفقة ومحاولات تمريرها يقتضي إنهاء الانقسام، وإنجاز الوحدة الوطنية على أرضية برنامج المقاومة ، ويقتضي من قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية ،أن تعمل على إلغاء اتفاقات أوسلو والتنسيق الأمني مع الاحتلال ، وإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي ، وأن لا تضع أي معوقات أمام تفعيل المقاومة في الضفة الغربية وأمام انطلاق انتفاضة جديدة قادمة ، إذ لا يستقيم رفض قيادة المنظمة والسلطة للصفقة دون التحلل نهائياً من التزامات أوسلو وتبعاتها.
انتهى



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن