لا للحرب ..نعم للسلام

صبحي مبارك مال الله
subhimubarak@yahoo.com

2019 / 5 / 28

يرى المراقب والمحلل السياسي ، بأن التوترات في المنطقة تزداد يوماً بعد يوم نتيجة التحديات المتبادلة بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية ، والتحشيد المستمر لغرض إشعال حرب جديدة والتي ستعرّض شعوب منطقة الخليج ودول البحر المتوسط إلى مخاطرها وويلاتها وتدمير الاستقرار والأمان فنتائج الحرب وتداعياتها كثيرة وفي مقدمتها قتل البشر بشتى أنواع الأسلحة والتدمير الاقتصادي والبنى التحتية وغيرها من التداعيات المؤسفة . لقد كان من مصلحة السلام العالمي ومن مسؤولية الحكومات أن تقف حائلاً دون نشوب أي حرب، وأن تدفع بإتجاه الحل السلمي والمفاوضات وهذا الأمر تتحمله الإدارة الأمريكية والإيرانية وكذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن . لقد كان على الحكومة الإيرانية أن تتجاوب مع الدعوة الأمريكية لإعادة المفاوضات حول الملف النووي وغيرها من المشاكل وتجنيب المنطقة الحرب .
ولهذا إنطلقت تظاهرات كبيرة في بغداد والمحافظات، دعت لها اللجنة المركزية المشرفة على التظاهرات ، وتنسيقية التيار المدني إحتجاجاً على التصعيد والتحشيد العسكري والإعلامي بين ايران وامريكا، فيما دعا المتظاهرون الحكومة العراقية والقوى السياسية إلى إلتزام الحياد وكبح جماح المنتفعين والفاسدين من الخارجين على القانون. والعمل على رفض منطق الحرب حيث رفعت شعار (لاللحرب ..نعم نعم للسلام ) إشتركت فيها قوى مدنية (مستمرون) ومنظمات مجتمع مدني والتيار الصدري، كذلك دعت إلى عدم زج العراق في هذه الحرب في حالة نشوبها وأن لايكون العراق ساحة للقتال وتصفية الحسابات بين الطرفين. ولكن المشكلة تكمن في المصالح المشتركة والعقود والمواثيق بين العراق وأمريكا من جهة وبين العراق وايران من جهة أخرى حيث سيكون العراق في موقع حرج، ومن خلال متابعتنا للأخبار فأن الجانبين الأمريكي والأيراني يضغطان بشدة على العراق وعلى السياسيين والحكومة العراقية وكل طرف يطلب من العراق ان يقف معه، ولهذا قام وزير خارجية أمريكا بيبو بزيارة سريعة للعراق لمعرفة موقف الحكومة العراقية وتسليمها رسالة موجهة للسياسيين العراقيين لحمل مطالب إلى الجانب الإيراني ودعوتهم للحوار من جديد . كما قام في الآونة الأخيرة وزير خارجية ايران محمد ظريف بزيارة إلى بغداد لمعرفة الموقف العراقي في وقت يزداد فيه الوضع توتراً، حيث قررالرئيس الأمريكي ترامب إرسال 1500 جندي أمريكي إلى المنطقة وربما يزيد أعداد الجنود، كما قرر عقد صفقة جديدة لبيع السلاح بقيمة ثمانية مليار دولار إلى كل من السعودية والأردن والأمارات، ودعوة الشركات الأمريكية المتخصصة بإنتاج السلاح إلى تصنيع كميات من السلاح، ولهذا وكما ذكرنا في المقال السابق حول التصعيد من إن إشعال الحرب سيكون حافزاً لتجار الحروب للعمل بنطاق واسع من أجل إنتاج وبيع الأسلحة . كذلك تمّ إرسال حاملة طائرات جديدة إلى المنطقة مع قطع عسكرية . أما الإيرانيون فأنهم يقومون بالتحشيد والتحضيرات والإعلان بأن لديهم صواريخ وأسلحة سرية لضرب القطعات العسكرية الأمريكية ، وكذلك يحشدون الحرس الثوري والقوى الموالية لها في العراق لغرض مقاومة الجيش الأمريكي، فضلاً عن تهديدات متبادلة مع دول الخليج الموالية لأمريكا و ايران . هذه التهديدات المتبادلة بين الطرفين والتصريحات غير المسؤولة تبين لنا بأن الجانبين وكأنهما مصارعين ينتظران الدخول إلى حلبة المصارعة وهما قوتين غير متكافئتين أحدهما قوة عظمى والأخرى صغرى.
إن ما يحصل الآن من توتر ينعكس على الوضع الإقليمي، فبعد تحريك القطعات العسكرية البحرية الأمريكية إلى المنطقة وإرسال جنود مشاة أمريكيين أصبحت المنطقة في دائرة الخطر، ومن المؤشرات سحب عدد من الدبلوماسيين والموظفين من سفارات أمريكا وبريطانيا وهولندا في بغداد، وعاملين في شركات النفط ، كما حدثت أعمال تخريبية تعرضت لها سفن أماراتية ومن جنسيات أخرى قبالة ميناء الفجيرة إلى إعتداء، وكذلك تعرض مضختي نفط في السعودية ووجهت التهمة إلى ايران لأنها دفعت الحوثيين إلى ذلك .كما يوجد دور لأسرائيل فيما يجري، حيث أعلنت عن أكتشاف منصات صواريخ لإستهداف مصالح مواقع أمريكية في العراق وعلى أساس هذه المعلومات جاء بومبيو وزير الخارجية الأمريكية إلى بغداد .
تصريحات كلا الطرفين بأنهما لايريدان الحرب أو التصادم، ولكن التهديدات والتوترات والتحشيد تشير إلى شيئ آخر . رأي يقول بأن هذه الضغوط على ايران سوف يجلبها إلى طاولة المفاوضات ووفقاً للنقاط (12) التي طرحها بومبيو والغرض تحجيم ايران ، منعها من دعم المنظمات الإرهابية ، حل أزمة الملف النووي والتدخل في شؤون الدول. روسيا تؤيد المفاوضات ، والأوربيون صعّدوا من إنتقاداتهم لإيران على أثر إعلانها عدم الإلتزام ببنود الاتفاق النووي . كما هناك جماعات مسلحة أو مليشيات في العراق أطلقت تهديدات ضد الأمريكان ودفاعاً عن ايران .
عمار الحكيم دعا إلى ان يتحول العراق من الوسطية إلى الوسيط وكذلك اليابان دخلت على خط التهدئة وأيضاً سلطنة عمان.
على الصعيد الداخلي تجري الآن إصطفافات جديدة ودعوة لتوحيد المواقف تجاه الأزمة بين ايران وأمريكا ، والتأكيد على حيادية العراق والنأي به عن ما يحصل وأن لايكون طرف في الصراع . سُنّة تحالف البناء يجري تنظيم وترتيب صفوفهم والعمل على إعادة بناء تكتل المحور في حين الحلبوسي يريد تشكيل حزب تقدم وذكر بأنه جمع 47 نائباً حوله في حين جماعة أبو مازن والخنجر بحدود 12 نائباً ، الحلبوسي متمسك بكتلة البناء، كما تُجدر الإشارة بأن هناك أطراف سنية لها خيوط صلة مع ايران وقسم آخر مع السعودية .الصدر يسعى إلى النأي بالعراق عن الطرفين . اعتمد مؤخراً في مجلس الأمن الدولي بالأجماع القرار2470 لتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) حتى الحادي والثلاثين من مايو (مايس) عام 2020 بعد الإستماع إلى تقرير من رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق (جنين بلاسخارت) التي أكدت ان البلاد يمكن ان تكون عامل استقرار في منطقة مضطربة .
وأشارت إلى أن القرار يؤكد استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه ، ويعرب عن الدعم للعراق في التصدي للتحديات التي يواجهها في سياق مواصلة جهود تحقيق الاستقرار في مرحلة ما بعد انتهاء النزاع ، وإنتقاله إلى مهمة تحقيق الإنتعاش وإعادة الإعمار والمصالحة (المصدر الأمم المتحدة ) مجلس الأمن يُقيّم في كل عام عمل البعثة (بعثة الأمم المتحدة -يونامي ) ويقرر إما التمديد لمدة عام أو لايمدد ، ولهذا في كل عام يقوم مجلس الأمن بالنسبة للعراق بإتخاذ قرار يتم بموجبه التمديد كما في القرار 2421 للسنة الماضية من 31ايار -مايس 2018 إلى 31آيار -2019 وأتخذ القرار الجديد 2470 تمديد لمدة سنة تنتهي في 31 آيار 2020 ولكن جاءت تفسيرات وتضخيم الخبر والقرار من قبل من أطلع على قرار مجلس الأمن، حيث أعتبره البعض بإعادة العراق إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والخاص بالعقوبات والمقاطعة والحصار الاقتصادي،والبعض الآخر وسع من مخيلته وذكر إنسجاماً مع الإشاعات، بأن القرار سوف يؤدي إلى حل الحكومة ومجلس النواب والقضاء والدوائر الأخرى وسوف يتم إحالة السياسيين إلى المحاكم وتشكيل حكومة مؤقتة بقيادة أمريكا وهذا كله دجل. القوى المعادية للشعب العراقي تريد ان ينفذ هذا السيناريو ، لأنها لازالت تؤمن بعقلية الإنقلابات العسكرية وتسليم النظام السياسي إلى أيدي من بقى من النظام السابق ولكن بواجهة أمريكية . بالتأكيد هناك ماكنة إعلامية وإشاعات تعمل بقوة لأجل تأجيج الأجواء تحت مناخ سياسي متوتر في المنطقة وتحت ضغط الأزمة الأمريكية -الإيرانية وأجواء الحرب .
ومن أهم الإستنتاجات :- الشعب العراقي ضد الحرب لأنها تحرق اليابس والأخضرويقف مع إستتباب السلام والأمن والإستقرار في المنطقة ،الإعتماد على الحوار والمفاوضات ،الصراع الأمريكي -الإيراني مفتوح الإحتمالات ، العراق يجب أن ينأى بنفسه، ضرورة الشعور بالمسؤولية من قبل الكتل و الأحزاب والقوى السياسية وتحقيق لقاء لغرض بلورة موقف وطني مشترك .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن