ايران تهدد بحرب مفتوحة إذا تطورت العقوبات الى عدوان عسكري!

نجاح محمد علي
najahmali@gmail.com

2019 / 5 / 6

لا أحد في ايران وتحديداً الاصلاحيين (وأنصارهم) والأصوليين (وأتباعهم) يصدق أن العقوبات الأمريكية على بلادهم هي من أجل دفع النظام الجمهورية الاسلامية الى تحسين سلوكه، والكل في ايران بات يعتقد حتى المعارضة المقيمة في الخارج أن هذه العقوبات هي مقدمة لتغيير النظام.
بالنسبة للاصلاحيين و المعتدلين من التيار الأصولي فانهم وجدوا في هذه العقوبات والتصريحات التي رافقتها من الفريق الحربي المتشدد داخل الادارة الأمريكيةكما وصفهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، تستهدف أصل نظام الجمهورية الاسلامية الذي أسسه الإمام الخميني الراحل باستفتاء شعبي عام مرت ذكراه قبل شهر واحد من بدء سريان العقوبات النفطية، وهي بالتالي عقوبات تلامس كرامتهم وهم الذين يحسبون أنفسم تلاميذ الامام الراحل والسائرين على نهجه ويرددون دائماً أنهم هم وليس سواهم من يمثل خطه ولهذا يتعرضون للتنكيل-كما يقولون- من خصومهم المتهمين من قبلهم بالانحراف عن خط الإمام.
ومع كل هذا التباين بين الطرفين الاصلاحيين والمحافظين في تفسير خط الإمام ومن هو الأقرب منه، استثمر زعماء الاصلاح فرصة فرض العقوبات الجديدة ليطلقوا نداءات تدعو الى رص الصفوف وتوحيد الجبهة الوطنية وتعزيز التلاحم في الداخل لمواجهة التحديات التي يفرزها تطبيق العقوبات على الداخل الايراني.
وكان لافتاً أن الرئيس(الاصلاحي) الأسبق محمد خاتمي الممنوع من الظهور في وسائل الإعلام، تحدث بكل شفافية عن المرحلة المقبلة وقدم للمعنيين عدة مقترحات قال إنها كفيلة بتدعيم جبهة المقاومة الداخلية كما يريد المرشد الأعلى الرافض تقديم أي نوع من التنازلات، والإصرار على مقاومة العقوبات.
عقوبات وحصار
كان لافتاً أيضاً أن سريان العقوبات النفطية تزامن مع مرور 3000 يوم على فرض الاقامة الجبرية على الزعيمين الاصلاحين المعترضين على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت في العام 2009 مير حسين موسوي وزوجته زهراء رهنورد ومهدي كروبي، وقد دعا خاتمي الى الإفراج عنهم وتطييب قلوب الاصلاحيين ورفع القيود عن نشاطهم وباقي المعترضين ومنحهم المزيد من الحريات وفق الدستور وتجنب التعامل مع الشعب بنظرة محض أمنية لضمان التفافهم حول قرارات الحكومة والنظام في وجه العقوبات وتداعياتها.
وقد ندد الرئيس محمد خاتمي فبل ذلك بقرار تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية مؤكداً أن هذا القرار خطير جداً وأن الحرس الثوري مؤسسة عسكرية رسمية وفق الدستور الإيراني.
وتطرق الرئيس السابق خاتمي إلى دور الحرس المصيري في مكافحة الإرهابيين قائلَاً: حتى السيد ترامب خلال حملته الانتخابية الرئاسية أكد على دور الحرس الثوري في مكافحة داعش واتهم منافسته بخلق داعش ودعمها. 
وأعرب خاتمي عن أمله بان يؤدي هذا القرار المرير إلى المزيد من التعاطف والتقارب في الداخل ويكون مقدمة للخروج من الأجواء الأمنية التي عشناها في السنوات الأخيرة. 
واعتبر الرئيس خاتمي في قرار تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية وفرض العقوبات النفطية فرصة للم الشمل في الداخل وتجاوز العقبات السياسية والأمنية التي مازالت تداعياتها مستمرة رغم مرور عشر سنوات عليها.
وفي شبكات التواصل الاجتماعي أطلق أنصار الاصلاح حملة قوية دعت الى الإفراج عن موسوي وكروبي وأكد نشطاء أن رفع الحصار عن الزعيمين الاصلاحيين من شأنه توجيه رسالة قوية الى ترامب والفريق المتشدد في واشنطن وعموم المحور الاسرائيلي السعودي الامريكي أن ايران الموحدة لن تهزم أمام الضغوط ولن تركع أمام العقوبات ولن تخضع للابتزاز.
وكان بارزاً أيضاً أن الدبلوماسية العامة جماهيرياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي دعمها وزير الخارجية محمد جواد ظريف المهتم هو الآخر بمخاطبة الرأي العام عبر حسابه على تويتر، ولكن هذه المرة عبر حملة علاقات عامة بدأها بزيارة نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان "اليوم الدولي الرسمي الأول للتعددية والدبلوماسية من أجل السلام"يوم 24 أبريل إذ عقدت الجمعية العامة اجتماعا خاصا بهذا الصدد للترويج لهذه المناسبة.
ورافق ظريف في هذه الزيارة السفير الإيراني الجديد في الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي.والقى وزير الخارجية الايراني كلمة في الاجتماع دعا فيها المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته في تطبيق القرار الدولي 2231 الصادر في 20 تموز يوليو 2015 والقاضي برفع العقوبات الدولية المتعلقة بالبرنامج النووي الايراني والذي قدمت الولايات المتحدة مسودة قراره ثم نقضته. كما التقى ظريف العديد من نظرائه وكبار المسؤولين المشاركين من الدول الاخرى للبحث في دعم بلاده لمواجهة العقوبات الإحادية الأمريكية الى جانب العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر حول اهم القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما أجرى ظريف لقاءات صحفية من أبرزها وأهمها مع قناتي فوكس نيوز و اس بي اس اللتين حظيتا باهتمام واسع من الرأي العام الاميركي، وقد اعتبرها مراقبون محاولة من إدارة ترامب مد جسور التفاوض مع ايران من خلال قناة يمينية تعتبر قناته المفضلة.
واستعرض ظريف مواقف الجمهورية الاسلامية الايرانية حول مختلف القضايا والامور خصوصاً الدور الإقليمي وإمكانية الدخول في مواجهة عسكرية بسبب العقوبات .
وخلال مشاركته في اجتماع اللجنة الاسيوية طرح ظريف مسالة تبادل السجناء مع أميركا في محاولة لاختراق الرأي العام داخل الولايات المتحدة المتعاطف مع هذه المسألة ، مؤكداً أن وزارة الخارجية الاميركية تستخدم هذه المسالة كتكتيك في الحرب النفسية وهي ليست على استعداد للدخول في مفاوضات بشأنها.
كما تطرق الى أبعاد انشطة فريق بي المؤلف كما قال من الرباعي بنيامين نتنياهو وبولتون وبن سلمان وبن زايد واجراءاتهم الداعية للحرب.
دول الجوار
ولَم يكتف الوزير الايراني ظريف بهذه الحملة في الولايات المتحدة مشيراً بشكل مثير في لقاءاته هناك إلى زيارته التي استغرقت خمسة ايّام في العراق وزار خلالها خمس مدن عراقية كبرى والتقى ممثلي الأغلبية العراقية في وضح النهار بينما زار ترامب العراق ليلاً وحط في قاعدة عسكرية أمريكية وغادرها دون أن يلتقيه عراقي واحد، بل سارع أيضاً الى زيارة قطر وسلطنة عمان وحظي من دولتيهما بمساندة واضحة والالتزام بعدم تنفيذ العقوبات الامريكية الاحادية.
وكشف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن حقيقة سياسات ما أسماه بـ"الفريق ب"، وكيف يتم خداع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لجرّه للحرب مع ايران، مستبعداً وقوع الحرب لكنه كان واضحاً في التحذير بلغة التهديد أن الدول التي تحرض على الحرب لن تكون في مأمن منها.
وبينما أرسل ظريف تهديدات بلاده بالرد والانتقام من الدول التي تحرض على بلاده واعلنت استعداها تعويض السوق النفطية من الصادرات الايرانية، بلغة ديبلوماسية ناعمة وأعطى في الوقت نفسه إنطباعاً أنه يؤيد المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، كان الحرس الثوري أكثر وضوحاً حين أعلن عن مناورات عسكرية مفتوحة في المياه الخليجية ومضيق هرمز" وهدد ليس فقط باغلاق مضيق هرمز إذا لم تتمكن ايران من تصدير نفطها عبره، وإنما باستهداف الدول التي تتعاون مع الولايات المتحدة وتمنعها من تصدير نفطها، ومحوها من الوجود إذا تطور الأمر الى حرب لتغيير النظام.
وتشعر إيران أنها ستتغلب على "العدوان" بوقوف دول الجوار الى جانبها والرافضة للحصار وتداعياته إذا تطور الى حرب وأهمها من ناحية البحر قطر وعُمان والكويت أيضاً، ومن البر باكستان وتركيا وآذربيجان وتركمانستان وأرمينيا وأفغانستان والعراق الذي لايستطيع رئيس وزرائه عادل عبد المهدي على الاطلاق معارضة موقف المرجعية العليا الحاسم الرافض أن تتأذى دول الجوار منه أو يكون منصة لإيذائها، كما لا يستطيع مواجهة القوى والجماعات الداخلية المتحالفة مع ايران التي أوصلته الى منصبه بتوافق مع زعيم التيار الصدري سيد مقتدى الصدر، وهذا الأخير قلب - في بيان مطول له- ظهر المجن على المحور السعودي الأمريكي الاسرائيلي قال فيه: "العراق واقع بين طرفين متصارعين هما إيران وتحالف ترامب ونتنياهو".. وأنه ليس بصدد الاختيار بين دعم الجارة إيران أو دعم الاتحاد الثنائي فدعم الأخير ممنوع ومحرم في ديننا وعقيدتنا وشرعنا ولا يجوز الاستعانة بهم فضلاً عن دعمهم ونفعهم".
وتطرق الصدر في بيانه إلى 9 مقترحات للتهدئة بينها "إيقاف الحرب في اليمن والبحرين وسوريا فوراً وتنحي حكامها فورا والعمل على تدخل الأمم المتحدة من أجل الإسراع في استتباب الأمن فيها والتحضير لانتخابات نزيهة بعيدة عن تدخلات الدول أجمع وحمايتها من الإرهاب الداعشي وغيره وغلق السفارة الأمريكية في العراق في حال زج العراق بهذا الصراع لكبح لجام الاستكبار والاستعمار العالمي وإلا ستكون السفارة في مرمى المقاومين مرة أخرى".
كما أن الدول الخمس المتشاطئة في بحر قزوين خصوصاً روسيا فهي تعارض بشدة العقوبات وأكدت عدم التزامها بها.
ومن المهم الاشارة الى أن الدول ترويكا الاوروبية بريطانيا وفرنسا وألمانيا قامت مؤخراً رسمياً بتفعيل القناة مدفوعات الأوروبية التي أسستها لإجراء المعاملات وتسهيل التجارة مع إيران والالتفاف على العقوبات الأمريكية واسمها "إنستكس"، وهي اختصار لأداة دعم المبادلات التجارية، وأجرى ممثلون عن الدول الثلاث ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي اتصالات مع عادل عبد المهدي وشجعوها على عدم الالتزام بالعقوبات الأمريكية حتى قبل أن يوقع العراق عقداً مع سيمنس الألمانية (التي كانت خسرت عقد بناء مفاعل بوشهر النووي الايراني بسبب العقوبات الامريكية آنذاك) لتتقدم على جنرال إلكتريك في عقود كهرباء بقيمة 14 مليار دولار بالعراق.
وفي هذا الواقع تعلن القوات المسلحة الايرانية حالة الطواريء القصوى وتطلب من جنودها البقاء في حالة استعداد وكأنهم في ليلة الهجوم بعد تغيير قائد الحرس الثوري وتعيين العميد حسين سلامي الذي قال إن أهداف الحرس الثوري ستكون كل نقطة في العالم (وهذه إشارة الى الخلايا النائمة) إذا تعرضت بلاده للعدوان العسكري بسبب العقوبات،لتعيد الصحف الايرانية مجدداً نشر خارطة ببعض تلك الأهداف التي ستطالها الصواريخ الايرانية.
"القدس العربي"



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن