المرأة الريفية العاملة والحلم الممكن

زهير الخويلدي
zkhouildi@gmail.com

2019 / 5 / 1

" القمح والعمل الصالح لا ينبتان الا في أرض طيبة"
أدى الحادث الذي تعرضت له سيارة نقل عشوائية في سبالة سيدي عسكر من ولاية القصرين إلى وفاة 12 عشر عاملة في القطاع الفلاحي وإصابة أخريات بجروح بليغة ولقد أثار هذا الحادث موجة عارمة من الاستيلاء والاحتقان من طرف الحراك الاحتجاجي تطالب السلطة بالتدخل العاجل للحد من التجاوزات. والحق أن القطاع الفلاحي بأسره معرض للعطب وتهدده اتفاقات جائرة مع دول الخارجية بالتصفية وأن الذين يشتغلون فيه غير منظمين ولا يتمتعون بحقوقهم كاملة وينشطون ويتنقلون في ظروف سيئة ووسائل لاانسانية وتتكون الغالبية من النساء والأطفال والفئات الهشة وتتعرض لشتى أنواع الازدراء والتمييز. أشياء ثلاثة محظورة يمكن ملاحظتها من هذا الحادث الذي وقع في مهد الثورة التونسية فيما يتعلق بأشكال الازدراء: الأول هو استهداف المناطق الريفية المهمشة والثاني هو الفساد في الميدان الفلاحي والثالث هو المناولة بالرصيد النسوي، وكل هذه التجاوزات تؤدي إلى حصول الفاجعة وذلك نتيجة التقصير والإهمال. النقل العشوائي في القطاع الزراعي ناتج عن تقصير واهتراء البنية التحتية وتأخر وصول التنمية في الجهات المحلية من السلطة المركزية وعدم تفعيل مبادئ الحوكمة واللامركزية في المناطق الداخلية. في الواقع تتقاضى العاملات أجرا زهيدا ويشتغلن أكثر من عشر ساعات في الحقول ويتعرضن لأبشع أنواع التنكيل والإجهاد والتعب ويترتب عن ذلك مشاكل أسرية بحكم عجزهن عن تأدية واجبات أخرى في منازلهن. من المعلوم أن المرأة الريفية العاملة هي المحور الأساسي المنتج في القطاع الفلاحي في تونس وأنها تؤمن أكثر ثمانين بالمائة من هذا القطاع وأنها تستحق أكثر من الحقوق المادية والمعنوية وتنتظر تحسين منزلتها الاجتماعية وذلك بتدخل الدولة لتنظيم هذا القطاع عن طريق القوانين الضابطة وإدماج عمل المرأة ضمن الطرق الرسمية للتشغيل وتوفير وسائل نقل جيدة وظروف عمل مواتية والترفيع في الأجور وتمتعها بالتغطية الاجتماعية والحماية القانونية والمراقبة المؤسساتية وتغيير النظرة ومنحها التقدير والاعتراف. في الواقع لا يوجد فرق جوهري بين المرأة التي تشتغل في القطاع الصناعي والمرأة التي تشتغل في القطاع الفلاحي وفكلاهما يؤديان نفس الدور المنوط بهما ويحرك قطاعا منتجا يوفر الكثير من الثروة والمداخيل للاقتصاد الوطني ومن المفروض أن تكون القيمة الانتاجية في كلا القطاعين لصالح العاملات. المطلوب من الجميع تحقيق المساواة في الأجر الممنوح للإناث مع الذكور ومع الإناث في القطاع الصناعي وتدعيم القطاع الفلاحي من طرف الدولة لكونه يمثل ركيزة الأمن الغذائي الوطني ورفع الظلم والتمييز المسلط على المناطق الداخلية وإنهاء حالة الازدراء والتهميش التي عانت منها لقرون. فمتى يكون عيد الشغل العالمي مناسبة للاحتفال بحصول العاملات والعمال على حقوقهن وحقوقهم كاملة؟
كاتب فلسفي



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن