ابن خلدون بين العمران والبرلمان

مراد زهري
morad.psg1@mail.ru

2019 / 4 / 25

سألني الصديق المهوس بالتفكير و البحث عن الحقيقة في بلاد موران أو بلاد ماكاندو عبد السلام جسوس ، و طلب مني طلبا مثيرا فقال لي إنه مهوس بالتراث أو التراث الفكري العربي الإسلامي هكذا يسميه . طلب مني أن أحل له هذه المشكلة و إن تركني و لو دقيقة مرض الصداع النصفي . سأفصل له الجواب أما الآن سأجيبه باللإجمال .
بالطبع أمر التراث أمر عجيب و غريب : عليك بأعلامهم كالكندي و الفارابي و ابن سينا و ابن طفيل و ابن باجة و ابن رشد و القاضي عياض و لا تنسى قبعتهم ابن خلدون . أما لماذا هذا التراث و كيف نتعامل معه ؟ هذا أمر لا أبالغ إذا قلت أنه لا يعرفه أحد فقط إن لم يتوهموا ، عرفه قلة قليلة .
سأشرح لك ذلك إن شفيت كما قلت و ستعرف بأنك ضيعت في حياتك أفضل شيء ومارست فيها أرذل شيء و لذا فأنت محروم من أن تكون من فضلاء مدينة الفارابي و قرطبة ابن رشد و لاحتى أن تكون حي بن يقظان لأبن طفيل فأنت مفسد للعمران مثل الذي تكلمت عنه أخبار الدهور و الأزمان . برلماني وجدوه عاكفا ساجدا أمام أكداس الأوراق النقدية في بلاد ماكاندو و بالقرب منه فقراء يموتون بالمرض و الجوع و العطش و التشرد : لا تنسى علم المقارنة .
عالم المجتمعات صاحب المقدمة ابن خلدون خصص عمره كله لمعرفة بنية المجتمع قصد الكشف عن أسباب فساده من أجل إصلاحه و جعله فاضلا عادلا . و قد كرر صاحب المقدمة مرارا بأنه أول مبدع و مكتشف لهذا العلم و يعني علم المجتمعات أو فهم الحياة الإجتماعية البشرية و يسميه هو بمفهومه علم العمران . إن غاية كل مجتمع هي أن ينشد العدل و المساواة أو السعادة لكل سكان المجتمع فيعمل على تحقيق ذلك و هذا هو معنى الحياة بصفة عامة . وما البرلمان إنه بناء مزخرف صرفت من أجل بنائه الأموال الباهضة يثرثر فيه مجموعة من البشر أغنياء طبعا لهم أجور ضخمة جدا و مضمونون حتى بعد الموت بهذه الأجور . يثرثرون و يلعبون بهذا البرلمان لهم السيارات الفارهة و الفيلات و أحسن الألبسة و لابد من العشيقات و تخيل و كن كحي بن يقظان . أما ما يسمى بالمواطنين الذين انتخبوهم ويحك ! قل المسروقين المنهوبين البلهى الغالطين السفهاء لهم الرائحة و الأخبار و النقاشات البزنطية . ما فكر من أجله ابن خلدون و سهر من أجله اليالي راغبا في بناء المجتمع أو العمران أو الدولة الفاضلة ، من البرلمان بدأ هدم و نسف كل ما حلم به ابن خلدون : برلماني دخل في مجال له أسماء منفرة و مقرفة ينفر منها العقل العظيم لأن فيها التدليس و الدسائس . يسمى ذلك العقار . لاحظ لا يوجد أغمض من هذه الكلمة . وجدوه في فيلاه و أمامه ما يشبه زرقة البحر و الشواطئ الذهبية و هو الذهب نفسه . لزرقة النقود كان يسجد لها فاقدا وعيه و هنا أقول لأبن خلدون : يا صاحب المقدمة و الحالم بالعمران لو بعث و رأيت بعينك الذين صنعوا المؤخرة لبكيت و وليت منهم رعبا وعدت إلى قبرك و أنت تقول : نسيت أن أتكلم عن عبادة الذهب و النقود أو الثور الذهبي و الفساد و الإستبداد وتدمير و إبادة العمران .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن