بمناسبة قرب انعقاد مؤتمر القوى المدنية بالعراق

سلمان الشمس
salman.shmas@hotmail.com

2019 / 4 / 16

أفكار عامة
بمناسبة قرب انعقاد مؤتمر القوى المدنية بالعراق

- قبل الانطلاق بأي مشروع فكري او تنظيمي فأنت بحاجة لوضع ركائز أساسية لمشروعك وكلما كانت الركائز محسوبة بدقة كلما صمد مشروعك وبناءك أمام العقبات التي ستواجهه ، هذه مسلمة واضحة ، الركائز هنا لا يجب ان تكون شعارات من قبيل يجب علينا ويجب عليهم.....، بل خطة عمل واضحة محددة بفترات زمنية وتحديد المسؤوليات للمنضوين بالمشروع ، بعد تحديد التعاريف والمصطلحات والمهام بدقة ..
ما هي القوى المدنية ؟ ما هو المطلوب ؟ كيفية التواصل مع الناس؟....

- دخول القوات الأمريكية لم يكن حدثا عسكريا مجردا بل كان انهيارا لمشروع ثقافي كامل بكل ما حمل هذا المشروع من تضحيات وانقلابات وأفكار....وانهارت ركائزه ممثلة بالأفكار القومية والشيوعية...هذا الانهيار، ولأسباب عديدة أخرى، ترك الساحة فارغة لصعود نجم القوى المتأسلمة ، الأمر الذي يتطلب أن يكون للقوى المدنية برنامجها الخاص وأن تطرح نفسها بقوة ووضوح كما هي ،مؤمنة ببناء الدولة المدنية دولة المواطنة ، وأن لا تلوذ بالأحزاب الإسلامية طمعا بالمنصب والجاه.

- ما ان تطرح فكرة بها القليل من المعرفة والدراية ، أو تدندن مع نفسك لحنا لكوكب حمزة أو طالب القره غولي او تحمل كتابا .....حتى يسألك الناس هل أنت شيوعي ؟ هكذا وسم المثقف بهذا الوصف أراد او لم يرد ، ومع جل الاعتزاز والتقدير لنضال الحزب الشيوعي ودوره الريادي بنشر الوعي والثقافة خصوصا وان معظم المثقفين مروا من تحت عباءته ، لا نرى هناك مبرر أن يتحمل التيار المدني وزر أخطاء حركة سياسية بدءا من تجربة الجبهة الوطنية مرورا الى الوقت الحاضر، ومن الواضح للجميع أن ثمة مسافة واسعة فاصلة بين الأفكار المدنية والأفكار الشمولية.


-
من الثابت بعلم الاجتماع ان طول حكم الدكتاتور يقود الناس الى التماهي بأخلاقه ، بمعنى ان البشر بظل الاستبداد يميل الى تقليد الدكتاتور بتصرفاته وسلوكه ،هكذا أصبحت أخلاق وسلوكيات صدام سائدة بالمجتمع العراقي الكل يقلد الدكتاتور بدءا من المواطن والموظف البسيط الى الشرطي صعودا الى المدراء والضباط ، تأمل بسيط كيف يحمل الضابط عصاه وكيف يجلس الموظف على مكتبه....حتى ندرك ان أخلاق صدام ما زالت سائدة رغم رحيله ، متى يتخلص المجتمع من هذا التماهي ؟ عندما يتم طرح أخلاق ونموذج بديل...ولان المتصدين للسلطة فشلوا بخلق نموذج جديد بل كانت سلوكياتهم تماهيا وتكرارا لسلوك الطاغية ولأنه لم يتم طرح النموذج القدوة ....ظلت سلوكيات وممارسات المستبد هي الشائعة...وأمام هذا الوضع المتأزم، فان القوة المدنية مطالبة بخلق النموذج الأمل ،بالسلوك وليس بالنقاشات والنصائح وصراخ مكبرات الصوت الغير مجدي ، ليعمل الكل ضمن محيطه البشري مهما كان صغيرا ويشيع روح الصدق والتعاون وحب الحياة والجمال والموسيقى وينخرط بأعمال خيريه وتعاونية..

- أن حرب طاحنة لثمان سنوات ، وحرب الخليج وحصار لأكثر من عشر سنوات ، كل هذا ترك تشوهات وحفريات عميقة بالشخصية العراقية مضافا لما تحمله هذه الشخصية من أنماط غير سوية رصدها الأستاذ علي الوردي ، بعد كل هذا من الغريب ان نحلم بوجود شخصية سوية متزنة بناءة....هنا على المثقف ان يتبنى مشروع المكاشفة والمصارحة بالسلبيات والعيوب ، فالمكاشفة تمثل الخطوة الأولى بالعلاج ، العلاج الذي يتطلب البدء برياض الأطفال ضمن مشروع تربوي طويل الأمد تشترك به مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمثقفين....

-انتشار الجهل والسحر والشعوذة ،والإيمان بان الأرض مسطحة والشك بالنظريات العلمية بدون دراية ومعرفة....مجتمع مرتد الى فكر القرون الوسطى يتطلب من القوى المدنية ان تضع أسس برنامج لإشاعة التفكير العلمي وشرح وتبسيط نظريات نيوتن ودارون....والترويج للموسيقى والفن.......

العمل لن يكون سهلا ووضع برنامج قابل للتطبيق ، وليس شعارات فضفاضة عائمة ، يتطلب الاستعانة بخبرة المختصين ومساهمات المفكرين أمثال الأستاذ سيار الجميل والأستاذ عصام الخفاجي وغيرهم الكثير.

salman.shmas@hotmail.com




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن