فوزي بشرى يصطاد فيصل محمد صالح: نار البشير ولا جنة الأمير (1-2)!!

شوقي إبراهيم عثمان
o.shawgi@gmail.com

2019 / 3 / 25

الأستاذ المترجم فوزي بشرى الذي قدم من لندن إلى أبو ظبي بالتقريب عام 2001م، مستقيلا من جهة ما أو مؤسسة ما في لندن، وربما يحمل الجنسية البريطانية، نزل في منزل صديقه المترجم الآخر المرحوم مكي أبو قرجة في الخالدية. وكان صديقه أبو قرجة يعمل مترجما في صحيفة الإتحاد الإماراتية، ومؤلفا لكتاب سماه “اليهود في السودان: قراءة في كتاب الياهو سولومون ملكا، أطفال يعقوب في بقعة المهدي“. وتم طبع هذا الكتاب ونشره وتوزيعه عام 2004م على نفقة وزارة الإعلام الإماراتية، مؤشرات للتطبيع مع الكيان الصهيوني. أتذكر لقائي بالأستاذ فوزي بشرى جيدا بشعره السبيبي الطويل الذي كان يشبه في الهير إستايل على طريقة جون لينون، وكنت بالصدفة في زيارة لصاحب المنزل أبوقرجة الذي ربطتني به معرفة عابرة.

نعى الأستاذ فوزي بشرى حسن الترابي بكلمات باكية، ملتاعة، حارة، ومع ذلك تحس من الكلمات أن الرجل لم يقرأ للترابي مباشرة، بل قرأ عنه عبر كتاب الدكتور عبد الله علي إبراهيم “الشريعة والحداثة”. ولقد دهشت أنا شخصيا من كتاب الدكتور إبراهيم مستعرضا أفكار الترابي، ومنبع الدهشة ليس من الدكتور، المتمكن من علمه، تلميذ عبد الله الطيب والمتمكن كمعلمه من سبك اللغة العربية، بل مصدر الدهشة هو أن قبعة الترابي مليئة بـ “الأرانب”، ونعني بالأرانب تلك الأفكار المثيرة للشفقة، بل والمضحكة في آن واحد.

وخطر لي التو أن ما يكتبه حسن الترابي من كتب لا يكون مشاعا للجميع، خوف النقد ورد أفكاره الساذجة، بل يطبع منها عددا صغيرا لا يتجاوز دائرته الصغيرة والكبيرة. على سبيل المثال لا الحصر حسن الترابي وجد العُذرَ “للدولة”، ونشب أظافره في عنق “المتفقهة”، أو شيوخ الدين. وهذا لعمري قسمة ضيزى!! ما أراه أنا، تاريخيا، أن الدولة أعتقلت الدين، وذلك بدءا من عام 148هـ على يد أبي جعفر المنصور الدوانيقي، وإلى اليوم الدين معتقل، ولم يكذب المثل: الناس على دين ملوكهم!! على عكس الكنيسة الغربية التي أعتقلت الدولة وحتى الثورة الفرنسية عام 1789م.

ثم تمحور الترابي حول فلسفة “الإبتلاء” الإلهية بمعنى الفتنة، الإختبار وإقامة الحجة على عباده، فنراه هو وكل دولته يصدحون بجهالة “أعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن”، وهذا جهل لمعنى الإبتلاء الرباني. وصحيحها “أعوذ بالله من مضلات الفتن..الخ“، وليس العياذ من الفتن.

وجعل الترابي من “الحداثة” كمتقابلة للدين الحق والتدين، أي نافية ونقيضا لهما. ولا أفهم “عقدة” حسن الترابي من “الحداثة” سوى طفولية فكرية، فأنا مثلا أرى كل ما جلبه لنا الإستعمار هو مفيد، ولكن لِم “أستعمرنا” الإستعمار، أي لم أستطاع أن ينتصر علينا؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي لا يجيبون عليه. يُعزى إلى الضعف الذي أعترى الشعوب التي أستعمرتها الدولة العثمانية، أصبحت سهلة الغزورمثلا من البريطانيين. فمثلا العرب (ومن ضمنه السودان) كانت تحت قبضة الإستعمار التركي العثماني ما يقارب خمس قرونا، دون حسبة فترة حكم السلجوقيين، والمماليك، والأكراد. حقبة الإستعمار التركي العثماني كانت بحق فترة إنحطاط بمعنى الكلمة، ولكن هل يستطيع الترابي أو غيره من الأخوان “المتأسلمين” إنتقاد تاريخ بني عثمان؟ وهم هم..يحجون لأسطنٍبول؟

http://www.elbayan.net/new/index.php/2015-03-26-20-51-58/2226-2016-03-06-10-56-57

ولا أدرى هل التحق فوزي بشرى بعدها مترجما بصحيفة ما في دولة الإمارات أم لا. وأنتقل إلى الدوحة مترجما بقناة الجزيرة، متى؟ لا أدري. ثم تحول في القناة إلى صحفي بدلا من مترجم، وربما أخذ فرصته بسبب إستقالة العديد من الصحفيين والمذيعين من قناة الجزيرة في الأعوام 2006م وأيضا 2011م. وربما أيضا قد “تكوزن” فجأة في الدوحة حتى يصعد سلم القناة المشبوهة، إذا فهمت أن الراحل مكي أبو قرجة كان شيوعي-أنصاري قح. اي والله، إنها الثنائية اللعينة مع الإعتذار للدكتور عبد الله علي إبراهيم. ولا تسأل كيف ألتقى الضدان مكي وفوزي.

فعلها أيضا أحمد منصور أنتقل من موقع محرر صغير مغمور لمجلة اجتماعية مغمورة للإخوان المسلمين في الكويتٍ، تطبعها جمعية الإصلاح، إلى كاميرة قناة الجزيرة بالدوحة. وكذلك فعلها عزمي بشارة من الكنيست إلى قناة الجزيرة.
وفي عاصمة الحمدين والأمير تميم، إنتقالا من أبو ظبي، أبلى المترجم فوزي بشرى بلاءً حسنا وأشعل الوسائط الاجتماعية من المحيط إلى الخليج. إضافة إلى السبك اللغوي والإقتباس القرآني، وهو خريج جامعة الخرطوم كلية الأداب، فهو أيضا يمتلك صوتا جهورا يشابه صوت المذيع أحمد سعيد في ذلك الزمن الطيب. أصبح فوزي بشرى فارس قناة الجزيرة المغوار في سوق عكاظ، وطارت شهرته كل مطار حين أخذ الرجل يقتبس من القرآن الكريم ليحشو عناوين تقاريره المصورة بتقنية القص واللزق. فمن الآية الربانية “اقتلوا يوسف أو أطرحوه أرضاً يخلُ لكم وجه أبيكم” حورها فوزي بشرى إلى “اقتلوا قطر يخلُ لكم وجه ترامب” وكان يغمز من قناة مصر والسعودية والبحرين المحاصرين لدولة قطر، إلى التلويح في وجه حسني مبارك والتشمت من موت علي عبد الله صالح في آن واحد: “اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية”، وثم يقتبس من الهواة المراهقين السعوديين لعبتهم المفضلة النطح بالسيارات فيسمي أحد تقاريره المصورة: ”التفحيط السياسي!!”.

حسنا!! ماذا عن قطر نفسها؟ ماذا عن هذا الماخور الصهيوني المتعفن؟ ماذا يظننا فوزي بشرى؟ بلا عقول؟ أم أغبياء؟ هل قطر وقناة الجزيرة مع ثورة الشعب السوداني أم ضدها؟ الخليج!! دول الخليج هي نقطة ضعف الشعب السوداني حكاما ومتعلمين ومتثقفين. الكل يفزع غلى دول الخليج، ويهربون من السودان. هذا هو سلوك السودانيين منذ الإستقلال 1956م.

لماذا يبقى فوزي بشرى في قناة الجزيرة؟ ويستقيل منها غسان بن جدو عام 2011م ويقول إبن جدو متهما إباها ب ـ”عدم الحياد”: تستخدم أسلوب التعبئة والتحريض في الأحداث داخل سوريا وليبيا!! بل أستقال منها يسري فودة عام 2009م، قال: بعض الأسباب تتعلق بالإدارة، وبعضها الآخر يتعلق بالمهنة، وأخرى لها علاقة بالسياسة، واعتبرها في ذلك الوقت "استراحة محارب". إيمان عياض أستقالت، وتقول: “ضميري لا يسمح بالاستمرار في قناة، شاركت في قتل الشعب العربي“. رحلت لونا الشبل مع أربع زميلات مرة واحدة، جمانة نمور، لينا زهر الدين، جلنار موسى، ونوفر عفلى. واتهمت لونا الشبل قناة الجزيرة وقتها بالتآمر مع جهات غربية، لقلب نظام الحكم في سوريا، والتعامل مع وكالة الاستخبارات الأمريكية، وذلك خلال لقاء لها عبر التليفزيون السوري.

ومن المصريين من أستقال من قناة الجزيرة عام 2011م كارم محمود الذي متهما إياها بعدم الحيادية، وعدم المصداقية في التغطية الإعلامية لاعتصام الإخوان في ميدان رابعة العدوية، مما اضطره للاستقالة بدافع الشعور بالوطنية. ومنى سليمان استقالت بعد حوالي 8 سنوات أي عام 2016م، لأسباب رفضت الحديث عنها، لكنها أشارت إلى أن السياسة التحريرية للقناة هي السبب الرئيسي للرحيل. ضحى الزهيري لم تتحمل تغير الشعب تجاه القناة، وأصوات الاستهجان والاعتراض داخل الشارع المصري عما تبثه القناة، لذلك فضلت الانسحاب حتى تقيم الموقف. نوران سلام أستقالت في عام 2013، تركت القناة بعد تجربة قالت إنها استفادت منها، موضحة أنها كانت تشعر بأن القناة كانت تعمل بشكل غير حيادي تجاه ما يحدث في مصر. والحبل على الجرار كما يقول فيصل القاسم...علاء العيوطي، وحاتم فريدو، ودينا موسى، وكارم محمود، وحجاج سلامة، وحسن عبدالغفار وفاطمة نبيل. إضافة إلى أكثر من 32 مراسلا.

كتبت صحيفة النهار اللبنانية يوم 20 سبتمبر من عام 2011م التالي:

(„أعلن مدير عام شبكة قنوات ”الجزيرة” القطرية، وضاح خنفر، أمس، عن استقالته من منصبه بعد 8 سنوات قضاها بالمنصب. وقال خنفر في صفحته الشخصية على موقع شبكة التواصل الإجتماعية ”تويتر”: بعد 8 سنوات من العمل الرائد في شبكة الجزيرة، أعلن الآن تركي للجزيرة”.

وأكدت وكالة الأنباء الفرنسية في وقت لاحق خبر استقالة خنفر من الإدارة العامة لـ”الجزيرة”، موضحة أن خبر الإستقالة نشر على موقعي ”الجزيرة نت” باللغتين الفرنسية والإنجليزية. ووجّه وضاح خنفر وهو فلسطيني الجنسية رسالة إلى العاملين بشبكة قنوات ”الجزيرة” يعلن فيها استقالته من منصبه. وبالرغم من أن الرسالة لم تكشف عن أسباب الإستقالة، إلا أنه بدا واضحا أن فضيحة علاقة الرجل الأول في القناة القطرية بالمخابرات الأمريكية، كانت الدافع الرئيسي وراء قرار خنفر الرحيل من رأس ”الجزيرة”.

وكانت ”النهار” قد انفردت قبل أيام بنشر نص وثيقة سرية سربها موقع ”ويكيليكس”، تكشف عن وجود علاقات سرية بين خنفر ومسؤولين في المخابرات الأمريكية. وجاء في برقية ”ويكليكس” أن خنفر التقى مسؤولة في وكالة الإستخبارات العسكرية الأمريكية وهي فرع من جهاز المخابرات المركزية ”CIA”، وأنه تلقى منها تعليمات ومدها بتوضيحات تكشف بوضوح عمله لصالح الأجهزة الأمنية الأمريكية. كما نشرت ”النهار” قبل أيام أيضا، خبر قيام عائلة وعشيرة خنفر، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بتبرئها منه معلنة أنه لم يعد يمت لها بصلة، ومتهمة إياه بالتسبب في إحداث فتن. يجدر بالذكر، أن وضاح خنفر تولّى منصب مدير عام شبكة قنوات ”الجزيرة” عام 2006م، بعد أن شغل في السابق منصب صحفي، ومدير مكتب، ثم مديرا لقناة ”الجزيرة” الإخبارية.).

أما الأهرام العربي فقد كتبت 28 مارس 2014م تفسر ما حدث في عام 2011م بأثر رجعي، التالي:

(„علمت "الأهرام العربى" أن خلافات وصراعات بدت تطفو على السطح بين المخابرات الأمريكية “سى آى إيه” والمخابرات الإسرائيلية “الموساد” داخل الساحة القطرية. وكشف مصدر قطري عالي المستوى من الأسرة الحاكمة كانت لديه صلات وطيدة بالعراق أثناء الحكم الوطني، بأن قضية الصراع بين الدكتور عزمي بشارة ووضاح خنفر المدير العام المقال لقناة الجزيرة هو في واقعه وحقيقته صراع بين الـ "سى آى إيه والموساد" على من يكون له الدور الأول والأقوى في قطر، وتوجهها وخياراتها. وأكدت تلك الشخصية بأن ما قصم ظهر وضاح خنفر هو أنه كشف أمام اثنين من العاملين في قناة الجزيرة عن الدور الحقيقي لعزمي بشارة في قطر، خلال شجار بينهما بحضور اثنين من العاملين في الجزيرة عندما احتج وضاح بشدة على تدخلات بشارة في إدارة قناة الجزيرة وقيامه بتوجيه العاملين فيها، وهو ما اعتبره وضاح استخفافا مباشرا به كمدير عام للقناة. وفلتت من لسان خنفر عبارة خطيرة أثناء الشجار بعد أن وصل غضبه حدا فقد فيه السيطرة على نفسه، وهي قوله أنا باعرف أنك يا عزمي تمثل الموساد في قطر وأن انتقالك إلى قطر جاء نتيجة اتفاق بين الأمير حمد ورئيس الوزراء الإسرائيلي لتنفذ دورا ما!! فما كان من عزمي بشارة إلا أن رد بهدوء قائلا: "لا تتقوى بسادتك في المخابرات الأمريكية فسوف أربيك وأعلمك الأدب، وعدم ترك لسانك الوسخ يتلفظ بكلام سوف يؤدي إلى قصه". فرد عليه وضاح بعصبية أشد وهو لا يعلم حجم ومدى تغلغل الموساد في قطر قائلا: "سنرى من سيبقى في قطر أنا أم أنت؟". يقول المصدر القطري العالي المستوى بعد يومين اتصلت شخصية إسرائيلية كبيرة بأمير قطر هاتفيا، وأبلغته انزعاجها من قيام وضاح خنفر باتهام عزمي بشارة بأنه عميل للموساد أمام اثنين من العاملين في الجزيرة، وقال له إن وضاح أرعن وأنه أي المسئول الإسرائيلي اتصل بالمخابرات الأمريكية وأبلغها احتجاجها على ما قام به وضاح خنفر من تعريض عزمي بشارة للخطر الشديد، وبعد الاتصال مباشرة أمر أمير قطر بإقالة وضاح خنفر فورا وطرده من قطر، إلا أن وزير الخارجية حمد بن جاسم توسط لأجل إبقائه والمحافظة على كرامته فقبل أمير قطر مقترح وزيره. إن هذه المعلومات الخطيرة تكشف حقيقة كل من وضاح خنفر كعميل للمخابرات الأمريكية وكيفية وصوله لمنصب مدير عام الجزيرة بقرار أمريكي مباشر، مع أنه غير مؤهل لأكثر من مراسل عادي فيها، وتلك الحقيقة أكدتها وثائق ويكيليكس فيما بعد، كما تكشف الدور الحقيقي لعزمي بشارة كممثل للموساد ليس في قطر فقط بل الجزيرة العربية والخليج العربي كله، وتود منظمتنا أن تذكر الرأي العام العربي بأن عزمي بشارة حاول في بداية التسعينيات من القرن الماضي زيارة بغداد لتقديم الدعم للعراق أثناء الحصار بعد العدوان الثلاثين وتقدم بطلب رسمي لزيارة العراق إلا أن المخابرات الوطنية العراقية قدمت تقريرا خطيرا للرئيس صدام حسين اقترحت فيه رفض زيارة عزمي بشارة للعراق لأنه في الحقيقة مكلف من الموساد باختراق العراق وأقطار عربية أخرى. واختتم المصدر قائلا “إن عزمي بشارة يشكل الآن حلقة الوصل الرسمية بين إسرائيل وأمير قطر الذي اقتنع بأن دعم إسرائيل له أهم من الدعم الأمريكي، وأن الدعم الأمريكي له يمكن أن يصبح ثابتا وغير معرض للتغيير إذا ضمن دعم الموساد ونفذ ما يطلبه منه“. يذكر أن منظمة الوحدة الإخبارية الأردنية سبق وأن أشارت إلى هذه الواقعة.).

وفي عام 2015م طردت قناة الجزيرة أكثر من 300 منتسب لديها ما بين صحفي ومذيع ومراسل وموظف، بعد أن تدنى عدد مشاهدينها بنسبة 70%، بعد أن أكتشفوا أن صاحبها مُصَفِّر إِستُه. وهكذا، يبدأ الإنحدار بالتوالي عقب فضيحة وقوف دول الخليج في صف إسرائيل، وغضبهم من هزيمة إسرائيل على يد حزب الله عام 2006م في لبنان، وإنكشاف عمالة وضاح خنفر2011م للمخابرات المركزية الأمريكية وقد كشفها موقع ويكيليكس، وتآمر دولة قطر وقناتها على ليبيا، ثم على سورية عام 2011م، إضافة إلى تجديف مفتي الناتو القرضاوي القطري الذي تطاول على مقام نبينا حين قال عام 2012م: “لو بُعِث محمدٌ من جديد لوضع يده بيد الناتو !“. ثم مؤامرة قناة الجزيرة على مصر عام 2013م.

https://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2012/05/11/277645.html
https://www.youtube.com/watch?v=nCEqi3a500s

هل أحتاج إلى تذكيركم أن “بِشْة” بمعية “ البغل القطري” في أكتوبر 2011م في مدينة كسلا أعترف متفاخرا أن السودان ساهم بالسلاح في إسقاط معمر القذافي؟ ثم رقص رقصة القرود...إياها. هل هنالك أزمة في سياسات المؤتمر الوطني بسبب إنعدام الموز في السودان؟؟ “لو مات القرد يشتغل القِرداتي أيه؟” وهو السؤال الذي طرحه ”الدكتور” محمد مرسي خلال لقائه بالجالية المصرية فى قطر. وأنبسط حمد بن خليفة آل الثاني للسؤال العبقري الذي طرحه المصري خفيف الدم ورجل الناسا الأمريكي!!

ويبدو أن كافة السودانيون وليس بشة وحده قد تحولوا إلى قرود في دول الخليج. مستغرقين في غيبوبة طويلة من الثنائية العدمية وقد أدمنوها من غير وعي الذات. يهربون بوعيهم أو بدون وعيهم من تنمية بلدهم إلى دول الخليج من أجل العمل والتوظيف، أي من أجل الدولار، وفي نفس الوقت، أي في الكفة الآخرى لا يرغبون أن يفهموا تقاطعات الإقليم العربي السياسية إسرائيليا وأمريكيا وصارت لا تعنيهم، فالقضية الفلسطينية مثلا لا تعنيهم بالأصالة ولا بالتعاطف، وحتى حرب اليمن ومعاناة شعبه لا تعنيهم طالما تجلب لهم الدولار. لا يفهمون أن عملة الدولار في منظور التحليل السياسي الاقتصادي لا قيمة لها ومحض ورقة إفتراضية، وبل مدمغة بدماء الشعوب. دعك من فلسطين العربية، بل قضايا دول الجوار مثل أريتريا، أثيوبيا، تشاد، كينيا لا يفهمونها، ولا يرغبون حتى في فهمها!! لقد تقوقع السودانيون في قوقعتهم الذاتية وتخيلوا إنها قد تحميهم من شر الغوائل فتدحرجوا في ذيل قائمة الأمم. بعضهم صار يمدح ملوك الخليج، وبعضهم لا يمانع من الذهاب لإسرائيل، وبعضهم يرى الحل في ماما أمريكا!! نذكر السودانيين إذا لم تتعاطفوا مع معاناة جيرانكم من شعوب المنطقة، لن تجدوا من يتعاطف معكم!! حدقوا في جماهير الجزائر الآن التي خرجت بالملايين، ولكنها لم تنس رفع علم فلسطين!!

ما الذي يدفع شخصا متعلما مثل فوزي بشرى أن يخدع فيصل محمد صالح؟ وأن يخدع أيضا كافة الشعب السوداني المنتفض؟ هل تفسيرها سياسيا لكونه “كوز”؟ لا أعتقد أنه كوز، بل “متكوزن”. ولو أفترضنا جدلا أنه كوز، ما الشيء الذي يحيله إلى مرتزق يفقد إنسانيته؟ المرتب الشهري الذي يقبضه؟ نعم، هذا هو السبب. التناقض ما بين “الثورة” التي يرفضها “مخدمه” من أجل مخطط أمريكي يهودي صهيوني، وما بين أن يفقد “وظيفته” وإمتيازاته. فالثورة، ومعاناة الشعب السوداني، أفرادا، أو جماعات، أو قبائلا .. لا تعنيه!! ما هي جريمة فوزي بشرى؟

عليك أن تفحص هذا الفيديو الذي صممه فوزي بشرى بقناة الجزيرة
https://www.youtube.com/watch?v=ViJ8_32Nxp8

في هذا الفيديو كليب خدع فوزي بشرى فيصل محمد صالح والذي أُستغِل لإكساب الفيديو مصداقية، وإليك تفاصيلها:

1. طول الفيديو كليب (البرنامج) 50 دقيقة و36 ثانية. (20 دقيقة مقدمة، 20 دقيقة لحسن إسماعيل، 10 دقائق لفيصل)
2. 20 دقيقة كمقدمة ويمكن تقسيمها بالتقريب كالآتي: 10 دقائق لمنسوبي الحكومة، 3 دقائق شوارع فارغة، 3 دقائق للمتظاهرين، 4 دقائق للمعارضين.
3. 20 دقيقة لوزير الإعلام حسن إسماعيل.
3. 10 دقائق لفيصل محمد صالح.

هذه من الناحية الهيكلية الزمنية، أما ناحية المضمون، فنقول التالي:

1. رسالة الفيديو كليب الرئيسية هي العصف بعقل المشاهد السوداني أولا، والعربي الإقليمي ثانية. لتقول: لا توجد ثورة في السودان.
2. التركيز على أنه حراك مطلبي فقط وليست ثورة سياسية لإسقاط النظام وبدأت بمطالب معيشية وتبناها حراك شباب مراهقي الأنترنيت،
3. إيذاء أجهزة الأمن للمتظاهرين ما تسبب في إستمرار المظاهرات، (نصيحة للنظام: أضبط نفسك!!)
4. ما لا يقل عن 3 دقائق لكادرات لشوارع فارغة، ويعني ألا ثورة هنالك،
5. الترويج على أن الـشعار: “تسقط بس!!“ غير عملي، وأن النظام ماضي لعقد جلسة للجمعية العمومية للحوار الوطني!!ٍ
6. منسوبو الحكومة يعترفون بالأزمة المعيشية، ويتبنون مطالب “الثوار الشباب”!!
7. إعطاء الإنطباع أن النظام لم يهتز (ترى ذلك في الأسلوب المسرحي لمنسوبي الحكومة يتحدثون على غير العادة بتؤدة وهدوء شديدين وكأن لا شيء يحدث في السودان)،

وبالرغم من ذلك، وبرغم أن الصحفي فيصل أبلى بلاءً حسنا في تثبيت رؤيته أن هذا النظام لا فائدة فيه، وضرورة كنسه، في أقل من 10 دقائق وربما كل ما أُعطِيه 8 دقائق، ولكن طبقا لسيناريو منفذ الفيديو الخبيث، يخرج المشاهد بالإنطباع أن رأي فيصل محمد صالح رأي نشاذ، كما لو أنه “عزف منفرد”، مع الإعتذار لخلدون الشمعة ومجلة الدستور في الأيام الخوالي.

ولم يحترس فيصل محمد صالح، بل فَضَّل أن يُخدَع في الدوحة، فماذا كان يتوقع من قناة الجزيرة ومن فوزي بشرى.. الذي يترجى عمر البشير أن يبقى في السلطة؟ راجع مقالته: لماذا يجب أن تبقى يا سيادة الرئيس؟

ولا تدري من المخطيء، فيصل الذي ذهب برجليه طوعا للماخور الإسرائيلي، أم الماخور الإسرائيلي متسق مع نفسه؟ نقول قولنا من قِبَل الحرص على سيرورة الثورة الديسيمبرية، إذ يصعب تصور حيادية قطر دون أن يكون لها أصابع داخل السودان، ولربما تتفوق عليها الإصابع الإمارتية، فسفيرها السابق عيسى عبد الله الباشه النعيمي عمَّر في السودان سبع سنوات وأنتهت فترته في 25 مارس 2009م. وفي ذهني ذلك الموظف الكبير بوزارة الخارجية الذي ضبط متلبسا بالتجسس لصالح دولة الإمارات، ولم يحاكم لا إداريا ولا قضائيا، وكانت نقطة محيرة حقا للمحللين. فهل كان هذا الموظف مطرف صديق؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن