حكايات الدكتور سْفَر 3‏

زياد بوزيان
zanooon.ziad@gmail.com

2019 / 3 / 1

يدخل الدكتور سفر إلى قاعة الدروس مبكرا ، فيجدها فارغة إلاّ من "مجموعة الخلف" المشرئبة الأعناق كعادتها إلى أحداث القيل و القال ، تلك الأحداث التي لا تروق للجنس اللطيف ، فوثق الدكتور بالخصب من نفسه ، منتهزا حتى الأوقات الجانبية لكي يبهرهم بصورته ، صورة العالم المثقف الموسوعي كعادته.

ــ ما دهاكم يا شباب أتحضرون شيئا ما ، أخشى أنكم تحضرون للثورة عليَ؟

ــ بل إننا نتناقش في أمور البلاد السياسية و الرياضية حتى يفقه قولنا ..

ابتسم الدكتور و أطرق قائلا :

ــ أتتناقشون في أمر السلطان؟

ــ بالضبط أستاذ.

ــ طيب إذن ، في هذه الأيام يا أبنائي ترون انقلبت فجأة الموازين بشكل غير متوقع ﺒ 180 درجة كما يقولون ، دخل السلطان العربي مخاض حقيقي و متسارع ، قد تصدق عليه كل التكهنات التي تكهناها عنه منذ القرابة العامين ، و ربما هي علامة من علامات الساعة ، و لِعلمُكم قد تحدث مؤخرا صفوة علماء الغرب عن دخول عالمنا مرحلته الأخيرة ، منهم العالم الشهير ستيفن ويليام هوكينج و أيده بعض المنجمين من أروبا الشرقية و الهند ؛ انظروا من حولكم فستجدون عاهل المغرب فجأة دخل في مُنابزة غريبة عن طريق وزرائه لملك السعودية على المباشر و هو في مقام والده ، و إنما يفعل ذلك بشكيمة و نصف شعبه يعتاش على عوائد المخدرات! نفس الشيء مع أمير قطر و مشايخه بالكاد تحولوا إلى ملائكة مكلفين بملاحقة شياطين الإنس! و من ثمة رجمهم بطريقتهم الخاصة ، و كذلكم الأمر مع الرئيس أردوغان و الرئيس المصري ، و حكام الإمارات مع تونس ، و الفلسطينيين مع سلطان عُمان وهكذا ..

الحكاية السابعة : « السلطان الرجيم »

أما سلطان الجزاير فهو المخاض الحقيقي ، لأنه سلطان رجيم حق و حقيقي ، و أخشى أنه لن تقلع البلد شاعرة بانعتاقها إلاّ إذا رجمته و زادت إلى رجمه رجم نظامه العسكري الفاسد المستتر خلفه، بعد أن بدأ يهين شعبه و يسخر منه بما بقي فيه من وعي ، تنعشه بأكسير الكذب كلما خب و وهن رؤوسٌ متحلقة حوله كالأفاعي هي ، فهو و القذافي سواء بسواء ..

ــ كيف أستاذا! لا غير ممكن ، هذا رئيس أنقذ بلاده و ذاك دكتاتور أهلك وطنه ، المقارنة غير جائزة ؟

ــ بل هما سواء بسواء ؛ ما بالك بأقنوم متهالك يسعى بكل عصبية إلى الحفاظ على كرامته و هو شخص فرد ، أكرامته تلك أهون أم كرامة 43 مليون نفس أهون؟ ثم إن في كرامته ( بما بقيت فيه من كرامة) مضرة كبرى للشعب المسلم اقتصاديا و سياسيا أفلا يشبه موقفه موقف القذافي؟ إنه يريد القول متكلا على ما يقرب من مليون عسكري جزائري من أبناء الشعب البسطاء و على زمرة من أنصاره الباحثين عن المناصب بكل الوسائل كدأبهم حتى التشييت[1] اللاواعي ، يقول لن تطيحني المظاهرات و لن تثني عزمي تداعيات الربيع العربي و بعصبية شمال إفريقية موريسكية مقيتة لا تختلف عن عصبية الديكتاتور القذافي ، حتى و أن تطلب الأمر مقتل الآلاف ، فذلك أهون عنده و عند بطانته من التعرض الشخصي للمهانة و الخروج من الباب الضيق كما خرج الرئيس المخلوع ابن علي و أمام تصفيق فرنسا و حلفاءها الأعداء الوهميين له ، بل الأعداء الأسطوريين لنظامه الذي أكل عليه الدهر وشرب ، نظام " الشرعية الثورية " كما حدثتكم عنه سابقا. لذا تراه مع زمرته تلك التي تحرسه ، غدو كالصرعى المشدوهين ، حالهم من هول الفاجعة ، حال الممسوس في شرفهم لا هم أقروا بواقعة الفعل المخل بالحياء عليهم ولا هم استطاعوا نفيه ، كون حادثة انتهاك الشرف بيّنة لا غبار عليها و مسجلة معروضة أمام الملأ.

ــ إن في كلامك التباس يا أستاذ ، فحكام الجزائر لا يبدون عصبيين في خطاباتهم بما فيهم الرئيس؟

ــ عليكم أن تعلموا يا أبنائي أن السلطان الرجيم الجائر الذي ودّت قريحة الشاعر العراقي الكبير أحمد مطر رجمه ، قبل أي اقلاع إبداعي لها ، لا يختلف عن سلطان المغرب العربي إلا من ناحية حدة العصبية المقيتة ، و الشهوانية الحيوانية ، فأكثر السلالات النافذة اليوم بدءً بسلالة عرش الملك المغربي المترفعة تاريخيا عن مجالها الحيوي ، معتقدة أنها مصطفاة ، يعود نسبها شخصيا للرسول وهي جاءت لتحكم بربرا ،و مازال هذا الاعتقاد راسخا لديها تعكسه مظاهر سلوكية إزاء جيرانها تاريخيا ، ضف لها أعراق الغجر و الموريسكيين في حوض تلمسان و المتيجة و سلالات القبائل الليبية حول الجبل الأخضر ، كلها تمتاز بعصبية ترسّبت في قاع أنفسهم ، جيل بعد جيل ، إثر صراع تاريخي مرير بين أناس متطلعين للحرية و آخرين استوطوا أراضيهم تحدوهم إرادة سحرية لتكريس العبودية.

ــ لكن ما علاقة العصبية بالشهوة ، لم أفهم ؟

أيديولوجيا طغمة العسكر التي حكمت قبل الاستعمار و تحكم في الجزاير اليوم و التي بدأ يسقط عنها القناع يوم بعد يوم إثر مرض الرئيس عام 2013 ، هذه الأيديولوجية تستقي مبادئها إما من المذهب الاشتراكي الذي باد ولم يعد ذي فائدة في عصرنا وإما من الإسلام المعتدل ؛ إسلام الأزهر و الزيتونة و الصوفية في زاوياهم ، و هي التي تشكل مجتمعة ما يعرف لديهم زيفا ﺒ " الوطنية " و الصراع المرير هو وجه من أوجه التعصب ، و هو كذلك ولا شك أثر من أثاره ، تتوارثه الأجيال عبر جناتها ، وهذا الصراع في جل بلدان المغرب العربي بخاصة في الجزائر و المغرب ليس كحال الصراع الموجود بين الإسلام و الإسلام السياسي من جهة و الجماعات النخبوية و الاتجاهات العلمانية و اللائيكية في أيامنا في المشرق العربي من جهة أخرى ، كلا ، إن عصبية المغرب العربي أقوى و أعقد لأنها تتغذى من صراع مرير ، مخفي أحيانا بقصد ، بين الأمازيغ الأحرار و الإسلام الذي يريد عبثا تطويعهم و سلبهم حريتهم ، حتى أورث سكانه نوع من العُصاب تاريخيا ، نتيجة ديمومة الاستقطاب الحاد الماكر المخفي بديبلوماسية ، فالعصاب في علم النفس هو قرين الوهم بالتفوق و عند كليهما و نتيجة للضرر الذي لحق كليهما و تشبعت أنفسهم به ؛ ولّد لديهما حب مفرط للذات وكره مفرط للآخر و عبر قرون. إذن بأي حال من الأحوال نحن بإزاء نرجسية منشغلة عن غيرها بعبادة نفسها. و استقطاب كهكذا استقطاب في هذه المجتمعات إنما يسعى إلى التعويض بالتعود على المتع المادية ما ظهر منها وما بطن. انظروا لماذا تكثر حوادث المرور في الجزائر؟ و لماذا لا تسمعون في الجزائر بالحفلات العلنية مثل تونس و المشرق العربي؟ ببساطة لأن الشباب يسوقون و هم مخدرين ، و بكل بساطة أيضا لأن هناك الحفلات السرية يحضرها حتى أكبر المسؤولين و أكبر الجنيرالات في البلد في أكثر من معقل ، لم تخِف إلا بعد أن ضرب إحداها زلزال بومرداس الشهير في ماي 2003.

إنها العصبية العمياء التي ترهن الإقلاع السياسي و الثقافي أيضا ، انظروا مثلاً إلى حال الثقافة و الإنتاج الأدبي نثرا وشعرا ؛ أي الرواية و القصة و المسرحية و حتى المقالات الأدبية عبر الإعلام السيار، أصبح لدينا هامات إبداعية عوض القامات ، بل لدينا "بغل الرواية الجزائرية" بدل عبقري الرواية الجزائرية صنو عبقرية طيب صالح ، "البغل" الذي تعود أصوله الهجينة إلى الموريسكيين و لدينا أيضا بالقياس الى مستوى الرواية العربية "جرو الرواية الجزائرية" الذي يضل ينبح عبر الإعلام السيار دون أن تسمعه أو تقم له وزنا باقي الهامات البراشدة و المُتحيوِنة ، و لدينا بلدغ الرواية و ديك الرواية و هلم جر... و لم يصحوا من سكرة ما هم في من نرجسية جراء عضد بعضهم بعضا ، منزوون بعيدا عن قلاع الأدب الحقة القاهرة و بغداد و بيروت ، أرى كأنه لم يعجبكم قولي ( أفلاطون يقول : أكثر شخص مكره عند الناس هو الذي يقول الحق ) جودة الأدب يا أبنائي في أي رقعة من عالمنا العربي تكمن بالأساس في جمالية التعبير اللغوي ، لأن اللغة العربية ليست لغة سرد جاف مثل الفرنسية بل لغة مجاز و بيان و صور ، تقديم و تأخير .. ، فروايتك إن صحت تسميتها كذلك تصبح ركيكة مهما لحقها من تفنن في قوالب السرد و شعرك ركيك أيضا لأن تعبيرك اللغوي ركيك ، فمتى تدرك بل تصحى مما أنت فيه من عصاب .. يرن الجرس ..

يدخل بقية الطلبة و يبدأ الدرس و عند قرب نهايته تقود الاستطرادات الدكتور سْفَر إلى قضية الصحراء الغربية ثانيةً.

الحكاية الثامنة : « ما الذي حدث؟ »

ينظر الدكتور سفر إلى الساعة ثم يقول : لقد بقيت ربع ساعة، سألقي عليكم فيها قصة كتبتها مؤخرا عن الصحراء الغربية لأشجعكم على الكتابة الابداعية مهما كانت ، شعرا ، خاطرة ، مقالة فلا تتردوا.

الذي حدث بالضّبط هو أن شخصية مناضلة عالمية معروفة في مجال حقوق الإنسان ، اسمه "سكود ليبرمان" لم يعد بإمكان عواطفه أن تسعفه ، لا عن إظهار صبره الديبلوماسي و لا على إخفاء نوايا تذمره اتجاه قضية استفحلت حتى فاحت بالنتن ، و هي التي اسمها "قضية الصحراء الغربية" ، أصبح يتوجّع كل ما سمع أخبارها و معاناة أطراف النزاع فيها ، بل يكاد قلبه ينفطر ألماﹰ و حسرة ، و هو يرى و يسمع كل ما تعرضه القنوات الفضائية عنها من مشاهد مؤلمة ؛ ناس أغلبهم أطفال و نساء عريانين جوعانين في المخيّمات و غيرها ، مخيّمات تعيش القحط ، فيافي تعيش في جُمود قلق الوجود ، و مساعدات تصل و كأنها لم تصل ، مع كل هذا يطلع التهديد و الوعيد من طرفي النزاع بالرجوع للاقتتال مجددا. و الذي شجّعه أكثر على طرح مبادرته لحل القضية أسماها « محاولة لحل قضية الصحراء الغربية » هو كونه إعلامي محنّك و سياسي معتدل سابق ، مشهود له بالمهنية و الكفاءة.

قام سكود ليبرمان بتسجيل فيديو مدّته خمس دقائق لا أكثر، و دفع الآلاف من الدولارات إلى جميع القنوات العالمية و العربية كي تبثه في أوقات محددة ، يقول السيد سكود فيه : « أقدم لحكومة المغرب و لشعب الصحراء الغربية هذه المحاولة الجريئة و العادية في نفس الوقت لحل مشكلة نزاعه حول الصحراء الغربية مع المغرب ، وهي أن يقوم شعب المدن الصحراوية الكبرى و الصغرى معا ، و الخاضعة للحكم المغربي ، أعني العيون و الداخلة و سمارة و بوجدور وغيرها بالخروج الطوعي الحاشد و القوي و السّلمي أؤكد على كلمة السلمي ؛ كما خرجت حشود الجماهير المصرية في ساحة التحرير في القاهرة و ساحة الحبيب بورقيبة في تونس للتعبير على حاجة من اثنين ، أؤكد على حاجة من اثنين إما :

ـــ التظاهر الحاشد السلمي برفع أعلام المغرب و المناداة طواعية بدون إكراه على الانضمام للمغرب ، و ستبقى القوات المغربية متجمّعة في مناطق متفق عليها مسبقاﹰ في المدن المذكورة أعلاه ، و بعيدا عن المتظاهرين و يكون لها حق التدخل في حالة واحدة و وحيدة ، وهي حين تتحول المظاهرات السلمية بالأعلام و اليافطات إلى أعمال شغب و عنف ، من ثمة و جب في هذه الحالة وفقط في هذه الحالة حق تقطيع أعلام البوليزاريو بل و حرقها و تقديم طلب رسمي للأمم المتحدة للتكفُّل بأعضاء البوليزاريو ، بما فيهم رئيس دولة الصحراء الغربية نفسه ، بعودتهم سالمين غانمين إلى حضن وطنهم ، أو اعتقالهم وزجّهم في السجون في حالة عدم خضوعهم للإرادة الشعبية للصحراويين.

وإما : ــــ التظاهر الحاشد السّلمي برفع أعلام دولة الصحراء الغربية و المناداة طواعية بدون إكراه على الاستقلال عن المغرب ، و في هذه الحالة يكتفي المتظاهرون برفع اللاّفتات المنادية بالاستقلال دون اللجوء لحرق أعلام المغرب لأن ذلك من شأنه إثارة قوات الأمن المتموقعة بعيدا عن المتظاهرين و يكون بمثابة حجة لهم للتدخل ، و في هذه الحالة كذلك يُقدّم طلب رسمي من المتظاهرين للأمم المتحدة من أجل تأمين خروج القوات المغربية من كافة الأراضي الصحراوية و عودة البوليزاريو و الرئيس سالمين غانمين إلى أحضان الوطن .

أما أنا فقد علِمت أنه لمّا عملت جميع القنوات على بث الفيديو و حُدد موعد المظاهرات بيومي العطلة السبت و الأحد ، في كافة الأراضي و المدن الصحراوية ، من دون سكان مخيمات اللاّجئين و مدن المملكة المغربية الجنوبية طبعا و التي هي غير معنية بالمظاهرات السلمية ، و حُشدت قوات الأمن و احتلت مواقعها كما أتفق عليه ، لكنه قد حدث شيء غير متوقع في يومي المظاهرات و بقيت الشوارع خاوية خالية عن بكرة أبيها تصفًر فيها الريح الصرصر ، فشلت محاولة الشخصية الأممية المرموقة لحلحلة النزاع ، ما دعاه لتكليف اللجنة المنوطة بها تنظيم المظاهرات السلمية إلى اعتماد تاريخ آخر جديد للمظاهرات و تقديم ضمانات إعلانية عبر القنوات المحلية بعدم الخوف ، كون المظاهرات ستكون آمنة و تحت مراقبة أممية و أعيُن المجتمع الدولي.

في المحاولة الثانية خرجت بعض الجماهير هنا و هناك ، بعضها رافع للأعلام المغربية و بعضها للأعلام الصحراوية ولم تُرضي أعدادها ما كان يتطلع إليه السيد سكود ليبرمان ، و حتى الصحراويين و المغاربة أنفسهم ، لقد كانت مظاهرات المحاولة الثانية مُخيّبة للرأي العام العالمي « مظاهرات يعد أصحابها على أصابع اليد » رغم تطمينات طرفي النزاع للجماهير.

أما المحاولة الثالثة التي دعا لها السيّد سكود فقد حظيّت باهتمام و رعاية أفضل ، حيث خصص لها المنظمون ، أي للجنة الأممية بقيادة السيد سكود ليبرمان ، و التي تضم ضمن أعضاءها عددا متساويا من الصحراويين الداعمين للمغرب و نظرائهم الداعمين للبوليزاريو، خصصوا لها حملات إعلامية لمدة عشرة أيام قبيل أيام المظاهرات المرتقبة ، و نجحت هذه الاعلانات في تحريك الجماهير وإخراجهم الى الشوارع أخيرا ، ليحدث أمر مهول لم يكن ليتوقعه أحد حتى الشخصية العالمية الغير منحازة سكود ليبرمان نفسه.

ما الذي حدث يا ترى؟

إن الذي حدث لهو مهزلة لِأمة العروبة و الإسلام في القرن الواحد و العشرون بحق ، فقد نزع الصحراويون المتظاهرون الذين خرجوا في حشود جبارة ، أكاد أخال أن الصحراء الغربية كلّها قد خرجت ، و بقيت البيوت خاوية ، حتى المقعدين و العجائز خرجوا و معهم النساء تحملن بيد أطفالهن وباليد الأخرى الأعلام ، و إلى هنا الأمر مطمئن و مبشر قوي بدنو حلحلة المشكل. لكن ماهي إلاّ لحظات حتى بدى أنّ المتظاهرين النازلين بدأوا ينزعون إلى الإقتتال الهمجي بينهم ، فقد تمكن صحفيون من رصد مناظر رهيبة ، كتل من البشر و قد تساوى فيها الفريقان إلى حد رهيب ، كما و صف الشهود في عين المكان ؛ قرابة 50% مؤيدون للمغرب و قرابة 50 %مؤيدون للبوليزاريو ، مُؤكّدين على مشاهد تشمئز لها النفوس .

يا للمصيبة و أضحوكة العالم تلك ، فقد أباد المتظاهرون الصحراويون بعضهم بعض!! مستعملين الأسلحة البيضاء و الهراوات أمام مرأى العالم ، و لم يقوى أحد على التدخل و منع المهزلة ، ما هي إلا ساعات حتى أصبحت الصحراء الغربية أسطورة مرتسمة على الوجوه الشاحبة الكالحة ، مدونة على الرمال بخط أحمر قانٍ فائض بزبده « انتهت أسطورة الصحراء المغربية » العلم المغربي يقتل العلم الصحراوي ، لكن المقتول لا يدع قاتله إلاّ وقد أصابه إصابة قاتلة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وهكذا كان العكس بالعكس ، فألفينا من الأراضي القاحلة و المدن الخربانة الخاوية الوفاض على عروشها منذ ذلك الحين ما شاء لنا أن نلفي ، أجل ألفيناه مساءً حزيناﹰ داميا يبكي بحرقة ضحاياه ، و ألفيناها أحياءً بائسة بؤس الأمم المتحدة ، أحياءً مسفوكة الدماء لا ساقية و لا واد ، أحياءً تصفّر فيها الريح صفيرا جلل ، تكاد تستنهض الجمادات ، أحياءً تجُول فيها الذئاب و الضباع أناء النهار و تصول فيها أشباح الإنسانية الغابرة أطراف الليل ، فلم تقوى إذ ذاك ، بل لم تجرأ قدم مغربي أو صحراوي من مخيمات اللاجئين أو غيرهم من أن تطأ تلكم الأرض ، التي سقطت فجأة من يد الآلهة ، بعد أن تشربت من الدماء الزكية حد الثمالة واقعة في يد الأبالسة و إلى الأبد.

ولأن العالم كله قد أصابه الذهول ، لم يستطع أحد إدراك و لا تفسير ما حصل ، حتى أن السيد سكود أصابته صدمة نفسية حادة انزوى عن الأنظار إلى غير رجعة . و بدت الصحراء الغربية صحراءً حقيقة ، تنام على مليون جثة و جثة أقصد على مليون شهيد و شهيد من الطرفين دون أن يقترب منها أحد ، الكل يتفرج عليها وسط ذهول مُطبق. و اللعنة على كل كذاب أثيم و إلى الحصة المقبلة.

ــ " و الله العظيم لَأنّ الدكتور سْفِر هذا لحكاء و قصاص ماهر بحق " قال أحد طلبة "مجموعة الخلف" بعد خروج الدكتور سْفر فراح البقية لفورهم يقهقهون دون انقطاع " أههههه .. أهههه .. أهههههه .."

[1] - التملق بالاطراء و الثناء و المدح المتجاوز لكل الأطر و الحدود المتعارف عليها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن