الحضارة المصرية مازالت تبهرالمتحضرين

طلعت رضوان
talatradwan@yahoo.com

2019 / 2 / 19

بالرغم من مرورآلاف السنين على الحضارة المصرية، فإنّ ولع المُـتحضرين بها، تدفعهم لكشف المزيد من إنجازات جدودنا..من أمثلة ذلك ما قاله المؤرخ الرومانى (إبيان السكندرى) أنّ أول من استخدم خاتم الزواج فى الإصبع البنصرفى اليد اليسرى..هم المصريون القدماء..منذ حوالى6000سنة..وذلك للتعبيرعن ارتباط شخصيْن معـًـا مدى الحياة..وكان ارتداء الخاتم فى الإصبع اليسرى (بالذات) يرجع إلى اعتقاد المصريين إلى وجود وتربهذا الإصبع يصل إلى القلب مباشرة..وأنه مركزالعاطفة..وهذا التقليد انتقل إلى دول العالم.
وأعلنتْ جامعة خايين الإسبانية أنّ أول إصابة بسرطان الثدى، اكتشفها المصريون القدماء..وقاموا بعلاجها منذ خمسة آلاف سنة..ونجحوا فى استئصال الثدى المُـصاب..وبعد دراسة خضعتْ لها المومياء بمقابرجزيرة الفنتين (غرب أسوان) أنها لسيدة اسمها (ساتيت) ماتت عن عمر25سنة..وخضعتْ لجهازأشعة (ياتوستيك) القادرة على إجراء124شريحة إشعاعية فى وقت واحد..وهذا الكشف يدل على أنّ اكتشاف سرطان الثدى..ونجاح استئصاله..هوأقدم الحالات فى العالم (صحيفة الأهرام8ديسمبر2017ص35)
ونجحتْ بعثة آثارية فى اكتشاف ورشة بها (عجلة حجرية) لصناعة الفخاريرجع تاريخها إلى الأسرة المصرية الرابعة (2613- 2494ق.م)..ويوجد بالورشة كــُـتل حجرية دائرية لضرب الطين المُـراد تشكيله على هيئة أوانى منزلية (صحيفة الأهرام20يوليو2018)
واعترف مؤتمرالبيوتكنولوجيا الذى عـُـقد فى واشنطن، بأنّ الحضارة المصرية هى من أقدم الحضارات التى مارستْ علم البيوتكنولوجيا..عندما ابتكروا صناعة الخبز..وقاموا بتخميره قبل دخوله الفرن (أهرام30يوليو2003)
وذكرعالم المصريات برستد أنّ الصناعة المصرية أخرجتْ ((كتانــًـا على النول اليدوى، بلغتْ فيه دقة النسيج..ما جعل من الصعب أنْ نــُـميزه عن الحرير..وإذا قارناها بخيرما يمكن أنْ يـُـنتجه النول الميكانيكى الحديث، فإنّ صناعتنا الحالية تبدوخشنة بالنسبة إليها)) (برستد فى كتابه انتصارالحضارة- ص100)
وإذا كان هذا جانب من التقدم العلمى والتكنولوجى، فإنّ الجانب الثقافى/ الحضارى جعل وزيرالثقافة البلجيكى (رودى ديموت) أنْ يصرّح بأنّ بلجيكا ((تعد موسوعة باللغتيْن الفرنسية والعربية..حول الطفولة فى مصرالقديمة)) (أهرام27 أكتوبر2002ص28) وعن تأثرالفنانين التشكيلين العالميين (سواء فى الرسم أوالنحت) وولعهم بالأثارالمصرية..وما شاهدوه من رسومات على جدران المعابد أوداخل المقابر..وانبهارهم بفن النحت المصرى، بعد تأمل تماثيل الملوك..وبأحجام مختلفة وأوضاع مُـتنوّعة..كل ذلك جعل النحات العالمى (هنرى مور) أنْ يقول: ((أعطى عمرى كله لمن يعطينى دفء النبض فى النحت المصرى القديم)) (د.نعمات أحمد فؤاد- أهرام11/8/2004ص12) وأكــّـد ذلك الفنان التشكيلى والناقد (مكرم حنين) الذى ذكرأنّ هنرى مورتأثربالفن المصرى القديم والفن المكسيكى (أهرام20يوليو2004ص27)
واختار(روبيرسوليه) لكتابه عن مصرعنوان (مصر: ولع فرنسى) وإذا كان كثيرون يعتقدون أنّ الولع الفرنسى (والأوروبى) بمصرظاهرة حديثة، فإنّ المؤلف يعود بالجذورإلى القرن16حيث ظهرتْ فى فرنسا تماثيل (أبوالهول) لتزين الحدائق. أما إيطاليا فشهدتْ أوسع انتشارلهذه الظاهرة..وكان الفرنسيون الزائرون لإيطاليا يحرصون على مشاهدة التماثيل المصرية التى تــُزيّن الكابيتول (مقرالسلطة) فى روما..وأنّ الهوس بمصرانتشرفى إيطاليا قبل ذلك بأربعة عشرقرنــًـا.
ووصل العشق بمصرلدرجة أنّ نجارًا فرنسيًا عرض فى عام 1810 قطعة موبيليا فاخرة تحمل نقوشــًـا مصرية..وتبعه صناع الأثاث الفرنسيين..وقام رئيس ديرسان بييربرسم نسخة من معبد دندرة وعلــّـقها فى الديرمن أجل ((بثْ حب الشأن العلمى لدى رهبان الدير)) ثم انتشرتْ قطع الأثاث الفرنسية (ترابيزات. كراسى إلخ) التى تحمل غطاء رأس فرعونى، بالإضافة إلى أنواع أخرى من المنتجات مستوحاة من الفن المصرى القديم، مثل أوانى المائدة وبندول الساعات إلخ وظهرلون جديد أطلقوا عليه (أرض مصر) وفى مدينة مارسيليا قام عامل شاب بحفر(أبوالهول) مجنح.. وعندما ذهب نابليون إلى بلجيكا عام 1803 كانوا يستقبلونه فى كل مكان بديكورات مصرية..وفى مدينة (آنفر) أقاموا هرميْن من الجرانيت الأحمرعليهما كتابة هيروغليفية..وفى بروكسل كان سلم إدارة الشرطة يشتمل على تمثال لأبى الهول..ومن بين 15 نافورة تقرّرإقامتها يوم 2/5/1806 أُقيمتْ6منها بإلهام الفن المصرى..وعلــّـق المؤلف قائلا ((ليس للإمبراطورية الفرنسية ماضٍ..ويجب أنْ تجد لنفسها طرازًا فنيًا..وذلك باستخدام الفن المصرى))
وبعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922 اشتعل الهوس بمصر..وظهرنسق جديد من الملابس المصرية، حيث قام ملوك الأزياء الراقية فى باريس عام 1923 بابتكارعلبة أدوات زينة للنساء اسمها توت عنخ آمون..وفى عام 1994 استقبل متحف اللوفر204 ألف زائر..وفى عام 1993 أقام الأمريكان فندقــًا وكازينوفى لاس فيجاس عبارة عن هرم من 30 طابقــًا مزودًا بتمثال لأبى الهول..ويؤكد المؤلف أنّ الفرنسيين ينغمسون فى الهوس بمصرمنذ طفولتهم..وعن السينما فى أوروبا فقد تم إخراج 40 فيلمًا فى 20 سنة مستوحاة من الحضارة المصرية..وقام فرنسيان بإنشاء علم (موسيقى مصرية قديمة) واجتذبتْ الحضارة المصرية عشرات الروائيين الأوروبيين، فكتبوا روايات مستوحاة من مصرالقديمة..وحققتْ مبيعات الروايات والكتب التى تتناول الحضارة المصرية أرقامًا مرتفعة، لدرجة أنْ أصبح علم المصريات علمًا شعبيًا نتيجة عشق الشعوب الأوروبية لمصر..وليس علمًا بين العلماء المتخصصين فقط..وفى القرن16انشرتْ فى أوروبا (مودة البليسيه) المأخوذة من فساتين المصريات، مثل نفرتارى ونفرتيتى..وأمام معبد الكرنك وقف شامبليون وقال ((نحن فى أوروبا لسنا سوى أقزام)) (مصرولع فرنسى- روبييرسولييه- ترجمة لطيف فرج- مكتبة الأسرة- عام1999)
ولعلّ كل هذا العطاء الحضارى هوما جعل المدارس الابتدائية فى معظم دول أوروبا أنّ أول كتاب يتسلمه التلاميذ، على غلافه صورة لهرم زوسرالمدرج..وتحته عبارة ((أول حضارة عرفت استخدام الأحجارذات الزوايا القائمة..وأول صرح حضارى فى تاريخ البشرية)) (د.صبحى شفيق- صحيفة القاهرة22نوفمبر2005) .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن