أسوان عاصمة الشباب و الثقافة والاقتصاد لإفريقيا

هويدا احمد الملاخ
houidahmed18@yahoo.com

2019 / 2 / 13

إن موقــع أســوان الجغرافي وأهميتها التاريخية جعلتها دائما تحظى بأهمية إستراتيجية فريدة ، لأنها تمتلك شهرة واسعة في مجال السياحة الثقافية، باعتبارها تتضمن جانب كبير من آثار مصر الفرعونية ، و كبوابــة مصــر الجنوبيــة إلــى أفريقيــا ، فضلا عن كونها من اغني البيئات في جمهورية مصر العربية بمواردها ذات القيمة الاقتصادية والثقافية والعلاجية ، والتي جذبت إليها في الماضي الأمير محمد شاه أغاخان الذي كان يعاني من الروماتيزم وآلام في العظام فنصحه مشاهير الأطباء في العالم بزيارة أسوان، لأن فيها شتاء دافئاً عجيباً وشعباً طيباً ، فجاء الأغاخان إلى أسوان في عام 1954 بصحبة زوجته بائعة الورد الفرنسية (ايفيت لا بدوس) التي أشهرت إسلامها واختارت اسم (أم حبيبة) لها ، وقرر إقامة فيلا تطل على نهر النيل صممها ونفذها شيخ المهندس فريد شافعي، الذي جعل من الفيلا تحفة معمارية، وبنى أغاخان بجوار قصره مقبرته على طراز المقابر الفاطمية في مصر القديمة، لتظل شاهدة على قصة حب أسطورية بين (أغاخان وأم حبيبة ) .
وفى العصر المعاصر جذبت أسطورة الطب السير مجدي يعقوب جراح القلب العالمي لاختيارها لإقامة مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب ، وعند سؤاله عن سبب اختياره لها أشار جراح القلب لجودة المناخ في أسوان على مدار العام كهواء نقي لمرضى القلب، فضلا عن إعجابه بالجمال والهدوء والعراقة في هذه المحافظة .
تأسس الصرح الطبي العالمي لإمراض القلب فى أسوان عام 2009 م ، وهي منظمة غير حكومية تشرف على مشروع استثنائي حقًا ذو أهمية هائلة لصحة ورفاهية شعب مصر وجميع أنحاء المنطقة.
هدفه الأساسي هو إنشاء - على طول ضفاف نهر النيل في أسوان - مركزًا طبيًا متميزًا ومكانة دولية مخصصة لجراحة القلب والأوعية الدموية والعلاج والبحث. يوفر مركز أسوان للقلب الأمل ويحسن فرص الحياة ويخدم الأطفال والشباب والبالغين في مصر والمنطقة ، ونجحت المؤسسة على مدار السنوات الماضية
بإجراء الأبحاث إلى نقل المعرفة والمهارات والخبرات عبر المنطقة وخارجها ، وإنشاء قاعدة معارف بيولوجية طبية يمكن تصديرها إلى العالم بأسره ، تدعمها كوادر طبية وفنية و تمريضية مؤهلة ومزودة بأحدث الأجهزة والتقنيات العالمية ، فضلا عن إدارات متخصصة مثل إدارة السلامة والصحة المهنية، والمسؤولية المجتمعية، ورضا المتعاملين، وإدارة الشكاوى.
هدفها يتلخص في الأتي :
- تقديم خدمات طبية مجانية متطورة مجانية إلى الشعب المصري ، وخاصة للفئات العمرية المحرومة والضعيفة.
- تدريب جيل من الأطباء والممرضين والعلماء المصريين الشباب على أعلى المعايير الدولية.
- النهوض بالعلوم الأساسية والبحوث التطبيقية كجزء لا يتجزأ من البرنامج وتشجيع البحوث الطبية الحيوية في مصر.
- حرص مركز أسوان للقلب على تعزيز التعاون العلمي و الاكاديمى و الانسانى مع دول افريقية مختلفة منذ عام 2013 ومازال يواصل القيام ذلك بالتعاون مع والوكالــة المصريــة للشــراكة والتنميــة ( EAPD ) التابعـة لـوزارة الخارجيـة المصريـة برعايـة هـذا البرنامـج بالكامــل .
وفى الجانب الاقتصادي تتميز مناطق المحافظة طبقاً لأبحاث مراكز التعدين والصناعة بوجود محاجر لأجود أنواع الرخام والجرانيت على مستوى العالم بكميات كبيرة بالإضافة إلى الكاولين والطفلة وغيرها ، كذلك توجد أنواع من الخامات المعدنية والتي تصلح لاستخدامها في بعض الصناعات ، على سبيل المثال دراسة إنشاء مصنع الاسمنت بمنطقة كركر بجوار سلسلة جبال سن الكداب حيث يتوافر الحجر الجيرى والطفلى بكميات كبيرة ، دراسة إمكانية صناعة الزجاج بمنطقة الهودى لتوافر السليكا ، دراسة لتصنيع الشبه كيميائيا من خام الكاولين الموجود في منطقة كلابشة ، إنشاء خدمات لتسهيل العمل بالمحاجر من خلال إنشاء شبكة طرق معبدة والقيام بإجراءات تراخيص المحاجر لطالبي الترخيص باستغلال المحاجر وحصر الخامات ومناطق تواجدها وتقدير الكميات الموجودة منها لعمل البرامج الاقتصادية الأزمة لاستغلالها
كما تتمتع أسوان بمقومات التنمية السياحية سواء كانت ثقافية ترفهيه علاجية نظرا لتواجد معابد أثرية لها قيمة تاريخية كبيرة منتشرة داخل مراكزها المختلفة .
وهناك إمكانيات سياحية أخرى حيث تمتاز المحافظة بشمس ساطعة وكثبان رملية تصلح للعلاج بالدفن في الرمال لعلاج الروماتيزم ، وإنشاء المعسكرات السياحية العلاجية.
هذا بالإضافة إلى إمكانيات استخدام بحيرة ناصر في السياحة الرياضية وسياحة السفارى و سباقات الزوارق والسياحة العلمية والقرى السياحية الكبيرة وسباق السيارات ، وهناك مرافق تستخدم لإغراض السياحة حيث يوجد طريق أسوان ابو سمبل بالضفة الغربية ، وهناك طريق أسوان العلاقى بالضفة الشرقية ، وطريق ابوسمبل جرف حسين يمكن استغلال تلك الطرق للأغراض السياحية ، وقد تم خلال فترة الدراسة إنشاء شركة مصر أسوان للساحة لاستغلال هذه الموارد السياحية .
كما تتمتع أسوان بمناخ حار جاف صيفا دفئ شتاءا يشجع على الإنتاج المبكر للمحاصيل الزراعية خاصة الخضر مما يحقق عائدا كبيرا عند التسويق سواء على المستوى المحلى أو التصديري .
من كل ما سبق يجب دراسة وحصر الإمكانيات الاقتصادية المتعددة وأجراء البحوث اللازمة بالأخص في المجالات الآتية :-
1- تنمية الثروة السمكية والزراعية والحيوانية
2- الصناعات الزراعية والتعدينية والحرفية
3- الموارد الطبيعية الأخرى القابلة للاستغلال الاقتصادي
4- تنمية الموارد البشرية اجتماعيا وثقافيا برفع كفاءة الأداء
5- التنمية العمرانية لكافة مراكز المحافظة
6- وسائل النقل والمواصلات
7- التنمية السياحية ويمكن تقسيم عناصر الجذب السياحي في أسوان على النحو التالي :
1- السياحة البيئة 2- السياحة التاريخية 3- السياحة التراثية
يجب دراسة مقومات السياحة المختلفة داخل المحافظة ، ومعرفة إمكانية التسويق للسياحة العلاجية في أسوان سواء في الداخل أو الخارج ، و التعرف على دور الشركات السياحية والهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي في ترويج برامج السياحة المختلفة ، تشجيع البحوث ذات الصلة على الآثار المترتبة على السياحة ، ومعايير السياحة المستدامة وإمكانيات إنشاء خط سكك حديدية بين مرسى علم والأقصر وأسوان حيث أن طول المسافة 240 كم وذلك وفقاً لطبيعة التربة في المنطقة التي سيمر بها القطار حيث أن هذا المشروع سيؤدي إلى تسهيل نقل السائحين من الأقصر وأسوان إلى مرسى علم كما أنه سيتيح إقامة مدن عمرانية على طول خط السكك الحديدية والهدف من ذلك هو ربط مناطق الآثار بمناطق الشواطئ مما بدوره يساهم في توفير أدوات نقل السياح والعمالة والتواصل بين هذه المدن .
وأخيراً
آن الأوان للبحث عن مستقبل اقتصادي مشرق لعاصمة الشباب و الثقافية والاقتصاد لإفريقيا، ولتحقيق ذلك يحتم علينا أولا فهم الماضي وتدارك أخطائه والتغلب على الأسباب التي أدت إلى ضعف الأداء الاقتصادي للمحافظة ، وذلك من خلال التخلص من التخطيط المؤقت والبرامج التنموية قصيرة المدى التي استهدف معظمها معالجة مشكلات مؤقتة ، خاصة بعد أن فقدت الأهداف الاقتصادية بعدها الاستراتيجي للتطوير في إعقاب اكتمال مشروع بناء السد العالي .
إن المؤشرات الاقتصادية والثقافية لمحافظة أسوان تدعو للتفاؤل و تؤهلها لأن تكون نمرا اقتصاديا مثل النمور الآسيوية المبهرة ، تجعل أسوان مركزا اقتصاديا متقدما على المستوى الإفريقي .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن