المربد .....هزيمة تقدمية!

حارث الخضري
khudhary@yahoo.com

2006 / 4 / 17

حمل المربد هذا العام مفاجاة من العيار الثقيل، تمثلت بقرار غريب يقضي بمنع الشاعرات من المشاركة في فعالياته.
كان التبرير الاولي لهكذا قرار – مع ملاحظة ان التبرير صدر من متنفذين في اتحاد الادباء العراقيين- يتلخص في محاولة الاتحاديين منع تكرار جريمة اخلاقية ارتكبتها – على حد تعبيرهم – احدى الشاعرات العراقيات في مناسبة شعرية سابقة.
من الطبيعي هنا ان يثير القرار وتبريره الكثير من الملاحظات الجدية حول مسيرة الحركة الادبية والثقافية في العراق لا سيما مع الظروف الاستثنائية التي يعيشها البلد، فأول الملاحظات تتلخص في عدم درايتنا بالمنطلقات التي اجازت للاحاد المركزي في بغداد او حتى فرعه البصري ان يقرر معاقبة جميع الشاعرات في العراق بسبب خطأ ارتكبته احداهن , طبعا هذا اذا فرضنا ان من قامت بالفعل ارتكبت خطأ اصلا.
ثانيا ان فحوى القصة، التي حرمت الشاعرات من المشاركة، تتلخص في ان احدى المدعوات لفعالية شعرية في البصرة قررت ممارسة الجنس مع احد الحرس – تم ضبطهما فيما بعد وبشهادة زميلة حاضرة وقت الحادث-, وهنا علينا ان نتساءل:" اين كان منظموا الفعالية وقت الحادث؟، وكيف استطاع ان يتسلل الفاعل الى غرفة نزيلة في الفندق، خصوصا وانها شاعرة ان صحت الرواية , ثم ان ما قامت به المشاركة لا يعدو قرارا اتخذته هي بملئ ارادتها وعليه فهي تعرف انها ستتحمل كافة النتائج لوحدها.
الملاحظة الثالثة وهي الاكثر غرابة ... فمن المعلوم ان طليعة المشاركين هم من التيار التقدمي والديمقراطي ولا افهم كيف اجازوا لنفسهم مهرجانا شعريا ذكوريا خالصا موقعين انفسهم – وبمنتهى السذاجة - في مطب تناقضات لا يحسدون عليها.
رابع الاثافي انني لحد الان لم اسمع ولا صوتا ثقافيا واحدا انتقد الظاهرة , ويبدو ان الامور ستمر بسلام مادامت الدعوات مجانية.
والان لنحاول ان نحلل هذا القرار الغريب .... فمن الواضح انه ليس هناك غبي واحد من الممكن ان يقتنع بتبريرات المنظمين , خصوصا ان هكذا طرح سيوصلنا الى نتائج كوارثية، اقلها ان كل شاعرة في العراق هي مشبوهه ومتهمة في اخلاقها .وبما انه لا يمكن تصور تصرف من دون سبب , اذن هناك – بالتاكيد – شيء ما دفع المنظمين الى ان يتصرفوا بهذا الشكل !
ويبقى السؤال عن ما هو الدافع ؟
قبل انطلاق فعاليات المهرجان التقيت باحد المثقفين وكان الموضوع هو محور حديثنا....كنا نتفق على ان السبب الوحيد لهكذا قرار هو تدخل جهات معروفة قررت ان لا يكون للنساء مكان في الواجهة الادبية العراقية , وان انسب مكان للمرأة في عصر العولمة هو منزلها واحضان زوجها .
وهنا لا اريد مطلقا ان اتهجم لا على اتحاد الادباء ولا على فرع البصرة للاتحاد ولكني احاول ان اثير نقاشا عن موضوع لا يمكن السكوت عنه. واتمنى ان تكون توقعاتي، وصاحبي، خاطئة وان يكون هناك مبرر منطقي اخر غير التبرير الساذج الاول وهذا ما اشك فيه.
ففي حال ثبتت الرؤية فانها باختصار هزيمة تقدمية امام تيار رجعي. كان الاحرى على كل من يدعي التقدمية ان لا يشارك فيها . فكل من تجرأ على اعتلاء منصة قاعة كتب على بابها " ممنوع دخول النساء " مشارك بالجريمة باصرار وتعمد.
واتذكر هنا كلمة لصديق نصها:" لن اسمح، بعد الان، لأي اديب في اتحاد الادباء ان يتكلم امامي عن حقوق المرأة!"
واخر احلامي ان لا يكون هذا المنع هو أول الغيث.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن