مَصالِح الأحزاب ومصالِح الشعب

امين يونس
sadamkar@yahoo.com

2018 / 12 / 31

الصراع المُحتدِم بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني ، في بغداد وكركوك وأربيل ، بالنسبة لي ، لا يعني تنافُساً شريفاً بين حزبَين سياسييَن ، ولا هو تسابُقٌ على مَنْ منهما يُقّدِم إنجازات أكثر للشعب ، ولا هو أيضاً خلافٌ بين طَرِفٍ نزيه وآخَر فاسِد ، بل ولا حتى تفاضلٌ بين جهةٍ خائِنة عميلة جبانة وأخرى مُخلِصة وطنية شُجاعة . بل هو تنازُعٌ فَج على المناصب وهو تكالبٌ سخيفٌ على النفوذ وهو صراعٌ على تقسيم الغنائِم .
وإلّا بالله عليكُم .. ما يهّمُنا نحنُ الناس العاديين ، مَنْ يكون رئيس الجمهورية في بغداد ؟ إذا كان لايريد او لايستطيع حَل مشاكلنا المستعصية ؟ ماذا يهّمنا إذا كان وزير العدل من الديمقراطي أو الإتحاد ، إذا كان عاجزاً عن تحقيق بعض " العَدل " لنا ؟
ومواطنو كركوك وفي مُقدمتهم الكُرد ، وبعد أن خبروا تجارب خلال خمسة عشر سنة الماضية ، لا أعتقد بأنه يهّمهم كثيراً مَنْ يكون مُحافِظاً ومن أية قوميةٍ وحزب .. فالحالي أي راكان الجبوري ، أثبتَ توجهاته الشوفينية السافرة إضافةً إلى فساده المُزمن . أرى أن شعب كركوك ومن ضمنهم الكُرد ، ليس عندهم أي مانِع أن يكون المحافظ عربياً أو تركمانياً ، بشرط أن يكون عادلاً نزيهاً .
الإتحاد الوطني الكردستاني ، أثبتَ فشله الذريع في إدارة الوضع قبل وخلال أحداث 16/10/2017 ، والغريب أنهُ يُريد أن تعود الأمور إلى ما كانتْ عليه سابقاً ، أي ان يكون المُحافِظ منهم على شرط ان لا يكون المحافظ السابق الدكتور نجم الدين ، الذي يعتبرونهُ أنه مُشتَرى من قِبَل الديمقراطي ! . يريد الإتحاد ان يكون له نفس النفوذ السابِق وكأن شيئاً لم يكُن .. والحَق ان ذلك طموحٌ غير منطقي ولا مُنصِف .
الحزب الديمقراطي ، يضع العِصي في دولاب مجلس محافظة كركوك ولا يسمح بإنعقاد جلسة ذات نِصابٍ قانوني ويرفض العودة إلى كركوك ويعتبرها مُحتَلة .. الديمقراطي يُريد أن يُحرِم الإتحاد من تفوقه ونفوذه التقليدي في كركوك وكذلك حرمانه من تبوأ أي منصب وزاري في بغداد ويتنصل من التعامُل المُباشِر مع رئيس الجمهورية .. الديمقراطي يريد أن يُشكِل حكومة في اربيل حسب مرامه وكذلك تفعيل منصب رئيس الأقليم حسب مزاجه ، بحجة حصوله على أغلبية كبيرة في إنتخابَي بغداد وأربيل .. يطمح الديمقراطي ، إلى تثبيت سيطرته على أقليم كردستان وأن تكون له كلمته المسموعة في بغداد وأن يكون لهُ دورٌ مُؤَثِر في كركوك أيضاً .. يريد كُل ذلك وكأن شيئاً لم يحدث .. والحَق ان تلك الطموحات العريضة غير منصفة ولا منطِقية .
فالديمقراطي لايستطيع إلقاء اللوم على الإتحاد فقط ، في أحداث 16/10/2017 وماقبلها ومابعدها ، بل هو الشريك الأكبر في تحمُل المسؤولية ، وكذلك مسؤولية كافة الأزمات المالية والإقتصادية والفساد والإنكسارات وسوء العلاقات ... الخ .
.................
ان نجاح الإتحاد في تنصيب برهم صالح رئيساً ، وحتى إذا نجحتْ جهوده في إختيار مُحافظٍ منه لكركوك وكذلك إستيزار خالد شواني في بغداد ، وربما رئاسة برلمان الأقليم .. كُل ذلك هو نجاحٌ وإنتصار ل " الإتحاد الوطني " وليس لشعب أقليم كردستان أبداً .
وكذلك تمكُن الحزب الديمقراطي من الحصول على منصب وزير المالية ووزراء آخرين ونائب رئيس مجلس النواب ، بل حتى نائب رئيس مجلس الوزراء ، في بغداد ، وكذلك رئاسة وزراء الأقليم ورئاسة الأقليم ووزارات مهمة أخرى ، ولعب بعض الدَور في كركوك أيضاً ... كُل ذلك هو إنتصارٌ وفوزٌ ل " الحزب الديمقراطي " وليسَ لشعب أقليم كردستان مُطلقاً .
لأنهُ ببساطة : ان مصالح الشريحة الواسعة الغفيرة والفقيرة من شعب أقليم كردستان ، بعيدة كُل البُعد عن المصالح الحزبية للحزبَين الديمقراطي والإتحاد .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن