من يريد اعادة داعش الى العراق ؟

سعد السعيدي
s.alsaidy@yahoo.com

2018 / 11 / 22

في الصيف الماضي ومن خلال مطالعة الاخبار وقعت على خبر قد لا يكون غريبا في اوضاع بلدنا الحالية. كان الخبر يدور حول تفاصيل اعتقال كاظم صلاح حارس مرمى فريق الموصل لكرة القدم وفق المادة 4 إرهاب.

يقول الخبر نقلا عن مدرب الفريق بان الحارس كان قد اوقف مع زميله الحارس الآخر في فندق وسط بغداد من قبل مجموعة من منتسبي استخبارات الداخلية. وبعد تحقيق دام مع الاثنين حتى الثانية ليلا تم اعتقال كاظم صلاح وفق المادة 4 إرهاب بحسب مذكرة الاستخبارات واخلاء سبيل زميله. وقد اضاف المدرب بان الحارس كان بحسب هذه المذكرة مطلوبا في محافظة صلاح الدين منذ العام 2014. وكان يقيم خلال هذه الفترة في الاقليم ويمارس كرة القدم فيه ويتنقل بين المحافظات ولم يدخل الموصل منذ تلك الفترة ولا صلاح الدين إلا مرة واحدة. وتساءل المدرب كيف امكن ترك الحارس طليقاً كل هذه المدة إن كان بالفعل متهما وهو يتنقل ويتم تدقيق معلوماته بالحاسوب ؟ واكمل منوها بأن الحارس لم يقبض عليه بأية سيطرة في الطريق من الموصل وصولاً إلى بغداد على الرغم من خضوع جميع أعضاء الفريق لتدقيق أمني للتأكد من هوياتهم. كما أشار إلى أن اللاعب سبق له السفر جوًا عبر مطار بغداد الدولي ، فكيف لم يتم القبض عليه في حال كان مطلوباً للسلطات الأمنية ؟ وما زال الحارس حتى بعد اعتقاله من دون أي تعليق من جانب السلطات الأمنية العراقية حول الاتهامات الموجهة له.

هذه اول مرة اتعرف بها على ثمة ما يسمى بمذكرة الاستخبارات. ويكون السؤال في هذه الحالة عن السند القانوني لمثل هذه المذكرات. فهل هي كأختها القضائية يتم اصدارها اعتمادا على حدث جنائي مدقق من قبل قاضي التحقيق ؟ وعلى فرض انها كذلك ، فلم جرى التحقيق مع اللاعب لساعات قبل القبض عليه ؟ ام انها على العكس لم تصدر بناء على مذكرة قضائية ، انما هي من بنات افكار وزارة الداخلية مما سمح بها وزيرها البدري. مثل هذه المذكرات ستكون في هذه الحالة صادرة خارج سلطة القضاء ومتجاوزة عليها مما ينزع عنها اية صفة شرعية. وبهذا فهي لا تكون إلا محاولة للالتفاف على السند القضائي. بالنتيجة فدون اي امر صادر عن قاضي التحقيق يكون اللاعب على هذا محتجزا قسرا وتعسفا.

ولكي لا يقال بان الامر هو تشابه في الاسماء نقول بان هذه الحجة مردودة على من يطلقها لانه يفترض حيازة كل مواطن على هوية التثبت من الشخصية مثل البطاقة الموحدة الحديثة غير القابلة للتزوير كما يشاع. بيد ان المدرب قد بين بان التدقيق كان يتم باستخدام الحاسوب. والسؤال الذي سيتبع هو عما تكون هذه الحجة إذن التي تسمح باعتقال ايا كان ؟ فامر مثل تشابه الاسماء هذا كان يمكن حله خلال اقل من اسبوع على اكثر تقدير إلا اذا كانت هناك اهداف اخرى من الاعتقال...

لدى التدقيق على موقع مفوضية حقوق الانسان العراقية لا يجد الباحث اي شيء حول هذه الممارسة الحكومية المرفوضة. فالموقع مهمل تماما ، وآخر تحديث لصفحاته كان في العام 2015. بينما تحتوي آخر تقارير منظمتي العفو الدولية ومرصد حقوق الانسان (هيومن رايتس واتش) المخصصة للعراق على فقرة عن الاعتقال التعسفي ، اي الاعتقال من دون المذكرة القضائية الذي تمارسه اجهزة وزارة الداخلية. وهما تطالبان الحكومة العراقية بالكف عن هذه التصرفات المنافية لحقوق الانسان والاحتكام للقانون في تنفيذ اوامره. اما الدستور العراقي النافذ وكذلك قانون اصول المحاكمات الجزائية فهما يحرمان الاعتقال التعسفي وكلاهما يحدد اسس توقيف المطلوبين وفق مذكرة صادرة عن قاضي التحقيق فقط. وابان حكومة المالكي كان يجري اعتقال مواطني المناطق السنية باية حجة على السيطرات الامنية ، ليجري لاحقا ابتزاز اهاليهم بفدية لاطلاق سراحهم. فإن كان ابتزاز اهالي المعتقلين هو الهدف الحقيقي للاعتقال فانه يشير الى فساد مؤكد معرفة الوزير به لكن لسبب ما يتقاعس عن استئصاله. ولا يمكن له الادعاء بعدم المعرفة حتى مع الاشارة السريعة اليها في الاعلام. وهذا يعيدنا الى الكفاءة والاخلاص في العمل. إذ لم يبد لنا بان الوزير عضو منظمة بدر مهتما باي شكل من الاشكال بأساس ولا بمآل من تعتقلهم استخباراته تعسفا.

وتكون هذه المذكرة غير الشرعية المسماة استخبارية والتي هي فوق القانون هي ما يمثل التطرف الذي هو اقصر الطرق الى الاستبداد. وبالضبط مثل موضوع تجاوز الوزير على حريات وحقوق من سموا بالمجاهرين بالافطار وايداعهم السجن الذي كتبت عنه سابقا نرى هنا ايضا بان الوزير الاعرجي يدوس على القانون. إن إهمال هذا الموضوع سيعيدنا مرة اخرى الى زمن الدكتاتورية التي لن يفلت منها احد. على هذا لست متأكدا من ان ثمة من يرغب بتبوؤ الاعرجي اي منصب حكومي آخر كونه قد اثبت عدم كفاءة وعدم اخلاص في منصبه السابق على رأس وزارة الداخلية.

من الجهة الاخرى نجد بان مجلس النواب قد اشاح بوجهه وما زال عن هذا الموضوع ولا يوليه الاهتمام الواجب. فلم يقم بمراقبة عمل الحكومة حوله ولم يسائلها ولم يستجوب احدا من وزرائها المسؤولين مثل وزراء الداخلية والدفاع والعدل ورئيسي الحشد الشعبي والمخابرات. لكن ربما كان لهذا المجلس العذر كون جل اهتمامه كان محصورا في الاهتمام بالتجارة وجمع المال وتوفير الحماية للبارات والملاهي الليلية عدا عن شراء المناصب والاصوات الانتخابية.

يبدو بان الوزير ورئيسه لم يردا الاتعاظ من اوضاع ما قبل داعش. إذ ها هما يقومان بتكرار نفس التصرفات التي انتجت هذه الداعش بداية. على هذا تكون داخلية العبادي وحكومته فاشلتين بجميع المقاييس واهمها مقياس حقوق الانسان. لكن ما الذي يمكن توقعه من شخص فرضته جهة اقليمية وآخر جرى فرضه دوليا ؟

وقطعا فليس الحارس كاظم صلاح هو وحده من يكون قد اعتقل في اية فترة ولم يوجد في الاخبار ما يؤيد اطلاق سراحه لاحقا. وليست هذه هي المرة الاولى التي تتصرف بها اجهزة الامن العراقية بهذه الطريقة الاستبدادية والمهينة. إذ يبدو وكأنها تستمر فيما ورثته من النظام الدكتاتوري السابق من ممارسات. ولا يعرف على هذا اعداد المعتقلين بهذه الطريقة بالعراق. ومن حق اهالي هؤلاء التوجه الى وزارة الداخلية للمطالبة بمعرفة مصير اقربائهم المعتقلين ، وإجبار مفوضية حقوق الانسان او القضاء على التحرك من خلال رفع شكوى ضد الحكومة عندهما وايلاء الموضوع باكمله التغطية الاعلامية اللازمة.

هذه التصرفات وغيرها من سبل القمع غير القانونية هي ما اتانا بما سمي بمنصات الاعتصام وداعش لاحقا. فهل يريد الوزير اعادة استقدام داعش يا ترى ؟ وهل ستقوم حكومة عبد المهدي زوية بالاستمرار بهذه التصرفات المرفوضة ؟

رابط ذو صلة بالمقالة :
هل تعلمون ان وزير داخليتنا زميل البغدادي في سجن بوكا؟
https://tellskuf.com/index.php/mq/67836-jn122.html



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن