وزير الثقافة و ورث بابا خرابة

حارث رسمي الهيتي
harith.alhetty@gmail.com

2018 / 10 / 26

نشرت وزارة الثقافة الفرنسية بالتعاون مع وزارة الاقتصاد هناك تقريراً في الثالث من كانون الثاني عام 2011 يشير الى ان قطاع الثقافة الفرنسي هو عكس ما يصرح به الاتحاد الاوربي من انه يمثل هوة مالية ويثقل كاهل الدولة هناك ، على الرغم من ان الدولة تنفق على هذا القطاع 13 مليار يورو في مجمل النشاطات الثقافية المختلفة ، كما ذكر التقرير ان " الناتج المحلي الإجمالي الثقافي" يقارب 58 مليار يورو من العائدات الفرنسية ويمثل ايضاً ضعف عائدات قطاع الاتصالات كما انها تساوي سبع مرات مداخيل صناعة السيارات وتوشك أن تعادل عائدات القطاع الزراعي !!
وحين كنت انتظر كغيري مخاض الجبل – والجبل هنا مجازاً - لكي يلد ولكن ليس فأراً كما المعتاد كنت اتصور في " لحظة صوفية " أن يأتي عبد المهدي بوزيراً للثقافة يجمع عليه المهتمين بهذا الشأن لا أن تعبس وجوههم حال سماعهم الاسم ، ما شجعني على هذا التصور هو ان السيد عبد المهدي استقر في فرنسا منذ الستينات وحصل فيها على شهادة الماجستير مرة في العلوم السياسية وأخرى في الاقتصاد السياسي وعمل في مراكز بحثية عديدة ، وكان رئيساً للمعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية حسب ما كتب في سيرته الذاتية ، وهذا يجعله يعرف كيف تدار الحكومات هناك – أو هكذا افترض - .
ولهذا كنت اتصور ايضاً بأن السيد عادل عبد المهدي وهو يحضر قائمة بأسماء وزراءه المقترحين لتقديمها للبرلمان توقف أمام من يرشحه لشغل منصب وزيراً للثقافة العراقية حينها تذكر جاك لانغ .
جاك لانغ هذا كان وزيراً للثقافة الفرنسية منذ 1981-1986 ومرة أخرى منذ عام 1988-1993 رفع شعار " الثقافة والاقتصاد معركة واحدة " وهو لا يختلف كثيراً عمن سبقوه في هذا المنصب من جاك دوهاميل موريس دروون الى فرانسواز جيرو مروراً بفردريك ميتران . جاك لانغ الذي رفع شعاراً مفاده ( ان الثقافة والاقتصاد معركة واحدة ) وعمل جاهداً من اجل ترسيخه في عقليات اغلب من حكم فرنسا لتصل بذلك الى شئ يعرف بالاستثناء الثقافي الفرنسي جاك لانغ الذي جمع بين الثقافة والمسرح والسياسة والقانون .
كنت اتوقع من السيد عبد المهدي أن يفكر قليلاً وهو يختار مرشحاً لوزير الثقافة وأن يعرف جيداً بأن مجتمعاً مثلنا الآن هو أحوج ما يكون الى اعادة تأهيل ثقافي ، وهذا يشمل تأهيل البنى التحتية التي خربها اهمالنا المتعمد لهذه المرافق الى العمل على التنسيق بين التجمعات الثقافية بشتى اسمائها باعتبارها منتجةً للثقافة والوزارة المعنية وليس انتهاءً بأفراد المجتمع من حيث العمل على رفع المستوى التنويري والمعرفي . هذا التأهيل الثقافي وحسب ما يحكي أحد الفنانين العراقين الذي دفعتهم احداث الصراع الطائفي في العراق الى العيش في سوريا والذي ينقل له اصدقاءٌ من هناك ، بأن بشار الأسد وحال انتهاء عمليات تحرير ادلب وجه وزارة الثقافة هناك الى اعادة تأهيل المواطن السوري بعد تعرضه ولسنوات الى آثار الخطابات المتطرفة وتأثير المعارك في بلاده ، سواء اتفقنا او اختلفنا حول الاسد شخصيته و أداءه ، الا ان هذه الرواية تعكس جانباً من وعي السلطة هناك الى تأثير الثقافة وواجبها .
ولكن تبقى ابداً اسئلة من قبيل لماذا لم تستشار الجهات المعنية بالثقافة عن اسماء من يفضلون ليكون وزيراً لهذه الوزارة دون اجابة حقيقية لأسباب منها عدم اهتمام القائمين على الحكم في العراق بهذا المجال ولا نعتبره مهماً مطلقاً ، هذا المجال الذي كان اليساريون والديمقراطيين هم اكثر اهتماماً به دون غيرهم ، وهذا سيضع رئيسنا الجديد في حرج عندما يقدم اسماً ثقافياً بارزاً وله منتجه الابداعي ليكون وزيراً .
ضحكنا مراراً على السيد الهايس حين طرح نفسه لشغل هذا المنصب وحجته انه " منفتح " فعلى ماذا سيستند السيد عبد المهدي أو السيد حسن طعمة كزار ليكون تبريراً لاختياره دون غيره .
حين تبحث في محرك البحث العملاق " غوغل " عن اسم السيد حسن طعمة لن تجد شيئاً سوى انه عضوا في البرلمان العراقي منذ 2005 ولغاية 2010 !! لم نعرفه كاتباً ولا شاعراً ولا رساماً ولا كومبارس حتى .
نحن بحاجة الى وزيراً للثقافة مثقفاً مثلما يشترطون طبيباً لوزارة الصحة وضابطاً لوزارة الدفاع فهي لا تقل اهمية عن الاخريات . وزيراً للثقافة نرى في عهده مسرحيةً لا تقل عن النخلة و الجيران وليس وزيراً يقدم لنا " ورث بابا خرابة " !!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن