جراحنا عميقة .. بعمق تأريخنا !..

صادق محمد عبدالكريم الدبش
addilalinsan39@hotmail.com

2018 / 9 / 28

جراحنا عميقة .. بعمق تأريخنا !..

تذكرت يعقوب وحزنه على يوسف !..
تثير شجوني تلك الأحداث وغيرها من قصص التأريخ !..

كيف تلقت عائلة المغدورة خبر نهايتها المروعة ، وهي فتاة تزهو لها الحياة وتعيش أحلامها الطفولية ، وتحلم ببيت يجمعها بمن تحب ، ويقيمون عش السعادة والهناء ، وينجبون أطفال وأسرة يأملون أن تكون سعيدة .

ولكن الأيدي الغادرة والجبانة تقلب حياتهم الى جحيم ، ويكدرون صفوهم ويشيعوا السواد والحزن والنحيب ، ليتحول المشهد الى صمت موحش رهيب .

فتقول ألأية ( وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) .

ولا أُخفي عليكم أحبتي حزني وغضبي وألمي على تلك الفتاة التي غُدِرَتْ لا لشيء ارتكبته ولا لعمل شائن جنته !..

كان كل ذنبها بأنها قد اختارت نمط معين من العيش ، وتلبس ما يعجبها وتعمل الذي تختاره ، وهو ليس بخارج عن العرف أو المألوف ، فما الضير في ذلك ؟..

هناك من لا يقر بنمط حياتها وملبسها وطريقة عيشها !..
وهم أحرار بما يعتقدون وهي حرة بما تعتقد وتراه !..
ومن يعترض على ذلك فليقاضيها أمام القضاء ، وهذا هو الإجراء السليم والذي يحقق العدالة .

أما أن نختلف مع الأخر ونذهب لتصفيته وننفذ أحكامنا بأيدينا وبعيد عن القانون ، فهذا يعني أصبحنا في غابة ووسط وحوش مفترسة لا عقل لها ، وهذه من أكبر الكبائر .

بالرغم من ادراكي العميق بأننا فعلا في غابة !!..

وهناك غياب للقانون وللعدالة والإنصاف ، وغياب للأمن وللسلم المجتمعي ومنذ 2005 م وحتى يومنا هذا ، وهذه حقيقة يعيشها الناس يوميا ، ومثل هذه الجرائم تحدث يوميا ومنها لا يتم الإعلان عنه ، بل يتم التعتيم عليه من قبل النظام السياسي الحاكم ، وهذه لعمري جريمة أخرى ترتكبها السلطات الحكومية والأمنية ، والتي لم تقوم بالكشف عن تلك الجرائم ودوافعها والأيدي التي ارتكبتها ومن هم المحرضين الحقيقيين وما هي دوافعهم ، وفي أغلب الأحيان تسجل تلك الجرائم ضد مجهول ، أو يعتبروها جرائم جنائية ولكن الحقيقة غير ذلك تماما ، فلها خلفيات أيديولوجيا وسياسية وقيمية تتعارض مع فلسفة النظام السياسي القائم وأحزاب الإسلام السياسي الحاكم التي هي قريبة من فكر وفلسفة الدولة الدينية المعادية للحريات وللحقوق وللديمقراطية والتحضر وللمرأة على وجه الخصوص ، فهم يشكلون العقبة الرئيس في تحرر المرأة وانعتاقها من الهيمنة وسلب الحقوق ، وعلينا أن نقر بحقيقة ، بأن القضاء يتحمل وزر هذه الجرائم ولإخفاقه في تتبع خيوطها والكشف عنها وبشكل شفاف لتحقيق العدالة .

مثلما ذكرت هذه الجريمة وما سبقها من جرائم مروعة قد أثارت السخط والشجون في نفسي ، فساقني تأملي الى ما قاله البعض في مثل تلك النوائب والفواجع والدماء الذكية التي سفكت في وطننا ومن دون وجه حق وخارج القانون .

وإليكم البعض منها :

والخنساء حين تقول :
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ .
وتقول :
اشدَّ على صروفِ الدَّهرِ ايداً وأفْصَلَ في الخُطوبِ بغَيرِ لَبسِ
وضيفٍ طارقٍ أو مستجيرٍ يروَّعُ قلبهُ منْ كلِّ جرسِ .

عنترة بن شدّادله وسجال وابداعه الشعري :

اذا صاح الغرابُ به شجاني وأجرى أدْمُعي مِثلَ اللآلي

وأخبرني بأَصْنافِ الرَّزايا وبالهجرانِ منْ بعد الوصال

غُرابَ البيْنِ ما لكَ كلَّ يوْمٍ تُعاندُني وقد أشغلْتَ بالي

كأَنِّي قد ذَبحتُ بحدِّ سيْفي فراخَكَ أوْ قَنَصْتُكَ بالحبال

بحقِّ أبيكَ داوي جُرْحَ قلْبي ورَوِّحْ نارَ سِرِّي بالمقال

وخبّرْ عنْ عُبيْلة َ أَيْنَ حلّت وما فعلتْ بها أيدِي اللَّيالي

فقلبي هائمٌ في كلَّ أرض يقبلُ إثر أخفافِ الجمال

وجسمي في جبال الرّمل ملقى خيالٌ يرتجي طيف الخيال .

يا حسرتاه علينا نحن نعيش في الزمن الامعقول !..

زمن العهر والكفر والرذيلة والنميمة والجريمة والهوان في دولة الخرفان والصبيان !..

هللوا .. وكبروا .. فقد هُزِمَ الأمل والحبُ وهُزِمَتْ رجاحة وعقل ووعي الإنسان !..

وانتصر الطغيان والفلتان وساد القتل والإلغاء وإنكار الأخر الذي هو مرأة الحياة وجوهر وأساس تقدمها وتطورها ، وأساس سعادة البشر في كل مكان .

صادق محمد عبد الكريم الدبش .
28/9/2018 م



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن