كعكة القوادة و لحم الكتكوت

حسين علوان حسين
hussainalwanhussain1951@yahoo.com

2018 / 9 / 5

يؤكد الراوي العليم بتاريخ الملاحم و الفتن بأن كعكعة القوادة و لحم الكتكوت أنما اخترعت عام 2000 ق. م. حتماً ، و ليس قبل ذلك بتاتاً ، و الدليل على مصداقية هذه الرواية وارد في هذه الحكاية .
في ذلك العام ، أقيم في مملكة غابة "ميقارا" القويّة الكائنة خلف البحار و المحيطات نزال حاسم في العضِّ بين السمّور الوسيم "غلوار" و النمس العصابي "بشبوش" لتسنّم عرش مملكة الغابة الفارغ . تجمهرت دواب الغابة حول حلبة النزال ، و عُقدت أضخم صفقات الرهانات بين الدببة و النمور و الخنازير و الكلاب و النموس و بنات آوى و الغيلان و الهروره و البعورة على فوز أحد المتنازلين . وحدها الكتاكيت لم تشترك في المراهنات لأنها خالية الوفاض .
كان الحَكَمُ في ذلك النزال هي القطة المتهالكة "قطرونه" التي كان أبوها و أمها الثريان يستقعدان شقيق الخِبِل بشبوش عندهم لتدفئة مخدع أبنتهم المدللة فيدفعان له أنفس الأشياء في العالم لقاء "أتعابه" في إسعادها يوميّاً حسب الأصول – مع غيره من عديد المسافدين بلا توقف كالمكائن – لكي لا تصاب ابنتهم المدللة بمرض العوق العاطفي الخبيث . و كانت عائلتها من أكبر المراهنين على فوز الخِبِل بشبوش في النزال لضمان دوام و تنامي مصالحهم الحيويّة في الغابة بالاستئثار يومياً بأكبر كمية ممكنة من لحوم كتاكيت الغابة المغدورة .
ارتقى الخِبِل بشبوش حلبة النزال مرتدياً لباساً طويلاً من الكاغد السميك الشفاف الذي يغطي جسده كله من القذال إلى البراثن ليتقي به عضّات غلوار الذي لم ينتبه لخدعة منافسه . في النزال ، أشبع غلوار بشبوشاً بالعضّات حتى سقط الأخير أرضاً و هو يعوي مضمخ البدن بدماء جراحه الثخينة ، فهتف الجمهور و صفّق للانتصار المشهود لغلوار . و لكن قطرونه ، المسؤولة عن التحكيم في النزال ، أفتت بأن الفائز أنما هو من له العدد الأكبر من العضّات ، لذا يجب عد عضّات كل منافس في جلد غريمه حسب الأصول قبل الإعلان النهائي لنتيجة النزال ، و أوكلت لعدد من مكائن السفاد ممن سبق و أن أعدتهم لهذه المهمة تولّي مهمة العد و الفرز . و قد تعمّد هؤلاء عدم احتساب المئات من عضّات غلوار في جسد غريمه بحجة كونها غير نافذة تماماً في جلد بشبوش ، و أعلنوا في النهاية فوز الأخير في النزال . هاجت دواب ميقارا لهذا التحيّز الصارخ في التحكيم و ماجت و ناجت ، و طالبت بإعادة العد و الفرز للتثبّت من صحته ، و لكن قطرونه أصدرت الفتوى بوقف عملية إعادة العد ، و المصادقة على قرار فوز الخِبِل بشبوش بعرش الغابة . و خطبت بحماسة و بلاغة في بهائم الغابة قائلة :
"أسمعوني ، و عوا : إن الواجب المقدس يحتّم علينا جميعاً اختيار المؤمنين الحقيقيين بالله من المتّقين الصالحين للتربّع على كرسي العرش و إلا لحق الإثم الجسيم بنا جميعاً ، و ساد حكم العلمانيين أعداء الله في غابتنا التي استأثرت وحدها دون غيرها من غابات الدنيا ببركات الله العلي القدير ، فتحلّ لعناته الأبديّة علينا جميعاً . و الخِبِل بشبوش نمسٌ متبتلٌ قريبٌ من الله . إنه نمسٌ مبارك يشتغل على اللمس بلا همس بدليل أنه سريع العلس ، قوي الرفس ، جبّار الدفس ، و يحمس الحمس ؛ و ما عليكم سوى القبول بحكمي هذا عملاً بكلمات الرب : "أطيعوني و أطيعوا أولي الأمر المتقين منكم" ، و أنا قوّاد - أقصد : حَكَمٌ تقيٌ نقيٌ زكيٌ شريف ، و أخاف الله ".
هاجت بهائم الغابة و ماجت و ناجت من جديد ، و تأزّم الوضع ، و ثارت الكتاكيت معلنة العصيان المدني ، و بدأت نذر الحرب الأهلية في الغابة تطل بقرونها و أنيابها و براثنها . و لتفادي الويلات ، فقد تم الاحتكام عند محفل إبن آوى العتيق الخرف الدنف : "أسقال" ، الذي أيّد حكم إبنة مسؤول وكر مبغاه المحلي قطرونه . و هكذا فقد تم – وسط الشق و الدق للحوم الكتاكيت المغدورة – تتويج الخِبِل بشبوش ملكاً على غابة ميقارا ليوزع على كل البهائم كعكة القوادة و لحم الكتكوت . و منها انتشرت إلى كافة أرجاء العالم .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن