ما الجدوى وكيف - 300 حجة تُفند وجود إله

سامى لبيب

2018 / 8 / 20

- ثلاثمائة حجة تُفند وجود إله - من 201 إلى 240 .
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (79) .

أتممت من شهر سلسلة مائتان حجة تُفند وجود إله , وقد وعدت أن أمد هذه السلسلة لثلاثمائة حجة وهاأنا أبدأ فى المئة الثالثة .. بدأت هذه السلسلة بخمسين حجة لأرى أن هناك المزيد لأمدها لمائة حجة وبعد أن فرغت منها وجدت أن هناك حجج أخرى وفيرة فنحن أمام فكرة وفرضية خيالية إجتمع فيها كل التناقضات والإشكاليات العقلية والمنطقية لأتمم مائتين حجة , ولكنى وجدت أن فى جعبتى المزيد والمزيد بإعتبارى مهتماً بفكرة عدم وجود إله وعليه فنحن أمام المئة الثالثة من الحجج التى تُفند وجود إله والتى أستطيع أن أؤكد أنها لن تكون الخاتمة .!
هذا المقال يختلف عن باقي المقالات فى هذه السلسلة فبدلاً من الطرح المباشر للحجة سأصيغ تأملاتى وتوقفاتى فى أسئلة لتصل الفكرة بعد حراك فكرى وقدرة على التأمل العميق أى إثارة الشك والجدل الحر لأرى أن هذا النهج فى تصدير الأفكار هو الأفضل حيث تتكون الفكرة فى ذهنية القارئ نتاج إستنتاجه الخاص وجداله الفكرى الحر بمحتوى غير سردى ولا تلقينى إقراري .. وقد خضت سابقاً هذا النهج بسؤال "هل" وأتصور أنه أتى بنتائج طيبة.
سأصيغ حججي فى تفنيد وجود إله من خلال طرح مجموعة من الأسئلة أحدهما تحمل "ما جدوى" والأخرى "كيف "
سؤال "ما الجدوى" يعتنى بمنهج فكرى يهمل السؤال عن الأشياء التي بلا جدوى فأي فكرة بلا جدوى لا تستحق السؤال عن ماهيتها ووجودها , فهى لا تخرج عن الوهم والظن بوجودها وأهميتها .
تَجدر الأشارة أن الجدوى فكر وتقدير ومفهوم إنساني , فلا جدوى ولا معنى ولا قيمة للأشياء فى حد ذاتها, فالإنسان هو من يمنح الشيئ الجدوى وعدم الجدوى وفق تقديراته وإنطباعاته , ولكن مع التقدم المعرفى والعلمي وتبديد مساحات الجهل الإنساني صار من الأهمية بمكان مراجعة كل الأشياء التى توهمناها ومنحناها جدوى .
سؤال " كيف" يثير الشك والجدل فى الفكر لتأتى حجج تفنيد الإله من العقل الجدلي بعد دراسة التناقضات واللغط واللامنطقية التى تثيرها الفكرة .

* ما الجدوى ؟
201- لم يعد سؤال من أوجد الإله مطروحاً وذو أهمية , ليطل سؤال ما الجدوى من وجود الإله فى عالمنا المعاصر؟ .. أدركنا الآن الأسباب الطبيعية وما تمنحه لنا من خيرات وكوارث وأمراض وأسبابها , فما جدوى وجود الإله حتى ولو فكرة ؟
202- ما جدوى فكرة الإله إذا كانت حياتنا هي حياة واحدة ستنتهى بالموت , فلا بعث ولا خلود فى جنه أو جحيم ؟
203- ما جدوى وجود الأديان في مجتمع ينتهج نهج إنسانياً أو أممياً حيث الحرية والكرامة والمساواة لكل البشر , فهل سيكون للدين الذي يعتني بالتشرنق والعنصرية والتعالي والتمايز فى إطار من الهوية والقومية جدوى ؟
204- ما الجدوى التى يجنيها الإله من عبادة البشر له ؟ فإذا كانت الجدوى هي من عبادتهم له فهنا فقد الإله ألوهيته وكماله كونه تحت الحاجة والإحتياج لمخلوقاته .
205- ما الجدوى من فعل الخلق للإله ؟ فإذا كنت ترفض أن يكون تحت حاجة البشر للإيمان به فهل يكون الخلق من أجل إثبات وجوده كفاعل حيوي فهنا تسقط الألوهية أيضا .
206- ما الجدوى من الإختبار الإلهي المزعوم طالما النتائج وكشوف الناجحين والراسبين معلنه قبل الإختبار ولا سبيل لتعديل النتائج ؟.
207- ما الجدوى من لذة ممتدة بلا ألم وما جدوى ألم ممتد بلا لذة ؟ .. الجدوى والمعنى تأتى من إدراك ومعايشة الضد فلا إدراك للذة بدون عبور وإدراك الألم ولا إحساس بألم بدون المرور وإدراك اللذة .
208- ما جدوى التوحيد بالنسبة للإنسان ؟ قد نعتبر التوحيد ذو جدوى للإله ,ولكن هنا دخل الإله فى الأنسنة حيث الغيرة والغضب من مشاركة آلهة أخرى , إذا كان التوحيد تعبير عن تفرد وهيمنة هوية مجتمعية معينة فهنا صار ذو جدوى لنخب وقوميات.
209- ما جدوى العقل بالنسبة للإله ؟ فالعقل يؤنسن الإله ويفقده ألوهيته , فالأمور تكون محددة بمنطلقات العقل ومحدداته وعقلانيته , فالعاقل يعنى الإلتزام بقوانين العقل والمعقول ليتحدد بهما , أى أنه خاضع لمحددات صارمة لا يستطيع الحيد عنها وإلا بدا غير عاقل ليتحدد الإله هكذا وفق قوانين ونظام ومعقولات لا يحيد عنها .
210- ما الجدوى من مقولة "مَالك المُلك..مالك السموات والأرض" مع وضعية إله واحد وحيد أحد متفرد لا يجاوره آلهة منافسين على المُلك .. الملكية لا تتحقق كمعنى إلا عندما يتنافس المتنافسون على الإستحواذ والإقتناء .
211- ما الجدوى من المعرفة المطلقة التي تُدرك كل شئ ما كان وما سيكون إذا كانت هذه المعرفة أرشيفية لا تُغير ولا تُبدل ولا تَتطور ولا تُفيد ولا تَستفاد .
212- ما جدوى القدرة المطلقة والحرية والمشيئة المطلقة إذا كانت لا تستطيع أن تُغير وتبدل الأحداث والمواقف التي تم تقديرها في البدء ؟!
213- ما الجدوى من خلق الإله لقوانين الكون والطبيعة كما يزعمون ورغم ذلك يتدخل في كل صغيرة وكبيرة بالكون ؟
214- ما جدوى الغضب الإلهى إذا كان لا يتبدد ؟ وإلى أي مدى سيمتد غضب الله من الكفار وأبولهب فبحكم كونه مطلق , فغضبه أزلي أبدى ممتد إلى المالانهاية أي يرافق وجود الإله , أما إذا قلت بأن غضبه يذهب ويروح ويتبدد فقد أنسنت الإله وفقد ألوهيته وصفاته المطلقة .
215- ما الجدوى من كل المجرات والنجوم والكواكب والتي تقدر بمئات المليارات من الأجرام ؟ ما جدوى الشروق والغروب والزلازل والبراكين على الكواكب داخل مجموعتنا الشمسية ؟
216- ما جدوى حرية الإختيار إذا كان المرء يتحرك كنقطة فى شكل هندسي كل أضلاعه وزواياه تؤثر على حركة النقطة ولن تخرج مسار هذه النقطة عن محصلة القوى المؤثرة .

* سؤال كيف .
217- كيف يقال بأن الله موجود فهذا يعنى أن الذات الإلهية يتضمنها وجود معين ؟ لأن كل شيء يجب أن يكون ضمن وجود معين لكي يقال عنه أنه موجود , فلو كانت الذات الإلهية ضمن وجود معين فهي إذاً ضمن الوجود إجمالاً لأن هناك وجود واحد لا غير , وعليه يكون من الباطل منطقياً القول بأن الله خالق للوجود لأن الذات الإلهية المفترضة ستكون حينها جزء من الوجود وفى محتواه كون الوجود يشمل كل ما هو موجود .
218- كيف صدر الكون من الاله ؟ وكيف يصدر التعدد من الواحد فكلمة "من " تقتضي الجمع بما قبل وبما بعد , بمعنى آخر الفاعل يجب أن يكون متصل بالمفعول به حتى يتم حدوث الفعل أي العلة يجب أن تكون متصلة غير منفكة عن معلولها حتى يتم حدوث الفعل .. كمثال : فإذا كان ( أ ) أوجد ( ب ) فهذا يعنى أن ( ب ) يجب أن تكون اتصلت مع ( أ ) في لحظة معينة هي نقطة الإيجاد وإلا ما تم الايجاد , كذا اذا كانت الكرة ( س ) هي سبب حركة كرة ( ص ) فهذا يعنى وجوب أن تكون هناك لحظة اجتماع للكرتين وهي نقطة التصادم , وهذا يقتضي الجمع مابين نقيضين حتى يتم صدور الكون من الإله !
219- كيف تفسر أن عملية الخلق المفترضة يلزم لها مكان أي ورشة تم فيها الخلق , ولكن المكان وجود وهذا يعنى أن الوجود قائم بذاته قبل الخلق أو الصناعة !.
220- كيف يكون الإله مصمماً وخالقاً في نفس الوقت ؟ فالخلق هو الإيجاد الكامل للشيئ من العدم والتصميم هو تركيب وهندسة وتنظيم ما هو موجود . هذا السؤال لأصحاب التصميم الذكي .
221- كيف تفسر أن الخلق تم فى لحظة دون سواها ؟ فهل هى اللحظة المناسبة ؟ فإذا كانت كذلك فهذا ينسف الألوهية كونها خاضعة للأسباب والظروف المناسبة والتوزانات .
222- كيف يخلق الله فى الزمن ؟ فمعنى وجود خط زمني يسير عليه الله يُحتم أن يكون الخط الزمني أطول من زمن الله نفسه , فاذا كان الزمان محدود فالله كذلك محدود , وإذا كان الزمان غير محدود ببداية أو نهاية فهذا يعني أن الله يحتل جزء منه حتى ولو وصفنا الإله بأنه غير معرف ببداية ونهاية , فسيسير موازياً لسرمدية الزمن ليكون الزمن وجود منفصل عن الإله أو موازيا أو منافساً له في أزليته , مما يعنى تعدد الأزليات أى تعدد اللاهوت .
223- كيف يخلق الإله فى الزمن ؟ الله يخلق أى يمارس فعل لم يفعله من قبل أى يعيش الحدث , فالخلق حادث بغض النظر أنه في علمه وترتيبه المُسبق كما يزعمون , ولكن حدث الخلق هنا يتواكب مع زمن محدد أى أن الإله خضع للزمن بمحدداته , فكل يوم خلق هو زمن ضمن جدول أعمال الخلق يتم فيه إنجاز وهذا يعنى عدم قدرته على خلق شئ قبل ميعاده , لذا فهو خاضع للزمن ولن تجدي المقولة العبثية أنه خالق الزمن لتعسف هذا الزعم , فالزمن ليس وجود بل إرتباط وعلاقة بالمكان كما هو معروف,علاوة أن الخالق من المُفترض فيه أن لا يخضع لخلقته متقيداً بها .
224- كيف يكون الإله أزلي أبدى أي لا نهائي فى وجوده بينما الخلق حدث فى زمان ومكان ؟ فهل يمكن تحديد نقطة على مستقيم لانهائي وعليه كيف يحدد الإله لحظة الخلق ويوم القيامة المزعوم .
225- كيف يكون الإله أزلي , فالزمن خاصية يتميز بها عالمنا الرباعي الأبعاد فإذا وجد الإله مع الكون فهو ليس بخالق للكون وإن وجد قبل الكون فليس هناك أى معني للزمن .. إذا كان الله موجوداً خارج الزمن , وكونه متعالى على الزمن فهو أزلى أى لا بداية له , وأبدى أى لا نهاية له كما يزعمون باعتباره خالق الكون الذى يخضع لمفهوم الزمن , وهذا الكلام غير متسق مع ذاته , ففعل الخلق حادث ، أى لحظة فى مجرى الزمان , فلكى تحدث هذه اللحظة ينبغى عبور الأزلية أولا أى قطع مقدار لا نهائى من الزمن , وهى استحالة منطقية واضحة لا يحلها إلا أن المادة التى تشكل منها الكون الحالى أزلية ليست مخلوقة وغير قابلة للفناء .
226- كيف يخلق الإله فى ستة أيام ؟ تتبدد فكرة الإله كلى القدرة مع أسطورة خلق دام ستة أيام بغض النظر عن مدة هذا اليوم , ولكن فكرة الخلق فى ستة أيام لا تستقيم مع إله كلى القدرة والمعرفة فهى تطعن فى قدرته على الخلق فى لحظة واحدة فهو هكذا يفكر ويخطط ويخضع للظروف فلا يستطيع القفز على الخطوات والترتيب مما يطعن في الزعم بقدرته المطلقة التي لا يحدها حد .
227- كيف تكون ذاكرة الإله لانهائية كون معرفته مطلقة ؟ فالذاكرة ستكون محددة بحوادث الخلق التى هي محدودة محددة بالطبع .!
228- كيف يكون الإله المُفترض أزلي أبدى عليم علم مطلق فهذا يعنى أنه صاحب ذاكرة لانهائية , ولكن الذاكرة اللانهائية ستشاركه الألوهية والإطلاق بل ستفوق الإله , فكلما أدرك ذاكرة فهناك ذاكرة قبلها بحكم اللابدايات واللانهايات وهنا تعددت الأزليات واللاهوت .
229- كيف يكون الله مطلق المشيئة ؟ إن التمعن فى صفة المشيئة من خلال المعطيات والمفاهيم عن الإله ستجعله مُسيراً غير حر وبلا مشيئة , فالحرية تعنى القدرة على إختيار خيار محدد من مجموعة خيارات فى لحظة ما لنجد أن هذا يستحيل أن يتحقق مع فكرة الله وفقاً لفرضياتها , فالله يعلم منذ الأزل كل الغيب وما كان وما سيكون وقد رسم أقدراه وترتيباته على كل حدث فلا يستطيع أن يحيد عن أي خطوة قدرها ليتخذ قراراً آخر فهو مُقيد بأقداره وعلمه المًسبق , فكونه يعدل من خططه بحكم أنه ذو مشيئة فهذا يبدد معرفته الكلية التى لم تُدرك التعديل وكذلك حكمته العظيمة المطلقة التي أخطأت فإستدعت المشيئة لتغيير الحدث .
نقطة أخرى تنفى المشيئة وهى وقوع الله تحت التأثير وعدم العلم فهو فوجئ بحدث لم يعلمه ليتأثر به وينفعل تجاهه ليضطر إلى إختيار نهج يتناسب مع الحدث لنكون أمام إله يتفاعل مع أشياء خارجة عنه ليبدد هذا تفرده بالخلق والمشيئة والمعرفة فالأشياء فاعلة مؤثرة وليست منه .
230- كيف يستجيب الإله للدعاء إذا كان هذا يخالف ترتيبه وأقداره وما خطه فى الكتاب المحفوظ لكل إنسان ؟
231- كيف يكون الإله غير محدود فى المطلق ؟ فوجودنا ينفى لا محدوديته , ولا محدوديته تنفى وجودنا .!
232- كيف يكون الإله غير محدود وفى نفس الوقت يجلس أو يستوي على كرسي وعرش مُحدد ويقيم فى السماء السابعة وينزل فى الثلث الأخير من الليل ؟!
233- كيف يكون الإله مُعز ومُذل فى آن واحد فلو أعز فقط تعطلت صفة المُذل المطلقة , وإذا أذل فقد تعطلت صفة المُعز المطلقة , إما إذا كانت الأمور نسبية فقد تأنسن الإله وفقد ألوهيته .
234- كيف يكون الإله خافض ورافع في نفس الوقت فعندما يرفع تعطلت صفة الخافض المطلقة الغير مقيدة وكذا الحال مع الخافض فستتعطل صفة الرافع المطلقة .كذا صفتى الضار والنافع .
235- كيف تتحقق رحمة ومغفرة مطلقة مع صفة عدل مطلق لن تترك شيئا بدون حساب .
236- كيف يكون الإله كاملاً قبل الخلق فهناك مهام لم ينجزها بعد ؟ وكيف تتحقق الصفات الإلهية المطلقة كالرحيم الغفور العادل ألخ قبل خلق الإنسان ؟!
237- كيف يكون الإله بسيط أنتج المعقد ؟ فلا يستقيم أن تكون مخلوقاته أكثر تعقيداً منه , وكيف يكون الإله معقد ؟ فالمعقد هو مركب من أجزاء لا يتكون إلا بوجودها وتعقيدها , ووجود الأجزاء يسبق وجود الكل فبداهة المركب هو مجموعة من الأجزاء التى سبقت المركب , كما لابد من وجود علة تضم الأجزاء لبعضها لتنتج المُركب لأن الأجزاء لن تنضم وتتراكب مع بعضها بدون علة لضم هذه الأجزاء .
238- كيف يكون الإله غير خاضع للأسباب بل خالق الأسباب كما تزعم الميديا الدينية , ولكن الله يغضب ويرضى وينتقم ويعذب وهى تفاعلات من الإله نتيجة سبب .. إذن هو خاضع للأسباب .
239- كيف تتحقق الحرية فى وجود السببية ؟ فإذا كانت كل المُسببات تؤول لسَبب وطالما هناك سبب أولي فالأمور ستؤول للجبرية .
240- كيف يستقيم التعاطي مع السرد الديني عن الإله كصفاته وحراكه مع مفهوم الله اللامادي والذي ليس كمثله شئ ؟

دمتم بخير.
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن