استعمار مصر تأليف تيموثى ميتشل وترجمة بشير السباعى واحمد حسان4

خالد محمد جوشن
khalidgoshan@hotmail.com

2018 / 8 / 20

ضابط فرنسى فى الجزائر فى تقرير عن انتفاضة اخمدتها قواته عامى 1845-1846 يقول هناك طريقين لتاسيس سلطة سياسية على سكان ما طريقة القمع وطريقة التربية والاخيرة بعيدة المدى وتعمل على العقل اما الاولى فتعمل على الجسم ولابد ان تاتى اولا

واستطرد يقول الشيىء الجوهرى بالفعل هو ان نجمع فى مجموعات هذا الشعب الموجود فى كل مكان ونجعل منهم شيئا يمكن ان نحكم قبضتنا عليه وسيسمح لنا ذلك بان نأسر عقولهم بعد ان اسرنا اجسامهم

فى اعقاب الاحتلال الانجليزى لمصر عام 1982 انشىء مكتب مركزى لتسجيل المواليد واتبعه مركز فى كل قرية مصرية

كتب اللورد كرومر يقول بمناسبة التسجيل يقول :كان لدى ضابط التفتيش الانجليزى من الاسباب ما يدعوه للاعتقاد بان هناك عددا كبيرا من البالغين والاطفال لم يسجلوا فى عزبة تخص احد الاثرياء المصريين

وقد اقر شيخ القرية المسؤل بانه ليس هناك فى القرية الواقعة فى العزبة من يصلح للتجنيد الالزامى او غير مسجل فقام ضابط التفتيش الانجليزى بمعاونة قوة من البوليس والخفراء بتطويق القرية ليلا

وفى الصباح وجد ما يربوا على 400 شخص غير مسجلين وحكوم شيخ القرية امام محكمة عسكرية
اصبح الريف المصرى مكانا خاضعا للسيطرة والاشراف الدائمين من خلال تذاكر السفر واوراق التسجيل والمراقبة والتفتيش المتواصلين

اقام كرومر لجان اطلق عليها لجان قطع الطريق وذلك لسحق الجماعات المحلية المسلحة فى الريف واستخدم كل التقنيات الحديثة للقضاء على المقاومة المصرية من خلال الغارات العسكرية والبوليس السرى والمرشدين والسجن الجماعى

حتى امتلاءت السجون فى البلاد باربعة اضعاف طاقتها وكان التعذيب ممنهجا لنزع الاعترافات من المشتبه بهم وتضمن تعليق الناس فى اطواق حديدية وحرق الجسم بمسامير محماه كما فى حالة محمود على السعيد الذى اعتقله من احد مقاهى طنطا رجلا بوليس سريان فى ابريل 1987

من عندى – ولعل ذلك يفسر عدم حدوث اضطرابات او مقاومة حقيقية تقض مضاجع الانجليز كما حدث مع الاحتلال الفرنسى بزعامة نابليون الذى لم تهنأ حملته طوال الثلاث سنوات التى قضاها فى مصر
وقد ساهم فى الفتك بالمقاومة المصرية خنوع الاستانة واعلانها عصيان عرابى من الناحية الشرعية- انتهى

اسباب صحية وغيرها
سعت مناهج سلطة الاحتلال الى اجراء اول تعداد للسكان واجراء تفتيشات صحية وكان الهدف الخفى عسكريا واقتصاديا وفى اطار ذلك وللسيطرة على الجموع تم كبت الموالد الشعبية التى كانت تضم تجمعات ضخمة بدعوى الصحة العامة
وفى كتابات هذه الفترة ومن بينها كتا محمد عمر عن حاضر المصريين وسر تاخرهم عزا الكثير من اسباب تخلف البلادى الى ممارسات الفقراء الجاهلة

العلم السياسى
كتب الطهطاوى فى تقديمه لمفهوم السياسة يقول
مدار انتظام العالم على السياسة وقسمها الى خمسة اجزاء ، السياسة النبوية والسياسة الملوكية والسياسة العامة والسياسة الخاصة وعبر عن السياسة الخاصة بعبارات الصحة والتربية والانضباط

كتب احد المفتشين العمومين للمدارس المصرية كتابا للمدارس المصرية عن التعليم المدرسى فى مصر رسم فيه صورة لاخلاق وسلوك الشعب المصرى فقال
المصرى خجول لكنه متحدى وهو قابل للحماسة لكنه يفتقر لاى مبادرة واخلاقه اخلاق لامبالة مردها افتقاد الامان بالتسبة للمستقبل وعدم استقرار الملكية مما قتل روح الاجتهاد والحاجة الى التملك

وكتب ادوارد لين عن سلوك وعادات المصريين المحدثين يقول
يعم الكسل كل طبقات المصريين باستثناء من يضطرون الى كسب قوتهم بالعمل اليدوى الشاق – العمال المصريين يقضون يومين فى عمل يمكن انهاؤه بسهولة فى يوم واحد

يندر حث اى عامل مصرى على عمل شيىء كما هو مطلوب منه تماما ، فهو فى كل الاحوال يتبع رأيه ويفضله على رأى مستخدمه ويندر ان ينهى عمله فى الوقت الذى وعد به

كتب احمد فتحى زغلول شقيق الزعيم سعد زغلول احد قضاة محكمة دنشواى يقول انه بمقارنة الاخلاق المصرية باخلاق الانجليز الذين احتلو بلدهم نجد المصريين يعتمدون كل الاعتماد فى كل شيىء على حكومتهم التى هى وظيفتها الحقيقية توفير الامن والنظام وتنفيذ العدالة كما فى بريطانيا

وقد ادى الوضع السابق فى مصر لان تصبح ثروة البلاد وشئونها فى ايدى الاجانب ولا يمكن لوم الاجانب على ذلك لانهم استفادوا من بحوثهم الخاصة ومدى معرفتهم العلمية والاجتماعية

من ناحية اخرى فقد تم الربط بين الوضع الاخلاقى فى البلاد والوضع المتخلف للمرأة المصرية – وانتهى الرأى الى ان حل ذلك لن يتم الا من خلال فتح عالم المرأة لتتقلد النساء مسؤليتها فى مجال التدريب الاخلاقى لاطفالهم

وارجع دوق داركور سمات التبلد التى تبدوا على المصريين الى تاثيرات المناخ وتطرف اكثر ليتهم الاسلام بانه خلق حسا اخلاقيا متحورا دمر كل فضول ذهنى

ورد عليه قاسم امين وقال ان هذا الانحطاط لا يعود الى الى الاسلام ولكنه يعود الى التخلى عن الاسلام
من عندى – ورغم ذلك مازال المتعصبين فى كل انحاء العالم الاسلامى يعتقدون ان قاسم امين هو من دمر الاسلام من خلال دعواته الاصلاحية وكتاباته عن تحرير المرأة- انتهى

فى هذه الفترة الباكرة واجهت مصر اختيارا بين العودة الى مبادىء الاسلام وبين البحث عن اساس جديد لتنظيم المجتمع ويبدو ان مصر قد اختارت مسار اوربا لانه الاطول فى تاريخ الحضارة

من عندى للاسف يبدوا ان مصر مازالت تراوح مكانها فلاهى اخذت مثل الغرب وقيمه ولا هى اخذت طريق الاسلام المستنير الذى يمكن البناء عليه واللحاق بركب الحضارة ولكنها فعلت مثل الغراب الذى لم يعجبه مشيه فقلد مشى جميع الطيور ونسيه مشيه المستقيم فصار يحجل == انتهى

مشكلة المجتمع
كان قد جرى ذكر مشكلة الزحام فى التقارير المصرية عن الرحلات الى اوربا فما كان ملفتا للنظر فى باريس او مرسليا ليس تخطيط المبانى او المحال فحسب بل السلوك المنضبط للافراد فى الشوارع المزدحمة – كان كل واحد مشغولا بشانه مواصلا طريقه مهتما الا يؤذى احد او يتدخل فى شئونه

الضوضاء والفوضى
خلال العقد الاخير من القرن التاسع عشر تضاعف عدد المقاهى والبارات وصالات القمار فى مصر وكانت الفوضى والضوضاء هى السمة البارزة فى البلاد
وفى اطار ما نتحدث عنه فان استعمار مصر بالمعنى الاعمق كان يفترض تكتيك جديد من السلطة للسيطرة على بناء الجسم المادى الذى يمكن احصاؤه ومراقبته والاشراف عليه وبين الفضاء العقلى من خلال غرس عادات الطاعة وبناء نظام اجتماعى جديد
والى مقال قادم



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن