نقد الانساق الثقافية المضمرة الوعي البداوي وتمثلاته السياسية والاجتماعية .

حيدر جمعة العابدي
haider73a73@gmail.com

2018 / 8 / 18

لقد اصطنع العرب ممثلا بالدين والقبيلة حتى الوقت الحاضر ، معاني وأفكار متضاربة عن أنفسهم وعن وجودهم وعما يجب ان يكونوه ، فقد نظموا علاقاتهم الدينية والسياسية والاجتماعية وفق تصوراتهم عن المطلق المقدس ، والمحدود المدنس٠٠فتضخمت منتجات عقولهم حتى طغت ودمرت واقعهم وهيمنت علية فإذا هم يركعون امام مخلوقاتهم التي انتجتها عقولهم لدرجة الطاعة العمياء . ومن ابرز ما تم انتاجه في العصر الحاضر وأكثره حضورا ،

فاجعة ظهور التيارات الدينية والسياسية المتطرفة والمتمثلة بدواعش العصر في العراق والشام ومن قبلها القاعدة والتي أحدثة صدمة ورجة في عمق الوعي العربي والإسلامي المتفائل نسبيا ،بإمكان تحقيق حلم هوية الأمة والخلاص من هيمنة الخارج والتسلط السياسي في الداخل .

لقد كشف حدث اعلان دولة الخلافة من قبل أمير داعش (ابو بكر البغدادي) حجم خواء وغباء وفشل المشاريع العربية والإسلامية من حيث هي مشاريع وتصورات فاقدة لكل مقومات العصر- بل وغير قادرة على احداث التقدم والتحرر المعرفي والسياسي كما كشف في الوقت نفسة عن مدى هشاشة هذا العقل الذي لم يتخلص بعد من انماطه التاريخية والفكرية الكسيحة أو المشلولة معرفيا وعقليا عن أنتاج منظومة فكرية ونفسية قادرة على مقاربة الواقع ومن ثمة محاولة إيجاد حلول ناجعة لسد الفجوات والاشكاليات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي بدأت تشكل عقبة وحجر عثرة في طريق التجديد والتغيير والتي تتجلى انماطها الفكرية القديمة السائدة والتي تتمركز خلف ثنائية في الأصل والاصيل البدائي/البدوي ، حيث لم يتمكن هذا العقل عبر تحولاته التاريخية والسياسية من تجاوز هذه الأنماط بأنماط فكرية قادر على استيعاب وتجاوز هذين النمطين السابقين من خلال انتاج وتطوير بنية فكريه حداثوية مدنية تستوعب كل التحولات والتطورات الحاصلة على المستوى المادي والروحي لذا باتت كل شعاراتها ومشاريعها بالإصلاح مج رد ترقيعات وتغيير مسميات بأشكال حداثوية جديدة لكن بروح وعقل ماضوي اصولي متلون سياسيا ومتطرف فكريا أسميته الفكر (البداوي) :والبداوي وفق هذا التصور : هو اتحاد البدائي المقدس : الأصوليات ،والعصبيات ، الدينية مع البدوي المدنس: الأصوليات ،والعصبيات ،العرقية والقبائلية لكن بأشكال وأنماط جديدة تختبئ خلفها لتمرير اجنداتها المعيقة للتجديد المعرفي وكل ما يخالف تصورتها لذا تشتغل هذه الأنماط كعقبة تقف بالضد من التجديد والتحديث والاختلاف المعرفي والإنساني لدرجة لا يمكن معها انبثاق الفرد بوصفه ذاتا حره مبدعة تستطيع تقرير مصيرها وتعيد بناء عالمها الجديد وتجاوز أنقاض الماضي .

ان مدلول ظهور داعش من رحم القاعدة ومثيلاتها اليوم دليل قاطع على اننا نعيش زمن دائري مغلق لكن بمسميات وخطابات جديدة يدفعنا ذلك و بنوع من المرارة والبصيرة للبحث عن سبب الموت والدمار العربي والإسلامي في قلب وجوهر البنية الثقافية والفكرية ومحاولة تفكيكها وكشف عيوبها التي لا زالت تنتج هذه الاصوليات بما تحمله من موت وبشاعة قل نظيرها في العالم استباح كل مظاهر الحياة

الإنسانية والمدنية مما يتطلب منا اخضاع هذا الفكر وهذه الثقافة بكل أشكالها وأنماطها السلوكية إلى محاكمة كبيرة أذنت وحلت ساعتها للذات والثقافة العربية والإسلامية التقليدية السائدة والتي لم تستطع العيش مع كل التحولات المعرفية والفكرية الا على هامش هذه التحولات او قشورها دون استلهام او مشاركة فاعلة ، وما الأحداث اليوم الا مؤشر خطير ومرعب على غياب الفهم والوعي الإنساني العربي والسلامي ٠من هنا توجب علينا سؤال الحاضر ٠ هل نحن امام خواء حضاري وإنساني عربي إسلامي ام العكس ؟؟. وللإجابة علينا اتخاذ الحاضر كمعيار مادي وموضوعي حقيقي للكشف عن مدى نجاعة ما أنتجته عقولنا او مدى خواءها . وبالعودة للواقع نجد ان ما نشهد اليوم من هدم للآثار التاريخية والدينية والقتل على الهوية العرقية والمذهبية واغتصاب النساء وحرق الأطفال وذبح الرجال وتهجير للأقليّات المسيحية والشيعية وعودة لا أسليب الجلد وقطع اليد وختن النساء والفشل في صنعة دولة المواطنة والمدنية له اكبر دليل على هذا الخواء والفشل العقلي الذي ظل يواجه فشله بإعادة استدعاء لا نمط تاريخية ،دينية ،و سياسية عنيفة بأسماء جديدة وأشكال جديد لكن بفهم ووعي (بداوي ) مغلق قادر على التأثير و استدعاء الماضي والموروث القمعي و الفقهي العصبي وإخضاعنا لمسبقات الوعي التقليدي ٠ تشكل البداوية اليوم بنية ثقافية واجتماعية قيمية لكنها تدميرية للأشياء والعالم تقف بالضد من الشأن المعرفي والحضاري الحديث ، تستدعي الموروث القمعي والاقصاءي على انه أنموذج فكري قادر على إيجاد الحل والإنجاز الحضاري ٠
نحن اذن امام وعي وتاريخ لم يعد لدية مايقولة او يقدمة للحاضر بل اننا نعيش هزيمة حضارة وهزيمة عقل اما عصبية بداوية ترفض كل ممانعة واختلاف وتجديد ،عصبية تكرس ثقافة التسلط والعنف والإقصاء للآخر ،نحن امام بداويتنا التي رسخناها عبر عاداتنا وقيمنا وتصوراتنا ومؤسساتنا التربوية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لا يمكن الخلاص منها الا في احداث قطيعة معرفية وأخلاقية تشمل كل مفاصل حياتنا تبدأ من الأسرة الى المدرسة والجامع والشارع والمؤسسة ، واعتماد الفكر العلمي والمعرفي الحديث كبديل ابستمولوجي معرفي قادر على تجاوز اخفاق العقل التراثي بشقية الفقهي والسياسي السائد اليوم٠ وعليه نحن امام تحدي كبير وخطير اما بداويتنا التي ستؤدي حتما لاضمحلالنا، أو النقد والتجديد والتطور المعرفي الحقيقي ورفض كل اشكال التجهيل التي مورست باسم الدين والمقدس والاصالة ،ومن يظن ان داعش ستنتهي بمجرد التصدي العسكري لها واهم لان داعش هي نحن انها بداويتنا لكن بأشكال محدثة انتجتها عقولنا وثقافتنا ، لكن بشكل اكثر تطرف ووضوح انها جزء مما يخفيه اللاوعي الجمعي للشعوب العربية والإسلامية ينتفض بين فترة وأخرى كلما سنحت له فرصة العودة مثل خلية ناءمه٠



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن