الحرب الإعلامية على العقل الإنساني - 3

أيمن عبد الخالق
ayman.abdalkhaleg@gmail.com

2018 / 8 / 6

في هذه المقالة سنسعى إلى بيان بعض الاساليب العامة التي تلجأ إليها قوى الشر العالمي بنحو ممنهج ومدروس، للقضاء على العقل الإنساني، عن طريق منع الناس من التفكير العقلي المنطقي المستقل، وتنويم العقل الواعي؛ من أجل السيطرة على الشعوب، ونهب ثرواتها الطبيعية:
1. الإلهاء: وهو من أشهر وأقوى الأساليب التي تعتمدها هذه القوى؛ للحيلولة بين الناس وبين التفكير العقلي المستقل، وهو يتضمن أسلوبين:
• الأول إلهاء الناس بلقمة الخبز، وتحصيل أرزاقهم، بحيث أصبح أغلب الناس يعملون من الصباح إلى المساء لتأمين حاجاتهم الضرورية، ولم يعد لديهم وقت للتأمل والتفكير العقلي المستقل، أو الحوار الفكري البنّاء، حيث يعودون في كل ليلة إلى منازلهم متعبين مرهقين، ليتناولوا طعام العشاء، ويتحدثون قليلا مع أهليهم، ليخلدوا بعدها للنوم، ليستيقظوا في الصباح المبكرلاستئناف أعمالهم إلى المساء، وهكذا في كل يوم.
• الثاني ملأ أوقات فراغ الناس القليلة سواء في آخر الليل، أو في عطلة نهاية الأسبوع، أو التعطيلات الصيفية بشتى أنواع الملهيات والتسالي(ENTERTAINMENT)، والبرامج التافهة، والبرمجيات السخيفة، التي تقتل وقت الإنسان، وروحه، وتعطل عقله بلا أي فائدة أو ثمرة نافعة، بدلا من الترفيه النافع والمفيد، الذي يُروّح عن النفس، ويكملها
ويندر أن نجد الإنسان الذي يملأ وقت فراغه بشيء مفيد لعقله وروحه، وكأنّ فلسفة الحياة قد اختزلناها في العمل الشاق ليل نهار، من أجل تحصيل أرزاقنا، لكي نأكل ونشرب، ونلعب وننام لاغير، وليس لدينا الوقت لكي نتأمل ونفكر، ونراجع حساباتنا، ونسأل أنفسنا، لماذا نحيا هذه الحياة بهذا الشكل، ولماذا لانملك وقتنا، ولماذا يتحكم فينا غيرنا بهذا الشكل الظالم، بحيث أصبحنا نشعر دائما بالقلق والخوف على مستقبلنا ، ومستقبل أولادنا ؟!!
2. إيهام صعوبة التفكير العقلي المستقل: تحاول قوى الشر العالمي دائما الإيحاء للناس، بأنهم غير قادرين على التفكير العقلي المستقل، وأنه نحو من التفلسف المعقد، وأنه من الأولى لهم أن يلجؤوا في تشكيل رؤيتهم عن الحياة، وفي تعيين قضاياهم المصيرية إلى غيرهم من الأكابر، وأصحاب المشاريع الكبرى؛ ليفكروا بالنيابة عنهم، وأن يأخذوا ما يتلقفونه من وسائل الإعلام، على أنه شيء مفروض الصحة، ويعكس لهم الواقع كما هو، فلا داع لهم أن يتعبوا أنفسهم في التفكير المستقل، حتى لو تيسر لهم الوقت لذلك.
3. التشكيك في صلاحية القوانين المنطقية للعقل الواعي: فهم يسعون دائما، لاسيما في المراكز الأكاديمية التابعة لهم، بالتشكيك في قدرة العقل الإنساني على االخوض في الأمور الغيبية الميتافيزيقية، وأنّ صلاحية العقل منحصرة في الأمور المادية الملموسة لاغير، فالأولى بالإنسان ألا يفكر إلا في أموره المادية الجزئية اليومية الخاصة به ، ولايضيّع وقته فيما لاينفع من التأملات االعقلية الميتافيزيقية الفارغة، حيث لن يصل إلى شيء هناك، وسيضيع عليه ماهنا.
4. التهديد والتخويف: إذا استطاع بعض الناس من الأحرارالشرفاء، أن يتجاوزوا كل هذه التحديات السابقة، وأن يبني رؤية جديد واقعية على أساس التفكير العقلي المستقل، ويسعى لترويجها بين الناس؛ من أجل توعيتهم، وتحريرهم، واستنقاذهم من براثن قوى الشر العالمي، تصدت لهم هذه القوى الشريرة بمؤسساتها الإعلامية المختلفة، واتهمتهم تارة بالكفر والزندقة، وتارة بالمروق والتمرد على القوانين والأعراف الاجتماعية، وتهديد الأمن القومي والاجتماعي، وصبت على رؤوسهم اللعنات، وتوعدتهم بأشد العقوبات الدنيوية والأخروية، وأنهم سوف يدفعون ثمنا باهظا عندما يسبحون خلاف التيار، أو يحاولون الانقلاب على هذه الرؤية العامة المشهورة داخل المجتمع، أو يدعون الناس للتمرد عليها.
هذه هي خلاصة الأساليب المتبعة لقوى الشر العالمي للقضاء على العقل الإنساني، وسوف نشير في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، لبعض الكتب، والوثائق السرية، والبروتوكولات، التي تشير إلى هذه الأساليب الخطيرة التي تم التخطيط لها بدقة فائقة من أجل تسخير الشعوب، والهيمنة على مقدراتها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن